كشفت وثائق رسمية صادرة عن وزارة الخدمة المدنية عن فساد مرعب في الوزارة يمثل بالتلاعب بالدرجات الوظيفية والتجاوز للقوانين النافذة المنظمة للتوظيف والتسويات المفترض أن تكون الوزارة هي الأحرص على تنفيذها ومراقبة صحة تطبيقها في بقية الجهات الحكومية. ونشرت صحيفة "الثوري" في عددها الصادر اليوم الخميس تقريرا مستندا على وثائق حصلت الصحيفة عليها، أكد أن وزارة الخدمة المدنية وظفت خمسة أشخاص ضمن الموازنة الوظيفية للعام 2012م دون إخضاعهم للمفاضلة التي تجريها كل عام لطالبي التوظيف من حملة المؤهلات الدراسية والمقيدين لديها. وبهذه الطريقة جرى التوظيف لعام 2012م لكل وحدات السلطة المركزية في دواوين الوزارات والهيئات والمصالح لأكثر من 1200 درجة وظيفية تضمنتها الموازنة الوظيفية لعام 2012 ناهيك عن الدرجات المخصصة لمؤهل الثانوية والدرجات العمالية بحسب إفادة مختصين في التوظيف والموارد البشرية في الوزارة. من عجائب التجاوزات ما كشفته فتوى صادرة عن الخدمة المدنية برقم (1911) وتاريخ 27/3 /2013م توظيف ماجد بهرم أحمد بهرم الحاصل على مؤهل بكالوريوس تسويق عام 2011م في ديوان عام الوزارة. حسب الوثيقة فإن وزارة الخدمة استندت في توظيف المذكور على توجيهات من الرئيس السابق على عبد الله صالح صدرت عام 2008م في حين تخرج المذكور عام 2011 كما هو واضح في الفتوى، ولم يستوف المذكور الشروط الكاملة لشغل الوظيفة إذ لم يخضع للمفاضلة إضافة إلى كونه حديث التخرج، كما الوزارة بطبيعة عملها لا تحتاج إلى تخصص تسويق. كما تفيد فتوى أخرى صادرة عن الوزارة برقم(1812) وتاريخ 23/3/2013م بتوظيف محمد علي أحمد الجائفي تخصص تكنولوجيا معلومات تخرج عام 2011م ومحمد علي أحمد الشامي تخصص إدارة أعمال تخرج عام 2010م في ديوان عام وزارة الخدمة المدنية. المذكوران لم يستوفيا شروط شغل الوظيفة كما تفيد الفتوى كونهما حديثي التخرج ناهيك عن أن أحدهم ليس من ضمن المتقدمين للتوظيف لدى الوزارة حسب عرض موجه إلى وزير الخدمة في 27-3-2013، من مدير عام الموارد البشرية في ديوان عام الوزارة. ويورد العرض أسبابا قانونية لعدم أحقية المذكورين لشغل الوظيفة تمثلت في عدم خضوعهما للمفاضلة كونهما حديثي التخرج إضافة إلى وجود عدد من المتقدمين للتوظيف في الوزارة منذ سنوات ولديهم توجيهات من الوزراء السابقين ولم يمنحوا فرصة للتوظيف. ويؤكد عرض الموارد البشرية أن المذكورين ليس من ضمن المتعاقدين أو المتعاونين في الوزارة حتى يمنحوا الأولوية في التوظيف وفقا لقرار مجلس الوزراء المنظم لذلك، إضافة إلى أن أحد هم – ولم يذكر أسمه- غير مسجل بالدواوين ضمن طالبي التوظيف. ومن ضمن الأسباب التي أوردتها الموارد البشرية في الخدمة المدنية أنه لا يوجد احتياج مسبق من قطاعات أو إدارات في الوزارة لتخصصاتهم. واقترحت الموارد البشرية على الوزير إخضاع الدرجات الوظيفية لديوان عام الوزارة للمفاضلة أو عدم تنفيذها كون الوزارة سدت احتياجها من التوظيف من خلال توزيع الموظفين الجدد ضمن نسبة ال25% وهي الدرجات التي وجه بها الرئيس السابق علي صالح وتضمنت توظيف 60 ألف من المتقدمين لدى وزارة الخدمة المدنية بداية انطلاق الثورة الشبابية السلمية عام 2011م. وتكشف هذه الممارسات عن مدى وحجم الفساد المستشري داخل أروقة الخدمة المدنية والتلاعب بالدرجات الوظيفية والتجاوزات للقوانين النافذة والمنظمة لعملية التوظيف والتسويات وغيرها ما يتعلق بقوانين وتشريعات الخدمة المدنية المفترض أن تكون حريصة على تنفيذها ومراقبة بقية الجهات على مدى سير تطبيقها بشكل سليم. ويفيد عدد من الموظفين والمختصين في الادارة العامة لشئون الخدمة أنه التوظيف للعام 2012 جرى بنفس بالآلية التي جرى فيها التوظيف داخل وزارة الخدمة المدنية مؤكدين أن الدرجات المرصودة في الموازنة الوظيفية للعام 2012م لم تخضع للمفاضلة بين المتقدمين للتوظيف ، وجرى تمريرها بطريقة المحسوبية والمحاباة والبيع والشراء التي تمت في بقية الجهات ما أدى إلى حرمان 1200 من المتقدمين للتوظيف لدى الخدمة المدنية ناهيك عن الدرجات المرصودة للثانوية والدرجات العمالية التي لم تخضع لأية معايير في شغلها. وتؤكد فتوى أخرى صادرة عن الخدمة المدنية برقم(1890) وتاريخ 27/3/2013م حجم التلاعب بالدرجات الوظيفية حيث جرى توظيف فيصل عبد اللطيف محمد العواضي تخصص بكالوريوس هندسة حواسيب تخرج عام 2012م كما هو مبين في الفتوى في صورة واضحة لانتهاك معايير شروط شغل الوظيفة العامة حيث لا يمكن أن يكون العواضي قد استكمل اجراءات استخراج وثائق مؤهله الدراسي ويعد توظيفه تجاوزا فاضحا من قبل وزارة الخدمة المدنية لقوانينها وتشريعاتها النافذة. كما تضمنت الفتوى توظيف حمزه محمد احمد الحاضري بكالوريوس تصميم تصويري خريج العام 2010م في حين أن الوزارة لا تحتاج لهذا التخصص وأكد مصدر موثوق في الوزارة فضل عدم ذكر اسمه أن العواضي والحاضري ليس لديهما مؤهلات واتفقت معهم إدارة التوظيف على أن يتعهدوا بإحضارها في أقرب وقت، مضيفا: لم يكونا ضمن المتقدمين للتوظيف لدى الوزارة ويؤكد ذلك تاريخ تخرج العواضي. موظف بالإعدادية يحصل على تسوية بدرجة مدير عام بقرار ملغي على صعيد التسويات الوظيفة قامت وزارة الخدمة المدنية بتسوية وضع مدير عام مؤسسة الجمهورية للطباعة والنشر فرع صنعاء بصورة مخالفة، مكتفية بمذكرة مدير الفرع وقرار رئيس الوزراء المرفق والقاضي بتعيينه، وهو أمر مخالف للمعايير وشروط شغل وظيفة مدير عام حيث يحمل المعين بالقرار عبد الباسط عبد الرزاق راوح شهادة الاعدادية. وسوت الخدمة المدنية وضعه الوظيفي بالدرجة الثالثة "درجة مدير عام"، مستندة بذلك إلى قرار مجلس الوزراء رقم (149) لسنة 2007م بشأن نظام التعيين في الوظيفة العامة، وتناست وزارة الخدمة المدنية ومسئوليها أن هذا العمل بهذا القرار ألغي بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم (218) لسنة 2012م بشأن إعادة النظر في مواقع ومدى تدرج المجموعات والفئات الوظيفية ضمن مستويات ودرجات الهيكل العام للوظائف والاجور، ونص القرار على أن يلغى جدول الوظائف الملحق بقرار رئيس الوزراء رقم (149) لسنة 2007م ويعمل بدلا عنه بجدول الوظائف الملحق بهذا القرار، أي القرار(218) والذي يتعارض مع منح الشوافي مدير عام وتسوية وضعه الوظيفي وتسكينه في الدرجة الثالثة بصورة مخالفة لكل شروط شغل الوظيفة العامة وقواعد نقل وتسكين الموظفين في الهيكل العام للأجور والمرتبات. مجموعة الحريات النقابية تطالب بلجنة تحقيق محايدة بمشاركة المجتمع المدني وبهذا تتضح الصورة جلية لحجم التجاوزات والممارسات التي تمارسها وزارة الخدمة المدنية والتي تمثل نموذجا للفساد المستشري في ديوان عام الوزارة كما يقول بيان صادر عن مجموعة وظيفية أطلقت على نفسها مجموعة الحريات النقابية حيث تساءل البيان عن عدد من النقاط منها مصير المفاضلة للدرجات الوظيفية المرصودة للعام 2012م والتي لم يعلن عنها حتى الآن. كما تساءل البيان عن الوضع القانوني للإدارة العامة لشئون الخدمة العامة التي أنشئت بموجب اللائحة الجديدة للخدمة عام 2007م وحددت لها مرحلة انتقالية (18) شهرا من تاريخ نفاذ اللائحة في 17/12/2007م والتي من المفترض حسب البيان أن تنتهي في العام 17/6/ 2009 وتسلم اختصاصاتها للجهات بحسب اللائحة، لكنها ما تزال لليوم قائمة، ويشكو عدد من موظفي الخدمة المدنية أن هذه الادارة اختزلت كل عمل الوزارة وأفرغت كل القطاعات من مهامها. ويطالب البيان بالوضوح والشفافية والعمل بمبادئ الحكم الرشيد وتشكيل لجنة تحقيق محايدة من جهات رقابية وقضائية ومنظمات مجتمع مدني للنظر والتحقيق في ما يدور في أروقة ودهاليز وزارة الخدمة المدنية الغارقة بالفساد. كما طالب البيان البدء الفوري بتطبيق قانون التدوير الوظيفي وتفعيل الدور الرقابي لتنفيذ كل الاعمال التي تنفذها الوزارة حيث يفيد عدد من الموظفين أن قيادة الوزارة غيبت العملية الرقابية المصاحبة واللاحقة طيلة فترة أعمالها السابقة منذ انطلاق أعمال الاستراتيجية الوطنية للأجور وكذا البصمة والصورة والتسويات لفرق التقاعد والاجور أو التوظيف.