الصحيفة الوحيدة التي لم تتوقف أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982؛ ستتوقف عن الصدور نهاية هذا العام بعد 42 عاماً من تاريخ صدور أول عددٍ منها. جريدة السفير اللبنانية، قالت في مقالٍ افتتاحي نشرته في عددها الصادر يوم السبت 10 ديسمبر أنها ستكمل مشوارها الذي بدأته سنة 1974 في بداية العام المقبل. "صوت اللذين لا صوت لهم "- كما تعرف نفسها- أضافت، أن الأزمة الخطيرة التي تهدد الصحافة في العالم أجمع، تعصف بالصحف المحلية، محدودة الموارد وضيقة السوق(...). وكانت "السفير" قد أعلنت في مارس الماضي أنها ستودع قراءها مع حلول الذكرى الثانية والأربعون لصدور أول عدد منها في 26 مارس 1974، إلا إن صاحبها ورئيس تحريرها "طلال سلمان" قال في اتصال لصحيفة " النهار" أن الجريدة ستستمر، معللاً ذلك بكمية العواطف التي أحاطها الرأي العام اللبناني للصحيفة. إلا أن الجريدة لن تتمكن من الصدور بعد نهاية العام، حسب ما قالته السفير.
"قلب الصعب" " وكان لابد أن تنتهي الرحلة في قلب الصعب" حجر زاوية المقال الافتتاحي الذي نشرته الجريدة؛ لتعلن نهاية رحلتها الصحفية، إلا أن تاريخها المهني في نصف قرن يقول إنها تعرضت للتوقف عن الصدور ثلاث مرات بقرارات صادرة عن الحكومة اللبنانية، كان آخرها سنة 1993، بعد نشرها وثيقة عن المفاوضات الإسرائيلية- اللبنانية، ولقي القرار اعتراضاً وتضامناً من مختلف التيارات السياسية في لبنان. وفي سنة 1980 نسفت مطابعها، وتعرض منزل رئيس تحريرها لمحاولة نسف، بالإضافة إلى تعرضه لمحاولة اغتيال فاشلة سنة 1984. " جريدة لبنان في الوطن العربي وجريدة الوطن العربي في لبنان "(شعار الجريدة) كانت الصحيفة اللبنانية الوحيدة التي لم تتوقف خلال الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982. رغم استهداف مبناها بكثير من الصواريخ والعبوات.
ردود أفعال "الخبر بات رسميّاً: «السفير» تعيش آخر أيّامها" كتبها بيار أبي الصعب في مقال" وداعاً السفير" الذي نشرته جريدة الأخبار اللبنانية التي يعمل فيها نائباً لرئيس التحرير. وأضاف في جسم المقال، علينا الآن أن نتهيّأ لمواصلة حياتنا من دون جريدة" السفير"(...)، وعلى الأسئلة المتعلّقة بمستقبل الصحافة المكتوبة في لبنان أن تسرع وتستعيد الجدل حول الأسباب والمسؤوليات التي تقف وراء أزمتها القاتلة، وهي أكثر تعقيداً من الخطاب التبسيطي الذي يشنّف آذاننا به بعض المعنيين. ويعلل بيار: كلا ليس الإنترنت وحده هو المسؤول! يكفي أن نراجع حجم توزيع الصحف بمئات الآلاف في كيان العدوّ. الطامة الكبرى أن نخسر الثقة مع القارئ، أن تنقطع معه علاقة الغواية والتفاعل والفائدة المشتركة. علينا أن نتوقّف عند عجزنا الجماعي عن التفكير في البدائل المطلوبة، وفي التحوّل إلى أنماط إنتاج صحيّة وعصريّة وعقلانيّة وشفافة وفعالة ومربحة". ويقترح أبي الصعب حلاً في خاتمة المقال، كاتباً: "لا يختلف اثنان على أن الحل الصحّي لأزمة الصحافة المكتوبة، يبدأ من دعم القطاع العام له، إضافة إلى شراكة عقلانيّة شفّافة مع القطاع الخاص، شرط تجديد البنى والعقليّات والمقاربات الإداريّة للصحف طبعاً، بعيداً عن منطق البزنس المشخصن أو العائلي. وشرط إعادة النظر بجوهر عملنا، أي السياسات التحريريّة واحترام القواعد المهنيّة ومبدأ الاستقلاليّة، والانسجام مع الذات، ورفع سقف النقد وتشجيع العمل الاستقصائي، وإعادة الاعتبار إلى الموهبة وتجديد الشكل واللغة والأدوات، واحترام القارئ". وفي نفس سياق ردود الأفعال، قال الصحفي الفلسطيني عبدالباري عطوان في تغريدة له على "تويتر":" عشت معظم عمري بين الحبر والورق وأستنشق من خلالهما عبق حرية الكلمة المتمردة، لا أتخيل لبناناً بدون السفير فهي أحد أركان هويته، صمتها يومٌ حزين". الصحفي اليمني حسام ردمان، قال في حسابه على الفيس بوك:" المصاب الجلل الذي لن نشفى منه؛ إغلاق " السفير" مع نهاية الشهر، لقد تعلمت منها أن مهمة الصحفي لا تقف عن نقل المعلومة بل التنقيب عن جذورها والبحث في دلالاتها ومالاتها". وأضاف: "سنظل ممتنين لأسرة تحريرها مع كل مرة نمارس فيها الصحافة باعتبارها قيمةً تنويريةً، وسندين لكتابها ومثقفيها مع كل مرة نتجاسر فيها على التفكير خارج نطاق السرديات المعممة. توقف "السفير" أعتى سفن الصحافة في لبنان، يسمح بتكهنات تبدو مخيفةً حول مستقبل الصحف الورقية، التي لم تعد قادرةً على منافسة البدائل الإلكترونية للصحافة، فالتفاؤل مع تراجع أعداد عشاق الصحف الورقية، ليس إلا خداعاً للنفس في ظل تفاقم أزمة الأفول هذه منذ سنواتٍ عدة.
قناة الاشتراكي نت تليجرام _ قناة اخبارية للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة https://web.telegram.org/#/im?p=@aleshterakiNet