كلُ مُجمعٌ على أن الحوارَ هو الوسيلةُ الوحيدةُ والمُثلى للخروج بالبلد من دائرة التأزيم والاحتقان على الرغم من محاولة البعض واستماتتهم للبقاء في هذه الدائرة . لكن الغريبَ هو أن هؤلاء « الكُل » لم يلتقوا حتى الآن على طاولة واحدة لبلورة الدعوات المتتالية لفخامة الرئيس المُتعلقة بالحوار الوطني ، والأكثر غرابة أن المعنيين بهذه الدعوات لم يدركوا أن الوطن قادمٌ على إجراء الاستحقاق الانتخابي البرلماني المقرر في إبريل القادم وكأنَّ عامل الوقت لا يعنيهم ، ما يثيرُ الكثيرَ من علامات الاستفهام حول التلكؤ والتردد الذي يعتري المشهد ، وبالتالي يقود إلى ما هو أعمق عن الجدية في بلورة تلك الدعوات إلى حقائق يلمسها المواطنون على أرض الواقع بعيداً عن المكايدات والمماحكات التي لا تخدم سوى المتربصين بهذا البلد . لقد أضحى موضوعُ الحوار بين فرقاء العمل السياسي هو الشغل الشاغل لنا جميعاً والأهم منا هم المواطنون البسطاء المتطلعون إلى غد أفضل ومستقبل مشرق للأجيال ، لذلك فقد انبرت جميع الأقلام الوطنية وتوالت الدعوات للسياسيين كي يُبرهنوا أنهم يقودون هذه السفينة التي تحملنا على متنها جميعاً إلى بر الأمان ، إلاّ أن تلك الدعوات والمناشدات مع الأسف لم تلق آذاناً صاغية حتى الآن وكأنَّه لا حياة لمن تنادي. وعلى كل فإنني شخصياً وبالرغم مما ينتابني من شعورٍ مُشابهٍ إلا أن التفاؤل لا يزال متعلقاً بخيوط كبيرة بالذات عقب الخطاب الذي أطلقه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح عشية الاحتفال بأعياد الوحدة المباركة وطوى صفحة الماضي وفتح نافذة واسعة من الوفاق وأسقط كل الرهانات والادعاءات التي يتستر بها البعض ومن أهمها الإفراج عن المعتقلين على ذمة تمرد الحوثي وكذلك الخارجين عن القانون في بعض مديريات المحافظات الجنوبية . والمُهمُ من ذلك كله فإن المطلوبَ من جميع القيادات الحزبية في السلطة والمعارضة ومثلما يلتقون في المناسبات الخاصة كالأعراس والمآتم بالبشاشة والمجاملة أن يلتقوا عند القضايا الوطنية وهم مستشعرون المسؤولية الكاملة الملقاة على عاتقهم. أؤكد أن المتحاورين أمامَ امتحانٍ صعب ، فإما أن يقولوا للشعب : نحن نعمل على تهيئة الأجواء وخلق المناخات المناسبة للبناء والتنمية والتنافس الديمقراطي ، وإما أن يعلنوا فشلهم وضيقهم من أفق الديمقراطية الرحب وهي التي تستدعي من الجميع الإيمان بها وبنتائجها ، بدلا من استثمارها فيما يعرقل المسيرة التنموية ويمهد المسارات المؤدية إلى الفرقة والفوضى.. أخيراً .. أُجددُ الدعوةَ لطرفي المعادلة السياسية بأن يستثمروا هذه الفرصة والأجواء الايجابية وأن يكونوا عند حسن ظن أبناء هذا الشعب بهم ، بالوفاق والاتفاق والتنازل للوطن ، لا بالخلاف والاختلاف ، فلا مهزوم ولا منتصر بيننا ، وأن ينأوا بالمكابرة والعناد جانباً كونهما لن يفضيان إلى أي نتيجة إيجابية ، فالوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك ..