ظل الذين أصبحوا مراكز تأثير ونفوذ لسنوات عديدة لا يحلمون بأكثر من السلامة ، وكان أسعد يوم لدى أكبر رأس فيهم هو اليوم الذي يتلقى فيه دعوة للمقيل مع رئيس البلاد علي عبدالله صالح ، ثم يمضي أياماً يتحدث عن الرضا الذي أحيط به والعطاء الذي حصل عليه ، وحين يتباهى أحدهم بشيء في حياته ، يتباهى بقربه من رئيس البلاد وبالتوبيخات التي يتلقاها منه و"المتاحفة" التي تعقب كل توبيخ . تنافسوا سنوات على مدحه ، وتسابقوا على التزلف إلى مقامه ، استأجروا شعراء وكتاب لنظم مشاعرهم الزائفة . اليوم .. انسلخت الثعابين من جلودها وصار المهرجون في بلاط الرئيس السابق ثواراً على العهد الذي ترعرعوا فيه ، استبدلوا المدائح بالشتائم ، ودعوا صاحب الدار إلى الرحيل .. !. وفي زمن (المتحولين) يصير كل ما ليس طبيعياً شيئاً مألوفاً ؛ "يستنسر البغاث" وتستأسد النعاج ، ويصبح اللصوص والقتلة وقطّاع الطرق دعاة فضيلة وقادة تغيير . في هذا الزمن يطل باسندوة باكياً ، وثائراً ومستغيثاً بكل من هبَّ إلى أرضنا لإخراج الرئيس السابق من اليمن ، وهو الذي أمضى عمره متمسحاً ببلاطه . باسندوة وشيوخ وأحزاب وظيفته يؤصلون تقاليد رديئة ولغة تخاطُبٍ منزوعة المنطق ، فمن غير المعقول أن يقال ل(علي عبدالله صالح بن عفاش) أن يغادر وهو يمني الأصل والمحفد أبا بعد أب ، وجداً بعد جد ، وصولاً إلى الملك حمير بن كهلان بن سبأ ، حكم جده اليمن خمسين عاماً وخلفه ابنه وائل بن حمير ، واستمر الملك في تلك القبيلة قروناً . ولا غرابة أن يحكم الرئيس علي عبدالله صالح عفاش الحميري بحكمة أجداده.. ولا غرابة في ذلك العلو الأخلاقي للرئيس علي عفاش الحميري ، الذي بمقدوره أن يرد على أولئك المتنطعين بأن عليهم الرحيل وأن يعود باسندوة إلى مسقط رأسه في زيلع بدولة الصومال . أردت فقط أن أنبه إلى الفارق الأخلاقي بين الرئيس صالح وبين خصومه (خُدّامه السابقين) والتنبيه متصل.. فأقول إن صالح ترك السُلطة ولا يفكر بالعودة إليها ؛ هدئوا من روعكم ؛ فهو حين غادرها ، غادر قوياً ، كان لديه جيش ضارب في البر والبحر والجو ، لكنه آثر سلامة بلاده وشعبه. لقد حكم 33 عاماً ، وكانت للدولة في عهده صولة وجولة وهيبة ، وأصبحت الدولة اليوم مهيضة مكسورة الجناح تحتاج إلى دولة تحميها