خبير في الطقس: موجة اشد برودة خلال الأسبوع القادم    بعد صفعة المعادن النادرة.. ألمانيا تُعيد رسم سياستها التجارية مع الصين    في بطولة الشركات.. فريق وزارة الشباب والرياضة يحسم لقب كرة الطاولة واحتدام المنافسات في ألعاب البولينج والبلياردو والبادل    البرتغال تسقط أمام إيرلندا.. ورونالدو يُطرد    مهام عاجلة أمام المجلس الانتقالي وسط تحديات اللحظة السياسية    عدن تختنق بين غياب الدولة وتدفق المهاجرين.. والمواطن الجنوبي يدفع الثمن    الحسم يتأجل للإياب.. تعادل الامارات مع العراق    اليوم الجمعة وغدا السبت مواجهتي نصف نهائي كأس العاصمة عدن    بطاقة حيدان الذكية ضمن المخطط الصهيوني للقضاء على البشرية باللقاحات    الدفاع والأركان العامة تنعيان اللواء الركن محمد عشيش    أوروبا تتجه لاستخدام الأصول الروسية المجمدة لتمويل أوكرانيا    الجيش الأميركي يقدم خطة لترامب لضرب فنزويلا ويعلن عملية "الرمح الجنوبي"    تحطم طائرة روسية من طراز سو-30 في كاريليا ومصرع طاقمها    الرئيس المشاط يعزي في وفاة اللواء محمد عشيش    حكام العرب وأقنعة السلطة    جمعيات المتقاعدين والمبعدين الجنوبيين تعود إلى الواجهة معلنة عن اعتصام في عدن    مي عز الدين تعلن عقد قرانها وتفاجئ جمهورها    الملحق الافريقي المؤهل لمونديال 2026: نيجيريا تتخطى الغابون بعد التمديد وتصعد للنهائي    مبابي يقود فرنسا للتأهل لمونديال 2026 عقب تخطي اوكرانيا برباعية    مصادر: العليمي يوجه الشؤون القانونية باعتماد قرارات أصدرها الزُبيدي    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    إسرائيل تسلمت رفات أحد الاسرى المتبقين في غزة    هالاند يقود النرويج لاكتساح إستونيا ويقربها من التأهل لمونديال 2026    الرئيس عون رعى المؤتمر الوطني "نحو استراتيجية وطنية للرياضة في لبنان"    قراءة تحليلية لنص "فشل ولكن ليس للابد" ل"أحمد سيف حاشد"    الرياض.. توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز الطاقة في اليمن بقدرة 300 ميجاوات بدعم سعودي    جرحى الجيش الوطني يواجهون الإهمال ويطالبون بالوفاء    عدن.. البنك المركزي يغلق منشأة صرافة    صنعاء.. البنك المركزي يوجه المؤسسات المالية بشأن بطائق الهوية    أغلبها استقرت بمأرب.. الهجرة الدولية تسجل نزوح 90 أسرة يمنية خلال الأسبوع الماضي    جوم الإرهاب في زمن البث المباشر    الغرابي.. شيخ قبلي متهم بالتمرد وارتباطات بشبكات تهريب في حضرموت والمهرة    غموض يلف حادثة انتحار مرافِق المخلافي داخل سجنه في تعز    "إيني" تحصل على حق استغلال خليج السويس ودلتا النيل حتى 2040    استهداف العلماء والمساجد.. كيف تسعى مليشيا الحوثي لإعادة هندسة المجتمع طائفيًا؟    تدشين حملة رش لمكافحة الآفات الزراعية لمحصول القطن في الدريهمي    وزير الصناعية يؤكد على أهمية تمكين المرأة اقتصاديا وتوسيع مشاركتها في القطاعات التجارية    القصبي.. بين «حلم الحياة» و«طال عمره» 40 عاما على خشبة المسرح    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    الأرصاد يتوقع أجواء باردة إلى شديدة البرودة على 5 محافظات ومرتفعات 4 محافظات أخرى    شبوة:فعالية تأبينية مهيبة للإعلامي والإذاعي وكروان التعليق الرياضي فائز محروق    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    مناقشة آليات توفير مادة الغاز المنزلي لمحافظة البيضاء    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    لماذا قتلوا فيصل وسجنوا الرئيس قحطان؟    جروندبرغ يقدم احاطة جديدة لمجلس الأمن حول اليمن 5 عصرا    احتجاج على تهميش الثقافة: كيف تُقوِّض "أيديولوجيا النجاة العاجلة" بناء المجتمعات المرنة في الوطن العربي    وزير الإعلام الإرياني متهم بتهريب مخطوطات عبرية نادرة    الواقع الثقافي اليمني في ظل حالة "اللاسلم واللاحرب"    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اليمن بين الثورة والثورة المضادة (الحلقة السابعة) مميز


اليمن بين الثورة والثورة المضادة (الحلقة السابعة)

مؤتمر الحوار الوطني:
واصل اليمنيون، منذ عقود خلت ولاسيما العقود الثلاثة الأخيرة من الحكم الفردي-العائلي، التضحية بأرواحهم وحرياتهم وسلامتهم من أجل تجاوز الماضي الأليم وتحقيق التغيير الذي أوقف بحرب 1994م، ومن أجل إزالة آثار هذه الحرب، إذ قدم اليمن آلاف الشهداء والجرحى، خاصة من شبابه وشاباته الذين قتلوا في تجمعات سلمية نظمها الحراك الجنوبي السلمي منذ عام 2007م وشباب ثورة فبراير 2011م. ومن أجل تحقيق طموح اليمنيين في التغيير دون مزيد من سفك الدماء والانزلاق إلى الفوضى والحرب الأهلية قبلت قوى التغيير والثورة بأن يتم تحقيق التغيير ليس بالغلبة وإنما بالتوافق وعبر حوار وطني شامل نصت عليه الفقرة (20) من اتفاق آلية تنفيذ العملية الانتقالية: "مع بداية المرحلة الانتقالية الثانية يدعو الرئيس المنتخب وحكومة الوفاق الوطني إلى عقد مؤتمر حوار وطني شامل لكل القوى والفعاليات السياسية بما فيها الشباب والحراك الجنوبي والحوثيون وسائر الاحزاب وممثلون عن المجتمع المدني والقطاع النسائي وينبغي تمثيل المرأة ضمن جميع الاطراف المشاركة".
وشاركت مختلف قوى المجتمع السياسية والاجتماعية من خلال مؤتمر الحوار الوطني في وضع مبادئ العقد الاجتماعي وأسسه، وفي مقدمتها تأسيس الدولة الاتحادية المدنية الديمقراطية الحديثة.
ومثل مؤتمر الحوار الوطني خطوة نجاح عملية للفترة الانتقالية، وكانت مخرجاته انتصاراً لطموح الشعب اليمني ومواجهة عملية لاستراتيجية الفشل وموقف الخذلان معاً، الأمر الذي جعل النظام القديم وحلفائه الحوثيين-النظام البائد يلجئون إلى السلاح للرد على ذلك النجاح. وأياً كان الأمر، وضعت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني معالم لا يمكن طمسها وإن أمكن إعاقة تنفيذها إلى حين، ومن تلك المعالم ثلاثة رئيسية:
الأول-الاعتراف بحق كل القوى السياسية والاجتماعية في المشاركة على قدم المساواة، ويشمل ذلك المرأة والشباب والمهمشين، وإيجاد آلية لاتخاذ القرار لا تسمح لأي طرف مهما كانت قوة نفوذها بالتحكم بنتائج الحوار، بما في ذلك: النظام القديم والقوى المستقوية بالسلاح. وأتت ضمانات مخرجات مؤتمر الحوار الوطني لتؤكد استمرار الشراكة التي لا تنتهي بانتهاء أعمال المؤتمر، أي أن الشركاء في مخرجات مؤتمر الحوار الوطني سيظلون شركاء في تنفيذ تلك المخرجات.
الثاني-يمثل جوهر نتائج أو مخرجات مؤتمر الحوار الوطني أسس عقد اجتماعي، وفي صدارته مبادئ وأسس بناء الدولة الاتحادية المدنية الديمقراطية الحديثة. فقد تضمنت المخرجات أهم مقومات الدولة الاتحادية: التوزيع العادل للسلطة والثروة، وأهم مرتكزات الدولة المدنية الحديثة: المواطنة المتساوية، والديمقراطية وحقوق الإنسان، والتنمية المستدامة والحكم الرشيد والعدالة الاجتماعية. وأكدت المخرجات في مختلف المحاور على أن تحرير المواطن من الخوف والفاقة وإنهاء احتكار السلطة والثروة الأساس الأول للنظام الديمقراطي بشقيه السياسي والاجتماعي، والذي يتطلع إليه اليمنيون ومن أجله قامت الثورة الشبابية الشعبية في 11 فبراير 2011م. ومن أجل تحقيق هذه الغاية تم تخصيص محور بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية التي تضمنت حقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية مختلف محاور مخرجات المؤتمر. واستعادت المخرجات مبدأ المساواة أمام القانون وعدم التمييز لأي سبب من الأسباب، وحددت العقيدة العسكرية والأمنية بحماية الوطن والمواطن وحقوق الإنسان، وأوجبت المخرجات تجريم إنشاء ووجود المليشيات والجماعات المسلحة وأوجبت ضرورة حلها ونزع سلاحها، واحتكار الدولة وحدها لاستخدام القوة وامتلاك السلاح في ظل حكم القانون وسيادته. وفي كل هذا وذاك حددت المخرجات الحلول العاجلة والجذرية للقضية الجنوبية وإزالة آثار حرب 1994م وحروب صعده.
الثالث-الإقرار والاعتراف بآثام الماضي، وبأن الثأر السياسي خاصة بعد حرب 1994م قد طال عشرات آلاف الضحايا، منهم شهداء وجرحى ومبعدين عن أعمالهم أو محرومون من شغل المناصب العامة أو الحقوق الوظيفية أو تم الاستيلاء على ممتلكاتهم. وتم الاعتراف بنهب المال العام-ممتلكات الدولة والأحزاب والنقابات والمنظمات غير الحكومية-الجماهيرية. ولكي نصحح خطايا الماضي وعدم تكرار انتهاكات حقوق الإنسان وحرياته الأساسية يجب عدم النسيان بهدف العبرة من خلال وضع سجل وطني لحفظ الذاكرة الوطنية والكشف عن الحقيقة وتخليد ذكرى الضحايا وجبر ضررهم وإنصافهم ومساءلة المنتهكين وإصلاح مؤسسات الدولة بما يجعلها ملبية لمقتضيات العدالة الانتقالية وضمان عدم التكرار. ولهذه الغاية أوجبت مخرجات الحوار الوطني إنشاء الهيئة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان. وأوجبت ضمانات المخرجات سرعة إصدار قانون العدالة الانتقالية. واعتبرت المقررات الخاصة بالعدالة الانتقالية أن مقتضيات العدالة الانتقالية والانتقال السياسي لا تتطلب فقط سد فجوات استمرار الفساد، بل وإنشاء هيئة خاصة باسترداد الأموال المنهوبة في الداخل والخارج والتي تقدر بعشرات المليارات من الدولارات. لأن ما استولى عليه رئيس النظام القديم وحده يقدر بعشرات المليارات من الدولارات.
هذا هو الجوهر العام لمقررات مؤتمر الحوار الوطني، وهو يمثل رؤية عصرية لبناء الدولة والمجتمع وذلك بفضل التوازن السياسي والاجتماعي الذي مثلته مكونات المؤتمر.
يُظهر نجاح مؤتمر الحوار الوطني أن قوى التحديث قادرة على الفعل متى اجتمعت كلمتها، وقد نجحت في مؤتمر الحوار الوطني بأن تجعل نتائجه مجسدة لطموحات الشعب اليمني في التغيير الذي عبرت عنه ثورة 11فبراير على الرغم من محاولة الثورة المضادة لمنع خروج مؤتمر الحوار الوطني بتلك النتائج، وعملت الثورة المضادة من داخل مؤتمر الحوار ومن خارجه على حرف المؤتمر عن المسار وكان نسقه الأول تحالف النظام القديم والبائد تحت راية ولاية الفقيه يعمل على نسف مؤتمر الحوار الوطني من داخله بينما يعمل النسق الثاني للثورة المضادة على التحريض على مؤتمر الحوار من خارجه وتكفير نتائجه سلفاً وتمثل هذا النسق بالتنظيم السروري- ورثة الأنبياء، وحتى بعد أن استبعد الانقلاب سياسيي النسق الثاني من صفوفه واضطرهم إلى دعم الشرعية ظلوا يمارسون مهام الثورة المضادة من مواقع التظاهر بدعم الشرعية.
بيد أن النظام القديم وحلفائه (النظام البائد) كان يعمل من ناحية على إعاقة أعمال مؤتمر الحوار الوطني ومن ناحية أخرى يعد للثورة المضادة بالاستمرار بتفجير المنشئات الحيوية- الكهرباء وأنابيب النفط، ثم الانتقال إلى تفجير حرب طائفية في منطقة دماج بمحافظة صعدة، والانتقال إلى ضرب القوات المسلحة غير الموالية للثورة المضادة في عمران والاستيلاء على المحافظة، ورافق ذلك وعند اقتراب نهاية مؤتمر الحوار الوطني اغتيالات لشخصيات لها وزنها الوطني[1]، وكانت الغاية إلى جانب التخلص من أشخاصهم محاولة إفشال مؤتمر الحوار الوطني الذي ما أن أنفض حتى قرر النظام القديم وحلفائه (النظام البائد) الانقلاب على مخرجاته[2]. ولم يكتف التحالف هذه المرة بضرب الخدمات الضرورية للحياة بهدف إعاقة تنفيذ مخرجات المؤتمر ومنع التحول الديمقراطي، بل لجأ إلى القيام بثورة مضادة وشن حرباً شاملة لتقويض الدولة برمتها لتحقيق مشاريع عائلية أولاً وتحت غطاء العصبية الجيوسياسية والسلالية. وهنا بدأ التطبيق العلني لاستراتيجية الفشل- استراتيجية تقويض الدولة، وبدأت الثورة المضادة تكشف عن خططها خاصة بالاستيلاء على العاصمة والمحافظات الأخرى، وضرب وشائج الوحدة الوطنية ووحدة البلاد بوضع الرئيسين المنحدرين من الجنوب: رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، تحت الإقامة الجبرية، واختيار عدد من الوزراء ووضعهم تحت الإقامة الجبرية أيضاً وبمعيار جيوسياسي ضيق، ثم تم التوجه نحو تعز وشن الحرب على الجنوب وبصورة مقصودة لتحويل الحرب إلى شمالية- جنوبية أملاً في التقسيم على هذا الأساس لكي يتسنى لائتلاف العدوان الاستيلاء على جزء من اليمن وحكمه برعاية دولة إيران ليكون اليمن أو جزء منه شوكة إيرانية في خصر الأمة العربية التي صارت مستهدفة كوجود، وكدول قطرية.
والمتتبع لسلوك النسقين الأول والثاني للثورة المضادة، يجد أنهما ينطلقان من قاعدة واحدة لاحتكار السلطة والثروة ويختلفون في لون الرايات والقوى التي يتمترسون حولها: ولاية الفقيه-ورثة الأنبياء، واصطفاف النسق الأول خلف إيران والنسق الثاني خلف تركيا، بينما إيران وتركيا يعملان من أجل مصالح بلدهما ومناهضة القومية العربية لاستعادة السيطرة على شعوبها[3].
وما كان كل هذا ليتم لولا غياب الكتلة التاريخية للتغيير التي كانت نواتها قد بدأت بالتشكل عند قيام ثورة 11 فبراير 2011م وبعدها والتي بدونها لا يمكن تحقيق التحول والانتقال الديمقراطي، وهو غياب يتحمل اللقاء المشترك المسئولية الأولى عنه، ولا سيما أحزابه التي كانت تمثل النواة الصلبة ولا مصلحة لها بالتمزيق وإضعاف الأمة العربية فوق ماهي عليه من ضعف، وأقصد بذلك أحزاب: التجمع اليمني للإصلاح، والحزب الاشتراكي اليمني، والتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري.


[1]- أبرز من تم اغتيالهم: الدكتور/ عبدالكريم جدبان والدكتور/ أحمد شرف الدين.
[2]- استمرت الاغتيالات وتم اغتيال الشخصية الوطنية البارزة الدكتور/ محمد عبدالملك المتوكل بتاريخ 2/11/2014م.
[3]- أنظر: هشام النجار. سوريا...التحولات الكبرى، مشكلات الوطن ومستقبل العرب. القاهرة 2016م ص 21 وما بعدها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.