خيرا وصلت إلى ارض التاريخ والبلاد السعيدة، لقد قرأت عنها كثيرا وكيف ارتبط اسمها في الذاكرة بقصة أصحاب الفيل الذين جاء ذكرهم في القرآن الكريم حين هجم أبرهة الحبشي على مكة محاولا هدم الكعبة، فأهلكه الله بطيور الأبابيل، ترمي جيشه الجرار بحجارة من سجيل، كما جاء ذكر الحق في سورة الفيل. وطئت قدمي على أرضها فأحسست وكأني أمام ارض خرجت من بين الكتب والصور العتيقة، ذهبت برفقة اخونا أبو عبدالله كانت ارواحنا قد التقت في هموم العمل وظلم إدارته، وصلنا بحمدالله إلى مطار صنعاء العاصمة، وأخذنا بعدها سيارة الأجرة التي أقلتنا عبر الزحام إلى الفندق الصغير واتفقت مع أخونا بوعبدالله أن نقيل ساعة، ثم نأخذ غداءنا من أجود مطعم «مندي»، وبعد الساعة قمت ولم أجد صاحبي فاتصلت على هاتفه النقال فوجدته مغلقاً دوما، فجلست انتظره ببهو الفندق احتسي الشاي لوحدي وبعد زمن اطل صاحبي متقلبا بمشيته بادرني بابتسامته التي اخفت أشياء؟ فبادرته بابتسامتي التي اخفت عتبا؟ سارعت بسؤالي اليه: أين كنت، الم نتفق...؟ ولم أكمل العتب حتى أكمل: قلت أتمشى لاكتشف لك المكان فهناك أشياء تستحق التصوير والرسم، يا بوحسين اليمن متحف من الآثار قلت: لا بأس لكن المواعيد في السفر مهمة، حتى لا يختل برنامجنا ويضيع الوقت سدى بين الانتظار والعتب، هيا نبحث عن مطعم ابتسم ابوعبدالله مرة أخرى، فقلت مابك؟ بصراحة لقد جعت أثناء تجوالي ودخلت مطعما وأكلت فأجبته: إذن حكاية التمشي كانت لبطنك، وليس لاكتشاف المكان فعرفت أن صاحبنا «بوبطين» فرمقته بنظرة فرمقني بنظرتين؟ قلت هيا إذن نتمشى، فقال تعال لأدلك الطريق، مشينا في الشارع القريب من البنوك وأخذت المسافة اكثر من كيلوا متر، اقتربنا من زحمة الناس في الشارع وإذا ببوابة اليمن القديمة بلونها الأحمر المغبر أمامي، دخلنا إلى الداخل وإذا بالمنظر العام وكأني أوغلت إلى التاريخ الإسلامي الجميل فها هي البيوت القديمة والازقة الضيقة والمساجد المزخرفة، والناس بملابسهم التقليدية، التي لم تتغير ,أحسست إنني داخل لوحة فنان مستشرق خطت خطوطه وألوانه لمنظر للعمارة الجميلة، التي استخدمت أحجار الجبال فضلاً عن استخدام الآجر أو الطوب الأحمر المحروق... حيث اشتهرت صنعاء القديمة كما يذكر الكاتب احمد الصاوي بمنازلها المتعددة الطبقات، التي قد يصل عددها إلى سبع تبعاً للحالة الاقتصادية والمكانة الاجتماعية لصاحب المنزل، ويستخدم الطابق الأول من منازل المدينة عادة كمخزن يتم فيه الاحتفاظ بالمواد الغذائية وسواها مما يحتاج إليه في الحياة المعيشية، بينما تخصص الطوابق الأخرى للسكن وفق نظام معين، ومن أهم العناصر في البيت اليمني ما يعرف باسم المفرج وهو عبارة عن قاعة فسيحة أشبه «بالمنضرة» يوجد في قمة المنزل من أعلى وفيه فتحات للتهوية والإضاءة ويستخدم المفرج كقاعة استقبال للزوار.