لا يا منير، هذا مش قلمك، وقضايا الوطن الكبير ليست مختزلة في القربي أو الجبوبي شعرت بخيبة أمل كبيرة وإحباط هائل عندما تابعت ما يتناوله منير الماوري في الآونة الأخيرة.. الذي وجدته الآن يركز على موضوع حتى ولو صح لا يليق بالمستوى الذي عرفناه في الفترة الماضية..خاصة وإنه كان يطلق عليه المحلل السياسي وخبير في الشئؤون السياسية اليمنية ، وجدته في الآونة الأخيرة خبير في نقل ما يصل إليه. في مستهل كتابتي هذه المتواضعة أود أن أؤكد بأني لا أنفي وجود فساد في وزارة الخارجية ، لكني لا أستطيع تأكيد إنه ربما قد يكون نفس الأشخاص الذين يوافون منير بالمعلومات ضالعون في هذا الفساد بطريقة أو بأخرى.ثم إني على ثقة بأن منير مدرك حجم الفساد المستشرى في كل مفاصل الدولة ولا يوظب قلمه من أجل أن يساهم في الحد منه إن لم نقل القضاء عليه، لكني أخشى إنه يساعد على تفشي الفساد عبر دعم مفسدين ضد قلة ربما تساعد على الحد منه. يا منير الوطن ليس مختزلاً في أبوبكر القربي أو عبدالله الجبوبي.. وبالمناسبة أؤكد لك بأني لا أعرف أي واحد منهما معرفة شخصية، لكن ما حز في نفسي إنك تجهد نفسك وتهدر وقتك في موضوع ليس بالمستوى الذي كنا نرجوه منك كإنسان كنت أقرأ له كتاباته النقدية التي كان يشتم منها رائحة الحرص على الوطن، وكانت بعض كتاباتك توحي على إنك شاب غيور على وطنه يحرص على بناء دولة مدنية خالية من حكم العسكر أو القبيلة، مع تقديري الكبير للقبائل اليمنية الذين أثبتوا حرصهم على وطننا أكثر من أي مثقف متطفل. كنت أتمنى عليك يامنير أن توظب قلمك وجهدك في المساهمة في إيجاد حلول حضارية وراقية للخروج من الأزمة.. مثلاً لماذا لا تكتب أو تحلل أو تجري لقاءات تشدد فيها على ضرورة إيجاد حلول لمآسي أهلنا في أبين وصعدة وتعز وعدن أو حتى في العاصمة صنعاء؟..وكم حزنت يا منير وأنا أقرأ عن نشوب حريق هائل في مخيمات ساحة التحرير ، وكان حزني أكبر أن بعض وسائل الإعلام تناولت هذا الخبر بنوع من الفرحة وكأن الحريق نشب في تل أبيب ، مثلما أحزن يومياً أن أسمع عن سقوط ضحايا في ساحات التغيير أو في أي مدينة أو قرية في ربوع أرضنا الغالية. كلنا مدرك يا منير أين تكمن قلاع الفساد وأعتقد إنك أنت أيضاً في قرارة نفسك تقول للذين يوافوك بالمعلومات المشخصنة:" أنتم أكثر فساداً ، ونهبتوا وبغيتوا ولا زالت شهيتكم مفتوحة لمزيد من النهب والفساد"، ولو كان الفساد مركز على شخص أبوبكر القربي الذي لا حول له ولا قوة كما أشار صاحبك أو في شخص عبدالله الجبوبي الذي أكد صاحب المقال الذي أعدت نشره مع بعض التعديلات اللغوية (حسب تعبيرك) أنه موظف بسيط و أنه يعرفه حق المعرفة أي أنه شريك معه وأنت تعرف معنى الشراكة .. أقول: لو إن الأمر مرتبط بهما فحسب و كل مصائبنا بسبب فسادهما لأنتهى الفساد دون عناء وبكل سهولة ، ولما كنا محتاجون لمبادرة خليجية ومراقبة دولية ولا لإنتخابات رئآسية مبكرة أو حكومة وفاق وطني ووووو، بمعنى:" لا ترمي بيوت الناس بالحجارة وبيتك من زجاج". ما أستغربته عليك في المقال الأخير إنك كنت تريد تبرأة نفسك من ما تورده من معلومات تصلك حسبما قرأت من أناس هم الآخرون موغولون في الفساد من أخمس أرجلهم إلى قمة رؤوسهم وربما أكثر فساداً من أي شخص آخر ، لذلك تعمدت أن توردت المقال كما هو هذه المرة للتأكيد بأنك لست أنت صاحب المعلومات.. لكن السؤآل الكبير لماذا لم تصر على كاتب المقال أن يورده بإسمه أو بإسم مستعار؟ هل كان لزاماً عليك أن تكون أنت المحلل والخبير الموصل لمثل هذه الأخبار التي لا تليق بمكانتك؟.ثم إني أرى إن هذا تقليد جديد في عالم والصحافة وإيصال المعلومة. يا ماوري كان أملي وحلمي كبيرين في ثورة الشباب في أن تحدث تغير جذري في مجتمعنا الذي عانى ولا يزال يعاني من الإنتهازيين بكافة أصنافهم العقائدية أو الإيدلوجية.وكنت أعول كثيراً على مثقفينا و كتابنا وصحفينا وعلماءنا بما فيهم أنت في إلتقاط اللحظة المناسبة لبناء دولة نموذجية في المنطقة .. وكنت أشعر إن كل المقومات متاحة ، لكن يا منير أصبتني بإحباط ، حيث أختزلت كل تلك القضايا في شخص القربي على الرغم من شعوري بأنك تدرك بأن القربي ليس عقبة في طريق الدولة المدنية الحديثة، بل على العكس أشعر إن من يوافوك بهذه المعلوات هم السد المنيع بعدما فقدوا مصالحهم ولديهم الآن من الأموال التي نهبوها ما تكفي لأبناء أحفادهم ، لكنهم مهوسون بالسلطة التي درت عليهم أموالاً لم يكونوا يحلموا بها ويريدون الآن تأمين مستقبل أحفاد أحفادهم وليس أبناء أحفادهم على حساب أبناء هذا الشعب المغلوب على أمره ، سواء في ساحة التحرير أو ساحة التغيير ، والمتسولون على حافات الطرق. أخيراً أتمنى يامنير الماوري أن أقرأ لك قريباً مقالاً تحليلياً يكون دراسة شاملة لإخراج البلاد من الأزمة وتؤسس لدولة مدنية حديثة وديقراطية على غرار الدولة التي تعيش فيها، وتقلع عن أسلوب :" القيل والقال". والخلاف لا يفسد للود قضية يا منير.