النساء شاركن بفاعلية في الثورة اليمنية و في الصورة الصغيرة سحر غانم و رنا أحمد لايخدعنك مايمكن أن يتوارد إلي ذهنك إذا ماقدر لك زيارة العاصمة اليمنيةصنعاء, ورأيت غالبية نسائها متشحات بالنقاب والعباءات السوداء, فليس كل هؤلاء النساء معزولات عن الحياة العامة وشئونها, كما قد يكون حال نظرائهن في دول عربية وإسلامية أخري. وإذا ماقدر لك التعرف عليهن ستجد خلف النقاب الإعلاميات والمعلمات والناشطات والحقوقيات والقاضيات والمسئولات بل والثائرات اللواتي قدن ثورة11 فبراير قبل عامين, والغريبة أنهن يتحركن في العمل العام بالنقاب بسهولة وانسيابية وكأنه ليس عائقا علي الإطلاق, وإن اعترفت لي بعضهن أنهن يرغبن في خلعه, لكنه يظل عادة قبلية من الصعب التخلص منها, ويحسدن توكل كرمان الناشطة والإعلامية اليمنية الحائزة علي جائزة نوبل وناشطات أخريات سبقنها لشجاعتهن في خلعه. واليوم تتطلع نساء اليمن إلي تغييرات كبيرة في أوضاعهن من ناحية, وفي صنع التغيير الأكبر في وطنهن من ناحية أخري, وذلك عبر مؤتمر الحوار الوطني الذي تم تمثيل المرأة فيه بنسبة30 % أي166 عضوة من بين565 عضوا, وكثير من النساء اليمنيات يرون أن المؤتمر فرصة ذهبية لن تتكرر لانتزاع حقوق المرأة اليمنية كاملة. ولعل وجود المرأة اليوم المكثف في جميع المجالات ونضالها للحصول علي مزيد من المكاسب يعززه تاريخ عريق يروي أن النساء حكمن في ممالك اليمن القديمة, ومنهن الملكات بلقيس وأسماء وأروي اللاتي يروي عنهن الكثير من الأساطير.. وكأن لسان حال اليمنيات اليوم في اندافعاتهن القوية للمشاركة الواسعة في الحياة العامة نحن بنات بلقيس صاحبة العرش العظيم, التي ورد ذكرها في القرآن الكريم, وقد كان ذلك بالفعل كما علمت أحد الشعارات اللاتي رفعتها اليمنيات في ساحة التغيير, يوم خرجن بالألوف المؤلفة بنقابهن بكل شجاعة وإصرار وتحدي, ولم يوقفهن خطاب الرئيس السابق علي عبد الله صالح بشأن عدم شرعية الاختلاط في ساحات التغيير, بل أوجد ذلك استياء شديدا لديهن ودفعهن لمزيد من الاحتجاجات, معتبرات أن تلك التصريحات بمثابة هتك لأعراض اليمنيات علي حد تعبيرهن. وقد تعرف العالم خلال الثورة اليمنية علي نساء يمنيات مثل توكل كرمان الحائزة علي جائزة نوبل للسلام وأروي عثمان الحائزة علي جائزة المينيرفا الإيطالية, ومازالت هناك الكثيرات اللواتي لم تسلط عليهن الأضواء بعد. وتري الإعلامية اليمنية بشري العامري أن التحديات التي تواجهها المرأة اليمنية ليست هينة, وفي مقدمتها نسبة الأمية العالية في أوساط النساء التي تجاوزت في عام2011 نسبة60 %. وبدورها تري سحر غانم عضو لجنة الحوار الوطني عن شباب الثورة: أن42 % من الشعب اليمني يعيش تحت خط الفقر علي أقل من دولار في اليوم وأن هذه جريمة, وأن اليمن هو الأعلي عالميا في نسب وفيات الأمهات عند الولادة, حيث تموت حوالي366 امرأة من بين كل ألف عند الولادة, وتضيف: كنا نحلم بثورة مثل الثورة التونسية يرحل فيها الرئيس ويتغير النظام, لكن لم يحدث في اليمن شيء من ذلك, ولم تتحقق أهداف ثورتنا بعد. وتقول رنا أحمد غانم عضو لجنة الحوار الوطني: بلدنا مشتعل بالمشكلات, لم يترك لنا النظام السابق شيئا إلا وافسده, كل شيء اصبح مشكلة, ولكن لدينا أمل في تجاوز الصعاب وصياغة ملامح دولة مدنية جديدة يستحقها اليمنيون واليمنيات. وتري عبير غالي الناشطة في مجال حماية الأطفال واليافعين أن المرأة اليمنية خاضت نضالا شاقا للحصول علي حقوقها, ونجحت في المراحل السابقة في تحقيق بعضها, غير أن عوامل كثيرة لعبت دورا في إقصائها وتهميش دورها, إلا أن جاءت الثورة الشبابية التي أظهرت دورا متميزا للمرأة في قيادة عملية التغيير وإعادة صياغة مضامين العقد الاجتماعي في اليمن. وتري الناشطة الحقوقية أمة السلام الذارحي وهي عضوة حزب الإصلاح الإسلامي أن الوضع في اليمن يمضي قدما نحو التغيير الإيجابي لتحقيق أهداف الثورة وبناء يمن جديد والحياة الكريمة والمواطنة المتساوية التي قدم الشباب دماءهم من أجلها. ويري عبد الإله سلام الناشط الحقوقي أن أفضل ماأنجزته النساء اليمنيات هو مشروع الأجندة الوطنية لمطالبهن التي اشترك في صياغتها عدة مؤسسات يمنية لتكون مطروحة كورقة عمل أمام مؤتمر الحوار الوطني, الذي يمثل الفرصة التاريخية والسبيل الوحيد لإعادة بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة في اليمن, التي تحترم الحقوق السياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية للمرأة, وتضعها في الموقع الذي يتلائم مع دورها القيادي, ويمكنها من المشاركة الفاعلة في عملية التنمية الشاملة والنهوض باليمن في جميع المجالات. ويري نبيل عبد الحفيظ الحقوقي اليمني أن أولويات مطالب المرأة تركز علي بناء منظومة دستورية وقانونية داعمة لتمكينها في الحياة السياسية, وتوفير البيئة لتمكينها اقتصاديا وإدماجها في قضايا التنمية المستدامة وترسيخ نظام صحي يقدم خدمات الرعاية الصحية لها, ويؤكد كذلك أهمية توفير البيئة المحفزة لتعليم الإناث وحمايتهن في مناطق النزاع. الاهرام