[email protected] سقطت أسطورة التنظيم الذي لا يُقهر, خصوصاً بعد أن خاض الحوثيون معركة ضد دولتين, أقل أحوال إحداهن أنها تملك أكبر ترسانة أسلحة في المنطقة, ورغم ذلك خرجوا بلا نصر ولا هزيمة, يعني كما يقول البعض (نُصْ نُصْ). ثم بدأت مخالب الحوثيين في البروز أكثر, بل والبطش الشديد, وغرهم ذلك فظنوا أنهم من لا يقهره خصم, ثم سقطت الأسطورة سقوطاً مدوياً في رمال الجوف, و على مشارف دماج, فما سبب تمدد واستقواء القوم من قبلُ. لعلنا في غنىً عن تشقيق الكلام وتطويل المقدمات, سيما وقد جرد المجاهدون أقلامهم فبروا بها جلود القوم حتى صارت عاريةً لكل مبصر, وسأكتفي بإيراد بعض المراجع التي تناولت ظاهرة الحوثية نقداً وتحليلاً لمن أراد المزيد, فمنها كتاب(الزهر والحجر التمرد الشيعي في اليمن) للكاتب: (عادل على نعمان الأحمدي). وكتاب (الظاهرة الحوثية: دراسة منهجية شاملة") للدكتور: ( أحمد محمد الدغشي) وكتاب: (الحرب في صعدة من أول صيحة إلى آخر طلقة, خلفيات وتداعيات الحرب ضد الحركة الحوثية) بجزأيه الأول والثاني لعبدالله محمد الصنعاني وكتاب (الحوثية في اليمن.. الأطماع المذهبية في ظل التحولات الدولية). الصادر عن مركز الجزيرة العربية بصنعاء بالتعاون مع المركز العربي للدراسات الإنسانية بالقاهرة. إلا أن ما وصل إليه التمدد الحوثي لم يكن نتيجة أو سبب عامل واحد أو ذاتي فقط, فقد اختلط وساعد في ذلك عوامل وأسباب كثيرة, بدءاً من الطاعة العمياء, والجغرافيا المساندة, إلى أخطاء المناوئين, وصفقات السياسة, ومن فساد النظام وإهمال البلد, إلى التدخل الخارجي, فهناك عوامل خارجية, وأخرى داخلية, ومنها الذاتي, ومنها ما هو من أسباب غير ذاتيه, ولعلي في هذه السلسلة أجلي بعضاً منها وأجيب عن بعض التساؤلات والتي طالما كانت حديث السمار كيف؟ وما السبب؟, أولاً: العوامل الذاتية: 1- الطاعة المطلقة للسيد طبيعة الشعب اليمني أنه شعب طاعة, صح الخبر بذلك في الكتاب والسنة, وصدقه الواقع بالدلائل والشواهد, ففي القرآن يقول أهل سبأ لملكتهم, {قَالُوا نَحْنُ أُوْلُوا قُوَّةٍ وَأُولُوا بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ }النمل33 ومن السنة النبوية عن عقبة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « أهل اليمن أرق قلوبا وألين أفئدة وأنجع طاعة » أخرجه الروياني في مسنده (1 / 260) وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة (4 / 377) وقصة إسلام أهل اليمن خير شاهدٍ على ذلك, حيث كان إيمانُهم بالرسالة عن طريق الرسالة. وفي الواقع ترى كيف يسير مشايخ القبائل وعلماء الدين بالناس, ولا يعترض عليهم أحد, ويجدون الطاعة المطلقة والرءوس المنحنية, حتى صار الناس يتداولون الأمثال في ذلك ومنها المثل السائر (صلوا على النبي يا عبيده قالوا: لاما يجي محسن) يعني حتى الصلاة على النبي لابد من أمر الشيخ فيها, ومحسن هو شيخ قبيلتهم, فما بالك إذا كان القائد يملك السلطة القبلية والروحية كسيدي حسين( S H) ومما يقال في السياسة ( أن مَنْ يملك المال يملك النفوذ, ومَنْ يملك المال والقوة يملك نفوذاً أكثر, ومَنْ يملك المال والقوة ويفتي يملك الطاعة المطلقة), هو ما ينطبق على حالة الحوثيين مائة بالمائة. من يرى المقابلات التي أجريت مع بعض منتسبيهم يهوله عمى قلوبهم, حتى أن أحدهم يقول: في مقابلة شهيرة لما قيل له ما هو دليلك, فقال: سيدي حسين يقول: قيل له: لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: كذا, فقال: هم سوا هم سوا, سيدي حسين ورسول الله سوا, فمن أهم العوامل الذاتية لاستبسال القوم طاعة السيد, والاستماع لما يقول: على أنه عين اليقين, ولا ينبغي الشك أو التردد في تصديق قوله: أو الاعتراض على أمره, ومن ذلك تراه يلعب بهم من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار, فلما قيل لبعضهم لماذا رجعتم تتحالفوا مع الرئيس الذي كنتم تقاتلونه وتكفرونه فقال سيدي قال: {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا }الأنفال61 حتى أنه لم ينسب القول لله بل للسيد. وقد ذكر بعض الكتاب أن الأئمة عندما كانوا يقاتلون الأتراك يقولون: لأتباعهم إن الأتراك من الأوربيين الكفار, وإذا أبرموا المعاهدات وتصالحوا معهم, قالوا لهم: أنهم أسلموا ودخلوا في ديننا, ومن هنا تجد أن هذه الطاعة المطلقة شكلت وقوداً حيا لمعارك السيد, على مراحلها الست, فما أن يصيح صائح الحرب إلا وتجدهم يلبون السيد المطاع ولسان حالهم وهل أنا إلا من غزية إن غوت ***** غويت وإن ترشد غزية أرشد وقد سمعت منشدهم حين يقول: ويش ذنب حسين وابن البدر غالي ***** ذنبه القرآن ولا الهاشمية يا نجوم الليل في سود الليالي ***** يا كواكب يا قمر يا شمس حية والله إن حسين وابن البدر غالي ***** كلنا نفداه واحنا له فدية إذاً هم النجوم والكواكب و هم الشمس والقمر, والجميع فداءٌ للسيد المطاع, بل إن قصة الشعار لتدل دلالة واضحة على مدى التبعية تلك, ولعلي أعرض لها بالتفصيل في فقرةٍ أخرى, وإلا فمن يفسر لي ( الموت لأمريكا الموت لإسرائيل, اللعنة على اليهود ). والقتل والحصار والتنكيل في ( دماج ) و( الجوف ) و( صعدة ). هل غير عمى الطاعة جعلهم يصدقون شعار الأب الروحي؟ أم أن القوم كلهم على ذات الشاكلة من المكر والخداع؟ وما أظن...... وللكلام بقية فإلى الملتقى.