كشف الخبير الاستراتيجي المصري اللواء سامح سيف اليزل لأول مرة عن قصص مثيرة لثلاثة عملاء نجحت المخابرات العامة المصرية في زرعهم داخل إسرائيل لعدة سنوات واختراق الحاجز الأمني, بل وتجنيد أحدهم في قيادة جيش الدفاع وآخر في ميناء حيفا, مما دفع السلطات الإسرائيلية إلي الاعتراف بتلقيها لطمة قوية من جهاز المخابرات المصري وقال اليزل لصحيفة "الأهرام" المصرية اليوم السبت ان العملاء الثلاثة هم: كيبورل يعقوبيان وشموئيل باروخ وعبد الرحمن قرمان, وقال إن إسرائيل اعترفت بذلك من خلال كتاب صدر تحت عنوان الجواسيس. واضاف، ان إسرائيل نفسها اعترفت بنجاح جهاز المخابرات المصرية في اختراق الحاجز الإسرائيلي وزرع عملاء داخل إسرائيل من خلال كتاب إسرائيلي يحمل عنوان "الجواسيس" وهو الكتاب الذي ظل ينتقل لمدة 3 سنوات ما بين الرقابة العسكرية والشاباك والموساد والأمان ثم نقل إلي دائرة الشئون الجنائية والأمنية في الادعاء العام الإسرائيلي لمراجعته واقراره ولم يتم الموافقة علي نشره إلا بعد أن وافقت محكمة العدل العليا الإسرائيلية علي نشره بحكم قضائي. ويتحدث الكتاب عن أهم عشرين قضية تجسس نجحت أجهزة المخابرات المختلف في العالم في اختراق الحاجز الإسرائيلي وزرع عملاء داخل إسرائيل. وأورد الكتاب أربع قضايا لعملاء مصريين تم زرعهم بواسطة المخابرات العامة المصرية منهم رفعت الجمال والذي دخل إسرائيل تحت اسم جاك بيتون والشهير برأفت الهجان وقصته معروفة للجميع, وثلاثة آخرون هم: كيبورك يعقوبيان وشموئيل سامي باروخ وعبدالرحيم قرمان وهذا يعني أن من بين عشرين عميلا كانوا يعملون لصالح أجهزة المخابرات في العالم أربعة عملوا لصالح المخابرات المصرية أي أن 20% من إجمالي أقوي عشرين عملية تجسس ضد إسرائيل كانت من نصيب المصريين. العميل الأول.. هو كيبورك يعقوبيان أو يتسحاق كوتشك ولد في مصر عام 1938 لعائلة أرمينية.. ودرس في المدارس المصرية وعند بلوغه سن العشرين عاما توفي والده وأصبح العائل الوحيد للأسرة فتوقف عن الدراسة وعمل بالتصوير حتي يستطيع توفير المال لأسرته.. وعلي الرغم من عدم إكمال تعليمه إلا أنه كان يتحدث أربع لغات بخلاف اللغة العربية وهي الانجليزية والفرنسية والاسبانية والتركية. تم تجنيده بواسطة المخابرات العامة المصرية لزرعه داخل إسرائيل وتم تدريبه وإعداده لمدة عام كامل اشتملت علي إجراء عملية ختان له حيث إن اليهود يختتنون ولم يكن هو كذلك, وأعطي هوية جديدة باسم يتسحاق كوتشك يهودي من مواليد عام1935 في اليونان وسافر إلي البرازيل بناء علي الخطة الموضوعة من جانب المخابرات المصرية في شهر أبريل عام1960 بحرا وبعد وصوله إلي البرازيل بشهرين اندمج مع الجالية اليهودية في سان باولو وفي نهاية عام1961 تقدم إلي مكتب الوكالة اليهودية بطلب هجرة إلي إسرائيل وتم قبول طلبه وأبحر من البرازيل إلي إسرائيل عن طريق إيطاليا ووصل ميناء حيفا في منتصف عام1961. بعد انتهاء دراسته للغة العبرية في إحدي الكيبوتسات طلبت المخابرات المصرية منه أن يتجند في الجيش الإسرائيلي وبالفعل تم تجنيده في سلاح النقل لجيش الدفاع الإسرائيلي وتدرب علي قيادة سيارات النقل الثقيلة في قاعدة عسكرية في منطقة بيت نبالا بالقرب من مدينة اللد ثم عين سائقا لأحد الضباط الكبار في قيادة الدفاع المدني وهو العقيد شمعيا بكنشتين ومن خلال وجوده في جيش الدفاع الإسرائيلي أرسل كما هائلا من المعلومات المهمة إلي المخابرات المصرية ونظرا لخبرته السابقة كمصور قام بتصوير أهداف عسكرية مهمة كما ورد في الكتاب الإسرائيلي وباعتراف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية التي اضطرت لإجازة طبع الكتاب. قبض علي يتسحاق كوتشك بعد عدة سنوات من العمل مع المخابرات المصرية وأثناء محاكمته وصفته صحيفة يديعوت أحرونوت بأنه حوت ضخم لا يمكن لأجهزة الأمن الإسرائيلية القبض علي العديد مثله, وحكمت المحكمة عليه بأقصي عقوبة وهي ثمانية عشرة عاما في السجن وظل في السجن لمدة عامين فقط, وفي اليوم التاسع والعشرين من شهر ابريل/نيسان عام 1966 تم تبادله مع ثلاثة إسرائيليين كانوا قد اجتازوا الحدود المصرية بدون إذن وهم يلفيد حانوخا وابنه صموئيل حانوخا وعودي مائير وطلبت مصر استلام فدائيين فلسطينيين مع يتسحاق كوتشك هما حسين حسن الحفاني وسعيد خميس عبدالقادر اللذان قبض عليهما في إسرائيل وهما في طريقهما لتنفيذ عملية فدائية في الداخل. العميل الثاني.. هو رجل الأعمال الإسرائيلي شموئيل سامي باروخ والذي ولد في عام1923 في مدينة القدس الحي القديم والده صيدلي والعائلة ثرية تعيش في الحي اليهودي بالقدس منذ مدة طويلة درس في البلدة القديمة بالقدس ثم درس في المدرسة الزراعية بمنطقة برديس حنا ثم انتقل للدراسة في كلية سانت جورج التابعة للكنيسة الانجليكانية ثم أنهي دراسته في معهد النسيج بمدينة مانشستر في بريطانيا, واندلعت الحرب العالمية الثانية وبعد مرور عامين تجند شموئيل باروخ في الجيش البريطاني ووصل إلي رتبة رقيب أول وأصيب في المعارك وحصل علي عدة أوسمة وبعد الحرب في عام1946 استكمل دراسته وتخرج عام 1949 كهندس نسيج وأنشأ مصنعا للنسيج في مانشستر وتزوج وأنجب ثلاثة أولاد وبعد نحو عشر سنوات وفي عام 1958 عاد إلي إسرائيل مع زوجته وأولاده وأقام في تل أبيب وأنشأ مصنعا للنسيج في كريات جات باسم أرجدين للنسيج في عام 1963 أفلس المصنع وباع الدائنون المصنع إلي مصنع منافس له تحت اسم مصنع بولجيت مما أصاب باروخ بصدمة نفسية شديدة. وعلي التوازي حين كان رجل أعمال وقبل إفلاسه عمل كناشط سياسي حيث انضم إلي حركة سياسية جديدة في ذلك الوقت تدعي إسرائيل الشابة وتم تعيينه رئيسا للجنة المالية للحركة وكانت هذه الحركة تعد نفسها للاشتراك في الانتخابات السادسة للكنيست الإسرائيلي وكان باروخ يرغب بشدة في دخول الكنيست كعضو منتخب. وبعد إفلاس باروخ في عام 1963 قرر السفر وعائلته إلي سويسرا في محاولة لتوفير سيولة مالية بشكل أو بآخر حتي يعود لبدء نشاطه مرة أخري في إسرائيل ووصل بالفعل إلي جنيف وأقام وأسرته لدي أحد أقاربه هناك. علمت المخابرات العامة المصرية بوجود باروخ في جنيف وبتفاصيل حياته بالكامل ومنها حالته المالية المتدهورة وتم تجنيده للعمل لصالح مصر وتم تدريبه للعمل من داخل إسرائيل ورجع إلي إسرائيل هو وأسرته وقدم معلومات اقتصادية وسياسية مهمة من خلال اتصالاته ومعارفه لعدة سنوات, إلا أن رعونته وثقته الزائدة في نفسه أدت إلي القبض عليه ومحاكمته وحكم عليه بالسجن ثمانية عشر عاما أمضي منها 10 سنوات ثم أفرج عنه خلال عفو لبعض السجناء وترك إسرائيل وسافر لإحدي الدول الأوروبية التي يعيش بها حتي اليوم. العميل الثالث.. هو عبد الرحيم قرمان والذي ولد في عام 1938 لإحدي العائلات العربية الثرية والمحترمة في مدينة حيفا وكانت عائلته معروفة خلال الانتداب البريطاني بأنها عائلة محترمة ومعتدلة وجاء ثراء هذه العائلة نتيجة امتلاكهم أراضي كثيرة في مناطق الجليل الغربي ومدينة الكرمل, تلقي تعليمه في المدرسة الثانوية في حيفا وغادر قريته في نهاية الخمسينيات وسافر إلي أوروبا وتعرف علي شابة فرنسية تدعي مونيك وتزوجها بعد أن أسلمت وعادا معا إلي إسرائيل وفي عام1967 غادر ومعه زوجته إسرائيل إلي فرنسا مرة أخري من أجل تبني ولد من أحد مخيمات اللاجئين في الدول العربية وتعرف علي أحد المصريين الذي قدمه إلي أحد ضباط المخابرات العامة الذي استطاع بعد فترة أن يجنده ويدربه للعمل لصالح مصر وكلف بمهام مهمة للغاية حسبا ما جاء بكتاب الجواسيس الإسرائيلي منها تصوير سفن سلاح البحرية الإسرائيلي في حيفا وتصوير الصواريخ من طراز جبرائيل التي تطلق من البحر علي أهداف بحرية وكانت هذه الصواريخ من الأسرار العسكرية المهمة في جيش الدفاع الإسرائيلي كما كلف باختبار ملائمة طريق حيفا عكا لاقلاع وهبوط الطائرات الحربية وقت الطوارئ ومحاولة التقرب من اليهود خاصة الذين يسافرون كثيرا للخارج مع التركيز علي العاملين في القوات الجوية الإسرائيلية, وفي ربيع عام 1969 نجح قرمان في تجنيد عميل جديد للمخابرات المصرية بناء علي التعليمات الصادرة له وجند توفيق فياض بطاح البالغ من العمر ثلاثين عاما ويعمل موظفا في جمارك ميناء حيفا حيث رؤي ضرورة وجود أحد العملاء بصفة دائمة داخل الميناء لمراقبة القطع البحرية الإسرائيلية والابلاغ عن كافة المعلومات والتفاصيل عنها وهو الأمر الذي تم بنجاح حتي نهاية عام 1970 وقبض عليهما لعدم اتباعهما تعليمات الأمن المستديمة وحكم علي قرمان بالسجن لمدة اثني عشر عاما واستأنف الحكم أمام محكمة العدل العليا التي حكمت عليه بستة عشر عاما بزيادة أربعة أعوام عن الحكم الأول, أما توفيق بطاح فحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات وظلا بالسجن لمدة أربعة أعوام وقامت المخابرات العامة المصرية بتبادلهما ومعهما آخران عام 1974 مقابل مبادلة الجاسوس الإسرائيلي باروخ زكي مزراحي ثم قررا السفر إلي إحدي الدول الأوروبية للإقامة بها.