تابع آخر مقابلة مع المساعد صالح شمس الادين (عشماوي اليمن ) قبل وفاته توفي يوم أمس المساعد اول صالح شمس الدين مسئول الاعدام في السجن المركزي بإب (عشماوي إب) عن عمر 72 سنة.
وكان عشماوي اليمن ِ(صالح شمس الدين ) قد نفذ اكثر من 700 حالة اعدام بحق مدانين بقرار المحكمة. وكانت صحيفة اليمن اليوم قد اجرت مقابلة معه قبل عام اجراها الزميل بندر العنسي نعيد نشرها.
*** (ببشاشة غير متوقعة ، وابتسامة خفيفة ، وبلباسه المدني الشعبي ، استقبلنا في مكان ﻻ يدخله مُدان بالقتل العمد إﻻ وخرج منه محموﻻً على أكتاف الرجال جثة هامدة . المساعد أول صالح شمس الدين ، البالغ من العمر 65 عاماً وأب لثلاثة أبناء ، والمولود في إريان مديرية القفر بمحافظة إب ، وحديث عن 18 عاماً مضت منذ بدأ عمله مسئوﻻً عن تنفيذ أحكام اﻹعدام في سجن مركزي إب س- لماذا تم اختيارك في هذا المجال عن غيرك؟ - ﻷنه في تلك المرحلة لم يجدوا شخصاً يوافق على القيام بهذه المهمة ، لقد كان جميعهم خائفين ومترددين ، فوافقت أنا على ذلك ، كون الخوف لم يجد طريقه إلى قلبي ، بعد أن خضت المعارك في الثمانينات ضد المخربين في المناطق الوسطى ، وعايشت حينها الموت ورأيت بأم عيني الدماء تسيل واﻷجساد تتناثر ، ولهذا قبلت بهذه المهمة الصعبة . * كم عدد الذين قمت بإعدامهم . . وهل بينهم نساء؟ - ما بين 600 إلى 700 شخص تقريباً ، بينهم امرأتان فقط . * ما هو أكثر عام نفذت فيه حكم اﻹعدام؟ - عام 2001 حيث بلغ عددهم 101 وفي باقي اﻷعوام كانت متفاوتة ، لكن لم يمر عام دون أن أنفذ فيه حكماً باﻹعدام على اﻹطﻼق . * يقال إنكم تغطون وجوهكم عند تنفيذ حكم اﻹعدام ، حتى ﻻ يعرفكم أحد فيعترض طريقكم؟ - كﻼم غير صحيح ، لماذا أخاف؟ وممَّن أخاف؟ أنا أقوم بذلك دون خوف ، وآخذ حقي من المحكوم عليه أمام الجميع ، وإذا عندي لشخص شيء يأخذه ، وفي النهاية أنا مأمور وهذا حكم الله ، ومن ينفذ ما أمر الله به فله أجر عظيم . * هل تخضع لتدريبات في مجال عملك؟ - هذا العمل ﻻ يحتاج إلى تدريبات ، يحتاج فقط إلى قيام الطبيب بتحديد مكان القلب فقط وما عدا ذلك يُترك اﻷمر لي . * هل قمت بإعدام قاصر أو شخص تعتقد أنه بريء لكن تحتم عليك التنفيذ؟ - أيش عرفني أنه بريء ، الذي يعلم هو الله عز وجل ، وهذا يعتمد على القاضي والشهود ، أما أنا فأقوم بالتنفيذ فقط ، أنا وأنت ﻻ أحد منا يعرف المجرم من البريء ، فنحن لم نكن حاضرين عند وقوع الحادثة . * ألم ترفض يوماً القيام بهذا العمل؟ ولماذا؟ - رفضت نهاية 2010 م إعدام شخص يدعى " محمد طاهر " من مديرية الرضمة ، ﻷنه كان ﻻ يزال تحت السن القانونية ، وقد حاول مدير السجن السابق إقناعي بإعدامه غير أنني رفضت أكثر من ثﻼث مرات ، وكنت أدَّعي أني مريض وأجلس في البيت وﻻ أداوم ، وبعدها جاءت أوامر من صنعاء ورفضتها أيضاً ، عندها علمت منظمات حقوقية وأوقفت الحكم . * كم تتقاضى مقابل عملك كمعدم؟ - ما أحصل عليه ﻻ يتجاوز العشرة آﻻف ريال ، وفي بعض الحاﻻت أدفع أنا من جيبي الخاص ثمن الرصاص التي أعدم بها أقوم بشرائها أنا ، والبندقية التي أستخدمها في اﻹعدام ملك لي وليست ملك الدولة ، والعشرة آﻻف مبلغ زهيد مقابل العمل الذي أقوم به . * هل سبق لك أن قمت بعملية إعدام بالسيف أو عن طريق الشنق؟ - ﻻ ، ﻷن القاضي ينطق الحكم رمياً بالرصاص حتى الموت ، ولم ينصّ على الشنق بالحبل أو الضرب بالسيف . * هناك من يقول إن عملك يسبب لك الكوابيس ، هل هذا صحيح؟ - أنا معتاد على ذلك منذ أكثر من 30 سنة وأنا أشاهد مناظر الدم طوال اليوم ، وذلك إبان حروب التخريب والجبهات في المناطق الوسطى في اليمن ، وقد حاربت ضدهم لسنوات وقد أخبرتك بهذا قبل قليل ، وتنفيذ حكم الله ﻻ يأتي بالكوابيس . * هل أعدمت أشخاصاً من جنسيات أخرى؟ - ﻻ ، كلهم يمنيون . * هل تنوي مواصلة عملك؟ أم أنك تفضل اﻻعتزال؟ - إذا وجد البديل ممكن اعتزل وأريح البال . * بماذا تنصح البديل إن وجد؟ - هذه مهنة متعبة . * هل سبق وأن قمت بإعدامات جماعية؟ - نعم ، مرة أربعة أشخاص ، ومرة أخرى ثﻼثة في ساعة واحدة ، أما اثنان فهم كثير . * هل صادف أن أطلقت الرصاص على محكوم ولم يمت بسرعة؟ - قلة قليلة ، وﻻ يتجاوز استمرارهم في الحياة الدقيقتين بعد إصابتهم ، والسبب في ذلك توتر أعصابهم . * ما شعورك حين يتم العفو عن المحكوم عليه باﻹعدام؟ - أفرح لهم ، ﻻ يوجد شخص طبيعي يأسف ﻷنه لم يقتل إنساناً ، حتى ولو كان تنفيذاً لشرع الله . * كيف ينظر إليك المحكوم عليه باﻹعدام خصوصاً وهو يعرف أنك من سيقوم بإعدامه؟ - السجناء ينظرون بخوف وكراهية إلى الحراس أو عساكر التفتيش في البوابات ، حيث يعتقد المحكوم عليه أننا أعداء له ، فما بالك بعسكري مثلي مهمته اﻹعدام . * كيف يكون حال وشعور المحكوم عليه قبل تنفيذ القصاص؟ -متوترين وخائفين ، وﻻ تصدق من يقول أن هناك أشخاصاً أصحاب رؤوس يابسة ، وقلوب من اﻷحجار ، اﻹنسان بطبيعته يحب الحياة ويكره الموت ، مهما كانت ظروفه في السجن ، حتى لو سُجن مدى الحياة تحت ظروف قاسية ، فهو عنده أهون من الموت . * هل سبَّك أحدهم أو حاول اﻻعتداء عليك قبل تنفيذ اﻹعدام بحقه؟ - أكيد هناك من صبَّ جام غضبه عليَّ ، لكني أتحمل ﻷني أعرف أنه في موقف ﻻ يُحسد عليه ، وصعب جداً ، لكن قبل ذلك أمازحهم وأهددهم بالقتل وسط ضحك الجميع ، غير أنه عندما تحين ساعة الصفر أتجنَّب ذلك وأصبر وأتحمَّل كﻼم الشخص المحكوم عليه باﻹعدام . * هل اعترض أحد طريقك وحاول اغتيالك نظراً لقيامك بإعدام قريب له؟ - نعم ، نجوت من 4 محاوﻻت اغتيال ، كان آخرها قبل خمس سنوات عند مدرسة خالد بن الوليد بالجهة الشرقية لشارع تعز ، وكنت حينها أحمل بندقيتي ، حيث اشتبكت مع عدد من اﻷشخاص وحينها أصيب أحدهم ولم أعرفهم حتى اﻵن . * كيف ينظر إليك زمﻼؤك وأسرتك؟ - بالنسبة لزوجتي وأوﻻدي طبيعي ، وأما زمﻼئي فلدى البعض منهم نظرة مشئومة ، والبعض اﻵخر نظرة عادية . * هل نصحك أحد بترك هذه المهنة ؟ ! - ﻻ ، ولماذا النصيحة ، هل أرتكب شيئاً خطأ . * هل حضر أحد من عائلتك وأنت تقوم بالتنفيذ في محكوم؟ - نعم ، حضروا وفوجئت بحضورهم . * بحسب موقعك في العمل الذي تقوم به ، ما هي أكثر المديريات التي ينتمي إليها اﻷشخاص الذين قمت بإعدامهم؟ - القفر والنادرة والرضمة ويريم . * لماذا برأيك؟ - كونها مناطق للصراعات القبلية والثأر . * هل أنت من يقوم أيضاً بتنفيذ أحكام الحدود اﻷخرى كالجلد وقطع يد السارق؟ - ليست من مهامي ، مع العلم أنني لم أسمع ولم أر قطع يد سارق منذ بداية عملي في السجن قبل 18 عاماً ، ومن يقوم بجلد الزناة وشاربي الخمر هي النيابة والمحكمة . * ما موقفك لو أصبحت في يوم من اﻷيام هذا الشخص الذي يُنفذ عليه الحكم باﻹعدام؟ واعذرني على سؤالي؟ - طبعاً لو حدث ذلك فهذا طبيعي ، فكلُّ شخص يأخذ حقه ، وهذا قدر الله وقضاؤه . * قبل الختام ، هل أنت مقتنع بالعمل الذي تقوم به؟ - نعم ، وإذا لم أقتنع بذلك فأين البديل عنه ، ﻻ أملك عن ذلك بديﻼً . * كلمة أخيره تقولها !! - أشكر صحيفة " اليمن اليوم " على حضورها إلى السجن ﻹجراء مقابلة من هذا النوع وإثارة مثل هذه المواضيع ، كما أني أناشد من منبركم هذا الرئيس هادي رفع أجورنا ومرتباتنا مع ما يتناسب مع الوقت الحاضر ، فما نتقاضاه ﻻ يعادل عمل يوم أو سهر لليلة في نوبة الحراسة ، وخصوصاً أنني أعمل في مهمة صعبة للغاية.