لم تستطع القبيلة البروز في الحوار الوطني اليمني الذي أفرز تحولا في تعامله مع المؤسسة القبلية اليمنية التي كانت ولاتزال تعتبر نفسها دولة داخل دولة بسبب تأثيرها وثقلها التي انتزعتهما تاريخيا لتكون صانعة القرار السياسي حيث تعزز ذلك التاثير بل وتمدد أكثر إبان الثورة اليمنية. ويبدو أن الحوار اليمني الذي انطلق مؤخرا في صنعاء بدأ في تقليم أظافر القبيلة وسيجبرها على المضي مع إرادة اليمن الجديد الخالي من الطائفية والحزبية وأخيرا من تأثير القبيلة السياسي المستقبلي. ومن مؤشرات حدوث ذلك هو أفول نجم المؤسسة القبلية وذلك بعدما رفضت لجنة الحوار مشاركتها في الحوار بمقاعد تمثل القبيلة، بمعنى آخر حصولها على مقاعد من خلال انضوائها تحت الأحزاب السياسية. ويبدو أن وقوف المجتمع الدولي بكامله مع تنفيذ المبادرة الخليجية والذي كان الحوار الوطني أحد مخرجاتها حجم القبيلة وأرغمها للمضي مع قوانين وإجراءات الحوار الوطني، الأمر الذي جعل دهاقنة شيوخ القبائل القبول بالأمر الواقع والمشاركة في الحوار الوطني ليس من نافذة القبيلة بل من خلال العباءة السياسية ورداء الدولة المدنية الجديدة. وقد يكون الحوار بداية لتحول القبيلة التي ساهمت في صراعات العقود الماضية وفي نفس الوقت دعم مرحلة الثورة وتحولها للسياسة تلبية لمخرجات الحوار ومطالب الشارع بضرورة إقامة دولة مدنية على أسس ديمقراطية وفيدرالية وإنهاء الثقافة الطائفية والحزبية والقبلية من اليمن خاصة أن طبيعة الواقع الحالي ومتطلبات المرحلة القادمة الاستراتيجية تستدعي تذويب القبيلة في الإطار السياسي والحزبي من أجل الحفاظ على مصالحها وأهدافها الرئيسية والمحورية والمضي في بناء اليمن الحديث بشكل مهني وممنهج تستطيع كل القوى من خلاله الانصهار في قالب واحد لمصلحة اليمن الموحد. إن التحول السياسي الاستراتيجي الذي تشهده اليمن يستوجب على القبيلة التوجه نحو الحزبية والمدنية وفي نفس الوقت التخلي عن السلاح تدريجيا، لما للسلاح من آثار خطيرة طبعها على واقع اليمن وآثاره على حجم التدمير الذي حققه لماضي وحاضر.. ونأمل أن لا يكون لمستقبل اليمن. ومن الأجدى أن يتحرك مشائخ اليمن نحو الدولة المدنية الجديدة التي تحقق للقبيلة السلام والسلم وللمجتمع بكامله الأمن والأمان لكي ينتقل اليمن للمستقبل الأفضل بخطى واثقة بعيدا عن الطائفية والقبيلة. ويبقى السؤال الأبرز: هل ستوافق القبيلة على ثقافة الحوار الجديدة لإيجاد يمن بلا سلاح ولا قبيلة ولا طائفية وحزبية؟ أم أنها ستواجه وتأخذ هذه المواجهة منحى عنف وتعيد اليمن للمربع «صفر»؟.