قبل أن يمر أسبوع واحد على إعادة ثقة البرلمان الكويتي فى ناصر المحمد رئيس الوزراء الكويتى والنائب الأول لرئيس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك ، ووزير الداخلية الشيخ جابر الخالد، ووزير الأشغال والبلدية فاضل صفر، بدأت بوادر أزمة جديدة بين السلطتين التنفذية والتشريعة فى البلاد ؛ وذلك على خلفية قيام مرشح سابق فى انتخابات مجلس الأمة فى لقاء بثته قناة "السور" الفضائية بتوجيهه سيلا من الاتهامات إلى بعض النواب، وإلى أبناء الكويت ورموزها ، ولم يكتف النائب بهذا بل استكمل مسلسل الهجوم ضد فئات أخرى من أبناء الكويت، عبر لافتة وضعت على طريق الفحيحيل السريع تصف يوم عاشوراء بأنه يوم فرح وسرور!!. بوادر الأزمة و بدأت الأزمة عندما قام مقدم برامج "سرايا" محمد الجويهل، الذي عرض أولى حلقاته على قناة"السور" في بثها التجريبي الجمعة الماضية ، بتوجيه الشتائم لبعض نواب مجلس الأمة الكويتي، ووصفهم بأوصاف قاسية، خاصة النائب مسلم البراك الذي وجه استجوابا للوزير مرتين في يونيو/ حزيران الماضي وديسمبر/ كانون الأول الجاري.
ولم يكتف مقدم البرنامج بذلك، بل شكك أيضا في ولاء بعض نواب الدائرتين "الرابعة والخامسة" التي يمثلها عشرون نائبا، باعتبارها مناطق يسكنها أبناء القبائل أو البدون، وأعلن نيته كشف جنسية أحد النواب الذي يعود في أصوله لمدينة "عرعر" السعودية.
رد الفعل
ناصر المحمد
وأشعلت هذه التصريحات الشارع الكويتي باعتبار أن ما تحدث به مقدم البرنامج يعمل علي تفتيت النسيج الاجتماعي، ويشق الوحدة الوطنية، ويهمش فئة لا تقل نسبتها عن 60% من المجتمع . وقد سارع الشيخ أحمد الفهد نائب رئيس مجلس الوزراء للشئون الاقتصادية ووزير الدولة لشئون التنمية والاسكان إلى وأد الفتنة واطفاء نارها ، إذ دعا الجميع إلى الكف عن تلك الدعوات والتصريحات غير المسئولة، مؤكداً أن الحكومة وبتوجيهات من الشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء لن تقف مكتوفة الأيدي وستتخذ إجراءات حازمة وستستخدم كل الوسائل المتاحة أمامها.
وقال الفهد في تصريح صحفي :" إن وحدة الصف تتعلق بأمننا الوطني الذي لا يمكننا التهاون أمامه ، معربا عن امتعاضه من تصريحات الفتنة بين أبناء الوطن الواحد التي تخرج علينا بأوجه فئوية تارة وطائفية تارة أخرى".
قطع الإرسال
من جانبها ، بادرت وزارة الإعلام التي اتهمها البعض بعدم إدراك حجم المشكلة إلا بعد تجمع الجماهير أمام منزل النائب- بقطع إرسال القناة التي خيم السواد على شاشتها بشكل مفاجئ، وانقطع بثها دون معرفة السبب من كونه ناجما عن خلل فني أم قرار وزاري.
ومن جهته، أوضح الشيخ أحمد العبدالله وزير الإعلام الكويتي، أن الوزارة قامت بقطع الإرسال عن قناة "السور" بعدما تمت مخاطبة شركة "غلف سات" لوقف البث ، علماً أن المحطة لم تمنح أصلاً أي ترخيص.
وأكد الوزير، أن الوزارة لن تألوا جهدا في تطبيق قانون الإعلام المرئي والمسموع الذي ينظم عمل القنوات الفضائية داخل الكويت.
وأعرب عن استيائه مما قامت به الفضائية المعنية من مساس بالوحدة الوطنية ، مشيرا إلى أن وزارة الإعلام تقوم بالتنسيق مع الجهات المختصة في الدولة باتخاذ الإجراءات المناسبة تجاه تلك القناة ، مضيفاً أن مجلس الوزراء سيناقش الموضوع بكل تفاصيله لاتخاذ الخطوات المناسبة.
غضب نيابي
وفي غضون ذلك ، تسببت إذاعة لقاء المرشح السابق، في تفجير غضب برلماني عارم، وضحمن خلال سيل التصريحات والبيانات التي حملت إشارات صريحة ومبطنة إلى مساءلة رئيس الحكومة الكويتي ووزير الإعلام الشيخ أحمد العبدالله، ما لم يتخذ اجراء واضح ومحدد خلال 48 ساعة.
النائب فيصل المسلم
وسجلت في هذا السياق ، تصريحات للنواب الدكتور فيصل المسلم وجمعان الحربش ودليهي الهاجري وخلف دميثير وسعدون حماد ومحمد الحويلة وناجي العبدالهادي وصالح عاشور وعدنان المطوع، أجمعوا فيها على وجوب تحرك الحكومة لوقف كل ما يمس الوحدة الوطنية والنسيج الاجتماعي ووقف القناة الفضائية ومحاسبتها على ما ارتكبته.
ووفقا لما ورد بجريدة "السياسة" الكويتية ، أقيم تجمع حاشد أمام منزل النائب مسلم البراك دعما له ، مطالبين وزير الإعلام بإغلاق القناة، وتحويل صاحبها محمد الجويهل إلى النيابة . واتفق عدد من النواب وممثلين عن الحركة السلفية والتحالف الوطني على دعم الوحدة الوطنية، وقال النائب بورمية :" نقول للأسرة الحاكمة كل الشعب عيالكم وإذا لم تقم الحكومة بدورها سيكون لنا معها حساب عسير".
وبدوره ،أشار النائب محمد هايف إلى أنهم سيتحركون شعبيا ضد الابواق المأجورة التي خرجت على القانون إذا استمر تجاهل الحكومة لهذا الاعلام الفاسد الذي يرتكب جرائم أمن دولة في تصنيف الشعب الكويتي إلى فئات
وكشفت مصادر حكومية عن نيتها فى تقديم طلب خلال جلسة مجلس الأمة التي ستعقد غدا الثلاثاء، لتخصيص ساعة لمناقشة الموضوع ، وقالت :" إن الحكومة ستقدم تعديلاتها على قانون الاعلام المرئي والمسموع في أقرب وقت ممكن وربما خلال أسابيع إلى المجلس التي تتضمن عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه تعريض الوحدة الوطنية للخطر".
وأشارت إلى أن النواب هم الذين خفضوا مستوى العقوبات في القانون المعمول به حاليا، وهو الأمر الذي "يغل يد الحكومة" في التصرف حيال القنوات الفضائية المخالفة، ويجعل رفع سقف العقوبات أمرا حتميا لتوفير السند القانوني اللازم لأي تحركات مستقبلية.
انزعاج الأسرة الحاكمة
وأكدت مصادر مطلعة، أن عددا من أبناء الأسرة الحاكمة أجروا اتصالات فيما بينهم، عبروا خلالها عن انزعاجهم الشديد مما بثته قناة "السور" من اساءات إلى الأسرة ونقلوا استياءهم إلى كبار الشيوخ ، مشيرة إلى أن بعض الوزراء يعتزمون اتخاذ مواقف جادة، تعبيرا عن استنكارهم للاساءة التى طالت عائلاتهم والمساس بقبائلهم ، وذلك في حال عجزت الحكومة عن بلورة موقف حقيقي وصلب من الاهانات التي طالتهم.
ومن جهة أخرى ، أفادت مصادر مطلعة في وزارة الإعلام بأن الأخيرة قررت خلال اجتماع عقد بحضور عدد من القياديين إحالة قناة "سكوب" إلى النيابة العامة لبثها لقطات من اللقاء المذكور الذي سبق أن بثته قناة غير مرخصة.
وأوضحت المصادر أن إحالة هذه القناة للنيابة ناجمة عن مخالفة قوانين "المرئي والمسموع" وتمزيق الوحدة الوطنية ، ووضع شعار القناة غير المرخصة بدلا عن شعار "سكوب" نفسها.