حاوره: ثابت الأحمدي قال إن هناك من يرفعون أصواتهم ضد قانون العدالة الانتقالية إما لمشاريع خاصة وصغيرة أو لعدم إدراك طبيعة القانون وزير الشئون القانونية الدكتور محمد المخلافي يؤكد في حوار مع “الجمهورية” أن العدالة الانتقالية تأتي في سياق العملية السياسية وإن الإخلال بالقانون إخلال بحق المجتمع وخطر عليه.. ^^.. مرحبا بك معالي الوزير في هذا الحوار، وبداية ما جديدكم بشأن مشروع قانون العدالة الانتقالية؟ مشروع قانون العدالة الانتقالية كان يفترض أن تتم مناقشته ويتم إقراره في آخر اجتماع لمجلس الوزراء يوم الثلاثاء الماضي، لكن تبين أن هناك أطرافا تسعى إلى إعاقة إصدار القانون ولأسباب قد تكون مختلفة ومتباينة، وبسبب هذه الإعاقة أعيد إلى اللجنة من جديد.. ^^.. ما هي هذه الجهة؟ مع الأسف هذه الأطراف هي من الأطراف المعنية بالعملية السياسية، وهي أيضا ملزمة بقانون العدالة الانتقالية كما قامت بإقرار قانون الحصانة من الملاحقات القضائية والقانونية.. ^^.. ماذا يريد هذا الطرف تحديدا؟ هناك أسباب مختلفة، وسأتحدث بصراحة ووضوح، هناك شخصيات من المؤتمر الشعبي العام أو التي تتبع المؤتمر الشعبي العام لديها أحلام غير واقعية، بعض هؤلاء يعتقدون أن عجلة التاريخ سوف تعود للوراء وأنهم سيستعيدون زمام الحكم، وبالتالي لا يريدون أن يقدموا اعترافا بضحايا الصراعات السياسية، سواء ضحايا الثورة السلمية، أو ضحايا حرب 94م، أو ضحايا الحراك الجنوبي السلمي، في إطار هذا الحلم الوهمي يعتقدون أنهم سوف يعودون من جديد لممارسة الاستبداد ولمحاكمة هؤلاء الضحايا أيضا!! وهذا الحلم أفصح عنه أحد الوزراء من أتباع المؤتمر، أما الأطراف الأخرى فهناك من لم يتفهم سياق العملية السياسية التي أنقذت اليمن من كارثة وشيكة ربما نتيجة لشعورهم بالغبن مما لحق بهم من جنايات جسيمة أيا كانت، ولم يفرقوا بين هذا القانون ومهامه وما قد صدر من عفو، هذا القانون بالأصل هو معني بإنصاف الضحايا، وبالتالي فإنه لا يمنع أهالي الضحايا من اللجوء إلى القضاء.. كما أن هنالك من لا يرغب بالعفو ولا بالعملية السياسية ومخرجاتها وبالتالي يقع الخلط بين الأوراق هنا. وهذا الأمر ناتج عن عدم معرفة أن العملية السياسية لم تعد بيد من وقعوا عليها وأن هذه العملية مدعومة داخليا ودوليا، ومحاولة إعاقتها ستكون فاشلة في كل الحالات. أحب أن أشير أيضا أن ثمة شخصيات ممن يعارضون القانون لديهم حسابات خاصة بحتة، البعض منهم لهم اهتمامات أو نشاطات حقوقية يريد مواصلة العمل من خلال هذه القضايا.. ^^.. بما أن هناك من يحاول إعاقة المسار، هل ثمة ردود أفعال من أطراف إقليمية أو دولية تجاه هؤلاء، لاسيما والعملية مرتبطة بهم إلى حد كبير؟ الحقيقة ربما أن هذه الإعاقة لا تزال على طريقة ما يسمى “الضرب تحت الحزام” وإذا استمرت فستجعل الأطراف المعنية تقف في مواجهة من يعرقل ذلك، وأنا من وجهة نظري أن على الجميع أن يتعلم من الثورة، مثلما يجب على البعض الأخر أن يتعلم منها العفو والصفح لأن من انتصر في الماضي ونكل بخصمه هو نفسه اليوم المطلوب للتنكيل به!! وبالتالي فالغلبة تتبعها غلبة أخرى! ^^.. لنعد إلى فكرة مبدأ العدالة الانتقالية من أساسها؟ مبدأ العدالة الانتقالية متعلق بتجربة حديثة وهي التجربة المتصلة بفترات الانتقال، الانتقال من التسلط إلى الديمقراطية ، ومن الصراعات الدامية إلى السلم، هذه العملية تهيئ المجتمع للتفاوض، وتهيئه للتصالح والانتقال للعملية الديمقراطية شفيت جروح المجتمع ممن تضرروا من الاستبداد أو ممن تضرروا من الصراعات والحروب والمواجهات الدامية، وهي معروفة من خلال عناصرها الأربعة: العدالة الجنائية، والكشف عن الحقيقة، وجبر الضرر، ثم تخليد الذاكرة الوطنية أو الجماعية، ومن هنا يجري الإعداد لعمل مستقبلي تحدد نهاية لكل تلك الانتهاكات. العدالة الجنائية طبقت في بعض البلدان ولم تطبق في البعض الآخر، مثلا المغرب أو تشيلي لم تطبق فيها، وفي بلدان أخرى اشترط للعفو من العدالة الجنائية الاعتراف من قبل المشتبه بهم بانتهاكهم للحقوق، نحن في اليمن العملية اقتضت العملية السياسية أن يتم العفو وبالتالي هذا القانون ليس له علاقة بمسألة من له الحق في اللجوء إلى القضاء، وإنما هناك قانون آخر مر وتم التصويت عليه وصار قانونا، وهو قانون الحصانة من الملاحقة القضائية والقانونية. ^^..هل أفهم أن هذه العملية هي الوجه الآخر لما يسمى في التشريع الفقهي بالبغي السياسي الذي تحدث عنه الفقهاء قديما ووضعوا له التشريعات الخاصة به؟ أستطيع أن أقول إن هذا تجسيد لموضوع العفو والصفح وربما أن من يعود إلى تاريخ الإسلام سيجد أول انتصار حقيقي لهذا المبدأ كان في فتح مكة، من خلال الصفح والعفو “اذهبوا فأنتم الطلقاء” ووجد في كل الأديان والحضارات والحكمة اقتضت إيجاد آليات جديدة..مع أن العدالة الانتقالية اليوم تنصف الضحايا على نفقة الدولة والخزينة العامة.. ^^..عفوا دكتور إلى جانب ما يترتب على مبدأ: “اذهبوا فأنتم الطلقاء” هناك شخصيات مستثناة في العملية أمر الرسول بإهدار دمهم في الحل والحرم حتى ولو تعلقوا بأستار الكعبة كما تذكر الروايات التاريخية وأخبار المحدثين؟ كان ذلك عفوا وصفحا دون إكراه على أحد، نحن في اليمن وقفنا أمام مسئولية حماية المجتمع والكيان الوطني من الانهيار وهو أغلى وأكبر من أن نقتص لهذا أو لذاك، وهي ضرورة لا أعتقد أنها خافية على أحد، هي ضرورة تستحق التضحية من أجلها، التضحية في سبيل السلام خير من أن نضحي بالسلام وبالكيان الوطني. ^^.. طيب يادكتور كيف يمكن أن نحدد الفرق بين مفهوم العدالة الانتقالية وفقا لمشروع القانون الذي أنتم بصدده وبين مفهوم العدالة العادية أمام القضاء؟ طبعا العدالة المكفولة أمام القضاء تعني طرفين الجاني والضحية، هذه العدالة تعني أن الدولة هي التي تقوم بجبر ضرر الضحايا وتتحمل مسئولية السلام الاجتماعي من خلال الكشف عن الحقيقة وفي هذا إشفاء لجروح الضحايا وأهاليهم، فيه خبرة للأجيال للقادمة التي يجب ألا تكرر هذه المأساة، هناك أيضا الجبر المعنوي وهو الاعتذار باسم الدولة للضحايا وأهاليهم عما جرى بحقهم، وهو اعتذار للمجتمع بشكل عام، الدولة تتحمل في المستقبل منع أسباب تكرار أية عملية من هذا النوع من المآسي كأسباب احتكار السلطة والثروة وهي من أولى اهتماماتها، وأن تعمل على تحقيق العدالة للمجتمع حتى لا يعود الناس إلى الصراع من جديد. ^^..ماذا عمن لم يرض بهذا القانون؟ أقول بوضح، قانون العدالة الانتقالية لا يحول دون مطالبة الناس بحقوقهم، هذا القانون لا يمنع اللجوء إلى القضاء. ^^.. وأيضا لا يمنع من محاكمة الجناة؟ إذا استطاع الجناة أن ينفذوا من خلال قانون الحصانة فهذا القانون لا يمنع. ^^.. ماذا يعني إذن قانون الحصانة السياسية؟ أولا اسمه قانون الحصانة من الملاحقات القضائية والقانونية، وهذا القانون على نوعين، النوع الأول: الحصانة الكاملة من المساءلة وهذه مقتصرة فقط على الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وهناك عفو لمن عمل معه خلال فترة حكمه، هذا العفو محدد بشروط واضحة، لكن الناس لم يقرأوه، حيث أن هذا العفو هو عفو من الملاحقات الجنائية، بمعنى أن الباب مفتوح لمن أراد أن يرفع دعاوى إدارية أو مدنية، هذا الأمر الأول، الثاني: هذا العفو يقتصر على من ارتكبوا جنايات أثناء أدائهم لوظائفهم، وارتكبوها أيضا بسبب الصراعات السياسية أو الدوافع السياسية، وفيما عدا ذلك لا ينطبق عليه القانون، للأسف هناك ممن يرفعون الصوت حاليا ضد قانون العدالة الانتقالية إما لمشاريع خاصة وصغيرة أو لعدم إدراك طبيعة هذا القانون طبيعة القانون و الآخر “العفو” . ذلك القانون أتى في سياق العملية السياسية، وعلى العملية السياسية أن تستمر وألا تخل هذه الأطراف بالتزاماتها تجاه العملية، وهذا القانون يأتي في هذا السياق، والإخلال به هو إخلال بحق المجتمع ويمثل خطرا له. ^^.. ما دام وأن هذا القانون لا يمنع التقاضي من أي طرف لم يرض بالقانون ما قيمة هذا القانون الذي منح للجناة؟ أنت سألتني عن أصحاب الحقوق وليس الأطراف، الأطراف هناك نص أسقط حقها في الملاحقة. وهذا ليس إفراغا للمحتوى كما ذكرت.. ^^.. هل سنسمع منكم أنتم في الحكومة الكشف عن الجناة والقتلة بناء على القانون الذي نتكلم عنه؟ نحن ارتضينا أن تكون هناك عملية متكاملة وجزء منها العملية الانتقالية، وهذه العملية الانتقالية لم تنط بالحكومة، هي منوطة بمؤسسة مستقلة عن الحكومة، منوطة بهيئة الإنصاف والمصالحة. وهي التي تقوم بالكشف عن الحقيقة، وهذه الهيئة يجب أن يثق فيها الجميع لأنها مستقلة عن الحكومة وموازنتها كذلك مستقلة.. ^^.. من يشكل هذه الهيئة؟ بغض النظر عمن سيشكلها، هذه الهيئة لها استقلالية وسيكون لها شخصية اعتبارية وذمة مالية مستقلة عن الحكومة، شأنها شأن مجلس النواب، الحكومة فقط ستقدم موازنة الهيئة رقما واحداً كما مقدمتها الهيئة ويشترط في أعضاء الهيئة الثقة والاستقلال، هذه العوامل مجتمعة تعني بأن هذه الهيئة ستقوم بعملها بصورة مستقلة، بعكس لو قامت الحكومة بالكشف عن الجناة، وبالتالي يجب على كل الأطراف ألا تخشى هذه الهيئة لأنها ستقول الحقيقة، وأنا أقول: ربما هناك من سيقبل بهذا القانون لكنه سيتحفظ على الكشف عن الحقيقة، وعدم الكشف عن الحقيقة يعني الإسقاط لقانون العدالة الانتقالية. وهذا القانون هو رهان استقرار البلد وتجاوزه لمعضلاته خلال الفترة القادمة. ^^.. ما يشترطه قانون العدالة الانتقالية كما هو معروف أنه إلى جانب الاعتراف بالجنايات يجب طلب العفو من الضحايا وأهاليهم أيضا؟ أريدك أنت أن تفهمني أولا، قلت سابقا إن تجارب العدالة الانتقالية متنوعة بحسب الضرورات الوطنية التي تمليها الظروف.. ^^.. سنبدو أمام قانون خاص في اليمن غير قوانين العالم المعروفة في هذا الجانب؟ لا.. لا.. ليس هناك التفاف على أحد، فقط أنا قلت إن هذا القانون جاء في سياق عملية سياسية، وفي سياق التزام الأطراف التي قبلت بذلك، ولم يعد ثمة خيار، لا لي ولا لك. مصلحة الوطن هي التي تتغلب على كل الخيارات بالنهاية. هناك بلدان مثل جنوب أفريقيا، كان اشتراط العفو حاصلا، لكن في تشيلي لم يكن هذا حاصلا، بل كانت هناك حصانة مستقبلية “سياسية” فالرئيس”بينوشيه” حصل على حصانة هو ومن معه حتى توفي. ^^.. طبعا حصانة داخلية، ولما خرج إلى لندن حصل له ما حصل؟ نعم داخلية، أما دولية هذا موضوع آخر. فيما يتعلق باليمن نحن نتحدث عن تجربتها وسياقها، قانون الحصانة قدم العفو سلفا ومن ثم لم يعد واردا مساءلة الجناة جنائيا وفقا لقانون الحصانة. ^^.. إذن كيف سيتم الكشف عن الحقيقة والأمر هكذا؟ الكشف عن الحقيقة سيتم من خلال الاستماع إلى الضحايا أو أهالي الضحايا يمكن أن يكون علنيا، وإذا لم يرغب الضحايا أن يكون علنيا من حقهم أن يكون غير علني، ثانيا: سيجري الاستماع للشهود، ثالثا: الهيئة معنية بإجراء التحقيق الشامل في كل الوقائع التي تستوجب معرفة خلفياتها، هنا سيأتي الاعتذار وسيكون من مسئولي الدولة القائمين عليها حاليا، قد يكون من رئيس الدولة أو من رئيس الوزراء، أو من بعض الوزراء في الجهات ذات العلاقة. ^^.. هل أفهم من كلامك أنه سيتم تكييف القانون وفقا للخصوصية اليمنية؟ وفقا لشروط العملية السياسية في اليمن، وهي شروط جاءت للضرورة اليمنية، التي جرى التعامل معها من قبل الإقليم والمجتمع الدولي بصورة إيجابية وأنا أقول: إننا اليوم أمام فرصة تاريخية لم تتوفر لليمن قبل ذلك في المصالحة والانتقال للعملية الديمقراطية الجديدة. ^^.. الشيخ سلطان البركاني الأمين العام المساعد للمؤتمر قال إن الرئيس ومن معه غير محتاجين لمثل هذا القانون؟ من حصلوا على قانون الحصانة غير محتاجين بالفعل لقانون العدالة الانتقالية، لأن قانون العدالة الانتقالية للضحايا، ولإنصافهم وسبق وأن أشرت أن هناك من لا يريد أن يتم تفعيل هذا القانون لأن هذا القانون يعترف بالثورة ويعترف بحقوق الضحايا ويدعو إلى تعويضهم والاعتذار لهم والكشف عن حقيقة ما جرى لهم. وما جرى أيضا للضحايا السابقين كضحايا حرب 94م، وضحايا الحراك السلمي في الجنوب وغيره، وأيضا هذا القانون اشتمل على ضمانات للمستقبل، فمن يحلمون أنهم سيعودون إلى وضعهم السابق فإنهم بالتأكيد غير محتاجين لهذا القانون. لما ضمنوا عدم ملاحقة صاروا يعتقدون أنهم ليسوا بحاجة إلى السلام وإلى المصالحة الوطنية. وهناك قوانين لاحقة تؤكد عدم تكرار ما حصل في الماضي واقتراح تدابير ملزمة لإزالة الأسباب التي أدت إلى هذا الصراع الذي أدى إلى هذه الانتهاكات.. ^^.. هناك شخصيات كبيرة في الدولة يقال إنه لم يتم الكشف عن أسمائهم حتى الآن وهم متورطون في عمليات جنائية وقتل؟ سيجري التركيز على إيجاد سجل وطني للضحايا يكون لنا ولأبنائنا، هذا السجل سيظهر من خلال الكشف عن الحقيقة وعن ممارسة الأجهزة التي أدى تركيبها الحالي إلى مثل هذه الانتهاكات، وسيجري إعادة النظر في هيكلة هذه الأجهزة، وهذا أمر متروك للهيئة الخاصة بالكشف عن الضحايا ومعرفة الجناة. ^^.. هذا جواب سياسي خالص، وأنا أسألك بوضوح أكثر كما سنشهد سجلا وطنيا بالضحايا هل سنشهد سجلا آخر بالجناة والقتلة؟ “يضحك” جوابي السابق ليس سياسيا وإنما الإجابة هي في حدود ما أراه مفيدا، فإذا لم أجب على ما تريده أنت فاعتبر ذلك إجابة، وفسر تلك الإجابة كما تريد. ^^.. ما حكم من لم يرض بهذا القانون أو خالفه خاصة من الطرف المتهم أو من النظام السابق؟ بطبيعة الحال، عملية المصالحة هي عملية مستمرة ولا يمكن تصور دائرة نهائية لعملية المصالحة سلفا، أعتقد بأن اليمنيين مدركون لطبيعة الوضع الذي نعيش فيه، عملية المصالحة السياسية يهيئ لها في الأصل قانون العدالة الانتقالية، وهي المصالحة الجوهرية التي ستوفر لليمن استقراره مستقبلا وستوفر له الانتقال الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة، وهذا هو أنسب الحلول للصراع في اليمن. سيكون هناك مؤتمر وطني وسيجري الحوار فيه وبالتالي إذا كانت هناك مسائل لم يعالجها هذا القانون ستعالجها قوانين مستقبلية أخرى. وعندي قناعة تامة أن كل من أراد التغيير سيقبل بالعملية السياسية وإن كان ثمة ظلم هنا أو هناك، سيقبل الضحايا بالنتيجة التي ترضي كل اليمنيين وتحقق المصلحة العامة للوطن، إذا كانت هنالك أطراف لا يرغبون بالعملية السياسية بالمطلق فهذا من شأنهم ولن يجبرهم أحد على غير ذلك. ^^..قانون الحصانة السياسية هل سيشمل شخصيات من المعارضة أيضا؟ الحقيقة من حيث النص فالنص يقول بكل من عملوا مع علي عبدالله صالح، ولكن من حيث الجوهر والمضمون لا يجوز أن يكون هناك عفو على سبيل التمييز، العفو سيطال الكل. ^^.. ما هي الأسس الدستورية التي تستند إليها قوانينكم هذه الأخيرة؟ أولا الدستور يقر بحقوق الإنسان، ويقر بالوفاق الوطني وليس هناك ما يتعارض مع الدستور في القوانين التي تشير إليها وهناك الإعلان العالمي للتسامح وطبعا مبدأ التسامح لا يعني إسقاط الحقوق، بل يعني القبول بحقوق الآخرين وبالوفاق الوطني والمصالحة الوطنية. ولدينا وثائق خاصة حلت محل الدستور والقانون ولها أولوية التطبيق في حال التعارض معه. العملية السياسية قامت على وثيقتين: الوثيقة الأولى هي المبادرة الخليجية وهي التي أعطت الحصانة لعلي عبدالله صالح ومن عمل معه والأخرى ، آلية تنفيذ شروط الانتقال الديمقراطي وتحقيق التسوية السياسية، هذه الآلية هي التي نصت على المصالحة الوطنية والعدالة الانتقالية ومن ثم نحن في مرحلة كل شرعيتها تستند على هاتين الوثيقتين، الحكومة أيضا شرعيتها من هاتين الوثيقتين. لدينا شرعية التوافق المستندة على هاتين الوثيقتين، بمعنى آخر أن كل العملية السياسية التي تجري تستند إلى هاتين الوثيقتين. ليس هناك شرعية شعبية اليوم إلا لرئيس الجمهورية، وما عداه كل الشرعية توافقية وتستند إلى هاتين الوثيقتين. ^^..ما هي الضمانات العملية لتنفيذ القانون؟ لو أخذنا الضمانة السياسية المتمثلة في الكتلة الاجتماعية التي ترغب في التغيير وتتخلص من دورات العنف والانتقام لكانت هي السند الرئيسي لهذا القانون. أيضا الجانب الدولي، آخر وثيقة صدرت من الجانب الدولي كانت في 29 مارس الماضي ألزمت كل الأطراف في بيانها الصادر بشأن اليمن بضرورة إصدار قانون العدالة الانتقالية وتنفيذه، أما من الناحية الاقتصادية فإن اليمن لا تستطيع لوحدها أن تتحمل عبء ما يترتب على هذا القانون من مسئولية اقتصادية تجاه الضحايا وأهليهم، والضحايا هنا أيضا يشمل الجماعات والمناطق التي تضررت من الحرب ، فهناك استعداد دولي عالمي لدعم هذه العملية، وهذا الاستعداد مرده ضمان الاستقرار والأمن لليمن لأن الفوضى في اليمن سوف تؤدي إلى الإضرار بمصالح الكثير على المستوى الدولي. ^^.. هل سيتم طرحه على أجندة الحوار الوطني القادم؟ كما قلت لك عند وضع قانون الحصانة كان الرأي أن يصدر بقانون واحد يشمل العفو ويشمل العكس، ولكن كان الطرف المعني بالعفو قلقا وكنا على أبواب الانتخابات الرئاسية كانت الخشية منه أن يؤدي إلى إعاقة العملية السياسية ولكنه قبل في النهاية أن يمر القانون الأول ثم يليه القانون الثاني. ولهذا نُص في القانون الأول على صدور قوانين للعدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية التي ستتعرض لمسائل حددتها آلية تنفيذ المبادرة الخليجية ، فيما يتعلق بفرص تحقيق العدالة الانتقالية..بالطبع لن تنتهي مشاريع العدالة الانتقالية بصدور مشروع القانون الحالي وإنما ستتبعها قوانين أو نصوص في قوانين أخرى تتعلق بالمصالحة الوطنية. ^^.. ماذا عن صدور القانون قبل الدستور القادم؟ بالنسبة للعدالة الانتقالية هي عملية وقتية شأنها شأن العمليات السريعة التي توفر السلام أو الانتقال الديمقراطي، ليست عملية مستمرة ودائمة، العملية المستمرة والدائمة هي العدالة العادية، وبالتالي الدستور سوف يركز على توفير شروط العدالة العادية وعلى استقلال القضاء وتحديثه وتحرره من أية سيطرة أو احتواء. العدالة الانتقالية سوف تجري في إطار المصالحة. ^^.. ماذا لو تعارضت بعض بنود القانون مع الدستور القادم؟ هناك تصور للقانون حتى الآن لا يمكن أن يكون هناك تعارض بينهما، وما جرى الآن هو بوفاق وطني، هذه عملية سياسية تمت وقبل بها الغالبية من الناس؛ ولهذا أعطيت الطابع الدولي وكان يمكن أن يتم تحويلها إلى قانون داخلي، لكنها أعطيت بعدا دوليا ليكون هناك مخرج قانوني بالالتزام بالمواثيق الدولية التي يجب الوفاء بها، وفقا لمبدأ الوفاء بالعهد، ولها أولوية التطبيق على التشريع الوطني أيا كان. ^^.. ما هي الإجراءات العملية التي ستعقب القانون؟ بطبيعة الحال هناك مهام كبيرة وكثيرة ستعقب صدور هذا القانون، هناك مهام أولا تتعلق بالعملية التشريعية وهي الإصلاح المؤسسي وهذا سيتطلب قانونا خاصا بالهيكلة المؤسسية للجيش والأمن وهذا يتطلب إعادة النظر في الجوانب المتعلق بالقوات المسلحة والأمن، أيضا الإصلاح المؤسسي المدني ويتطلب إعادة النظر في هيكلة المؤسسات وبقائمة واسعة من القوانين والتشريعات المستحدثة بما فيها المتعلقة بالحكم الرشيد الذي أدى غيابه إلى انتهاك حقوق الإنسان. المهمة الثانية منع انتهاكات حقوق الإنسان بإيجاد هيئة مستقلة لحقوق الإنسان وقد شرعت وزارة حقوق الإنسان في العملية حتى الآن ونحن في وزارة الشئون القانونية تلقينا مسودة أولى من وزارة حقوق الإنسان نعكف الآن على إعدادها لتكون مسودة صالحة للنقاش لكي تقدم للجنة الوزارية المكلفة بهذا الأمر.. وهناك المهام الأخرى المباشرة والعاجلة وهي مهمة التوعية بالعدالة الانتقالية ونتائجها التي يمكن أن تحقق تأثيرا مجتمعيا في الثقافة والوعي والقبول بالآخر. عن"الجمهوريه"