أعلنت باكستان الثلاثاء 9-12-2008 أنها لن تسلم الهند أيَّ مشتبهٍ بهم في اعتداءات مومباي، بل ستحاكمهم بنفسها عند الضرورة، مؤكدة استعدادها لخوض حرب جديدة إذا قررت نيودلهي شنَّ عملية عسكرية ولو محدودة الأهداف وقامت السلطات الباكستانية الخاضعة منذ السبت لضغوطٍ شديدة من الهندوواشنطن؛ باعتقال 16 شخصًا مرتبطين أو مقربين من حركة عسكر طيبة الإسلامية الباكستانية المحظورة التي تتهمها نيودلهي بتدبير وتنفيذ اعتداءات مومباي. وبين الموقوفين ذكير الرحمن الأخوي، وهو بحسب الهند أحد المخططين الرئيسيين للاعتداءات التي أوقعت 163 قتيلاً. وقال وزير الخارجية الباكستاني شاه محمود قريشي في كلمةٍ ألقاها في مولتان بوسط باكستان إن "هذه التوقيفات تتم في إطار تحقيقنا الخاص، حتى لو ثبتت التهم الهندية في حقهم لن نسلمهم إلى الهند"، وأضاف "سنحاكمهم بأنفسنا بموجب القانون الباكستاني". وسلَّمت الهند إلى باكستان لائحة بأسماء مشتبه بهم تطالب بتسليمهم، مهددة ضمنًا بإجراءات ردّ في حال لم تُلب باكستان هذا الطلب، وسبق أن دارت 3 حروب بين القوتين العسكريتين النوويتين منذ استقلالهما عام 1947. من جانبها تضغط الولاياتالمتحدة على باكستان -حليفتها الأساسية في "الحرب على الإرهاب"- لحملها على التعاون "بشكلٍ تام" مع التحقيق، مع السعي في الوقت نفسه لتهدئة مشاعر الغضب في الهند، مؤكدةً بهذا الصدد أن باكستان التي تتعرض هي نفسها منذ 16 شهرًا لموجةٍ غير مسبوقة من الاعتداءات ستقوم بكل ما ينبغي لمعاقبة المذنبين، وهو ما تعهدت به إسلام أباد مرارًا. يشار إلى أن الصحافة الهندية تتداول منذ عدة أيام شائعات تتحدث عن توجيه الهند ضرباتٍ محددة الأهداف على معسكرات لتدريب المقاتلين الإسلاميين في الجانب الآخر من الحدود؛ في حال لم تتصرف القوات الباكستانية نفسها. وحذر قريشي "إننا لا نريد الحرب، لكننا مستعدون تمامًا في حال فُرضت علينا"، مضيفًا: "إننا نعي مسئولياتنا في الدفاع عن أرضنا". وختم كلمته "هذه رسالة واضحة"، قائلاً "إننا نؤيد الصداقة ونتمسك بالسلام، ونريد الاستقرار للمنطقة، لكن هذا يجب ألا يفسر على أنه ضعف". وهي أول مرة منذ اندلاع الأزمة بين الهندوباكستان عقب اعتداءات مومباي، تتحدث إسلام أباد بهذه النبرة الحازمة. من جانبها رأت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس لدى عودتها من مهمة خاطفة إلى البلدين سعيًا لتهدئة التوتر بينهما، أن الاعتقالات التي جرت في الأيام الأخيرة تشكل "بادرة إيجابية"، بحسب ما صرح المتحدث باسمها شون ماكورماك. كذلك قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض دانيا بيرينو "لا شك أن باكستان قامت بخطوةٍ إيجابيةٍ". ويعتبر الخطر بين البلدين جسيمًا بعد ما كادت تندلع حرب رابعة بين القوتين النوويتين الجارتين بينهما إثر هجومٍ شنته وحدةٌ من المقاتلين الإسلاميين في 13 ديسمبر /كانون الأول 2001 على البرلمان الفدرالي في نيودلهي، واتهمت الهند حركة عسكر طيبة بالوقوف خلفه، ولم يتم تجنب الحرب آنذاك إلا بفضل مساعٍ دبلوماسية أمريكية. إلا أن الوضع حاليًا أكثر خطورة؛ إذ يجمع خبراء المنطقة والدبلوماسيون والعديد من كبار المسئولين الباكستانيين على أنه لا يمكن لأيٍّ من الولاياتالمتحدة أو الهند أو باكستان خوصَ حرب. فالمناطق القبلية شمال غرب باكستان تحولت إلى ملاذٍ لعناصر طالبان والقاعدة، وتمكَّنت واشنطن من حمل إسلام أباد على شنِّ هجومٍ واسع النطاق منذ الصيف الماضي في هذه المنطقة المحاذية لأفغانستان. وحذرت باكستان من أن أدنى تحركٍ عسكري هندي في اتجاه الحدود سيعني تلقائيًا سحبَ قواتها من المناطق القبلية لإعادة نشرها على الحدود الهنديةالباكستانية، ما سيثير استياء الولاياتالمتحدة التي تخوض معارك تزداد ضراوةً ضد متمردي طالبان في أفغانستان.