أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يتحمل "المسؤولية الكاملة" عن الطريقة التي تعاملت بها قوات البحرية الإسرائيلية مع سفن قافلة الحرية التي حاولت كسر الحصار المفروض على قطاع غزة، في تراجع واضح عن تحميله وزير دفاعه إيهود باراك مسؤولية الهجوم. وقال بيان صدر اليوم الاثنين عن مكتب نتنياهو إن الأخير يؤكد أنه المسؤول الأول عن الهجوم. وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي أدلى أمام لجنة تيركل للتحقيق في الهجوم على قافلة الحرية بشهادة تنصل فيها من مسؤولية الأحداث محملا إياها وزير دفاعه باراك، الأمر الذي تسبب بصدور انتقادات واسعة ضده من جهات سياسية وإعلامية اتهمته بالتهرب من المسؤولية. وقال نتنياهو في البيان الذي صدر بعد أدلائه بشهادته، إنه كرئيس للحكومة فإن "المسؤولية الكاملة تقع على كاهلي دائما سواء تواجدت في البلاد أو في خارجها وكذا سيكون في هذه الحالة أيضا". وكان نتنياهو قد حمل وزير الفاع ايهود باراك مسؤولية أصدار القرارات الخاصة بالهجوم الذي نفذته قوات البحرية الإسرائيلية نهاية مايو/أيار الماضي ضد قافلة الحرية لكسر الحصار عن قطاع غزة، وقتلت فيه تسعة ناشطين أتراك كانوا على متن السفينة مرمرة، وذلك في معرض شهادته أمام اللجنة الإسرائيلية الخاصة بالتحقيق في الهجوم. وقال نتنياهو إن باراك كان المسؤول الوحيد عن تنفيذ قرار منع قافلة الحرية من الوصول إلى شواطئ القطاع. وأفاد مدير مكتب الجزيرة في القدس وليد العمري بأن نتيناهو اعتبر أن القيادة العسكرية هي التي تدارست البدائل لاستخدام القوة في منع القافلة من الوصول، أما القيادة السياسية فقد اهتمت بالجانب الإعلامي والدبلوماسي. * توجيهات وصلاحيات وأضاف نتنياهو أن القيادة السياسية أصدرت توجيهاتها للجيش بالامتناع قدر الإمكان عن وقوع احتكاكات بين الجنود وركاب قافلة الحرية، مشيرا إلى أن الاتصالات مع مسؤولين كبار في بعض الدول -ومن بينها تركيا- أخفقت في منع القافلة من الانطلاق نحو غزة. وأكد أنه أوكل إلى باراك المسؤولية عن التعامل مع قضية القافلة لدى وجوده آنذاك في رحلة إلى الولاياتالمتحدة، وأنه قد خوله أيضا صلاحية دعوة وزراء الحكومة المصغرة إلى الاجتماع إذا اقتضت الضرورة ذلك. وقال نتنياهو إن المستشار القانوني للحكومة والنائب العسكري العام واكبا جميع النشاطات المتعلقة بهذه القضية لإسداء المشورة القضائية اللازمة. وقد مثل نتنياهو على مرحلتين أمام اللجنة التي وسعت الحكومة الإسرائيلية صلاحياتها بعد ضغط من رئيسها. وكانت المرحلة الأولى علنية بحضور الصحفيين، في حين كانت الثانية سرية. وشكلت إسرائيل لجنة التحقيق هذه في يونيو/حزيران الماضي بعد ردود الفعل التي خلفها هجوم قواتها على قافلة الحرية، وبعد الأزمة الدبلوماسية التي وقعت بينها وبين تركيا بعد هذا الهجوم. وتتكون اللجنة –التي ستستمع غدا إلى باراك وبعد غد إلى رئيس أركان الجيش غابي أشكنازي- من خمسة أعضاء إسرائيليين يرأسهم القاضي المتقاعد يعقوب تركل، وأضيف إليهم مراقبان أجنبيان لا يتمتعان بحق التصويت. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية عن صحيفة هآرتس قولها إن نتنياهو تهرب ما لا يقل عن ست مرات من الرد على أسئلة أعضاء اللجنة في الجلسة العلنية، طالبا الرد عليها في الجلسة المغلقة. * انتقادات وجه حزب كاديما المعارض –الذي تتزعمه وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني- وقياديون في حزب العمل –الذي يتزعمه باراك- انتقادات شديدة لشهادة نتنياهو. ونقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن بيان لكتلة حزب كاديما اليوم الاثنين قوله إنه "في لحظة الحقيقة يقوم نتنياهو بتوزيع التهم على الآخرين"، وأضاف البيان أن أقوال نتنياهو "تثبت أن إسرائيل دولة بدون زعيم وأنه لا توجد قيادة في حكومتها". من جانبه قال عضو الكنيست إيتان كابل من حزب العمل إن رئيس الحكومة لا يمكنه تحميل المسؤولية لجهات تحته، متهما إياه بأنه "لم يستوعب حقيقة أن الشعب في إسرائيل يتوقع منه أن يقود ويحسم، وألا يختبئ خلف الجيش والوزراء". ورغم إلقائه المسؤولية على وزير الدفاع فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي قال إن القوات الإسرائيلية "تصرفت بشكل قانوني" مع سفن قافلة الحرية، مؤكدا أن إسرائيل "فخورة بجنودها". وأضاف "أنا مقتنع بأنه في نهاية تحقيقكم سيصبح واضحا أن دولة إسرائيل وجيش الدفاع الإسرائيلي تصرفا وفقا للقانون الدولي"، مؤكدا أنه لا يستطيع تجاهل "التهديدات التي يواجهها وجود إسرائيل". * تحقيق دولي ويقول الجيش الإسرائيلي إن هجومه على قافلة الحرية جاء دفاعا عن النفس، مدعيا أن بعض المتضامنين الذين كانوا على متن القافلة "إرهابيون" وأنهم هاجموا جنوده، وهو ما ينفيه القائمون على القافلة ويؤكدون أنها كانت تحمل مدنيين وأن الجيش هاجمهم في المياه الدولية. وكان جيش الاحتلال قد أجرى تحقيقا داخليا خلص إلى أنه "رغم بعض الأخطاء التي تم ارتكابها" فإن إطلاق النار على قافلة الحرية "كان مبررا". وفي الأسبوع الماضي أعلن بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة تشكيل لجنة دولية للتحقيق في الهجوم الإسرائيلي، ويتوقع أن تبدأ عملها غدا الثلاثاء وترفع تقريرا أوليا بحلول منتصف سبتمبر/أيلول المقبل. ويرأس اللجنة الدولية رئيس وزراء نيوزيلندا السابق جيفري بالمر، وتضم الرئيس الكولومبي السابق ألفارو أوريبي وعضوين آخرين أحدهما تركي والآخر إسرائيلي.