ازمة الانتقالي الشراكة مع الأعداء التاريخيين للجنوب العربي الأرض والإنسان    الانتقالي الجنوبي ثمرة نضالات طويلة وعنوان قضية شعب    فخامة الرئيس بن مبارك صاحب القدرة العنكبوتية على تحديد الضحية والالتفاف    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    كرة القدم تُلهم الجنون: اقتحامات نهائي دوري أبطال أوروبا تُظهر شغف المُشجعين    كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    تجدد مواجهة مصيرية بين سكان صنعاء و الحوثيين    ما خطورة قرارات مركزي عدن بإلغاء العملة القديمة على مناطق سيطرة الحوثيين؟.. باحث اقتصادي يجيب    "إنهم خطرون".. مسؤول أمريكي يكشف نقاط القوة لدى الحوثيين ومصير العمليات بالبحر الأحمر    "لماذا اليمن في شقاء وتخلف"...ضاحي خلفان يُطلق النار على الحوثيين    غدر به الحوثيون بعدما كاد أن ينهي حرب اليمن.. من هو ولي العهد الكويتي الجديد؟    عيدروس الزُبيدي يصدر قراراً بتعيينات جديدة في الانتقالي    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    ضربة موجعة للحوثيين على حدود تعز والحديدة بفضل بسالة القوات المشتركة    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    مشهد رونالدو مع الأمير محمد بن سلمان يشعل منصات التواصل بالسعودية    تنديد حقوقي بأوامر الإعدام الحوثية بحق 44 مدنياً    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    سلم منه نسخة لمكتب ممثل الامم المتحدة لليمن في الاردن ومكتب العليمي    صندق النقد الدولي يعلن التوصل لاتفاق مع اوكرانيا لتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.2 مليار دولار    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    بوروسيا دورتموند الطموح في مواجهة نارية مع ريال مدريد    المنتخب الوطني يواصل تدريباته المكثفة بمعسكره الداخلي استعدادا لبطولة غرب آسيا للشباب    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    شاهد: مقتل 10 أشخاص في حادث تصادم مروع بالحديدة    تسجيل ثاني حالة وفاة إثر موجة الحر التي تعيشها عدن بالتزامن مع انقطاع الكهرباء    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    براندت: لا احد يفتقد لجود بيلينغهام    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    بسبب خلافات على حسابات مالية.. اختطاف مواطن على يد خصمه وتحرك عاجل للأجهزة الأمنية    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    قتلى في غارات امريكية على صنعاء والحديدة    الامتحانات.. وبوابة العبور    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    جزءٌ من الوحدة، وجزءٌ من الإنفصال    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأسبوع الدامي للثورة الشعبية صالح في خطى معمر.. واليمن تتجه نحو نفق مظلم

في 19 مارس، وعقب مجزرة دموية كبيرة ارتكبتها قوات الأمن المركزي وجهات أمنية أخرى بحق المعتصمين بساحة التغيير بصنعاء، سقط ضحيتها أكثر من 50 قتيلا، وأكثر من 200 مصاب حالة بعضهم خطرة، أعلن الرئيس علي عبدالله صالح عن إعلان
حالة الطوارئ في أول بادرة من نوعها في الجمهورية اليمنية منذ عام 1990م.
وينص الدستور اليمني في مادته رقم (119) المتعلقة باختصاصات رئيس الجمهورية –في الفقرة 17- على (إعلان حالة الطوارئ والتعبئة العامة وفقاً للقانون)؛ وتوضح
المادة (121) ذلك بالقول: "يعلن رئيس الجمهورية حالة الطوارئ بقرار جمهوري على الوجه المبين في القانون ويجب دعوة مجلس النواب لعرض هذا الإعلان عليه خلال السبعة الأيام التالية للإعلان، فإذا كان مجلس النواب منحلا ينعقد المجلس القديم بحُكم الدستور، فإذا لم يُدْعَ المجلس للانعقاد أو لم تُعْرَض عليه في حالة انعقاده على النحو السابق، زالت حالة الطوارئ بحكم الدستور. وفي جميع الأحوال لا تعلن حالة الطوارئ إلا بسبب قيام الحرب أو الفتنة الداخلية أو الكوارث الطبيعية، ولا يكون إعلان حالة الطوارئ إلا لمدة محدودة ولا يجوز مدها إلا بوافقة مجلس النواب".
وهذه الخطوة الاستباقية كانت متوقعة من قبل، فقد نقلت وكالة (رويترز) –في 12/3- عن مسئول يمني كبير قوله: إن الرئيس صالح سيعلن قريباً عن حالة الطوارئ في البلاد. حيث شهد الأسبوع الماضي تصعيدا على كافة المستويات وفي ميادين المطالبة بسقوط النظام ورحيل صالح.
ففي 12 مارس جرى مواجهة المعتصمين والمتظاهرين في عدد من المدن والمحافظات، وذلك بإطلاق النار الحي والمباشر، وقنابل سامة وأخرى مسيلة للدموع. ففي عدن سقط 3 قتلى وأصيب 12 آخرون بجروح في مواجهات مع قوات الأمن المركزي. وفي المكلا تصدت قوات الآمن المركزي لمظاهرة طلابية بمنطقة (فوه)، بالرصاص الحي ومسيلات الدموع، ما أدى إلى مقتل أحد الطلاب المشاركين في المسيرة.
كما سقط في تعز ما يقارب 10 جرحى نتيجة مواجهة مع قوات أمن صدت المتظاهرين من الوصول إلى مبنى المحافظة بعد مسيرة احتجاجية على ما جرى من مذبحة في صنعاء؛ فيما عزل الرئيس صالح اللواء عبدالإله القاضي –من قبيلة سنحان التي ينتمي إليها صالح- إثر امتناعه عن استخدام الجيش للتصدي للمحتجين.
وما جرى يوم الجمعة -12 مارس- بصنعاء كان تحولا جذريا في طبيعة التعامل مع المعتصمين، فقد هاجمت قوى الأمن المركزي مع عدد من (البلاطجة) المأجورين من الحزب الحاكم ساحة التغيير، مستخدمة قنابل سامة ومحرمة دولياً -وفقا لمصادر طبية مختلفة، بالإضافة إلى إطلاق الرصاص الحي والقنابل المسيلة للدموع، وهو ما أسفر عن مقتل شخصين، وإصابة أكثر من 1000 آخرين؛ وتبع ذلك هجوم آخر في 13 مارس ما أدى إلى إصابة ما يقارب 70 شخصا.
في 13 مارس، سقط بمحافظة تعز 7 جرحى –كانت حالة اثنين منهم خطرة- نتيجة مهاجمة البلاطجة لمظاهرة طلابية سلمية في مديرية المعافر تحديدا. وشهدت عدن سقوط أربعة قتلى وجرح ما لا يقل عن 19 آخرين. وفي الجوف قامت مسيرة شبابية بالتوجه نحو المجمع الحكومي, وقاموا بالاستيلاء عليه بعد مواجهة مع قوى الأمن فيه, سقط فيها 13 شخصا كانت جراح بعضهم خطيرة؛ كما قامت عناصر قبلية بالهجوم على معسكر المصلوب وقامت بقتل أربعة جنود ونهب كافة محتويات المعسكر, في ذات المحافظة. في هذه الأثناء وعقب سقوط المجمع الحكومي في يد المتظاهرين أصدر الرئيس صالح قرارا أقال فيه قائد اللواء 115 ميكا المرابط في محافظة الجوف, على خلفية رفضه توجيهات عليا باستخدام القوة ضد المواطنين المسيطرين على المجمع الحكومي.
في 14 مارس، تعرض المتظاهرون الذين قصدوا مبنى المحافظة بمدينة مأرب إلى إطلاق رصاص حي من قبل المحافظ ومرافقين له وقوات الأمن المركزي التي كانت قريبة من موقع الحدث، ما أدى إلى إصابة 42 شخصا 6 منهم في حالة خطرة؛ فيما أصيب محافظ مأرب العميد ناجي بن علي الزايدي بجراح خطيرة في رقبته.
في 15 مارس، شهدت عدن استقالة ست مجالس محلية في كل من: خورمكسر والمنصورة والمعلا والتواهي والشيخ عثمان ودارسعد, احتجاجاً على استخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين؛ وشهدت المكلا مصادمات هي الأعنف بين المتظاهرين وقوات الأمن، وأدت لسقوط جرحى. في الوقت ذاته فُجِّر أنبوب للنفط من قبل رجال قبيلة (آل شبوان) بمحافظة مأرب، على خلفية مطالبة القبيلة بالكشف عن قتل أحد أبنائها، وهو نائب محافظ محافظة مأرب السابق عن طريق غارة جوية. وفي محافظة ذمار، جرى نقل مئات من الجنود من معسكري الحرس الجمهوري بمنطقتي (سماه) و(يريم) إلى مدينة ذمار، حيث عززت القوى الأمنية من وجودها على أسطح المنازل المحيطة بساحة التغيير بالأسلحة والقناصات. وأطلقت مجموعة مسلحة النار على المعتصمين من سيارات تحمل عددا من (البلاطجة) لكن لم يرد ذكر أي إصابات.
في 16 مارس، وجه الرئيس صالح بنزول قوة عسكرية كبيرة لمحافظة الجوف، بهدف استرجاع المجمع الحكومي الذي سقط بأيدي المتظاهرين في وقت سابق. من جهتها توعدت قبائل الجوف ومأرب نظام صالح في حال استخدم القوة العسكرية ضد أبنائهم, مؤكدة أنه في حال صدور قرار من هذا النوع فإن النظام يفتح على نفسه "أبواب الجحيم". وفي الحديدة، هاجم عدد من البلاطجة مدعومين بقوات من الأمن المركزي ساحة (حديقة الشعب)، واعتدوا على المعتصمين، مستخدمين الرصاص الحي وقنابل سامة ومسيلة للدموع وطلقات مطاطية وخناجر وعصي، ما أدى إلى إصابة أكثر من 200 شخص, حالة 30 منهم خطرة.
في 17 مارس، هاجم عدد من البلاطجة وقوات من الأمن المركزي ساحة التغيير بصنعاء ليلا, مستخدمين الرصاص الحي وقنابل سامة ومسيلة للدموع، ما أدى إلى إصابة ما لا يقل عن 14 شخصا, أصيب أكثرهم بحالة اختناق.
في 18 مارس، اندلعت اشتباكات عنيفة بين متظاهرين توجهوا لحماية طالبات في إحدى المدارس أثناء توجههن لساحة الحرية, وآخرين يقولون إنهم يحمون المدرسة من الاعتداء, ما أسفر عن سقوط أكثر من 150 جريحا بين متوسطة وخفيفة, جراء إلقاء الحجارة واستنشاق الغاز المسيل للدموع أثناء تدخل قوات الأمن وقوات مكافحة الشغب ومحاولتها الفصل بين الطرفين.
في هذه الأثناء لا تزال الدول الغربية تحافظ على موقعها الرمادي من الأزمة باستمرارها في دعوة طرفي العملية السياسية، السلطة وأحزاب اللقاء المشترك، إلى الحوار. ففي 12 مارس دعا السفير الأمريكي في صنعاء إلى إعادة الحوار بين الرئيس صالح والمعارضة، محذرا من خطر نشوب حرب أهلية في اليمن.. وقال "جيرالد فيرشتاين" للصحافيين: "قلقنا منذ البداية هو خطر تزايد أعمال العنف بين الجانبين كل يوم في غياب الحوار والتفاوض"، مضيفا بأن "انعدام الأمن والاستقرار سيساعد القاعدة والمجموعات المتطرفة الأخرى".
وهذا التصريح من السفير يأتي بعد أن أعربت سفارة الولايات المتحدة عن أسفها الشديد من وقوع قتلى وجرحى في مظاهرات صنعاء وعدن وتعز والمكلا خلال الأسبوع الماضي. مؤكدة في بيان لها أن موقفها كان واضحاً بأن الحل الوحيد للمأزق السياسي الراهن لجميع الأطراف المعنية هو الدخول في عملية حوار وتفاوض، كما سبق للبيت الأبيض أن دعا جميع الأطراف في الساحة اليمنية إلى الالتزام بالانخراط في عملية علنية وشفافة، تعالج الهموم المشروعة للشعب اليمني، وتوفر مساراً منظماً نحو بلد أكثر قوة و ازدهارا -بحسب البيان. وحمل البيان الحكومة والمعارضة "مسؤولية مشتركة في التوصل إلى حل سلمي للازمة".
من جهته وصف "مارتن داي" -المتحدث باسم الحكومة البريطانية- مطالب الشعب اليمني بتنحي الرئيس صالح بالمشروعة، وأشار -في لقاء صحفي بمبنى السفارة البريطانية بقطر في 15 مارس- إلى أنه حث جميع الأطراف في المعارضة والحكومة اليمنية على ضرورة الانخراط في حوار حقيقي يؤدي لتلبية المطالب المشروعة للشعب اليمني- حسب ما أورده موقع صحيفة الشرق القطرية.
هذا برغم الحديث عن نية مبيتة لدى السلطة بسحق المظاهرات السلمية، كما جاء في بيان صادر عن اللجنة الإعلامية للثورة الشبابية الشعبية بصنعاء –في 13 مارس، والذي أشار إلى أن صالح أكد -خلال لقاء خاص جمعه بسفراء بعض الدول في صنعاء أواخر الأسبوع الماضي: أنه "سيقمع المتظاهرين بالقوة إذا لم يستجيبوا لمبادرته".
هذه النية لدى النظام الحاكم جاءت مدعومة برغبة إقليمية من قبل السعودية بإيقاف مد التسونامي الشعبي المطالب بالتغيير، الذي بات على أبوابها. فقد نقل موقع التجديد نيوز، في 17/3/2011م، عن مصدر عربي رفيع توضيحه بأن الباخرة السعودية التي رست بميناء عدن وأفرغت حمولتها العسكرية كانت قادمة من إسرائيل. وذكر المصدر -الذي فضل عدم الكشف عن اسمه- أن الباخرة جاءت ضمن صفقة حصلت عليها السعودية واليمن من إسرائيل عبر الوسيط الأردني. وأشار المصدر إلى أن هذا التسلح هو بمثابة تصعيد للأزمة في المنطقة العربية ومنطقة الخليج ودخول المنطقة في حالة من الاحتقان.
وكان موقع "التجديد نيوز" كشف في 13 مارس عن وصول باخرة سعودية إلى ميناء عدن، محملة ب 45 مدرعة و30 مصفحة؛ يرافقها وفد عسكري سعودي برئاسة العقيد مسكر عبدالرحمن الحارثي الملحق العسكري بالسفارة السعودية بصنعاء، بالإضافة إلى كل من المقدم يوسف عبدالرحمن الطاسان والمقدم محمد عبدالعزيز العجاجي والمساعد محمد سعيد القحطاني مرافق الملحق العسكري.
من جهتها كانت عدد من الدول بينها الولايات المتحدة وبريطانيا بتحذير رعاياها من البقاء في اليمن أو زيارتها، ومؤخرا وفي 14 مارس أعلنت وزارة الخارجية الفرنسية عن طلب حكومة فرنسا رعاياها المقيمين -والزائرين- في اليمن، والذين لا يملكون دوافع ملزمة للبقاء، "مغادرة البلاد مؤقتا، في أسرع وقت"، نظرا "للتدهور السريع للوضع الأمني في البلاد"، و"الذي يتميز بالمواجهات التي تزداد عنفا" –حسب بيان للوزارة على موقعها.
لقد شجع الموقف الأمريكي والأوروبي الداعم لمبادرة صالح والداعي إلى عودة الحوار بين السلطة والمعارضة، منذ اللحظات الأولى لانطلاق الثورة الشعبية، الرئيس صالح على استخدام القوة والعنف في قمع المعتصمين والمتظاهرين، وإن بصورة وحشية كما هو حاصل في ليبيا. تقول "بولين بيكر" -رئيسة صندوق السلام، بواشنطن: إن الهجمات على مخيمات المحتجين المعتصمين في صنعاء يوم السبت لم يكن رمزيا، بل مقدمة لما يمكن أن يأتي، بما في ذلك "نوعية القمع الوحشي الذي لجأ إليه الزعيم الليبي معمر القذافي"؛ وتضيف: "اليمن من أضعف الدول في المنطقة، وإذا استمر العنف ستكون النتيجة انهيار الدولة وليس فقط تغيير النظام".
وما ذكرته بيكر صحيح، فعلى الرغم من أن صالح لا يزال يعتمد على دعم أقاربه، وقيادات أمنية وعسكرية، وبعض مشائخ القبائل ورجال الأعمال والشخصيات الحزبية في المؤتمر الشعبي العام، إلا أن سقوط عدد من القتلى والجرحى بالصورة الحاصلة على أرض الواقع سيدفع بالكثير إلى تبديل مواقفهم –كما بدا واضحا في إعلان عدد من نواب المؤتمر وقياداته والوزراء عن تقديم استقالاتهم من الحزب أو مواقعهم الوظيفية في الدولة.
وهكذا فإن عمليات إراقة الدماء لن تدع للرئيس صالح خيارا سوى الاستمرار في سحق ثورة الشعب حتى ينتصر على المتظاهرين والمعتصمين، ومن ثمَّ دخول البلاد في دوامة من العنف والاحتراب. وهذا التوجه سيكون مرفوضا من كثير من القوى السياسية والاجتماعية والدينية.
وهذه التطورات في تعامل النظام مع المعتصمين والمتظاهرين يأتي عقب أنباء أفادت في 13 مارس عن تلقي أمن مطار صنعاء الدولي أوامر رئاسية عليا بحضر سفر أي مسئول دون الرجوع لمكتب رئاسة الجمهورية، حتى وإن كان يحمل تأشيرة وزارة الخارجية، ويشمل ذلك أصحاب المهام الدبلوماسية؛ في الوقت الذي تتحدث فيه الأنباء عن إرسال الرئيس صالح لعدد من أفراد عائلته إلى خارج البلاد، حيث أفادت مصادر أمريكية -في 15 مارس- بأن حفيد الرئيس صالح -ابن ابنته- كنعان يحيى محمد عبدالله صالح قدَّم طلبا للجوء السياسي إلى الولايات المتحدة التي يوجد بها حاليا. وذكرت المصادر أن طلب اللجوء تزامن مع إجراءات أقدم عليها المذكور في الولايات المتحدة تمثلت بنقل استثمارات عقارية من ملكية والده وجده وأخواله إلى ملكيته الشخصية.[1]
كما أكدت مصادر صحفية أن كثيرا من قيادات الصف الأول والمساعدين والإعلاميين المقربين من الرئيس قاموا بترتيبات كثيرة -منذ سقوط بن علي- سواء فيما يخص نقل الأموال أو العائلات إلى خارج اليمن. ومن ذلك ما ذكره الصحفي علي الجرادي ل(الجزيرة نت) من: "استصدار جوازات سفر عادية بدلا من الدبلوماسية، واستخراج جوازات سفر بأسماء وهمية لبعض القيادات العليا ولعائلاتها إلى جانب سحب بعض الأموال من البنوك اليمنية وقيام بعضها الآخر بسحب أموال من البنوك الأوروبية تحسبا لتجميدها".
وقد سبق عدوان الجمعة -19 مارس- توجيه قيادة وزارة الداخلية إدارات الأمن بالمحافظات وأمانة العاصمة ومختلف الأجهزة الأمنية بتوفير الحماية الأمنية اللازمة لتأمين المنشاءات الحيوية والمرافق الحكومية الهامة الموجودة في كل محافظة، وتأكيدها على ضرورة مراجعة الإجراءات والتدابير الأمنية المتخذة لحماية المرافق بصورة دائمة والتعقيب المستمر على العناصر الأمنية المكلفة بحمايتها. وشددت التوجيهات على أهمية رفع اليقظة الأمنية في مختلف المحافظات لمواجهة كافة الاحتمالات الممكنة، وبما يحافظ على السلم الأهلي والأمن والاستقرار في المحافظات.
كما سبقه مغادرة شركات النفط العاملة في مأرب اليمن، موجهة كافة الشركات المقاولة معها بترحيل جميع الموظفين فيها خارج البلاد.[2]
وحاليا، هناك انتشار أمني كثيف في شوارع عدد من المدن, ونزول لعدد من المدرعات والمصفحات في الطرق ومداخل المدن الرئيسية، وحالة من الاستنفار في أجهزة الحرس الجمهوري والأمن المركزي والأمن القومي والقوات الخاصة؛ وتشديد أمني حول المقر الرئيسي للجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام والفضائية اليمنية.
وفيما باتت السلطات اليمنية ترحل مراسلي وسائل الإعلام العربية والأجنبية, أعربت نقابة الصحفيين عن تخوفها من توجه السلطة إلى تضييق الخناق على الصحفيين بما يساعدها على ارتكاب جرائمها خارج دائرة الضوء.
وتتهم منظمات حقوقية وشبابية وشخصيات طبية مجاميع من البلاطجة وسيارات تابعة للأمن المركزي باقتحام عدد من المستشفيات الحكومية والأهلية، والتي يجري إسعاف الجرحى ونقل القتلى إليها من ساحة التغيير، واختطافهم منها، في محاولة –حسب تعبيرها- لطمس ملامح الجرائم التي ترتكب في حق المدنيين المعتصمين.
والخلاصة حسب توقعات تقرير صادر عن مركز (شرق- غرب جيوبولتيك الإسلام) في صوفيا، منتصف الشهر الجاري، أن اليمن ستصبح "دولة فاشلة مثل الصومال، على خلفية تدهور أوضاعه إلى الأسوأ"، وأكد التقرير أن من الصعب سقوط على صالح من دون تطورين أساسيين هما: خروج الجيش عن طاعته، وإجماع قبيلة حاشد على ضرورة رحيله، مشيرا إلى أن هذا لن يتحقق إلا مع توفر حالتين: الأولى "دفع الإدارة الأمريكية ودعمها لمثل هذا السيناريو"، والثانية "إقرار السعودية بأن تلعب حاشد دورا حاسما في التغيير، لاسيما وأن هذه القبيلة ترتبط بصلات سياسية ومالية ومعنوية كبيرة مع السعودية"..
وهذا خلاف توجهات السعودية المضاد للثورات وتقاعس الولايات المتحدة عمليا عن تقديم أي عون للشعوب كما هو حاصل في ليبيا!
[1] تتحدث تقديرات أجنبية عن أن ثروة الرئيس صالح -بمفرده من غير عائلته- تتفاوت بين 40 و50 مليار دولار.
[2] في 18 مارس فجر مجهولون أنبوبا للنفط تضخ عبره شركة (أوكسي) الأمريكية ما لا يقل عن 15 ألف برميل يومياً باتجاه شركة جنة هنت بمنطقة جنة وادي بيحان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.