مجلس النواب يدعم خطاب قائد الثورة بشأن التحركات الصهيونية المعادية في المنطقة    صنعاء تحتضن أول بطولة لكرة القدم لمبتوري الأطراف من جرحى الحرب    اجتماع حكومي بصنعاء يناقش برنامج التحول إلى السيارات الكهربائية    لوحات طلابية تجسد فلسطين واليمن في المعرض التشكيلي الرابع    بن حبريش يختزل حضرموت: "ما أريكم إلا ما أرى".. نزعة فرعنة تشق الصف الحضرمي    الاتحاد البرلماني العربي يؤكد على ضرورة انهاء معاناة اليمنيين وصون وحدة البلاد    وزارة الشؤون القانونية وحقوق الإنسان تنفي وجود أي انتهاكات في حضرموت والمهرة    الصين تدعو إلى التمسك بسيادة اليمن ووحدة وسلامة أراضيه    تحذير أمريكي: تحولات شرق اليمن تهدد التهدئة وتفتح الباب لصراع إقليمي    الأرصاد يتوقع حدوث الصقيع على أجزاء محدودة من المرتفعات    بدء إجراءات صرف مرتبات موظفي الدولة لشهر نوفمبر وفق "الآلية الاستثنائية"    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع خمس كيانات مصرفية    إدارة أمن عدن تكشف حقيقة قضية الفتاة أبرار رضوان وتفند شائعات الاختطاف    الكثيري: تظاهرات سيئون تفويض شعبي للقوات الجنوبية    قراءة تحليلية لنص "من بوحي لهيفاء" ل"أحمد سيف حاشد"    بسبب جنى الأرباح.. هبوط جماعي لأسعار المعادن    المنتخبات المتأهلة إلى ثمن نهائي كأس الأمم الأفريقية 2025    احتجاجات واسعة في مقديشو تنديدًا باعتراف العدو الصهيوني بإقليم أرض الصومال    عاجل: مصرع القيادي الإرهابي رويس الرويمي وخمسة من عناصر القاعدة في عملية أمنية بحضرموت    الشرعية حين تتحول من مبدأ قانوني إلى أداة تعطيل    نائب وزير العدل يتفقد تجهيز مقرات المحاكم الابتدائية المنشأة حديثًا بأمانة العاصمة    وزارة الصحة: العدوان استهدف 542 منشأة صحية وحرم 20 مليون يمني من الرعاية الطبية    حمداً لله على السلامة    الإفراج عن 108 سجناء من الحديدة بمناسبة جمعة رجب    خلال تدشينه مشروع التحول الإلكتروني لصندوق التقاعد الأمني .. اللواء المرتضى: المتقاعدون يستحقون الاهتمام فقد أفنوا سنوات طويلة في خدمة الوطن    المركز التنفيذي للتعامل مع الألغام ينفذ عمليات واسعة لإتلاف مخلفات العدوان بمحافظة الجوف    هل يهزم ابن زايد بن سلمان ويتسبب بقسمة تركة الرجل المريض؟    إيمان الهوية وهوية الإيمان    تكريم البروفيسور محمد الشرجبي في ختام المؤتمر العالمي الرابع عشر لجراحة التجميل بموسكو    مرض الفشل الكلوي (34)    حين يكون الإيمان هوية يكون اليمن نموذجا    الهوية والوعي في مواجهة الاستكبار    الدكتور هادي دلول أستاذ العلاقات الدولية والمستشار في الفيزياء النووية في طهران:نبارك اتفاق إطلاق الأسرى في اليمن وتنفيذه متوقف على مصداقية الطرف الآخر والتزامه    الطبيب الخزان يشكو ما تعرض له في مبنى قضائي بصنعاء للنائب العام    فلسطين الوطن البشارة    العليمي يشن الحروب على الجنوب لحماية سرقاته لنفط شبوة وحضرموت    المكلا حضرموت ينفرد بصدارة المجموعة الثالثة بدوري الدرجة الثانية لكرة القدم    منذ أكثر من شهر.. مليشيا الحوثي تمنع دخول عشرات الشاحنات المحملة بمادة الأخشاب    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة غدا لبحث الاعتراف الإسرائيلي ب"أرض الصومال"    خفر السواحل تحذر من السباحة قبالة سواحل عدن وأبين وشبوة    المحرّمي يطّلع على سير العمل في المؤسسة العامة للاتصالات وخططها المستقبلية    نيجيريا تسقط تونس في مباراة مثيرة وتبلغ ثمن نهائي كأس أمم إفريقيا    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    رشاد العليمي يسهل لنجله عبدالحافظ سرقة نفط حضرموت    محمد صلاح يواصل تحطيم الأرقام القياسية في «كأس أمم إفريقيا»    الصحفي المهتم بقضايا الناس وانشطة الصحافة الثقافية عبدالعزيز الويز    قراءة تحليلية لنص «صدمة استقبلتها بقهقهة» ل"أحمد سيف حاشد"    دوري روشن السعودي: اتحاد جدة يهزم الشباب بثنائية نظيفة    اكتشاف آثار حضارة متطورة في باكستان    ضربة بداية منافسات بطولة كأس العالم للشطرنج السريع والخاطف قطر 2025    اتحاد حضرموت بحافظ على صدارة المجموعة الثانية بدوري الدرجة الثانية    ما علاقة ضوء الشمس بداء السكري.. نصيحة للمصابين    العطاس: نخب اليمن واللطميات المبالغ فيها بشأن حضرموت"    الكشف عن عدد باصات النساء في صنعاء    الكتابُ.. ذلكَ المجهول    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تقارير عن ثورة التغيير (1): الأسبوع الدامي للثورة الشعبية.. وصالح في خطى معمر

الأسبوع الدامي للثورة الشعبية.. وصالح في خطى معمر / إعداد/ مركز الجزيرة العربية للدراسات والبحوث
في 19 مارس، وعقب مجزرة دموية كبيرة ارتكبتها قوات الأمن المركزي وجهات أمنية أخرى بحق المعتصمين بساحة التغيير بصنعاء، سقط ضحيتها أكثر من 50 قتيلا، وأكثر من 200 مصاب حالة بعضهم خطرة، أعلن الرئيس علي عبدالله صالح عن إعلان حالة الطوارئ في أول بادرة من نوعها في الجمهورية اليمنية منذ عام 1990م.
وينص الدستور اليمني في
مادته رقم (119) المتعلقة باختصاصات رئيس الجمهورية –في الفقرة 17- على (إعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة وفقاً للقانون)؛ وتوضح المادة (121) ذلك بالقول: "يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ بقرار جمهوري على الوجه المبين في القانون ويجب دعوة مجلس النواب لعرض هذا الإعلان عليه خلال السبعة الأيام التالية للإعلان، فإذا كان مجلس النواب منحلا ينعقد المجلس القديم بحُكم الدستور، فإذا لم يُدْعَ المجلس للانعقاد أو لم تُعْرَض عليه في حالة انعقاده على النحو السابق، زالت حالة الطوارئ بحكم الدستور. وفي جميع الأحوال لا تعلن حالة الطوارئ إلا بسبب قيام الحرب أو الفتنة الداخلية أو الكوارث الطبيعية، ولا يكون إعلان حالة الطوارئ إلا لمدة محدودة ولا يجوز مدها إلا بوافقة مجلس النواب".
وهذه الخطوة الاستباقية كانت متوقعة من قبل، فقد نقلت وكالة (رويترز) –في 12/3- عن مسئول يمني كبير قوله: إن الرئيس صالح سيعلن قريباً عن حالة الطوارئ في البلاد. حيث شهد الأسبوع الماضي تصعيدا على كافة المستويات وفي ميادين المطالبة بسقوط النظام ورحيل صالح.
ففي 12 مارس جرى مواجهة المعتصمين والمتظاهرين في عدد من المدن والمحافظات، وذلك بإطلاق النار الحي والمباشر، وقنابل سامة وأخرى مسيلة للدموع. ففي عدن سقط 3 قتلى وأصيب 12 آخرون بجروح في مواجهات مع قوات الأمن المركزي. وفي المكلا تصدت قوات الآمن المركزي لمظاهرة طلابية بمنطقة (فوه)، بالرصاص الحي ومسيلات الدموع، ما أدى إلى مقتل أحد الطلاب المشاركين في المسيرة.
كما سقط في تعز ما يقارب 10 جرحى نتيجة مواجهة مع قوات أمن صدت المتظاهرين من الوصول إلى مبنى المحافظة بعد مسيرة احتجاجية على ما جرى من مذبحة في صنعاء؛ فيما عزل الرئيس صالح اللواء عبدالإله القاضي –من قبيلة سنحان التي ينتمي إليها صالح- إثر امتناعه عن استخدام الجيش للتصدي للمحتجين.
وما جرى يوم الجمعة -12 مارس- بصنعاء كان تحولا جذريا في طبيعة التعامل مع المعتصمين، فقد هاجمت قوى الأمن المركزي مع عدد من (البلاطجة) المأجورين من الحزب الحاكم ساحة التغيير، مستخدمة قنابل سامة ومحرمة دولياً -وفقا لمصادر طبية مختلفة، بالإضافة إلى إطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع، وهو ما أسفر عن مقتل شخصين، وإصابة أكثر من 1000 آخرين؛ وتبع ذلك هجوم آخر في 13 مارس ما أدى إلى إصابة ما يقارب 70 شخصا.
في 13 مارس، سقط بمحافظة تعز 7 جرحى –كانت حالة اثنين منهم خطرة- نتيجة مهاجمة البلاطجة لمظاهرة طلابية سلمية في مديرية المعافر تحديدا. وشهدت عدن سقوط أربعة قتلى وجرح ما لا يقل عن 19 آخرين. وفي الجوف قامت مسيرة شبابية بالتوجه نحو المجمع الحكومي, وقاموا بالاستيلاء عليه بعد مواجهة مع قوى الأمن فيه, سقط فيها 13 شخصا كانت جراح بعضهم خطيرة؛ كما قامت عناصر قبلية بالهجوم على معسكر المصلوب وقامت بقتل أربعة جنود ونهب كافة محتويات المعسكر, في ذات المحافظة. في هذه الأثناء وعقب سقوط المجمع الحكومي في يد المتظاهرين أصدر الرئيس صالح قرارا أقال فيه قائد اللواء 115 ميكا المرابط في محافظة الجوف, على خلفية رفضه توجيهات عليا باستخدام القوة ضد المواطنين المسيطرين على المجمع الحكومي.
في 14 مارس، تعرض المتظاهرون الذين قصدوا مبنى المحافظة بمدينة مأرب إلى إطلاق رصاص حي من قبل المحافظ ومرافقين له وقوات الأمن المركزي التي كانت قريبة من موقع الحدث، ما أدى إلى إصابة 42 شخصا 6 منهم في حالة خطرة؛ فيما أصيب محافظ مأرب العميد ناجي بن علي الزايدي بجراح خطيرة في رقبته.
في 15 مارس، شهدت عدن استقالة ست مجالس محلية في كل من: خورمكسر والمنصورة والمعلا والتواهي والشيخ عثمان ودارسعد, احتجاجاً على استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين؛ وشهدت المكلا مصادمات هي الأعنف بين المتظاهرين وقوات الأمن، وأدت لسقوط جرحى. في الوقت ذاته فُجِّر أنبوب للنفط من قبل رجال قبيلة (آل شبوان) بمحافظة مأرب، على خلفية مطالبة القبيلة بالكشف عن قتل أحد أبنائها، وهو نائب محافظ محافظة مأرب السابق عن طريق غارة جوية. وفي محافظة ذمار، جرى نقل مئات من الجنود من معسكري الحرس الجمهوري بمنطقتي (سماه) و(يريم) إلى مدينة ذمار، حيث عززت القوى الأمنية من وجودها على أسطح المنازل المحيطة بساحة التغيير بالأسلحة والقناصات. وأطلقت مجموعة مسلحة النار على المعتصمين من سيارات تحمل عددا من (البلاطجة) لكن لم يرد ذكر أي إصابات.
في 16 مارس، وجه الرئيس صالح بنزول قوة عسكرية كبيرة لمحافظة الجوف، بهدف استرجاع المجمع الحكومي الذي سقط بأيدي المتظاهرين في وقت سابق. من جهتها توعدت قبائل الجوف ومأرب نظام صالح في حال استخدم القوة العسكرية ضد أبنائهم, مؤكدة أنه في حال صدور قرار من هذا النوع فإن النظام يفتح على نفسه "أبواب الجحيم". وفي الحديدة، هاجم عدد من (البلاطجة) مدعومين بقوات من الأمن المركزي ساحة (حديقة الشعب)، واعتدوا على المعتصمين، مستخدمين الرصاص الحي وقنابل سامة ومسيلة للدموع وطلقات مطاطية وخناجر وعصي، ما أدى إلى إصابة أكثر من 200 شخص, حالة 30 منهم خطرة.
في 17 مارس، هاجم عدد من (البلاطجة) وقوات من الأمن المركزي ساحة التغيير بصنعاء ليلا, مستخدمين الرصاص الحي وقنابل سامة ومسيلة للدموع، ما أدى إلى إصابة ما لا يقل عن 14 شخصا, أصيب أكثرهم بحالة اختناق.
في 18 مارس، اندلعت اشتباكات عنيفة بين متظاهرين توجهوا لحماية طالبات في إحدى المدارس أثناء توجههن لساحة الحرية, وآخرين يقولون إنهم يحمون المدرسة من الاعتداء, ما أسفر عن سقوط أكثر من 150 جريحا بين متوسطة وخفيفة, جراء إلقاء الحجارة واستنشاق الغاز المسيل للدموع أثناء تدخل قوات الأمن وقوات مكافحة الشغب ومحاولتها الفصل بين الطرفين.
وفي هذه الأثناء كانت الدول الغربية لا تزال تحافظ على موقعها الرمادي من الأزمة باستمرارها في دعوة طرفي العملية السياسية، السلطة وأحزاب اللقاء المشترك، إلى الحوار. ففي 12 مارس دعا السفير الأمريكي في صنعاء إلى إعادة الحوار بين الرئيس صالح والمعارضة، محذرا من خطر نشوب حرب أهلية في اليمن.. وقال "جيرالد فيرشتاين" للصحافيين: "قلقنا منذ البداية هو خطر تزايد أعمال العنف بين الجانبين كل يوم في غياب الحوار والتفاوض"، مضيفا بأن "انعدام الأمن والاستقرار سيساعد القاعدة والمجموعات المتطرفة الأخرى".
وهذا التصريح من السفير يأتي بعد أن أعربت سفارة الولايات المتحدة عن أسفها الشديد من وقوع قتلى وجرحى في مظاهرات صنعاء وعدن وتعز والمكلا خلال الأسبوع الماضي. مؤكدة في بيان لها أن موقفها كان واضحاً بأن الحل الوحيد للمأزق السياسي الراهن لجميع الأطراف المعنية هو الدخول في عملية حوار وتفاوض، كما سبق للبيت الأبيض أن دعا جميع الأطراف في الساحة اليمنية إلى الالتزام بالانخراط في عملية علنية وشفافة، تعالج الهموم المشروعة للشعب اليمني، وتوفر مساراً منظماً نحو بلد أكثر قوة و ازدهارا -بحسب البيان. وحمل البيان الحكومة والمعارضة "مسؤولية مشتركة في التوصل إلى حل سلمي للازمة".
من جهته وصف "مارتن داي" -المتحدث باسم الحكومة البريطانية- مطالب الشعب اليمني بتنحي الرئيس صالح بالمشروعة، وأشار -في لقاء صحفي بمبنى السفارة البريطانية بقطر في 15 مارس- إلى أنه حث جميع الأطراف في المعارضة والحكومة اليمنية على ضرورة الانخراط في حوار حقيقي يؤدي لتلبية المطالب المشروعة للشعب اليمني- حسب ما أورده موقع صحيفة الشرق القطرية.
هذا برغم الحديث عن نية مبيتة لدى السلطة بسحق المظاهرات السلمية، كما جاء في بيان صادر عن اللجنة الإعلامية للثورة الشبابية الشعبية بصنعاء –في 13 مارس، والذي أشار إلى أن صالح أكد -خلال لقاء خاص جمعه بسفراء بعض الدول في صنعاء أواخر الأسبوع الماضي: أنه "سيقمع المتظاهرين بالقوة إذا لم يستجيبوا لمبادرته".
هذه النية لدى النظام الحاكم جاءت مدعومة برغبة إقليمية من قبل السعودية بإيقاف مد التسونامي الشعبي المطالب بالتغيير، الذي بات على أبوابها. فقد نقل موقع التجديد نيوز، في 17/3/2011م، عن مصدر عربي رفيع توضيحه بأن الباخرة السعودية التي رست بميناء عدن وأفرغت حمولتها العسكرية كانت قادمة من إسرائيل. وذكر المصدر -الذي فضل عدم الكشف عن اسمه- أن الباخرة جاءت ضمن صفقة حصلت عليها السعودية واليمن من إسرائيل عبر الوسيط الأردني. وأشار المصدر إلى أن هذا التسلح هو بمثابة تصعيد للأزمة في المنطقة العربية ومنطقة الخليج ودخول المنطقة في حالة من الاحتقان.
وكان موقع "التجديد نيوز" كشف في 13 مارس عن وصول باخرة سعودية إلى ميناء عدن، محملة ب 45 مدرعة و30 مصفحة؛ يرافقها وفد عسكري سعودي برئاسة العقيد مسكر عبدالرحمن الحارثي الملحق العسكري بالسفارة السعودية بصنعاء، بالإضافة إلى كل من المقدم يوسف عبدالرحمن الطاسان والمقدم محمد عبدالعزيز العجاجي والمساعد محمد سعيد القحطاني مرافق الملحق العسكري.
من جهتها كانت عدد من الدول بينها الولايات المتحدة وبريطانيا بتحذير رعاياها من البقاء في اليمن أو زيارتها، ومؤخرا وفي 14 مارس أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية عن طلب حكومة فرنسا رعاياها المقيمين -والزائرين- في اليمن، والذين لا يملكون دوافع ملزمة للبقاء، "مغادرة البلاد مؤقتا، في أسرع وقت"، نظرا "للتدهور السريع للوضع الأمني في البلاد"، و"الذي يتميز بالمواجهات التي تزداد عنفا" –حسب بيان للوزارة على موقعها.
لقد شجع الموقف الأمريكي والأوروبي الداعم لمبادرة صالح والداعي إلى عودة الحوار بين السلطة والمعارضة، منذ اللحظات الأولى لانطلاق الثورة الشعبية، الرئيس صالح على استخدام القوة والعنف في قمع المعتصمين والمتظاهرين، وإن بصورة وحشية كما هو حاصل في ليبيا. تقول "بولين بيكر" -رئيسة صندوق السلام، بواشنطن: إن الهجمات على مخيمات المحتجين المعتصمين في صنعاء يوم السبت لم يكن رمزيا، بل مقدمة لما يمكن أن يأتي، بما في ذلك "نوعية القمع الوحشي الذي لجأ إليه الزعيم الليبي معمر القذافي"؛ وتضيف: "اليمن من أضعف الدول في المنطقة، وإذا استمر العنف ستكون النتيجة انهيار الدولة وليس فقط تغيير النظام".
وما ذكرته بيكر صحيح، فعلى الرغم من أن صالح لا يزال يعتمد على دعم أقاربه، وقيادات أمنية وعسكرية، وبعض مشائخ القبائل ورجال الأعمال والشخصيات الحزبية في المؤتمر الشعبي العام، إلا أن سقوط عدد من القتلى والجرحى بالصورة الحاصلة على أرض الواقع سيدفع بالكثير إلى تبديل مواقفهم –كما بدا واضحا في إعلان عدد من نواب المؤتمر وقياداته والوزراء عن تقديم استقالاتهم من الحزب أو مواقعهم الوظيفية في الدولة.
وهكذا فإن عمليات إراقة الدماء لن تدع للرئيس صالح خيارا سوى الاستمرار في سحق ثورة الشعب حتى ينتصر على المتظاهرين والمعتصمين، ومن ثمَّ دخول البلاد في دوامة من العنف والاحتراب. وهذا التوجه سيكون مرفوضا من كثير من القوى السياسية والاجتماعية والدينية.
وهذه التطورات في تعامل النظام مع المعتصمين والمتظاهرين يأتي عقب أنباء أفادت في 13 مارس عن تلقي أمن مطار صنعاء الدولي أوامر رئاسية عليا بحضر سفر أي مسئول دون الرجوع لمكتب رئاسة الجمهورية، حتى وإن كان يحمل تأشيرة وزارة الخارجية، ويشمل ذلك أصحاب المهام الدبلوماسية؛ في الوقت الذي تتحدث فيه الأنباء عن إرسال الرئيس صالح لعدد من أفراد عائلته إلى خارج البلاد، حيث أفادت مصادر أمريكية -في 15 مارس- بأن حفيد الرئيس صالح -ابن ابنته- كنعان يحيى محمد عبدالله صالح قدَّم طلبا للجوء السياسي إلى الولايات المتحدة التي يوجد بها حاليا. وذكرت المصادر أن طلب اللجوء تزامن مع إجراءات أقدم عليها المذكور في الولايات المتحدة تمثلت بنقل استثمارات عقارية من ملكية والده وجده وأخواله إلى ملكيته الشخصية.
كما أكدت مصادر صحفية أن كثيرا من قيادات الصف الأول والمساعدين والإعلاميين المقربين من الرئيس قاموا بترتيبات كثيرة -منذ سقوط بن علي- سواء فيما يخص نقل الأموال أو العائلات إلى خارج اليمن. ومن ذلك ما ذكره الصحفي علي الجرادي ل(الجزيرة نت) من: "استصدار جوازات سفر عادية بدلا من الدبلوماسية، واستخراج جوازات سفر بأسماء وهمية لبعض القيادات العليا ولعائلاتها إلى جانب سحب بعض الأموال من البنوك اليمنية وقيام بعضها الآخر بسحب أموال من البنوك الأوروبية تحسبا لتجميدها".
وقد سبق عدوان الجمعة -19 مارس- توجيه قيادة وزارة الداخلية إدارات الأمن بالمحافظات وأمانة العاصمة ومختلف الأجهزة الأمنية بتوفير الحماية الأمنية اللازمة لتأمين المنشاءات الحيوية والمرافق الحكومية الهامة الموجودة في كل محافظة، وتأكيدها على ضرورة مراجعة الإجراءات والتدابير الأمنية المتخذة لحماية المرافق بصورة دائمة والتعقيب المستمر على العناصر الأمنية المكلفة بحمايتها. وشددت التوجيهات على أهمية رفع اليقظة الأمنية في مختلف المحافظات لمواجهة كافة الاحتمالات الممكنة، وبما يحافظ على السلم الأهلي والأمن والاستقرار في المحافظات.
كما سبقه مغادرة شركات النفط العاملة في مأرب اليمن، موجهة كافة الشركات المقاولة معها بترحيل جميع الموظفين فيها خارج البلاد.
وحاليا، هناك انتشار أمني كثيف في شوارع عدد من المدن, ونزول لعدد من المدرعات والمصفحات في الطرق ومداخل المدن الرئيسية، وحالة من الاستنفار في أجهزة الحرس الجمهوري والأمن المركزي والأمن القومي والقوات الخاصة؛ وتشديد أمني حول المقر الرئيسي للجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام والفضائية اليمنية.
وفيما باتت السلطات اليمنية ترحل مراسلي وسائل الإعلام العربية والأجنبية, أعربت نقابة الصحفيين عن تخوفها من توجه السلطة إلى تضييق الخناق على الصحفيين بما يساعدها على ارتكاب جرائمها خارج دائرة الضوء.
وتتهم منظمات حقوقية وشبابية وشخصيات طبية مجاميع من (البلاطجة) وسيارات تابعة للأمن المركزي باقتحام عدد من المستشفيات الحكومية والأهلية، والتي يجري إسعاف الجرحى ونقل القتلى إليها من ساحة التغيير، واختطافهم منها، في محاولة –حسب تعبيرها- لطمس ملامح الجرائم التي ترتكب في حق المدنيين المعتصمين.
والخلاصة حسب توقعات تقرير صادر عن مركز (شرق- غرب جيوبولتيك الإسلام) في صوفيا، منتصف الشهر الجاري، أن اليمن ستصبح "دولة فاشلة مثل الصومال، على خلفية تدهور أوضاعه إلى الأسوأ"، وأكد التقرير أن من الصعب سقوط على صالح من دون تطورين أساسيين هما: خروج الجيش عن طاعته، وإجماع قبيلة حاشد على ضرورة رحيله، مشيرا إلى أن هذا لن يتحقق إلا مع توفر حالتين: الأولى "دفع الإدارة الأمريكية ودعمها لمثل هذا السيناريو"، والثانية "إقرار السعودية بأن تلعب حاشد دورا حاسما في التغيير، لاسيما وأن هذه القبيلة ترتبط بصلات سياسية ومالية ومعنوية كبيرة مع السعودية"..
وهذا خلاف توجهات السعودية المضاد للثورات وتقاعس الولايات المتحدة عمليا عن تقديم أي عون للشعوب كما هو حاصل في ليبيا!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.