لأول مرة في تاريخ مصر.. قرار غير مسبوق بسبب الديون المصرية    لحظة وصول الرئيس رشاد العليمي إلى محافظة مارب.. شاهد الفيديو    قائمة برشلونة لمواجهة فالنسيا    المواصفات والمقاييس ترفض مستلزمات ووسائل تعليمية مخصصة للاطفال تروج للمثلية ومنتجات والعاب آخرى    رئيس كاك بنك يشارك في اجتماعات الحكومة والبنك المركزي والبنوك اليمنية بصندوق النقد والبنك الدوليين    الإطاحة بوافد وثلاثة سعوديين وبحوزتهم 200 مليون ريال.. كيف اكتسبوها؟    - عاجل امر قهري لاحضار تاجر المبيدات المثير للراي العام دغسان غدا لمحكمة الاموال بصنعاء واغلاق شركته ومحالاته في حال لم يحضر    العميد أحمد علي ينعي الضابط الذي ''نذر روحه للدفاع عن الوطن والوحدة ضد الخارجين عن الثوابت الوطنية''    مدير شركة برودجي: أقبع خلف القضبان بسبب ملفات فساد نافذين يخشون كشفها    يونيسيف: وفاة طفل يمني كل 13 دقيقة بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات    وفاة امرأة وإنقاذ أخرى بعد أن جرفتهن سيول الأمطار في إب    رغم القمع والاعتقالات.. تواصل الاحتجاجات الطلابية المناصرة لفلسطين في الولايات المتحدة    الهجري يترأس اجتماعاً للمجلس الأعلى للتحالف الوطني بعدن لمناقشة عدد من القضايا    منازلة إنجليزية في مواجهة بايرن ميونخ وريال مدريد بنصف نهائي أبطال أوروبا    استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر ترفع علم مالطا بثلاث صواريخ    افتتاح قاعة الشيخ محمد بن زايد.. الامارات تطور قطاع التعليم الأكاديمي بحضرموت    الذهب يستقر مع تضاؤل توقعات خفض الفائدة الأميركية    اليمن تحقق لقب بطل العرب وتحصد 11 جائزة في البطولة العربية 15 للروبوت في الأردن    ''خيوط'' قصة النجاح المغدورة    واشنطن والسعودية قامتا بعمل مكثف بشأن التطبيع بين إسرائيل والمملكة    وفاة ''محمد رمضان'' بعد إصابته بجلطة مرتين    «الرياضة» تستعرض تجربتها في «الاستضافات العالمية» و«الكرة النسائية»    الريال اليمني ينهار مجددًا ويقترب من أدنى مستوى    كانوا في طريقهم إلى عدن.. وفاة وإصابة ثلاثة مواطنين إثر انقلاب ''باص'' من منحدر بمحافظة لحج (الأسماء والصور)    بين حسام حسن وكلوب.. هل اشترى صلاح من باعه؟    للمرة 12.. باريس بطلا للدوري الفرنسي    السعودية تكشف مدى تضررها من هجمات الحوثيين في البحر الأحمر    ريمة سَّكاب اليمن !    الشيخ هاني بن بريك يعدد عشرة أخطاء قاتلة لتنظيم إخوان المسلمين    في ذكرى رحيل الاسطورة نبراس الصحافة والقلم "عادل الأعسم"    نداء إلى محافظ شبوة.. وثقوا الأرضية المتنازع عليها لمستشفى عتق    حزب الرابطة أول من دعا إلى جنوب عربي فيدرالي عام 1956 (بيان)    السعودية تعيد مراجعة مشاريعها الاقتصادية "بعيدا عن الغرور"    الأحلاف القبلية في محافظة شبوة    كيف يزيد رزقك ويطول عمرك وتختفي كل مشاكلك؟.. ب8 أعمال وآية قرآنية    طلاب جامعة حضرموت يرفعون الرايات الحمراء: ثورة على الظلم أم مجرد صرخة احتجاج؟    عودة الحوثيين إلى الجنوب: خبير عسكري يحذر من "طريق سالكة"    جماعة الحوثي تعلن حالة الطوارئ في جامعة إب وحينما حضر العمداء ومدراء الكليات كانت الصدمة!    النضال مستمر: قيادي بالانتقالي يؤكد على مواجهة التحديات    أسئلة مثيرة في اختبارات جامعة صنعاء.. والطلاب يغادرون قاعات الامتحان    الدوري الانكليزي الممتاز: مانشستر سيتي يواصل ثباته نحو اللقب    كل 13 دقيقة يموت طفل.. تقارير أممية: تفشٍّ كارثي لأمراض الأطفال في اليمن    طوارئ مارب تقر عدداً من الإجراءات لمواجهة كوارث السيول وتفشي الأمراض    البنك الإسلامي للتنمية يخصص نحو 418 مليون دولار لتمويل مشاريع تنموية جديدة في الدول الأعضاء    من هنا تبدأ الحكاية: البحث عن الخلافة تحت عباءة الدين    - نورا الفرح مذيعة قناة اليمن اليوم بصنعاء التي ابكت ضيوفها    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    مئات المستوطنين والمتطرفين يقتحمون باحات الأقصى    ضبط شحنة أدوية ممنوعة شرقي اليمن وإنقاذ البلاد من كارثة    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    لحظة يازمن    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدالة الانتقالية بين الحصانة وعدم نقل السلطة
نشر في الاشتراكي نت يوم 23 - 12 - 2014

الإهداء: إلى شهداء وجرحى الثورة الشبابية الشعبية، وشهداء الحراك الجنوبي السلمي، ضحايا عنف الإرهاب الرسمي.
كلمة لا بد منها:
يحاول البعض اليوم القفز على مخرجات الحوار الوطني الشامل، وبالتحديد على مخرجات القضية الجنوبية في عمقها، وبعدها السياسي الذي طرحته وثيقة "الحلول والضمانات" للقضية الجنوبية، كما تجري من بعد المؤتمر محاولات دؤوبة، ومتسارعة، وقوية، للالتفاف على مخرجات فريق "قضايا ذات بعد وطني، العدالة الانتقالية، والمصالحة الوطنية"، بالحديث عن صعوبة تحقيق وتنفيذ مخرجات هذا الفريق، وطرحهم وترويجهم، بدلاً عن قانون وقضية العدالة الانتقالية، لشعار المصالحة الوطنية، الذي لا يتعدى حدود مصالحات سياسية حزبية، بين المكونات السياسية، والعسكرية، التي أنتجت الأزمة السياسية البنيوية، والوطنية الراهنة، من بعد حرب 1994. وهو خروج صريح وعلني وفاضح على مخرجات الحوار الوطني الشامل، وفي هذا السياق جرت، وما تزال تجري محاولات متسارعة لتسويق شعار المصالحة الوطنية، ضداً على العدالة الانتقالية، والأهم من تجاوز لحقوق أصحاب المظلوميات (الضحايا)، وتحويل العدالة الانتقالية، إلى مجرد مصالحات سياسية، حزبية بين المكونات السياسية القائمة الأساسية التي أنتجت الأزمة، والمقصد والغاية النهائية الحفاظ على ما هو قائم، وإعادة إنتاجه بنفس القوى السياسية، الاجتماعية، تحت عناوين وتسميات وشعارات جديدة، وهو ما يجري من مؤتمر "بروكسل" إلى "الصين"، إلى "أمريكا"، إلى "ندوات سياسية داخلية" لتسويق مصطلح أو شعار المصالحة الوطنية، ضداً على مخرجات الحوار الوطني الشامل، وهي مقدمة عملية وسياسية، للانقلاب على المستقبل، بالماضي الذي لم يغادرنا، وما يزال حاضراً، ويمتلك كل شروط القوة الفاعلة في الواقع، في صورة المليشيات، وحروبها المذهبية، والطائفية، التي يراد لها أن تعمم على كل الوطن، للانقلاب على ثورة الشعب، وإرادة الناس في الإصلاح، والتغيير.

حول مصطلح، أو مفهوم العدالة الانتقالية:
إن مصطلح أو مفهوم العدالة الانتقالية، مفهوم، ومصطلح، سياسي، وحقوقي، وقانوني، يمكننا أن نجد حيثيات له في القانون الدولي الإنساني، وفي وثيقة حقوق الإنسان، وفي قوانين دولية عدة، كما أن مضمون العدالة الانتقالية في نصوصه العامة، حاضر في قوانين العقوبات، وقانون الجزاءات، وهو مصطلح، ومفهوم، غير مفصول عن البحث والدراسة السوسيولوجية، السياسية، والاقتصادية. قانون مر بمراحل تطور عديدة منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وتطور أكثر في السبعينيات منه، وحضر أكثر في المشهد السياسي، وفي الكتابات الفكرية والسياسية، وفي واقع الممارسة، بعد انتهاء الحرب الباردة، وتحول إلى حالة بحث، ونقاش، واسعة مع ظاهرة الربيع العربي. ولا يزال في حالة سيولة وبحث وتطور حول مضمونه، والأهم حول أشكال وطرائق تنفيذه وتطبيقه في الواقع، على صعيد كل حالة على حدة، فليس هناك من حالة في التطبيق تشبه الأخرى، وتعرف "العدالة الانتقالية"، حسب تقرير الأمين العام للأمم المتحدة السابق كوفي أنان، بأنها تشمل "كامل نطاق العمليات، والآليات المرتبطة بالمحاولة التي يبذلها المجتمع لتفهم وتجاوز تركة الماضي الواسعة النطاق، بغية مساءلة وإحقاق العدل، وتحقيق المصالحة"؛ أي أن المصالحة تالية ولاحقة لإحقاق العدل، حتى إن بعض الدول العربية حين شكلت حكوماتها بعد الربيع العربي، حوت على وزير للعدالة الانتقالية، (تونس، مصر، سوريا)، وهناك من صاغت قوانين على هدى مفهوم العدالة الانتقالية، لتصفية الحساب مع الماضي (التطهير)؛ قانون العزل السياسي (ليبيا)، وقانون مباشرة الحقوق السياسية والمدنية (مصر)، وتعثر الأمر في الحالة اليمنية، بعد أن كان قانون العدالة الانتقالية جاهزاً للبحث والمناقشة، والإقرار، لأسباب الانقسام السياسي حول مضمون مواد القانون، خاصة أن القانون يطال أطرافاً نافذة في النظام السابق، ما تزال حاضرة ومؤثرة في المشهد السياسي، والحكومي، والأمني، وتتحكم بمفاصل أساسية حاكمة في الدولة العميقة.
وليس هناك مضمون واحد متفق عليه، كما ليس هناك نصوص واحدة ثابتة في كل قانون، فلكل حالة سياسية، اجتماعية، عربية خصوصيتها، وسياقها الذاتي، والموضوعي، والتاريخي، الذي يعبر من خلاله القانون عن نفسه.
على أن الشيء الأكيد أن قانون العدالة الانتقالية في اليمن، تحت أي مضمون، ونصوص، هو قانون تستدعيه الحاجة السياسية، والاجتماعية، والوطنية، والتاريخية الراهنة (والأهم تستدعيه الحاجة والأسس الحقوقية، والقانونية)، للعبور من خلاله إلى مرحلة سياسية، ووطنية جديدة، على أنقاض ما مر به الوطن، في هذه المنطقة، أو تلك. والقانون هو قاطرة للانتقال الديمقراطي السلمي، تهيئ المجتمع، والسلطة، والدولة، للدخول إلى مرحلة سياسية، توافقية، تصالحية، وتشاركية جديدة، تعكس توازن المصالح المجتمعية، وتوازن القوى، وليس إعادة إنتاج توازن القوة العسكرية، والقبلية القديمة. وهنا يبرز الصراع، والاختلاف في ما بين أطراف العملية التي ثارت على النظام القديم، وبقايا النظام السياسي، القديم، الجديد، التي تحاول الانتقال بكليتها، وبكامل حمولتها، وعتادها الجارح، والمؤلم، إلى المرحلة الجديدة، متجاهلة شرط الثورة، وأهداف التغيير، السياسية، والاجتماعية، والوطنية، التي انتفضت وثارت عليها، وضدها، ملايين اليمنيين في كل البلاد، شمالاً وجنوباً، وكل ما يجري من محاولات تقديم قضية المصالحة السياسية، بين المكونات الحزبية والسياسية، على العدالة الانتقالية الواجبة لأصحاب المظلومية (الضحايا)، إنما هي محاولة فاشلة للالتفاف على حقوق الضحايا، وحقوق المجتمع، وتحويل القانون إلى مجرد شكل واسم، لا صلة له بمضمون وقضية العدالة الانتقالية، إجراءات سياسية لا تحل المشكلة، بل تراكمها، وتعقدها...، وهي ظاهرة سياسية تاريخية، عن كيف يحاول القديم التشبث بتلابيب الحي، أو الجديد، لينتقل معه بكليته إلى الحياة الجديدة، أو جر البلاد كلها إلى حافة الهاوية، والقبر. وهنا تكمن مشكلتنا في اليمن مع قانون العدالة الانتقالية، والحصانة، ونقل السلطة، الذي لم يتم في صورته الكاملة، والذي يتجلى في التأويل السياسي الخاص للمبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية. فقد أدرك رموز النظام القديم/ الجديد، أن المعركة الحقيقية ستدور في فريق "العدالة الانتقالية"، وبدرجة أساسية، في فريق القضية الجنوبية، ولذلك دفع بأعداد كبيرة من أعضائه إلى فريق العدالة الانتقالية؛ حوالي 16 عضواً، إلى جانب عدد من المحسوبين عليه كحزب موزعين على منظمات المجتمع المدني، وعددهم 5، والشباب (1)، والمرأة (3)، وقائمة الرئيس (5)، وجميعهم يشكلون 31 عضواً من الأعضاء المصوتين لصالح المؤتمر الشعبي العام، ضمن فريق العدالة الانتقالية، بهدف عرقلة أعمال الفريق، حيث جرت معارك سياسية سجالية، وما تزال حول العديد من القوانين، وخاصة قانون العزل السياسي، الذي لا نتفق من حيث المبدأ مع شكل، أو عنوان التسمية، له، لأنها تتعارض مع حقوق الإنسان، ومع نصوص في القانون الدولي.
فالعدالة الانتقالية في جوهرها هي عملية سياسية اجتماعية، وطنية، وإنسانية، تحاول أن تخفف من أعباء الانتقال من الاستبداد، والتسلطية، والاحتكار للسلطة، والثروة، إلى المرحلة الديمقراطية، وتقليص لزمن الانتقال، وتخفيف للكلفة الاجتماعية الصراعية، وتعميق للمضمون السلمي الديمقراطي التعددي، والتوافقي للانتقال إلى المرحلة الجديدة، وهي عملية سياسية، ووطنية معقدة، ومكلفة، وبحاجة إلى صبر، وتوافق، وقبول بالتنازلات المشتركة، بما لا يخل بمصالح وحقوق الضحايا، وبما لا يقود إلى الإفلات النهائي من الجزاء، والعقاب، حتى في صورته المعنوية والرمزية، التي تعيد الاعتبار والحقوق المختلفة للضحايا.
وهنا، أو عند هذه النقطة أو القضية المحورية، افتعلت العديد من المشكلات، وبعثت قضايا صراعية من جب التاريخ الشطري، قضايا حروب وصراعات سياسية: "جنوبية/ جنوبية" بدرجة أساسية، و"شمالية/ شمالية"، و"شمالية/ جنوبية"، لتعويق سير عمل، وفعاليات فريق القضية الجنوبية تحديداً، وفريق العدالة الانتقالية، أو فريق لجنة الضمانات بعد ذلك، حيث صارت قضية "طي صفحة الماضي"، ورقة سياسية، يومية، لتصفية حساب مع تاريخ كفاح الشعب اليمني، ضد الإمامة الاستبدادية، الكهنوتية، والاستعماري الإنجلوسلاطيني، أي تصفية حساب مع "ثورتي 26 سبتمبر 1962، و14 أكتوبر 1963"، وصولاً لتصفية حساب، أو نقطة انطلاق لتصفية حساب مع دولة الاستقلال الوطني (30 نوفمبر 1967)، التي وحدت 23 سلطنة، ومشيخة، وإمارة، وولاية، في دولة يمنية وطنية واحدة، مؤكدة الهوية السياسية والوطنية اليمنية للجنوب، في مواجهة شعارات ما تحت الدولة، وتحت هوية الوطن اليمني الجامع لكل اليمنيين، شمالاً وجنوباً...، (اليمن بمعناه ودلالته الحضارية والثقافية التاريخية)، حيث ذهب تحالف حرب 1994 الكارثية، إلى محاولة تأصيل بحث القضية الجنوبية، بالعودة إلى جذر دولة الاستقلال الوطني (30 نوفمبر 1967)، وكأن الاستقلال الوطني هو من أنتج القضية الجنوبية، وذهب طرف آخر إلى أن حل مشاكل الشمال، يعود جذرها إلى قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، بل إن البعض حاول أن يعود بنا إلى انقلاب 1948، للأحرار الدستوريين، على الإمامة، وكل ذلك للقفز على القضية الجنوبية، وجذرها السياسي المتمثل بحرب 1994، التي كان من نتائجها السياسية، والعملية، المباشرة، إلغاء شراكة الجنوب السياسية، والوطنية، في السلطة، والثروة، وفي بناء الدولة الجديدة، وفي الاتجاه ذاته، كان الهدف تعويق أعمال وفعاليات فريق العدالة الانتقالية، بمشكلات سياسية يومية، وتاريخية لا تنتهي، ووضع التاريخ السياسي، والاجتماعي، الذي كان وانقضى، عقبة أمام إنجاز قانون العدالة الانتقالية، واستبداله بفكرة وقضية المصالحة السياسية بين الأحزاب والمكونات السياسية، قبل حصول الضحايا المباشرين على حقوقهم، وفقاً لمقتضى العدالة، وقانون العدالة الانتقالية، كمفهوم، ورؤية، عملية ويمنية، إجرائية، وتنفيذية خاصة، لتجاوز الماضي وطي صفحته، بصورة واقعية، وعملية، وعادلة، سياسياً، وحقوقياً، وقانونياً، و(حتى عرفياً)، بما يحقق المعنى الإنساني العام للعدل، والإنصاف، وجبر الضرر.
إن العدالة الانتقالية لا تزال قضية سياسية، وحقوقية، ووطنية، وإنسانية، هامة، وكبيرة، ولا يمكن تجاوزها. ولا تسقط قضاياها الموضوعية، والذاتية بالتقادم. إذا أردنا الانطلاق نحو المستقبل، فالسير نحو المستقبل، يبدأ ويتأسس من هذه النقطة، والقضية "مقتضيات العدالة، والإنصاف"، مقابل ما تحصل عليه الحاكم من مكاسب وتنازلات، تكاد تكون مجانية، على حساب الحقوق النسبية، والمطلقة للضحايا. العدالة الانتقالية اليوم، حلقة سياسية، وحقوقية، وقانونية، مركزية، للانتقال الديمقراطي السلمي، لكل البلاد (شمالاً، وجنوباً). فالعدالة الانتقالية، لا تعني انتقاماً (ليبيا)، كما لا تعني انتقاماً، واجتثاثاً سياسيّاً، أو طائفياً (العراق)، كما لا تعني حصانة مطلقة بدون مقابل، كما يريدها البعض في بلادنا، مع أنني شخصيا لست مع تسمية قانون العزل السياسي -كما سبقت الإشارة- ولكن المجتمع كله لا يتفق مع إعطاء حصانة مطلقة بدون مقابل نقل السلطة كاملة، وبدون عدالة وإنصاف للضحايا.
إن طي صفحة الماضي، لا يعني طمسها، أو إنكارها...، طي صفحة الماضي، يعني قدراً من العدالة المطلوبة، والواجبة للضحايا، تساعدهم على محاولة النسيان التدريجي على قاعدة كشف الحقيقة، والإنصاف، وهي خطوة عملية جدية، نحو التصالح، والتسامح، وصولاً للمصالحة الوطنية الشاملة، لأن طي صفحة الماضي، لا يعني طمس وتشويه الذاكرة الجماعية، للأفراد، والجماعات، والمجتمع.

العدالة الانتقالية وإشكالية عدم نقل السلطة:
حين نقول نقل السلطة كاملة، نعني أن حزب المؤتمر الشعبي، كان يحكم الجمهورية اليمنية، وتحديداً من العام 1997، باسم المؤتمر الشعبي صاحب الأغلبية العادية، ثم الأغلبية المريحة، ثم الأغلبية الكاسحة، وكان رئيس المؤتمر هو رئيس البلاد، حسب قانون المؤتمر الشعبي، وحين وقع الرئيس السابق على المبادرة الخليجية، وقع عليها باسم المؤتمر الشعبي العام، وباسم رئيس الجمهورية، وحين وقعت الأحزاب المتحالفة معه، أو المعارضة له، وقعت باسم أحزابها، وفقا لنظام حكم حزب الأغلبية، والنظام السياسي الحزبي، الذي حكم العملية السياسية في البلاد، فعلي عبدالله صالح، لم يكن يحكم باسم المذهب، أو العائلة، أو سنحان -من حيث الشكل- بل كان يحكم ويدير البلاد باسم المؤتمر الشعبي العام. وعلى ذلك، فإن نقل السلطة كاملة لم يتحقق، ولم يتم، ولا يزال صالح يحكم نصف الحكومة -إلى قبل تشكيل حكومة الكفاءات الحالية- ومعظم أجزاء البلاد، من خلال ممثليه (الغالبية) في البرلمان، والغالبية المطلقة والكاسحة المعينة في مجلس الشورى، والمحافظين، والمحليات، والسفراء، والقضاء التقليدي الفاسد، وجميع مفاصل الدولة العميقة، بما فيها أقسام هامة من بنية وقيادات الجيش، والأمن، والتي لا تزال تدين بالولاء لرأس النظام السابق، حتى اللحظة، والتي لم تمس، وإنما فقط جرى استبدالها بأخرى، والتي لم تنتقل إلى نائبه سابقا، الرئيس المنتخب بعد ذلك (حالياً) عبد ربه منصور هادي. ومن هنا، نجد حزب المؤتمر الشعبي برأسين يتشاركان في إدارة أمور البلاد، وهو أمر غير طبيعي، ولا منطقي، وغير معقول، ولا مقبول، وهو ما استدعى تدخل مجلس الأمن لمرتين؛ المرة الأولى في إصدار قرار مجلس الأمن المتصل بعملية نقل السلطة رقم 2051، ثم قرار العقوبات الأخير...، ومن هنا الحاجة السياسية، والوطنية، لعملية استكمال نقل السلطة، حتى تهدأ وتستقر الأمور في البلاد. وهذا الوضع هو ما يفسر كذلك، حالة عدم التكامل بين الرئاسة، والحكومة السابقة، طيلة السنتين والنصف الماضية، وكذا استمرار عدم التفاهم، والتكامل، والتعاون، بين مختلف مستويات السلطة، والحكم في البلاد (المقصود رئاسة الجمهورية المنتخبة)، لأن استكمال نقل السلطة وفقا للموقعين على المبادرة الخليجية بأسمائهم وصفاتهم، وتموضعاتهم الحزبية السابقة، لم يتحقق حتى اللحظة. وهو ما يفسر حالة الارتباك، والاضطراب، والازدواجية، في إدارة البلاد، وكأننا أمام حالة من "ازدواجية السلطة داخل الحزب الواحد" (المقصود، المؤتمر الشعبي العام)، عكست نفسها على إدارة البلاد كلها، وما لم يستقر هذا الوضع على حاله الطبيعي باستكمال عملية نقل السلطة، للرئيس عبد ربه منصور هادي، فإن البلاد كلها ستظل تدور في دوامة أزمات لا تنتهي، تبقى فيها رئاسة الجمهورية مشلولة عن الفعل، وغير قادرة على الحسم في كثير من الأمور والقضايا السياسية، والوطنية الحساسة، والخطيرة (التنمية، الحوار، الاستقرار، الأمن الإرهاب، الانتقال الديمقراطي السلمي)، أي أنه بدون استكمال عملية نقل السلطة، والذي يعد قانون العدالة الانتقالية في اليمن، جزءاً لا يتجزأ منه، فإن حال البلاد سيظل على حالة من الفوضى، والعنف، وانعدام سيادة سلطة القانون، واللادولة.
إن تمسك، وإصرار رموز النظام القديم/ الجديد، على حقهم في ممارسة العمل السياسي، حتى الوصول ثانية، إلى رأس قمة الدولة، والسلطة، بأنفسهم، أو بأعوانهم، إنما نجده متجسداً في رفضهم نقل السلطة (سلطة الحزب حسب قانون المؤتمر الشعبي نفسه)، من خلال استمرار السيطرة على الحزب الذي يملك أعظم حضور في بنية الدولة العميقة، ويهيمن على معظم مفاصل الدولة العميقة، يعني في الواقع حق الرئيس السابق، وأبنائه، وإخوته، وأعوانه، الذين كانوا يحكمون البلاد طيلة نيف و3 عقود، يعني حقهم في العودة الشرعية إلى حكم البلاد مجدداً، في أي انتخابات قادمة، وكأن الشعب لم يقم بثورة شعبية ملايينية ضدهم، ولم يسقط آلاف الضحايا والشهداء، والجرحى، ولم يتدخل المجتمع الإقليمي، والدولي، لفض الصراع، وإيقاف مد الثورة عبر التسوية السياسية (المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية)، وكأن الحصانة كانت فقط بوابة شرعية لتطهيرهم من دم الضحايا، ولإعدادهم وتهيئتهم مرة ثانية للحكم، وكأن الرئيس الجديد، المنتخب عبد ربه منصور هادي، والحكومة، بمثابة محلل، سياسي، شرعي، لعودتهم ثانية لحكم البلاد، وهو ما يفسر رفض نقل السلطة كاملة، وفقاً لمضمون وروح المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، ووفقاً لسياق العملية الثورية، والشعبية، والوطنية الكبرى، التي شهدتها البلاد طيلة سنتين منصرمتين من عمر الكفاح السياسي، المدني، الديمقراطي، الذي اشترك فيه جميع أبناء اليمن من الشمال، والجنوب. إن الحصانة الممنوحة للحاكم، ومن عملوا معه، هي جزء من عملية انتقالية شاملة، وهي جزء من قانون العدالة الانتقالية، ومن هنا الأهمية السياسية، والوطنية، والتاريخية، لضرورة عملية استكمال نقل السلطة كاملة للرئيس الجديد، رئيس الدولة، ورئيس الحزب، المفترض، وفقاً لقانون المؤتمر الشعبي نفسه.
إن رموز النظام القديم/ الجديد، لا يعترفون ولا يقرون، وينكرون أن هناك ثورة شعبية قامت وخرجت ضدهم، بالملايين، وملأت الساحات، في جميع المدن والأرياف، ولا يرونها سوى وهم، وخيال، وفي أحسن الأحوال أزمة عابرة تمكنت مؤقتا -فقط مؤقتاً- من إسقاط رأس النظام، وإزاحة أقطاب العائلة، من مواقع الحكم، العسكرية، والمدنية، ولكنهم لا يزال بإمكانهم، ومن حقهم، كما يرون، العودة مجدداً للحكم، والسلطة، وهو قمة الغطرسة، والجنون، ومن يحكمه، ويتحكم به، مثل هكذا منطق من التفكير، قطعا لا يمكن أن يكون مقتنعا بقضية بناء الدولة المدنية الاتحادية، ولا بطي صفحات الماضي الأليم، والكئيب (معالجة مشاكل الماضي)، بل هو، كما تقول الحقائق، والوقائع، يسعى جاهداً لإعادة إنتاج الماضي، كنظام، وإلى تمجيده كتاريخ سياسي، وحين يعترف بإزالة آثار الماضي، لا يرى نفسه فيه، ولا طرفا فيه، وصانعا فعلياً له، ومن هنا دأبه الحثيث من جديد للوصول إلى الحكم باسمه، أو باسم أبنائه، أو أعوانه المباشرين، ما لم، فليكن تعويق العملية الانتقالية كلها، وليس قانون العدالة الانتقالية سوى أحد تجليات ذلك التعثر، والفشل، وهنا تكمن مشكلة العدالة الانتقالية، مع هذا النموذج من التفكير، الذي لا يزال وأعوانه يرفضون الاعتراف بالانتهاكات المختلفة التي ارتكبت ضد الضحايا، والمجتمع عموماً، ومن هنا عدم قدرتهم الذاتية، على المساعدة، والمساهمة، في معالجتها، وحلها، وتجاوزها.

العدالة الانتقالية والحصانة في اليمن:
لقد تحصّل رموز النظام القديم/ الجديد، على الحصانة المجانية، عبر برلمان يمتلكونه، ويسيطرون عليه، ومن خلال المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، والمنطق، والواقع، وطبيعة الأشياء والأمور تقول إن أية حصانة، وعفو، لا يمكن أن تكون بدون مقابل. ثم كيف لنا أن نفسر إِلحاح الحاكم السابق، وإصراره على طلب الحصانة، حيث نصت المبادرة الخليجية الصادرة في 21 أبريل 2011، على منح الحصانة "الحصانة من الملاحقة القانونية، والقضائية، ومن عملوا معه خلال فترة حكمه"؛ هكذا بالنص، في مقابل نقل السلطة كاملة، والتي تم التوقيع عليها، مع الآلية التنفيذية المزمنة، في 23 نوفمبر 2011، في السعودية (الرياض)، وكان قرار مجلس الأمن رقم 2051 الذي يتصل بقضية استكمال عملية نقل السلطة، لشعور مجلس الأمن، بالممانعة، والرفض، للسير باتجاه نقل السلطة، وعملية التغيير...، إذن الحصانة مقابل نقل السلطة كاملة، وليس جزءا منها، إلا إذا كان الحاكم السابق/ الجديد، يعتبر تنازله عن رأس الحكم، تنفيذاً، ورضوخاً، لصاحب الشرعية في السلطة، إعطائها، وسحبها، (وكأنه وصل إلى السلطة أو امتلكها بالوراثة)، وهو هنا الشعب، هو تنازل عن حق شخصي مطلق للحاكم، وباسمه، بعد أن توحد الحاكم أو الرئيس، طيلة نيف و3 عقود، بمؤسسة الرئاسة، وصار الرئيس جزءا من اسمها، وهويتها، وصارت الرئاسة كمؤسسة ملحقة به، وتابعة لذاته وشخصه، وهو ما يفسر توحد الدولة كلها، وتماهيها بسلطة الرئيس السابق، وعائلته، وبذلك فإن الحصانة، لم يتبعها تنازل أو مقابل، سياسي، أو معنوي، أو لفظي، على الأقل، بالاعتراف بالأخطاء، والانتهاكات التي ارتكبت ضد الضحايا...، وضد المجتمع، ففي جنوب أفريقيا، أعطي العفو، للمسؤولين، والحكام السابقين، مقابل الاعتراف بالأخطاء، دون أية تبعات جنائية، والانتهاكات، والتجاوزات ضد الضحايا، أمام "هيئة الحقيقة"، كأساس للعفو، وهو ما يرفضه رموز النظام القديم/ الجديد، في اليمن، في شكلي: عدم نقل السلطة كاملة، للرئيس الجديد المنتخب، عبد ربه منصور هادي، وعدم الاعتراف بالأخطاء، حتى نتمكن من إزالة آثار الماضي، وكأن الحصانة، وعدم نقل السلطة، منصة للاستيلاء على الحكم كرةّ أخرى.
إن الحصانة، هي جزء من عملية الانتقال السياسي، الديمقراطي السلمي، وجزء من قانون العدالة الانتقالية. هي حصانة سياسية، قبل أن تكون قانونية، من أطراف محلية، وإقليمية، أي أن الشرط السياسي هو الذي صنع الوجه القانوني لها (لم يعترف بها المجتمع الدولي، ولا يقرها القانون الدولي)، حصانة مشروطة بالانتقال السياسي الديمقراطي، وجوهرها ومضمونها هو نقل السلطة، للدخول إلى التسوية السياسية التاريخية، وتجنب الحرب، وبذلك لا تزال الحصانة اليمنية الممنوحة للحاكم السابق وأعوانه، موضع تساؤل، ومناقشة، وحوار، والحقوق حولها، لن تسقط بالتقادم، وخاصة أن من مُنح الحصانة لم يقم حتى الآن بنقل السلطة كاملة، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي وقع عليها كرئيس للجمهورية، وكرئيس لحزب المؤتمر الشعبي العام، الذي حكم باسمه طيلة نيف و3 عقود، كما أنه -وهو الأهم- كذلك لم يعترف بشيء لصالح حقوق الضحايا (اعتراف معنوي، رمزي، حتى كما يجري ويحدث في التحكيمات العرقية)، بل هو يحاول تعويق عملية التسوية السياسية، وقطع الطريق أمام تنفيذ مخرجات الحوار، والتلاعب بإنجاز الحلول والضمانات -التي تمكن منها- تحت وهم إمكانية العودة للحكم، والسلطة، مجدداً، تحت أي مسمى كان. ومن هنا، عدم قبوله، ورفضه الانسحاب حتى المؤقت من المشهد السياسي العمومي، فهو عمليا، حتى الآن، لم يتخلَّ عن السلطة، بل يمارسها، في أبشع صورها قهراً لإرادة الشعب، الذي ثار عليه، تبدو معه الحصانة اليمنية، كأنها حصانة إجبارية، وقسرية، وقهرية، رغما عن الكل: رغما عن إرادة، وحقوق الضحايا، وأصحاب الحقوق المنتهكة، ورغما عن القوانين المحلية (قانون العقوبات، والجزاءات)، ورغما عن القانون الدولي (المحاسبة)، ورغما عن الشريعة الإسلامية وأحكامها، في مجالات الثواب والعقاب (القصاص)، ورغما عن أولياء الدم، بل وحتى رغماً عن الأعراف والأحكام المحلية، وبذلك فالحصانة اليمنية، كما يريدها الحاكم، وكما يتصورها، هي خارج جميع القوانين الوطنية، والدولية، والإنسانية، ومن هنا أهمية وضرورة ربطها بشرطها السياسي، والقانوني، والإنساني، المتجسد والمتمثل في قانون العدالة الانتقالية (العدالة، والإنصاف)، المساءلة، والمحاسبة، ومعرفة الحقيقة، وجبر الضرر، وإصلاح المؤسسات الفاسدة، وصولاً إلى المصالحة السياسية، والوطنية الشاملة. ولا يمكننا الوصول إلى المصالحة إلا عبر قناة وبوابة العدالة، وقانون العدالة الانتقالية تحديداً، الذي تأخر أكثر مما يجب([1]).
وفي تقديرنا، أنه من غير الممكن تصور عدالة انتقالية، وإنصاف للضحايا، في ظل بقاء مؤسسات الدولة جميعها (السياسية، والأمنية، والعسكرية، والمخابراتية، وحتى المالية)، بيد أطراف النظام القديم "ومن الطبيعي إذن أن يقف هؤلاء في وجه انتقال، أو تغيير، أو تطبيق مبادئ العدالة الانتقالية (...)، فمسألة إصلاح المؤسسات التي ارتكبت انتهاكات في الماضي، الأمن السياسي، والأمن القومي، والمحاكم الاستثنائية، وأيضاً الشرطة، والجيش، وتطهيرها من المنتهكين، وتحديد مهامها بشكل أوضح، بما يتواءم مع حقوق الإنسان، هو أحد المبادئ الأساسية في العدالة الانتقالية".
علينا أن نقر ونعترف أنَّ جزءاً هاماً من قوة استمرار النظام القديم في المشهد السياسي الراهن، هو بطء إجراءات التسوية على صعيد السلطة التنفيذية، بما يحقق مصالح أوسع قطاعات المجتمع، والتأخر في إصدار القرارات في اللحظة المناسبة، والتسويف، والترضيات، واستمرار منطق المحاصصة ضمن قانون، وآليات النظام القديم نفسه، والتردد في الحسم في قضايا تساعد باتجاه الحركة نحو التغيير، وهو ما أضعف ليس فحسب منطق العدالة الانتقالية، بل هو ما أضعف روح الانتقال الديمقراطي على قاعدة التغيير المنشودة، فنحن في اليمن لا نزال نتحرك وندور ضمن ما يمكن تسميته "العدالة التفاوضية الناقصة"، أو "العدالة الجزئية، السياسية الخاصة"، أو "العدالة التصالحية"، التي لا صلة لها بقانون العدالة الانتقالية، أي المحاصصات القديمة، ولكن في أثواب وأشكال وتسميات، جديدة.

العدالة الانتقالية وممانعة النظام القديم/ الجديد:
إن عدم إصدار قانون العدالة الانتقالية، أو تعثره، أو بالأصح رفضه من قبل النظام السابق/ المؤتمر الشعبي العام، وحلفائه، وأعوانه، حتى اليوم، هو أحد أوجه الأزمة السياسية، والوطنية الراهنة، فبدون عدالة انتقالية حقيقية، ترضي الضحايا، وتحقق المساءلة، وفق عملية سياسية توافقية، بين طرفي المعادلة (الضحية، والجلاد)، (القاتل، والمقتول)، فلا نتوقع أن تتحرك التسوية السياسية، أو أن نصل إلى المصالحة، والتوافق، فالعدالة أولاً، وأخيراً، هي الشرط الضروري للانتقال إلى التوافق، والمصالحة. إن مقتضى العدل غائب حتى الآن، ومُصادر ومُغيب لصالح الحصانة المطلقة، وبدون أي تنازل للضحايا، وهنا يجب التفريق بين أمرين؛ التنازل لإرادة الشعب، وهو حق، وقانون، وبين الاعتراف بحق الضحايا. فالشعب في مفهومه العمومي، شيء، والضحايا في مفهومهم وتعريفهم الخاص، شيء آخر، وهو ما لم يدركه رموز النظام السابق، حتى اللحظة، ومن يرى أن ترك رأس السلطة، بعد ثورة، أو أزمة سمها ما شئت، هو منتهى الرجاء، وهو المطلوب، فإنه حقيقة لا يزال يتحرك، ويتحدث باسم العقل الاستبدادي الشمولي، الذي لا يزال يحلم، ويرغب في استعادة الملك، والحكم ثانية، ومن هنا عدم استعداده لنقل السلطة كاملة، وقناعته الراسخة بأنه لن يخرج نهائياً من السلطة، والحكم، ومن هنا محاولاته، استرداد الملك العضوض الذي انقضى، "نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا"، كما قالها امرؤ القيس.
وهنا، من المهم التأكيد على أهمية المصفوفة التي أصدرتها الحكومة، والمتعلقة بالاعتذار، وجبر الضرر، والأهم منه قرار إنشاء "الصندوق الائتماني" لأبناء الجنوب الضحايا، والمتضررين (الإبعاد القسري، والأرض)، وهي خطوة طيبة، مدركة لأهمية السير باتجاه تحقيق روح العدالة الانتقالية. وفي هذا السياق، من المهم وضع النقاط ال20، وال11، في حيز التنفيذ العملي، دون تسويف، أو مراوحة، وتحويل مخرجات الحوار إلى واقع ملموس، في الدستور والقوانين النافذة، تعكس صورة، وروح الدولة المدنية الاتحادية المنشودة.
إن الممانعة الاستبدادية الداخلية في عقل الحاكم السابق، وأعوانه، في عدم نقل السلطة، هو ما يجعله يذهب إلى وضع وفبركة العوائق أمام التسوية السياسية، وأمام مخرجات الحوار، والتلاعب بالحلول، والضمانات، لتنفيذ مخرجات الحوار، وهو ما تحقق لهم، من خلاله، رفض تحالف 1994 لوثيقة الحلول والضمانات التي أقرتها لجنة التوفيق، وأسقطت في آخر لحظة، استجابة لمصالح قوى الحرب، والنفوذ، وإبقاء المجتمع كله في حالة من المراوحة في الموقف من قضية بناء الدولة الاتحادية، وشكلها، وعدد أقاليمها، وغيرها من المعوقات. وهو ما يجعلهم كذلك لا يرون الآخر، الذي هو هنا الشعب، والضحايا، إلا كأسماء، وأشياء موضوعة ومجبولة على استمرار حكمهم، وطاعتهم. وهي حالة مرضية "سيكوباثية"، لاعقلانية، فيها حالة من الإنكار الشديد للواقع، وللحراك السلمي الجنوبي، والثورة الشبابية الشعبية، التي أجبرتهم على ترك رأس السلطة ومغادرتها، حتى الآن، وما يزال يراوح حالماً بالعودة إليها، لولا قرار مجلس الأمن الأخير، المتضمن عقوبات شخصية للرئيس السابق، وما كان يشجعه في السابق على ذلك، هو أن نصف الحكومة كان بيده، إلى جانب أن أركان الدولة العميقة لا تزال خاضعة لأوامره (البرلمان)، (الشورى)، (المحافظين)، (المحليات)، (السفراء)، البنية التحتية لبعض الأجهزة الأمنية، قسم من القاعدة الإعلامية الرسمية، وذلك حتى اللحظة، ومن يقرأ تعقيدات المشهد السياسي اليوم، وتحديات الانتقال الديمقراطي، مع وجود الميليشيات المسلحة، التي تقلص مساحة الفضاء السياسي المدني، سيجد أن جذرها الحقيقي كامن في تلكم المقدمات، التي أشرنا إليها، في عدم نقل السلطة من البداية، وهو ما قد يهدد صيغة التسوية السياسية التي قامت عليها المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، التي تؤكد على قضية نقل السلطة كاملة، ولا يمكن للباحث السياسي، سوى أن يقرأ في كل ذلك، أن هناك توجهاً سياسياً، لتعويق عملية الانتقال السلمي للسلطة، وممانعة للتحول نحو الديمقراطية، والتعددية، ولا نرى في حالة الانفلات الأمني، والاغتيالات للعسكريين، والأمنيين، خاصة من أبناء الجنوب، ورموز الحوار، والتهديد لنواب، وأعضاء في الحوار الوطني، في زمن انعقاد مؤتمر الحوار، إلى جانب تعريض حياة الناس وأمنهم الاجتماعي للخطر (تفجير الكهرباء، وأنابيب النفط والغاز، والتقطعات، وتصعيد حرب القاعدة، ضد المجتمع، والدولة، ورفع وتيرة الحرب المذهبية، والطائفية)، بإدارة واعية ومقصودة من جهات رسمية سابقة، وحالية، سوى محاولات لضرب عملية الانتقال الديمقراطي، وتعريض السلم الأهلي كله لخطر الاحتراب المذهبي، والطائفي، كما كان يرجوه البعض، وهو ما تسعى إليه القوى الرافضة لعملية انتقال السلطة، للرئيس عبد ربه منصور هادي، كاملة، بعد أن شعروا أن مخرجات الحوار جميعاً تقف إلى جانب مشروع دولة اتحادية، مدنية، ديمقراطية، تعددية، بدلاً عن دولة العصبية، والشوكة، والغلبة، التي حكمت البلاد طيلة نيف و3 عقود، من الزمن، ومن هنا صعوبة، بل واستحالة تفهمهم، وقبولهم الطوعي لعملية الانتقال السلمية، والعدالة الانتقالية. فالنظام السابق، الراهن، ما يزال لا يعترف بحق الضحايا، في العدل، والإنصاف، ويرى أنه قدم مكرمة للشعب اليمني بتركه للسلطة، بعد 34 سنة من الحكم العضوض، ومن النهب لأموال، وممتلكات الشعب والبلاد، ولذلك يأخذه الخيال السلطوي الواهم، في قراءة المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، وحتى اتفاق السلم والشراكة، بما يحقق أوهامه، ونزوعه إلى استعادة السلطة، والحكم، خاصة بعد تحالفه العسكري مع "أنصار الله"، في الاستيلاء على العاصمة دون مقاومة من المؤسستين العسكرية والأمنية، ومن هنا محاولاته المتكررة تعويق السير باتجاه الانتقال الديمقراطي، وإنجاز العدالة الانتقالية، وهناك العديد من المحللين، والخبراء، الاستراتيجيين، لا يرون في الهجوم الإرهابي على مجمع وزارة الدفاع، واختيار موعد زيارة رئيس الجمهورية له، توقيتاً، مناسباً، سوى محاولة لإرسال رسالة تحذيرية مزدوجة، للداخل بفشل الحوار، كما تمنوا، وأملوا، وإفشال المرحلة الانتقالية، والأهم رفضهم نقل السلطة كاملة، لتأكيد مزايا النظام السابق على الحالي. والرسالة الأخرى للخارج، لعدم مساندة، ومساعدة، ودعم عملية التحول الديمقراطي، والانتقال السلمي، والتشكيك في قدرة الرئيس، في إنجاز مهام المرحلة، خاصة وأن نصف الحكومة كان بأيديهم، لتعطيل كل شيء، وهي محاولات متكررة لم تتوقف لضرب عملية التسوية السياسية، والوطنية، الراهنة، المطلوب استكمال إنجاز مهامهما، وتدخل محاولة اغتيال د. ياسين سعيد نعمان، الأخيرة، السبت 7/12/2013، ضمن هذا السيناريو، لتفجير عملية التسوية السياسية، وتعويق إمكانية الإسراع فيها، محاولة لخلط الأوراق، وإرباك المشهد السياسي كله، يجرهم "أنصار الله"، كقوة سياسية، وعسكرية صاعدة، إلى حروب عبثية مذهبية ومناطقية إن أمكن، تستنزفهم، وتنهكهم، وتشتت قدراتهم على طريق إضعافهم، وهي رغبة دفينة، كامنة في عقل الرئيس السابق.
وليس حديث انتهاء الفترة الانتقالية، وانتهاء فترة ولاية الرئيس عبد ربه منصور هادي، في 21 فبراير 2014، سوى شحن، وتعبئة، سياسية، وإعلامية، في هذا الاتجاه.
كما أننا لا نقرأ عملية وجريمة اغتيال د. أحمد شرف الدين، الثلاثاء، 21/1/2014، وقبل ساعتين فقط من إنجاز أعمال مؤتمر الحوار، وإقرار وثائقه بصورة نهائية، سوى عملية تعويق لاستكمال عملية الانتقال الديمقراطي للسلطة، ووصول التسوية إلى واحدة من محطاتها الهامة، قبل الأخيرة، بصرف النظر عمن يقف وراء عملية الاغتيال، فهناك أطراف مختلفة من حيث الاسم، والشكل، ومتفقة من حيث المضمون، والموقف، مستفيدة من عملية الاغتيال، ويجمعها هدف واحد، هو عرقلة أعمال المؤتمر، وضرب عملية التسوية السياسية التاريخية، لتستمر بعدها، ومعها، حالة الفوضى، واللادولة القائمة.
نحن اليوم أمام إرث سياسي، أيديولوجي، تاريخي، ضخمٍ، ساهم النظام السابق، في إعادة إنتاجه، وتكريسه، وتأسيس قاعدة حكمه على أساسه، وهو اليوم يحاول مجددا استعادته، وفرضه بالقوة...، وبالنتيجة نحن اليوم أمام قوى سياسية اجتماعية معاندة لروح التغيير، لم تكتفِ بما أخذته من أموال، وما نهبته خلال حكمها من ممتلكات الشعب، في الشمال، والجنوب، وما ارتكبته، من جرائم ضد الإنسانية، وضد القانون الدولي، وحقوق الإنسان، في الجنوب، والشمال، ومن فساد، واستبداد، وإهدار للسيادة الوطنية، وما تزال موغلة في نفس طريق الانتقام من المجتمع، ومن الشعب...، لقد قبل بعض الضحايا، بالتسوية، وبقانون للعدل، والإنصاف في حده الأدنى، ولا يزال رموز النظام القديم/ الجديد يوغلون في السير في الاتجاه المناقض للإرادة الشعبية، وضد العدالة الانتقالية، والانتقال الديمقراطي السلمي...، فإذا سألنا عن المستفيد الحقيقي من كل ما يجري من جرائم، وقتل، وتعويق لعملية الانتقال السلمي للحكم، فلن نجد مستفيداً وحيداً غير من يرفض نقل السلطة كاملة للرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي. ولا يغيب عنا هنا دور العامل الإقليمي المحايد أو غير الداعم لعملية الانتقال الديمقراطي في البلاد، في صورة عدم حضور ضغطه على من كان، وما يزال، يعرقل نقل السلطة، وبالنتيجة من يعوق عملية الانتقال السلمي في البلاد، والتي يستفيد منها رموز النظام القديم/ الجديد، وتوظيف ذلك لخدمة استمراره في تعويق العملية الانتقالية الديمقراطية...، وكلنا ما يزال يتذكر ما كان يجري داخل فرق الحوار ال3: العدالة الانتقالية، والحكم الرشيد، والقضية الجنوبية، من تعويق، ومقاطعة، وتعليق، ورفض التوقيع على القرارات، إلا بأمر من رأس النظام السابق شخصياً، وكلها دليل على رغبة كامنة لرفض مخرجات مؤتمر الحوار كلها.
إن المأساة، هي أن رموز النظام السابق/ الراهن، لا تزال تتحرك ضمن دوائر الماضي، ولا علاقة لهم بالمستقبل. المشكلة أن الحاكم السابق وأعوانه الخلص، لا يزالون ينظرون إلى ذواتهم، ومصالحهم الخاصة، باعتبارها فوق مصالح المجتمع، والشعب كله، ولا يزال رأس الحكم السابق مصراً على احتكار المستقبل، كما احتكر ماضي السلطة، والحكم، لأكثر من 34 سنة، ولم يتعظ من التاريخ، ومن مكره، الذي باغته، وداهمه لسنتين متواصلتين (2011، وحتى بداية 2012). إنه كمن يحفر قبره دون أن يدري، وكلها محاولات ميئوس منها في استعادة "الفردوس المفقود"، استعادة ماضٍ لن يعود أبداً. ولا خيار أمامهم جميعا، سوى الانتقال الديمقراطي، والعدالة الانتقالية، ضمن خصوصياتها اليمنية، القائمة على المحاسبة، والمساءلة، والعفو، والعدل، وجبر الضرر، والمصالحة، وترميم الذاكرة المجروحة للضحايا، في الجنوب، بدرجة أساسية، وفي كل البلاد، وأملنا كبير اليوم في حكومة الكفاءات، في فتح الطريق أمام إنجاز مهام المرحلة الانتقالية، وكشف المعوقين لعدم نقل السلطة، ووضع العراقيل أمام استكمال مهمات المرحلة الانتقالية.
إن العدالة الانتقالية، والقبول بها، من جميع الأطراف، في حدها المعقول والمقبول (بعيداً عن عقلية الانتقام، أو تجاهل حقوق الضحايا)، هو ما سيهيئ المناخ السياسي، والاجتماعي، والثقافي، للدخول إلى مرحلة انتقالية ديمقراطية، جديدة، فليس المطلوب من العدالة الانتقالية، الانتقام، بل إعداد الناس للقبول بالاعتذار، والاعتراف بالأخطاء، وكلنا يعلم أن إعطاء الحصانة في اليمن، كان مرتبطا ومشروطا، بإنجاز العدالة الانتقالية، أو أن القبول بالعدالة الانتقالية، كان هو السبب في منح الحصانة للرئيس السابق، وأعوانه في اليمن، وهو ما يحاول من يرفضون نقل السلطة اليوم، التحلل منه، في واقع الممارسة العملية، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية.

(1) إن "المصالحة" التي يتحدث عنها البعض هي لحظة تالية من لحظات تحقيق العدالة الانتقالية، لحظة تالية ولاحقة لعملية إنصاف الضحايا، لحظة تالية لجبر الضرر، وترميم الذاكرة، ومعرفة الحقيقة، دون انتقام، ولكن دون قفز على قضايا الحقوق، فكون القوى السياسية، سمحت ووافقت بإعطاء الحصانة، دون تحقيق كل ما سبق، لا يعني سقوط كل ذلك، فهي قضايا حقوق، لا تسقط بالتقادم. كما أن المصالحة السياسية، أو الوطنية، بين القوى الحزبية، والنخب السياسية، والاجتماعية، لا تلغي شرط تحقيق العدالة، والإنصاف للضحايا، وهي القضية المحورية التي لا يمكن القفز عليها، فذلك سيعني أخذ كل الماضي معنا إلى المستقبل، وهو ما لا نرجوه، كما أن قضايا نهب الأموال، والأراضي، والممتلكات الخاصة، والعامة، لا تسقط بالتقادم، فهي قضايا حقوقية مباشرة، وهو ما ترفضه بعض الأطراف النافذة اليوم (المؤتمر الشعبي العام، وحزب التجمع اليمني للإصلاح). لقد حصل رموز النظام السابق/ الجديد، على الحصانة دون مقابل، ولعب مجلس النواب دوراً في ذلك، حين أحيل قانون الحصانة إلى المجلس، ورفض أو منع تقديم قانون العدالة الانتقالية، وكلاهما وجهان لعملية سياسية، واجتماعية، وقانونية، وحقوقية واحدة، واليوم يحاول مجلس النواب ثانية أن يتدخل قسرياً، ودون حق، لتشريع قانون سياسي للمصالحة السياسية، يتجاوز قانون العدالة الانتقالية، وهو أمر خطير، ونرى في مؤتمر بروكسل لما يسمىالعدالة التصالحية، والذي تقف خلفه قوى النظام السابق، محاولة فاشلة للخروج على مخرجات الحوار الوطني الشامل، والأنكى من ذلك أن يذهب مجلس النواب ناقص الشرعية والدستورية، إلى عمل سياسي حزبي يتجاوز من خلاله مخرجات الحوار بخصوص العدالة الانتقالية، والالتفاف عليها بتشكيل لجنة سميت "لجنة الوفاق الوطني"، خلافاً لوثيقة مخرجات الحوار، خدمة لمصالح حزبية، وسياسية، وضداً على الحقوق الشرعية للضحايا، وهو بذلك، للمرة الثانية، يتجاوز حقوق الضحايا والمجتمع. وهنا نطالب الهيئة الوطنية للرقابة على مخرجات الحوار، بالقيام بدورها، والتصدي لذلك، بحكم دورها وعملها في مراقبة تنفيذ مخرجات الحوار الوطني. كما نناشد ونطالب رئيس الجمهورية شخصياً، باعتباره رأس الدولة، وراعي مؤتمر الحوار، بإيقاف هذه المهزلة التي ستشكل سابقة خطيرة، لها ما بعدها، في تجاوز وثيقة مخرجات الحوار الشامل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.