العرادة والعليمي يلتقيان قيادة التكتل الوطني ويؤكدان على توحيد الصف لمواجهة الإرهاب الحوثي    عيد العمال العالمي في اليمن.. 10 سنوات من المعاناة بين البطالة وهدر الكرامة    حكومة صنعاء تمنع تدريس اللغة الانجليزية من الاول في المدارس الاهلية    فاضل وراجح يناقشان فعاليات أسبوع المرور العربي 2025    الهجرة الدولية: أكثر من 52 ألف شخص لقوا حتفهم أثناء محاولتهم الفرار من بلدان تعج بالأزمات منذ 2014    انخفاض أسعار الذهب إلى 3315.84 دولار للأوقية    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    عبدالله العليمي عضو مجلس القيادة يستقبل سفراء الاتحاد الأوروبي لدى بلادنا    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العدالة الانتقالية.. بين الحصانة وعدم نقل السلطة
نشر في الجمهورية يوم 12 - 12 - 2013


الإهداء إلى الشهيدين:-
د. عبد الكريم جدبان
والقاضي عبد الجليل نعمان وجميع شهداء، مجمع وزارة الدفاع الأبطال فلا نامت أعين القتلة.
أن مصطلح أو مفهوم العدالة الانتقالية، مفهوم ومصطلح سياسي، وحقوقي، وقانوني، يمكننا إن نجد حيثيات له في القانون الدولي الإنساني، وفي وثيقة حقوق الإنسان، وفي قوانين دولية عدة، كما أن مضمون العدالة الانتقالية في نصوصه العامة حاضراً في قوانين العقوبات، وقانون الجزاءات، وهو مصطلح ومفهوم غير مفصول عن البحث والدراسة السوسيولوجية، السياسية، والاقتصادية.
قانون مر بمراحل تطور عديدة منذ منتصف خمسينيات القرن الماضي، وتطور اكثر في السبعينيات منه، وحضر أكثر في المشهد السياسي وفي الكتابات الفكرية والسياسية، وفي واقع الممارسة، بعد انتهاء الحرب الباردة، وتحول إلى حالة بحث، ونقاش، واسعة مع ظاهرة الربيع العربي. وما يزال في حالة سيولة وبحث وتطور حول مضمونه، والأهم حول أشكال وطرائق تنفيذه وتطبيقه في الواقع، على صعيد كل حالة على حدة، فليس هناك من حالة في التطبيق تشبه الأخرى، حتى أن بعض الدول العربية حين شكلت حكوماتها بعد الربيع العربي حوت على وزير للعدالة الانتقالية أو للمصالحة الوطنية،(تونس، مصر) وهناك من صاغت قوانين على هدى مفهوم العدالة الانتقالية لتصفية الحساب مع الماضي، (التطهير) قانون العزل السياسي(ليبيا) قانون مباشرة الحقوق السياسية والمدنية (مصر) وتعثر الأمر في الحالة اليمنية بعد أن كان قانون العدالة الانتقالية جاهزاً للبحث والمناقشة، لأسباب الانقسام السياسي حول مضمون مواد القانون، خاصة وان القانون يطال أطراف نافذة في النظام السابق، ماتزال حاضرة ومؤثرة في المشهد السياسي، والحكومي، والأمني.
وليس هناك مضمون واحد متفق عليه، كما ليس هناك نصوص واحدة ثابتة في كل قانون، فلكل حالة سياسية اجتماعية عربية خصوصيتها، وسياقها الذاتي، والموضوعي، الذي يعبر من خلاله القانون عن نفسه.
على أن الشيء الأكيد أن قانون العدالة الانتقالية في اليمن تحت أي مضمون، ونصوص، هو قانون تستدعيه الحاجة السياسية، والاجتماعية، والوطنية، والتاريخية الراهنة، للعبور من خلاله إلى مرحلة سياسية، ووطنية جديدة، على انقاض ما مر به الوطن - في هذا البلد، أو ذاك- والقانون هو قاطرة، للانتقال الديمقراطي السلمي، تهيئ المجتمع، والسلطة، والدولة، للدخول إلى مرحلة سياسية، توافقية، تصالحية، وتشاركية جديدة. تعكس توازن المصالح المجتمعية، وتوازن القوى، وليس إعادة إنتاج توازن القوة العسكرية، والقبلية القديمة. وهنا يبرز الصراع، والاختلاف فيما بين أطراف العملية التي ثأرت على النظام القديم، وبقايا النظام السياسي، القديم، التي تحاول الانتقال بكلتيها، وبكامل حمولتها، وعتادها الجارح ،والمؤلم، إلى المرحلة الجديدة، متجاهلة شرط الثورة، وأهداف التغيير، السياسية، والاجتماعية، والوطنية، التي انتفضت وثأرت عليها، وضدها، وهي ظاهرة سياسية تاريخية، عن كيف يحاول القديم التشبث بتلابيب الحي أو الجديد، لينتقل معه بكليته إلى الحياة الجديدة، أو جر البلاد كلها إلى حافة الهاوية، والقبر.
وهنا تكمن مشكلتنا في اليمن مع قانون العدالة الانتقالية، والحصانة، ونقل السلطة، الذي لم يتم في صورته الكاملة، والذي يتجلى في التأويل السياسي الخاص للمبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية.
فقد ادرك رموز النظام القديم الجديد أن المعركة الحقيقية ستدور في فريقي “العدالة الانتقالية” وفريق (الحكم الرشيد) بدرجة أساسية، وكذلك في فريق القضية الجنوبية، ولذلك دفع بأعداد كبيرة من أعضائه إلى فريق العدالة الانتقالية حوالي 16 عضواً، إلى جانب عدد من المحسوبين عليه كحزب موزعين على منظمات المجتمع المدني وعددهم (5) والشباب (1) والمرأة (3) وقائمة الرئيس،(5) وجميعهم يشكلون واحداّ وثلاثين عضواّ من الأعضاء المصوتين لصالح المؤتمر الشعبي العام، ضمن فريق العدالة الانتقالية، بهدف عرقلة أعمال الفريق حيث جرت معارك سياسية سجالية وما تزال حول العديد من القوانين، وخاصة قانون العزل السياسي، الذي لا نتفق من حيث المبدأ مع شكل، ومحتوى، التسمية، له، لأنها تتعارض مع حقوق الإنسان، ومع نصوص في القانون الدولي.
فالعدالة الانتقالية في جوهرها هي عملية سياسية اجتماعية، وطنية، وإنسانية، تحاول أن تخفف من أعباء الانتقال من الاستبداد، والتسلطية، والاحتكار للسلطة، والثروة، إلى المرحلة الديمقراطية، وتقليص لزمن الانتقال، وتخفيف للكلفة الاجتماعية الصراعية، وتعميق للمضمون السلمي الديمقراطي التعددي، والتوافقي للانتقال إلى المرحلة الجديدة، وهي عملية سياسية، ووطنية معقدة، ومكلفة، وبحاجة إلى صبر، وتوافق، وقبول بالتنازلات المشتركة بما لا يخل بمصالح وحقوق الضحايا، وبما لا يقود إلى الإفلات النهائي من الجزاء، والعقاب، حتى في صورته المعنوية والرمزية، التي تعيد الاعتبار والحقوق المختلفة للضحايا.
أن العدالة الانتقالية لا تزال قضية سياسية، وحقوقية، ووطنية، وإنسانية، هامة، وكبيرة، ولا يمكن تجاوزها.
إذا أردنا الانطلاق نحو المستقبل، فالسير نحو المستقبل، يبدأ ويتأسس من هذه النقطة، والقضية، “مقتضيات العدالة، والإنصاف” مقابل ما تحصل عليه الحاكم من مكاسب وتنازلات، على حساب الحقوق المطلقة للضحايا، العدالة الانتقالية اليوم، حلقة سياسية، وحقوقية، وقانونية، مركزية، للانتقال الديمقراطي السلمي، لكل البلاد (شمالاً، وجنوباً) فالعدالة الانتقالية، لا تعني انتقاماً (ليبيا) كما لا تعنى انتقاما، واجتثاثا سياسيا، أو طائفياً (العراق) كما لا تعني حصانة مطلقة بدون مقابل، كما يريدها البعض في بلادنا، مع أنني شخصياً لست مع تسمية قانون العزل السياسي- كما سبقت الإشارة- ولكن المجتمع كله لا يتفق مع إعطاء حصانة مطلقة بدون مقابل نقل السلطة كاملة، وبدون عدالة وإنصاف للضحايا.
وحين نقول نقل السلطة كاملة، نعني أن حزب المؤتمر الشعبي، كان يحكم الجمهورية اليمنية وتحديداً من العام 1997م باسم المؤتمر الشعبي صاحب الأغلبية العادية، ثم الأغلبية المريحة، ثم الأغلبية الكاسحة، وكان رئيس المؤتمر هو رئيس البلاد، حسب قانون المؤتمر الشعبي، وحين وقع الرئيس السابق على المبادرة الخليجية، وقع عليها باسم المؤتمر الشعبي العام، وباسم رئيس الجمهورية، وحين وقعت الأحزاب المتحالفة معه، أو المعارضة له وقعت باسم أحزابها، وفقاً لنظام حكم حزب الأغلبية، والنظام السياسي الحزبي، الذي حكم العملية السياسية في البلاد، فعلي عبدالله صالح، لم يكن يحكم باسم المذهب، أو العائلة، أو سنحان، -من حيث الشكل- بل كان يحكم ويدير البلاد باسم المؤتمر الشعبي العام. وعلى ذلك فإن نقل السلطة كاملة لم يتحقق، ولم يتم، وما يزال صالح يحكم نصف الحكومة، ومعظم أجزاء البلاد من خلال ممثليه، (الغالبية) في البرلمان، والغالبية المطلقة في مجلس الشورى، والمحافظين، والمحليات، والسفراء، والقضاء التقليدي ، وجميع مفاصل الدولة العميقة، بما فيها أقسام هامة من بنية وقيادات الجيش، والأمن والتي لا تزال تدين بالولاء لرأس النظام السابق، والتي لم تمس وإنما فقط جرى استبدالها بأخرى، والتي لم تنتقل إلى نائبه سابقاً، الرئيس المنتخب بعد ذلك، عبدربه منصور، ومن هنا نجد حزب المؤتمر الشعبي برأسين يتشاركان في إدارة أمور البلاد، وهو أمر غير طبيعي، ولامنطقي، وغير معقول، ولا مقبول، ومن هنا الحاجة السياسية، والوطنية، لعملية استكمال نقل السلطة، حتى تهدأ وتستقر الأمور في البلاد.
وهذا الوضع هو ما يفسر كذلك، حالة عدم التكامل بين الرئاسة، والحكومة، وبين مختلف مستويات السلطة، والحكم في البلاد. لأن استكمال نقل السلطة وفقا للموقعين على المبادرة الخليجية بأسمائهم وصفاتهم، وتموضعاتهم الحزبية السابقة، لم يتحقق حتى اللحظة. وهو ما يفسر حالة الارتباك والاضطراب والازدواجية في إدارة البلاد، وكأننا أمام حالة من “ازدواجية السلطة داخل الحزب الواحد” عكست نفسها على إدارة البلاد كلها ومالم يستقر هذا الوضع على حاله الطبيعي باستكمال عملية نقل السلطة، فإن البلاد كلها ستظل تدور في دوامة أزمات لا تنتهي، تبقى فيها رئاسة الجمهورية مشلولة عن الفعل وغير قادرة على الحسم في كثير من الأمور والقضايا السياسية، والوطنية الحساسة، والخطيرة،(التنمية، الحوار، الاستقرار، الأمن الإرهاب، الانتقال الديمقراطي السلمي)، أي أنه بدون استكمال عملية نقل السلطة، والذي هو جزء لا يتجزأ من قانون العدالة الانتقالية، فإن حال البلاد سيظل على حالة من الفوضى، والعنف، وانعدام سيادة سلطة القانون، واللادولة.
إن تمسك، وإصرار رموز النظام القديم الجديد، على حقهم في ممارسة العمل السياسي، ورفض نقل السلطة (سلطة الحزب حسب قانون المؤتمر الشعبي نفسه) من خلال استمرار السيطرة على الحزب الذي يملك نصف الحكومة، ويهيمن على معظم مفاصل الدولة العميقة، يعني في الواقع حق الرئيس السابق، وأبنائه، وأخوته، وأعوانه، الذين كانوا يحكمون البلاد طيلة نيف وثلاثة عقود، يعني حقهم في العودة الشرعية إلى حكم البلاد مجدداً، في أي انتخابات قادمة، وكأن الشعب لم يقم بثورة شعبية ملايينية ضدهم، ولم يسقط آلاف الضحايا والشهداء، والجرحى، ولم يتدخل المجتمع الإقليمي، والدولي، لفض الصراع وإيقاف مد الثورة عبر التسوية السياسية (المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية) وكأن الحصانة كانت فقط بوابة شرعية لتطهيرهم من دم الضحايا، ولإعدادهم وتهيئتهم مرة ثانية للحكم، وكأن الرئيس الجديد، المنتخب عبدربه منصور، والحكومة بمثابة محلل، لعودتهم ثانية لحكم البلاد، وهو ما يفسر رفض نقل السلطة كاملة، وفقاً لمضمون وروح المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، ووفقاً لسياق العملية الثورية، والشعبية، والوطنية الكبرى، التي شهدتها البلاد طيلة سنتين منصرمتين من عمر الكفاح السياسي، المدني، الديمقراطي، الذي اشترك فيه جميع أبناء اليمن من الشمال، والجنوب، إن الحصانة الممنوحة للحاكم ومن عملوا معه، هي جزء من عملية انتقالية شاملة، وهي جزء من قانون العدالة الانتقالية، ومن هنا الأهمية السياسية، والوطنية، والتاريخية، لضرورة عملية استكمال نقل السلطة كاملة للرئيس الجديد، رئيس الدولة، ورئيس الحزب، المفترض، وفقاً لقانون المؤتمر الشعبي نفسه..إن رموز النظام القديم الجديد، لا يعترفون ولا يقرون وينكرون أن هناك ثورة شعبية قامت وخرجت ضدهم، بالملايين، وملأت الساحات، في جميع المدن والأرياف، ولا يرونها سوى وهما، وخيالاً، وفي احسن الأحوال أزمة عابرة تمكنت موقتا-فقط موقتاً- من إسقاط رأس النظام وإزاحة أقطاب العائلة من مواقع الحكم العسكرية، والمدنية، ولكنهم لا يزال بإمكانهم ومن حقهم كما يرون، العودة مجدداً للحكم، والسلطة، ومثل هكذا منطق من التفكير، قطعا لا يمكن أن يكون مقتنعا بقضية بناء الدولة المدنية الاتحادية، ولا بطي صفحات الماضي الأليم، والكئيب، بل هو كما تقول الحقائق، والوقائع، يسعى جاهداً لإعادة إنتاج الماضي، كنظام، وإلى تمجيده كتاريخ سياسي، وحين يعترف بإزالة آثار الماضي لا يرى نفسه فيه، ولا طرفاً فيه، وصانعاً فعلياّ له ،ومن هنا دأبه الحثيث من جديد للوصول إلى الحكم باسمه، أو باسم أبنائه، أو أعوانه المباشرين، وهنا تكمن مشكلة العدالة الانتقالية مع هذا النموذج من التفكير، الذي لا يزال وأعوانه يرفضون الاعتراف بالانتهاكات المختلفة التي ارتكبها، ومن هنا عدم قدرته الذاتية، على المساعدة، والمساهمة في معالجتها، وحلها، وتجاوزها.
لقد تحصل رموز النظام القديم الجديد، على الحصانة المجانية، عبر برلمان يمتلكه، ويسيطر عليه، ومن خلال المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، والمنطق، والواقع، وطبيعة الأشياء والأمور تقول، إن أي حصانة، وعفو، لا يمكن أن تكون بدون مقابل، ثم كيف لنا أن نفسر إلحاح الحاكم السابق، وإصراره على طلب الحصانة، حيت نصت المبادرة الخليجية الصادرة في 21 إبريل 2011م على منح الحصانة (الحصانة من الملاحقة القانونية، والقضائية، ومن عملوا معه خلال فترة حكمه)هكذا بالنص، في مقابل نقل السلطة كاملة، والتي تم التوقيع عليها ،مع الآلية التنفيذية المزمنة، في 23 نوفمبر 2011م في السعودية (الرياض) وكان قرار مجلس الأمن رقم 2051 يتصل بقضية استكمال عملية نقل السلطة، لشعور مجلس الأمن بالممانعة والرفض للسير باتجاه نقل السلطة ،وعملية التغيير...، إذا الحصانة مقابل نقل السلطة كاملة، وليس جزءا منها، إلا إذا كان الحاكم السابق الجديد، يعتبر تنازله عن رأس الحكم تنفيذاً ورضوخاً، لصاحب الشرعية في السلطة، إعطائها، وسحبها، وهو هنا الشعب، هو تنازل عن حق شخصي مطلق للحاكم وباسمه، بعد أن توحد الحاكم أو الرئيس، طيلة نيف وثلاثة عقود، بمؤسسة الرئاسة، وصار الرئيس جزءاً من اسمها، وهويتها، وهو ما يفسر توحد الدولة كلها، وتماهيها بسلطة الرئيس السابق، وعائلته، وبذلك فإن الحصانة، لم يتبعها تنازل أو مقابل، سياسي، أو معنوي، أو لفظي، على الأقل بالاعتراف بالأخطاء، والانتهاكات التي ارتكبت ضد الضحايا، ففي جنوب أفريقيا، أعطي العفو، للمسؤولين، والحكام السابقين، مقابل الاعتراف بالأخطاء، والانتهاكات، والتجاوزات ضد الضحايا، أمام (هيئة الحقيقة) كأساس للعفو، وهو ما يرفضه رموز النظام القديم الجديد، في شكلي: عدم نقل السلطة كاملة للرئيس الجديد المنتخب، عبدربه منصور هادي، وعدم الاعتراف بالأخطاء حتى نتمكن من إزالة آثار الماضي، وكأن الحصانة، وعدم نقل السلطة، منصه للاستيلاء على الحكم كرةّ أخرى.
إن الحصانة، هي جزء من عملية الانتقال الديمقراطي السلمي، وجزء من قانون العدالة الانتقالية.
هي حصانة سياسية، قبل أن تكون قانونية، من اطراف محلية، وإقليمية، أي أن الشرط السياسي هو الذي صنع الوجه القانوني لها، - لم يعترف بها المجتمع الدولي ولا يقرها القانون الدولي- حصانة مشروطة بالانتقال الديمقراطي، وجوهرها نقل السلطة، للدخول إلى التسوية السياسية التاريخية، وتجنب الحرب، وبذلك لاتزال الحصانة اليمنية الممنوحة للحاكم السابق وأعوانه، موضع تساؤل، ومناقشة، وحوار، وخاصة أن من 'منح الحصانة لم يقم حتى الآن بنقل السلطة كاملة، وفقاً للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية التي وقع عليها كرئيس للجمهورية، وكرئيس لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي حكم باسمه طيلة نيف وثلاثة عقود، كما أنه وهو الأهم كذلك لم يعترف بشيء لصالح حقوق الضحايا، بل هو يحاول تعويق عملية التسوية السياسية، وقطع الطريق أمام تنفيذ مخرجات الحوار، والتلاعب بإنجاز الحلول والضمانات، تحت وهم إمكانية العودة للحكم، والسلطة، مجدداً، تحت أي مسمى كان. ومن هنا عدم قبوله ورفضه الانسحاب حتى الموقت من المشهد السياسي العمومي، فهو عملياً، حتى الآن لم يتخل عن السلطة، بل يمارسها في ابشع صورها قهراً لإرادة الشعب، الذي ثار عليه، تبدو معه الحصانة اليمنية، وكأنها حصانة إجبارية، وقسرية، وقهرية، رغما عن الكل: رغما عن إرادة، وحقوق الضحايا، وأصحاب الحقوق المنتهكة، ورغما عن القوانين المحلية(قانون العقوبات، والجزاءات) ورغما عن القانون الدولي (المحاسبة) ورغما عن الشريعة الإسلامية وأحكامها، في مجالات الثواب والعقاب (القصاص)، ورغما عن أولياء الدم، وبذلك فالحصانة اليمنية كما يريدها الحاكم وكما يتصورها هي خارج جميع القوانين الوطنية، والدولية، والإنسانية، ومن هنا أهمية وضرورة ربطها بشرطها السياسي، والقانوني، والإنساني، المتجسد والمتمثل في قانون العدالة الانتقالية، (العدالة، والإنصاف) المساءلة، والمحاسبة، ومعرفة الحقيقة، وجبر الضرر، وإصلاح المؤسسات الفاسدة، وصولاً إلى المصالحة السياسية، والوطنية الشاملة.
ولا يمكننا الوصول إلى المصالحة إلا عبر قناة وبوابة العدالة، وقانون العدالة الانتقالية تحديداً.
علينا أن نقر ونعترف أن جزءاً هاماً من قوة استمرار النظام القديم في المشهد السياسي الراهن، هو بطء إجراءات التسوية على صعيد السلطة التنفيذية، بما يحقق مصالح أوسع قطاعات المجتمع، والتأخر في إصدار القرارات في اللحظة المناسبة، والتسويف، والترضيات، واستمرار منطق المحاصصة ضمن قانون، وآليات النظام القديم، والتردد في الحسم في قضايا تساعد باتجاه الحركة نحو التغيير، وهو ما اضعف ليس فحسب منطق العدالة الانتقالية، بل هو ما أضعف روح الانتقال الديمقراطي على قاعدة التغيير المنشودة، فنحن في اليمن ما نزال نتحرك وندور ضمن ما يمكن تسميته ب (العدالة التفاوضية الناقصة) أو (العدالة الجزئية، السياسية الخاصة)، أي المحاصصات القديمة ولكن في أثواب وأشكال جديدة.
أن عدم إصدار قانون العدالة الانتقالية، أو تعثره، حتى اليوم، هو أحد أوجه الأزمة السياسية، والوطنية الراهنة، فبدون عدالة انتقالية حقيقية، ترضى الضحايا، وتحقق المساءلة، وفق عملية سياسية توافقية، بين طرفي المعادلة (الضحية، والجلاد) (القاتل، والمقتول)، فلا نتوقع أن تتحرك التسوية السياسية، أو أن نصل إلى المصالحة والتوافق، فالعدالة أولاً، وأخيراً، هي الشرط الضروري للانتقال إلى التوافق، والمصالحة، إن مقتضى العدل غائب حتى الآن، ومصادر ومغيب لصالح الحصانة المطلقة، وبدون أي تنازل للضحايا، وهنا يجب التفريق بين أمرين، التنازل لإرادة الشعب وهو حق وقانون، وبين الاعتراف بحق الضحايا. فالشعب في مفهومه العمومي شيء، والضحايا في مفهومهم وتعريفهم الخاص شيء أخر، وهو مالم يدركه رموز النظام السابق، حتى اللحظة، ومن يرى أن في ترك رأس السلطة، بعد ثورة، أو أزمة سمها ما شئت، هو منتهى الرجاء، وهو المطلوب، فإنه حقيقه ما يزال، يتحرك، ويتحدث باسم العقل الاستبدادي الشمولي، الذي ما يزال يحلم، ويرغب في استعادة الملك، والحكم ثانية، ومن هنا عدم استعداده لنقل السلطة كاملة، وقناعته الراسخة بأنه لن يخرج نهائياً من السلطة، والحكم، ومن هنا محاولاته، استرداد الملك العضوض الذي انقضى، ( نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا) كما قالها أمرؤ القيس.
وهنا من المهم التأكيد على أهمية المصفوفة التي أصدرتها الحكومة، والمتعلقة، بالاعتذار، وجبر الضرر، والأهم منه قرار إنشاء “الصندوق الائتماني” لأبناء الجنوب الضحايا، والمتضررين (الأبعاد القسري، والأرض)، وهي خطوه طيبة، مدركه لأهمية السير باتجاه تحقيق روح العدالة الانتقالية، وفي هذا السياق من المهم وضع النقاط ال 20، وال11، في حيز التنفيذ العملي دون تسويف أو مراوحة وتحويل مخرجات الحوار إلى واقع ملموس، في الدستور والقوانين النافذة، تعكس صورة ، وروح الدولة المدنية الاتحادية المنشودة.
إن الممانعة الاستبدادية الداخلية في عقل الحاكم السابق، وأعوانه، في عدم نقل السلطة هو ما يجعله يذهب إلى وضع وفبركة العوائق أمام التسوية السياسية، وأمام مخرجات الحوار، والتلاعب بالحلول، والضمانات، والمراوحة في الموقف من قضية بناء الدولة الاتحادية، وشكلها، وعدد أقاليمها، وغيرها من المعوقات.
وهو ما يجعله كذلك لا يرى الآخر، الذي هو هنا الشعب، والضحايا، إلا كأسماء، وأشياء موضوعة ومجبولة على استمرار حكمه، وطاعته. وهي حالة مرضية سيكوباثية، لاعقلانية، فيها حالة من الأنكار الشديد للواقع، وللحراك السلمي الجنوبي، والثورة الشبابية الشعبية، التي أجبرته على ترك السلطة ومغادرتها، وما يزال يراوح حالماً العودة إليها، وما يشجعه ويساعده على ذلك، هو أن، نصف الحكومة بيده، إلى جانب أن أركان الدولة العميقة ما تزال خاضعة لأوامره (البرلمان)، (الشورى)، (المحافظين)، (المحليات)، (السفراء)، البنية التحتية لبعض الأجهزة الأمنية، قسم من القاعدة الإعلامية الرسمية، ومن يقرأ تعقيدات المشهد السياسي، وتحديات الانتقال الديمقراطي، سيجد أن جذرها الحقيقي كامن في تلكم المقدمات، التي أشرنا إليها، وهو ما قد يهدد صيغة التسوية السياسية التي قامت عليها المبادرة الخليجية، وأليتها التنفيذية، التي تؤكد على قضية نقل السلطة كاملة، ولا يمكن للباحث السياسي، سوى أن يقرأ في كل ذلك، أن هناك توجهاً سياسياً، وأمنياً، ممنهجاً، ومنظماً لتعويق عملية الانتقال السلمي للسلطة، وممانعة للتحول نحو الديمقراطية، والتعددية، ولا نرى في حالة الانفلات الأمني، والاغتيالات للعسكريين، والأمنيين، ورموز الحوار، والتهديد لنواب، وأعضاء في الحوار الوطني، إلى جانب تعريض حياة الناس وأمنهم الاجتماعي للخطر (تفجير الكهرباء، وأنابيب النفط والغاز، والتقطعات، وتصعيد حرب القاعدة ضد المجتمع والدولة، ورفع وتيرة الحرب المذهبية، والطائفية)، بإدارة واعية ومقصودة من جهات رسمية سابقة، وحالية، سوى محاولات لضرب عملية الانتقال الديمقراطي، وتعريض مؤتمر الحوار الوطني كله لخطر الفشل، وهو ما تسعى إليه القوى الرافضة لعملية انتقال السلطة، للرئيس عبدربه منصور هادي كاملة، وآخرها محاولة تشويه صورة الممثل الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة، د. جمال بن عمر، ومساعده، كونه يعلن بصراحة وقوفه إلى جانب اليمنيين، ويدعم السلم الاجتماعي، والوطني، وعملية الانتقال السلمي، والديمقراطي، في البلاد. بعد أن شعروا أن مخرجات الحوار جميعاً تقف إلى جانب مشروع دولة اتحادية، مدنية، ديمقراطية ،تعددية، بدلاً عن دولة العصبية، والشوكة، والغلبة، التي حكمت البلاد طيلة نيف وثلاثة عقود من الزمن، ومن هنا صعوبة، بل واستحالة تفهمهم، وقبولهم الطوعي لعملية الانتقال السلمية، والعدالة الانتقالية. فالنظام السابق، الراهن، لا يزال لا يعترف بحق الضحايا، في العدل، والإنصاف، ويرى بأنه قدم مكرمة للشعب اليمني بتركه للسلطة، بعد أربعة وثلاثين سنة من الحكم العضوض، ولذلك يأخذه الخيال السلطوي الواهم، في قراءة المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، بما يحقق أوهامه، ونزوعه إلى استعادة، السلطة، والحكم، ومن هنا محاولاته المتكررة تعويق السير باتجاه الانتقال الديمقراطي، وإنجاز العدالة الانتقالية ،وهناك العديد من المحلليين، والخبراء، الاستراتيجيين ،لا يرون في الهجوم على مجمع وزارة الدفاع، الإرهابي، واختيار موعد زيارة رئيس الجمهورية له، ،توقيتاّ، مناسباّ، سوى محاولة لإرسال رساله تحذيرية مزدوجة، للداخل بفشل الحوار، وفشل المرحلة الانتقالية الراهنة، والمطلوبة (التأسسية) ولتأكيد مزاياٍ النظام السابق على الحالي، والرسالة الأخرى للخارج، لعدم مساندة، و مساعدة، ودعم عملية التحول الديمقراطي، والانتقال السلمي، والتشكيك في قدرة الرئيس، والحكومة الانتقالية، في إنجاز مهام المرحلة، وهي محاولات متكررة لم تتوقف لضرب عملية التسوية السياسية الوطنية الراهنة، المطلوب استكمال إنجاز مهامهما، وتدخل محاولة اغتيال د. ياسين سعيد نعمان الأخيرة السبت 7 /12 /2013م ضمن هذا السيناريو لتفجير عملية التسوية السياسية وتعويق أمكانية الإسراع فيها، محاولة لخلط الأوراق، وإرباك المشهد السياسي كله، وليس حديث انتهاء الفترة الانتقالية، وانتهاء فترة ولاية الرئيس عبد ربه منصور هادي، في 21 فبراير 2014م، سوى شحن وتعبئه سياسيه وإعلامية في هذا الاتجاه.
نحن اليوم أمام إرث سياسي، إيديولوجي، تاريخي، ضخمٍ، ساهم النظام السابق، في إعادة إنتاجه، وتكريسه، وتأسيس قاعدة حكمه على أساسه، وهو اليوم يحاول مجددا استعادته، وفرضه بالقوة ....، وبالنتيجة نحن اليوم أمام قوى سياسية اجتماعية معاندة لروح التغيير، لم تكتفٍ بما أخذته من أموال، وما نهبته خلال حكمها من ممتلكات الشعب في الشمال، والجنوب، وما ارتكبته، من جرائم ضد الإنسانية، وضد القانون الدولي، وحقوق الإنسان، ومن فساد، واستبداد، وإهدار للسيادة الوطنية، وماتزال موغلة في نفس طريق الانتقام من المجتمع، ومن الشعب...، لقد قبل بعض الضحايا، بالتسوية، وبقانون للعدل، والإنصاف في حده الأدنى، وما يزال رموز النظام القديم الجديد يوغلون في السير في الاتجاه المناقض للإرادة الشعبية، وضد العدالة الانتقالية، والانتقال الديمقراطي السلمي...، فإذا سألنا عن المستفيد الحقيقي من كل ما يجري من جرائم، وقتل، وتعويق لعملية الانتقال السلمي للحكم، فلن نجد مستفيداً وحيد غير من يرفض نقل السلطة كاملة للرئيس المنتخب عبده ربه منصور هادي. ولا يغيب عنا هنا دور العامل الإقليمي المحايد أو غير الداعم لعملية الانتقال الديمقراطي في البلاد، في صورة عدم حضور ضغطه على من يعرقل عدم نقل السلطة، و بالنتيجة من يعوق عملية الانتقال السلمي في البلاد والتي يستفيد منها رموز النظام القديم الجديد، وتوظيف ذلك لخدمة استمراره في تعويق العملية الانتقالية الديمقراطية...، وما يجري داخل فرق الحوار الثلاث: العدالة الانتقالية، والحكم الرشيد، والقضية الجنوبية، من تعويق، ومقاطعة، وتعليق، ورفض التوقيع على القرارات، إلا بأمر من رأس النظام السابق شخصياّ، كلها دليل على رغبة كامنة لرفض مخرجات مؤتمر الحوار كلها، أن المأساة، هو أن رموز النظام السابق الراهن، لا تزال تتحرك ضمن دوائر الماضي، ولا علاقة لهم بالمستقبل، المشكلة أن الحاكم السابق وأعوانه الخلص، ما يزالون ينظرون إلى ذواتهم، ومصالحهم الخاصة، باعتبارها فوق مصالح المجتمع، والشعب كله، ولا يزال رأس الحكم السابق مصراً على احتكار المستقبل، كما احتكر ماضي السلطة، والحكم، لأكثر من أربعة وثلاثين سنه، ولم يتعظ من التاريخ، ومن مكره، الذي باغته وداهمه لسنتين متواصلتين 2011م، وحتى بداية، 2012م.
إنه كمن يحفر قبره دون أن يدري، وكلها محاولات ميؤوس منها في استعادة الفردوس المفقود، استعادة ماضي لن يعود ابدأ.
ولا خيار أمامهم جميعاً، سوى الانتقال الديمقراطي، والعدالة الانتقالية، ضمن خصوصياتها اليمنية، القائمة على المحاسبة، والمساءلة، والعفو والعدل، وجبر الضرر، والمصالحة، وترميم الذاكرة المجروحة للضحايا في الجنوب، وفي كل البلاد.
إن العدالة الانتقالية، والقبول بها، من جميع الأطراف، في حدها المعقول والمقبول، (بعيداً عن عقلية الانتقام، أو تجاهل حقوق الضحايا)، هو من سيهيئ المناخ السياسي، والاجتماعي، والثقافي، للدخول إلى مرحلة انتقالية ديمقراطية، جديدة، فليس المطلوب من العدالة الانتقالية، الانتقام، بل إعداد الناس للقبول بالاعتذار، والاعتراف بالأخطاء، وكلنا يعلم أن إعطاء الحصانة في اليمن كان مرتبطا ومشروطا، بإنجاز العدالة الانتقالية، أو أن القبول بالعدالة الانتقالية، كان هو السبب، في منح الحصانة للرئيس، وأعوانه في اليمن، وهو ما يحاول من يرفضون نقل السلطة اليوم، التحلل منه، في واقع الممارسة العملية، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية.
رابط المقال على الفيس بوك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.