في أول حدث كبير تطلقه شركة أبل عام 2014، أكد مسؤولوها التنفيذيون على أهمية "الاستمرارية": أي سهولة التحول بيسر بين أجهزة ماك وآيفون وآيباد لإتمام مهمة معينة. الرسالة الأوسع وغير المعلنة في "مؤتمر المطورين العالمي" كانت تتحدث عن انقطاع حاد. شركة أبل طوت الماضي من خلال فتح عناصر جديدة لنظام تشغيل آيفون التابع لها، مثل لوحة المفاتيح وقارئ بصمات الأصابع ونظم التخزين السحابية. والآن يمكن للمطورين الخارجيين استحداث أدوات لتخصيص هذه الوظائف لجهاز آيفون، في حين أن شركة أبل كانت تصر قبل ذلك على أن التكنولوجيا الموجودة لديها، جيدة بما فيه الكفاية. يقول جان دوسون، وهو محلل يعمل مع جاكداو للأبحاث: "إنه تحول فلسفي كبير لشركة أبل. إنهم يفتحون الباب أمام كافة أنواع المطورين ليقدموا الكثير من الأشياء الجديدة". كثير من التغييرات التي أحدثتها أبل في نظام تشغيل iOS 8 تقليد لما فعلته شركة جوجل لسنوات، وذلك خلال نظام التشغيل الذكي المنافس لشركة أبل، وهو نظام أندرويد. على سبيل المثال، كان مستخدمو أندرويد منذ فترة طويلة قادرين على تحميل لوحات المفاتيح البديلة مثل SwiftKey أو SWYPE من شركة نيوانس. يقول جون رينولدز الرئيس التنفيذي لشركة SwiftKey : "هل سنبني لوحة مفاتيح SwiftKey لنظام تشغيل iOS 8 ؟ بالطبع سنفعل ذلك. لقد بدأنا بالفعل في ذلك. نحن سعداء لأن شركة أبل قررت احتضان أهمية فتح منصتها للوحات مفاتيح طرف ثالث". بإدخاله ما أسماه أحد التغييرات "الأكثر عمقاً" وسط آلاف فصيلة جديدة للمطورين المشمولين في نظام تشغيل iOS 8 ، يتباهى كريج فيديريجي، رئيس البرمجيات في شركة أبل، بعرض "امتدادات للملفات" التي تسمح لتطبيقات آيفون تبادل بعض الميزات والوظائف. قد يعني هذا أن بإمكان المستخدمين تحميل زر "حصة على بينتيريست" إلى متصفح الويب سفاري، أو اختيار خدمات الترجمة بنج لقراءة صفحة الويب الأجنبية. "مع قابلية التوسع، ستكون التطبيقات التي تم تنزيلها من متجر أبل، قادرة على توسيع نطاق النظام وتقديم الخدمات لتطبيقات أخرى"، كما يقول السيد فيديريجي، مؤكداً على أن نهج شركة أبل يقدم حماية أكبر للبيانات تفوق ما لدى نظام أندرويد. فتحت شركة أبل باب جهاز آيفون لتطبيقات من طرف ثالث في عام 2008، بعد إقناع ستيف جوبز المتردد في القيام بذلك من قبل زملائه. ثم جاءت التغيرات التي تمت هذا الأسبوع، بدمج شركات منتقاة بعناية من شاكلة فيسبوك وتويتر في الوظائف الرئيسة للبرامج الأساسية لجهاز آيفون. هذه القدرة الجديدة على فصل التطبيقات إلى أدوات مساعدة محددة سوف تسمح لعدد أكبر من المطورين، أن يحذو حذو المثل الذي تم وضعه بواسطة "فيسبوك"، والتي تستبدل ببطء تطبيقها الوحيد والشامل، مع تطبيقات مستقلة للرسائل والصور وفروع أخرى من الشبكة الاجتماعية. يقول مايك ماكيو، الرئيس التنفيذي لشركة فليب بورد، تطبيق قارئ الأخبار الذي يحظى بشعبية: "هذا شيء عظيم، لأنه في الماضي كان يتعين عليك عقد صفقة مع شركة أبل". ويضيف نيك دا الويزيو، مستحدث برنامج Summly ، وهو تطبيق التلخيص الآلي الذي باعه لشركة ياهو العام الماضي: "أتمنى لو أنهم كانوا قد فعلوا ذلك منذ سنوات". لا تركز شركة أبل على البرمجيات فحسب، في الوقت الذي تتطلع فيه لتوسيع منصتها. بالنسبة لمستحدثي تطبيقات الإنترنت في عمليات إقفال الأبواب والتحكم بالحرارة وإضاءة المصابيح والأجهزة المنزلية. تشغّل أبل "سيري"، برنامجها للمساعد الافتراضي. من خلال المجموعة المنزلية، يمكن للمطورين تقديم تطبيقات اتصال مع أجهزة "المنزل الذكي"، التي من شأنها أن تسمح لمالكي أجهزة آيفون استخدام أصواتهم لإطفاء الأنوار أو رفع حرارة التدفئة. هناك المجموعة الصحية HealthKit ، وهي منصة أبل لتوحيد بيانات الصحة واللياقة البدنية من عدة تطبيقات وأجهزة. تفتح أبل الباب أمام مطوري لغة البرمجة الذين تستخدمهم لكتابة التطبيقات من خلال إدخال لغة برمجة جديدة. سويفت، كما يوحي اسمها، ويقصد منها أن تكون أسرع وأسهل للتعلم من Objective-C ، لغة البرمجة القائمة على تطبيقات آيفون. ويقول ماكيو: "سنكون قادرين على تطوير التطبيقات بشكل أسرع، وسوف تصبح عملية أن تصبح مطوراً أكثر سهولة". ويقول بايرون كورتيز، المطور مع فوياجر للابتكارات، شركة التكنولوجيا: "هذا أمر جيد، لأنني مطور جديد على نظام تشغيل الآي – لقد بدأت على نظام أندرويد. هذا يسوي الملعب قليلاً". وإجمالاً، يقول المحللون إن الميزات الجديدة للمطورين تفي بوعد قطعه تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة أبل، في أن نظام تشغيل iOS 8 هو"أكبر إصدار لنظام تشغيل الآي منذ إدخال متجر التطبيقات". وكما يقول جيف بليبر، محلل صناعة الهاتف المحمول في "سي سي إس إنسايت": "فوجئت بمدى اتساع ما يحاولون تحقيقه. إنهم يحاولون مهاجمة شرائح جديدة متعددة. وقد استنتجت شركة أبل أنها تحتاج إلى فتح منصتها إلى حد أكبر بكثير". في الماضي، ربما تكون شركة أبل قد حاولت أن تنافس عبر التكنولوجيا الداخلية التابعة لها، بدلاً من الاعتماد على الآخرين. كما يظهر من قيامها الأسبوع الماضي بشراء بيتس مقابل 3 مليارات دولار، فإن كوك على استعداد للنظر خارجاً للبحث عن الابتكار الكبير- طالما أنه يعزز مبيعات أجهزة آيفون. هذا في جزء منه يعتبر دفاعاً ضد شركة جوجل، التي فيها أدوات المطورين – ابتداء من نظام أندرويد للهواتف الذكية وكروم متصفح الويب، ومجموعة متنامية من خدمات التلفزيون – يتبين أنها تتمتع بالجاذبية، كما يقول بليبر. كما يقول أيضا: أسواق المساكن والرعاية الصحية وغيرها من الأسواق الجديدة مثل السيارات، والتي تستهدفها شركة أبل مع تقنيتها CarPlay الجديدة، "مجالات ضخمة" وغير مستغلة نسبياً. وتقول كارولينا ميلانيسي، رئيسة قسم الأبحاث في شركة كانتار ويرلد بانيل كم تك، إن تشجيع المطورين لإنشاء تطبيقات في هذه المجالات، يوفر أرضاً خصبة لجهاز رصد الصحة الذي يمكن ارتداؤه التابع لها – iWatch – وصندوق التلفزيون المحدث، عندما يتم إطلاقها في وقت لاحق من هذا العام. وتضيف: "إن إنشاء النظام البيئي قبل الخروج بالجهاز، يعطي للناس سبباً لشرائه بدلاً من شراء الجهاز وحده". هوراس ديديو، المحلل لدى شرك آسيمكو، إن هذا الوعد ينبغي أن يكون تعويضاً عن أي خيبة أمل في أن شركة أبل لم تكشف عن أية أجهزة جديدة. ويضيف: "الجميع يريد أن يرى ناطحة سحاب، ولكن هذا هو مؤتمر الأسمنت". "في الصيف سوف يظهرون لك مواد البناء الجديدة، وفي الخريف سوف يشكلون شيئاً ما بها".