بكثير من الاستعلاء والغرور والغطرسة تتعامل ( الشقيقة الكبرى ) والجارة الأقرب لليمن _ المملكة العربية السعودية_ مع اليمن الأرض والإنسان والقدرات والقيم والتقاليد والثقافة المجتمعية ..نعم هذا ليس خافيا على أحد في داخل اليمن وخارجه وهي نزعة يعبر فيها غالبية ( الأشقاء في المملكة) ربما بدافع الشعور بالنقص وربما بدافع الغرور على خلفية ما لديهم مقارنة بما لدى الشعب اليمني الذي في الحقيقة لديه من الموروث الحضاري والتاريخي ما لا يملكه ( الأشقاء) برغم ثرواتهم الطائلة التي عمرها أقل من عمر ( شجرة بن وارفة) في جبال اليمن السعيدة .. بيد أن عظمة اليمن الأرض والإنسان تجسدت وتتجسد في قدرة هذه الأرض الأصيلة على تحمل مخرجات الطفرة النفطية للأشقاء وهي الطفرة التي اتاحت لهم أن يسلكوا مثل هذه السلوكيات مع أن تاريخهم الحديث يحفظه ويردده اليمنيون في ( أمثالهم الشعبية) التي فيها ما يكشف الكثير من الظروف التي عاناها الأشقاء وكانت اليمن بالنسبة لهم ( جنة الله ) على أرضه كما كانت هي المنقذ والملاذ والملجأ لهم عند الشدائد وكانت الشدائد رديف لوجودهم حتى وقت قريب جدا..؟ نتذكر جيدا فحوى رسالة الملك عبد العزيز للإمام يحي حين اكتشف ( الجاز) في المملكة فأحب الملك أن يقايض ( الجاز) ب( الحبوب) التي كانت اليمن تصدرها للملكة فرد عليه الإمام بعبارة واحدة تقول ( حياكم الله الشبعان ينام من مغرب) ..!! لم أكون أحبذ الخوض في هذا الموضوع لولاء أن غطرسة ( الأشقاء ) تجاوزت كل حدود بدليل أن سفارتهم بصنعاء أغلقت في العاصمة اليمنية صنعاء على خلفية قيام ما يسمى ب( تنظيم القاعدة) في اختطاف أحد موظفي السفارة السعودية في اليمن .. السؤال هو لوا أن الحادثة هذه وقعت في بلد أخر غير اليمن هل ستغلق الرياض سفارتها قطعا لا ,فهي لم تغلق سفاراتها حين تم اغتيال دبلوماسيين سعوديين في أكثر من بلد , ولم تغلق لها أي سفارة في كل قارات العالم الأربع على خلفية خطف وقتل وابتزاز وتهديد سفرائها , باستثناء اليمن التي تعمل فيها ( الرياض) ما لم تقوى على فعله في أي بلد في العالم مهما كان هذا البلد فقيرا أو غنيا ,كبيرا أو صغيرا , قريبا أو بعيدا , بل تهاجم السعودية في كل صحف العالم وبحدة وبطريقة فضائحية ولم تحرك ساكنا الرياض على الكاتب أو على الدولة باستثناء اليمن التي تقوم قيامتها لوا كاتبا تناولها بخبر أو موضوع صادق وليس فيه أكاذيب فأنها تقيم الدنيا ولا تقعدها وكأنها أي _ الشقيقة _ لا تجد مسرح بطولتها إلا في اليمن .. أتذكر هناء واقعة تتعلق بالزميل والاستاذ الراحل / عبد الحبيب سالم مقبل حين كان سيتم نقله للسعودية للعلاج وسلم جوازه للسفارة لكن الجواز عاد من السفارة مرفقا بمقال كتبه الزميل الراحل عن الملك فهد ..!! واقعة ثانية من باب الاستدلال لا الحصر لأن حصر غطرسة الأشقاء بحق اليمن لا حدود لها ولا تتسع لها حتى المجلدات والملاحم والموسوعات , أقول حدث أن فتاة ( سعودية) أحبت مغترب يمني وتزوجته على سنة الله ورسوله ,وقررت السفر معه لليمن فجن جنون النظام والدولة السعودية واغلقوا منافذهم البرية والجوية والبحرية على اليمن واليمنيين وطالبوا بسرعة عودة ( الفتاة ) وتطليقها من زوجها وكأن هذه الفتاة وزوجها اليمني ارتكبوا ما يغضب الله بالسماء فأنزل سبحانه الوحي للسلطات السعودية بسرعة إعادة ( الفتاة) وحرمانها من شريك حياتها الذي اختارته , بالمناسبة يمكن للفتاة السعودية أن ترتبط بمن تريد إلا أن ترتبط بإنسان يمني فهذا كفر بنظر وقانون السلطات السعودية ..!! طبعا الأمر لا يقف في هذا النطاق الاجتماعي والغطرسة التي تزرع قيمها ومفرداتها في وجدان وذاكرة الشعب بل هناك تدخلات من العيار الثقيل للأشقاء سياسيا واقتصاديا واجتماعيا بسبب رؤية حكام اليمن لمكانة المملكة وهي رؤية اعطت للرياض مساحة واسعة للغطرسة وجعلها ترى لليمن بنظرة دونية تعبيرا عن عقد نقص تاريخية لدى الأشقاء وتوهما أنهم بهكذا سلوك يمكنهم كبح جماح الشعب اليمني وتكبيل كل تطلعاته في التقدم والتطور والازدهار والتنمية , فاقتصاديا وحتى على صعيد حركة الانسياب التجاري بين البلدين والمكفولة دوليا فأن الأشقاء لا يرسلون لليمن إلا كل ما هو ( فاسد) ومنتهي الصلاحية وغير صالح للاستخدام ( الحيواني) وليس اليمني في المقابل نجد أن منتجات اليمن حتى من الخضروات لا تدخل للأراضي السعودية بسهولة بل كثيرا ما تفسد الكثير من البضائع اليمنية وهي على الحدود وفوق الشاحنات تنتظر مكارم السلطات السعودية بدخولها , ويتحمل الشعب اليمني كل هذه الغطرسة بصبر وحكمة على أمل أن لا يفتحوا أبوابا لخلاف أن أنفتح قد لا يعلم إلا الله من هو القادر على اغلاقه.. لكن لهذا الصبر اليمني حدود خاصة حين تصبح فريضة من فرائض الدين وركن من أركان الإسلام يفترض أن يؤديه اليمنيون وهم من حملة راية الإسلام وناصروا نبيه الكريم وحين يصبح هذا الركن مرهون برضاء ومكارم السلطة السعودية وحكامها فأن هناء الأمر يصبح غير قابل للصبر كما أن الحكمة لم تعود ممكنة هناء ولا مقبولة فهذا تجاوز بل تطاول السكوت عنه جريمة ومهادنة من يقوم به أقبح وأبشع من الجريمة ذاتها فالله هو الرزاق ذو القوة المتين وليس آل سعود ولا نظامهم والشعب اليمني لم يكون يوما أسيرا لمثل هذه المواقف إلا حين تهاون بعض حكامه لدوافعهم الخاصة عن كرامة ومكانة شعبهم فأصبح ملطشة لمن يعانون أصلا من عقدة الشعور بالنقص وبالدونية التاريخية والحضارية ..فالمال لا يصنع مجد الأوطان بل قيم الشعوب ومواقفها وتحولاتها الحضارية وأدوارها المؤثرة بحركة التاريخ , أما ناقلات النفط لا تؤثر في مجرى التاريخ ولا تصنعه مهما تزاحمت على الأرصفة وبيوت صنعاء القديمة أكثر أهمية تاريخية وجمالية ومادية وثقافية من ابراج الرياض مهما تعالت ومهما عانقت السحاب فوا الله الذي لا إله إلا هو لن تساوى كل أبراج الرياض أهمية ومكانة من نافذة في بيت من بيوت صنعاء القديمة ..!! متاؤعات