ما كان حلمًا بعيد المنال في عين "غادة درويش" أصبح حقيقة، بعد أن تمكنت من افتتاح أول مدرسة لتعليم فن الباليه وموسيقى البيانو في قطاع غزة المحاصر إسرائيليًا. فمنذ 3 شهور، انطلقت في مدينة غزة، المعروفة بتقاليدها المحافظة والخاضعة لسيطرة حركة المقاومة الإسلامية "حماس" مدرسة لتعليم رقص الباليه وموسيقى البيانو، في خطوة يراها البعض أنها قد تثير الكثير من الجدل. لكن غادة صاحبة المدرسة، تؤكد لوكالة "الأناضول" للأنباء أنها لا ترغب بخطوتها هذه تحدي تقاليد المجتمع المحافظة، حيث تحرص على التأكيد أن مدرسة رقص الباليه خاصة بالأطفال دون سن العاشرة. وتقول الطفلة يارا الرشدي (10) سنوات، إنها شاركت في دورات تعلم فن الباليه منذ افتتاح هذه النشاطات الثقافية الحديثة في غزة، موضحة أنها كانت منذ سن (5) سنوات تتلقى تشجيعاً من الأهل على تقليد رقصة "الباليه"، وهذه الدورة حققت حلمها. وتضيف لوكالة "الأناضول": "هذا الفن يسعد جميع الناس، وخاصة الأطفال الراقصين والمتفرجين، وتعطي أملاً للطفل الفلسطيني". وتتمنى الرشدي أن تصبح مدربةً لفن "الباليه" عندما تكبر، حتى توصل هذه الرسالة الفنية "المهمة" إلى باقي أطفال غزة، حسب قولها. في السياق نفسه، تتوقع غادة نجاحها في مهمتها "رغم الصعوبات". وتضيف: "المجتمع الغزي مجتمعٌ محافظ لا يمكنه تقبل هذه الأفكار بسهولة، وفكرة فن الباليه والموسيقى غير موجودة في غزة، وبالتالي فقد فتحت الخيارات أمام الناس للاختيار والمشاركة". وتوضح درويش أن تقبل الناس للفكرة ظهر بشكلٍ كبير في غزة، فهناك العديد من العائلات كانت مترددة أو متخوفة من السماح ل"أطفالها" بالمشاركة في هذه الدورات. وتتابع: "لكن بعد فترة فوجئنا بقدومهن إلى المدرسة، وليس ذلك وحسب، بل فوجئنا بزيادة أعداد القادمات للتسجيل". وتقول غادة: "الفكرة في بدايتها، فهي بحاجة إلى دعم وتفكير محترم، على الناس أن ينظروا إلى فوائد الباليه على ذهن ونفسية الطفل الغزي، فهي تعطي ذهنه راحةً من جو الدراسة وكذلك نفسيته، فتجد لهم فسحة أمل بعيدًا عن الظروف الاجتماعية والسياسية الدسمة". وتشير غادة إلى أن دورة فن الباليه استوعبت حتى هذه اللحظة 27 طفلة، بحيث يتم السماح لمن هن دون سن العاشرة بالتسجيل، وأما بالنسبة لدورة الموسيقى - البيانو - فالتسجيل فيها مفتوح لا يقيده "سن" الطالبة، وبذلك انضم حوالي 11 طالبة إلى دورة البيانو. وتلفت غادة الانتباه إلى أن "المدربات اللاتي يقمن بتدريب الفتيات على درجة عالية من التخصص جئن من أوكرانيا لتعليم أطفال غزة الثقافة الفنية". وعلى مسافةٍ ليست ببعيدة عن صالة تدريب الرقص، تصدر أصوات الموسيقى من خلف الباب "الموارب"، فما أن فُتح الباب، فإذا بفتيات يجلسن على مقربة من آلة "البيانو"، يدربن أصابعهن على حركات "ليّنة" متباعدة، ليغزلن في النهاية لحناً موسيقياً "لطيفاً". وتقول الطفلة ميرنا درويش (14 عاماً) لوكالة "الأناضول" للأنباء إنها انضمت إلى دورة "البيانو" منذ (3) شهور، رغبةً منها في احتراف العمل على هذه الآلة الموسيقية نادرة الوجود في قطاع غزة، آملة أن يكون لها مستقبل زاهر في غزة في السنوات القليلة القادمة. وتشير ميرنا أنها واجهت في بداية تلقّنها لدورات البيانو صعوبات في فهم "السلم الموسيقي"، وفهم حركاته، لكن مع الممارسة أصبحت متمرسة، مكملةً: "أصبحت أعلّم صديقاتي في المدرسة رموز السلم الموسيقى مع اللفظ، وفي القريب أتمنى أن تسمح لي الفرصة بتعليمهن عملياً على البيانو". ويخضع قطاع غزة لحصار خانق فرضته إسرائيل منذ سيطرة حركة حماس على قطاع غزة في صيف 2007.