بين حلم العودة للمنزل وحلم اطفالها بعودة والدهم، تقضي "ب، م" سنتها الثانية نازحة في مدينة مارب شرقي العاصمة صنعاء. في وسط مخيم بحي الروضة في مدينة مارب خصص للنازحين الذين قدموا من مديرية صرواح تعيش "ب، م" هي وثلاثة من اطفالها. يؤوي مخيم الروضة مئات الاسر نزحت هربا من الحرب التي شهدتها ولا تزال حتى اليوم مديرية صرواح غربي المحافظة بين القوات الحكومية وما تساندها من مقاومة شعبية من جهة وبين مسلحي تحالف علي صالح وجماعة الحوثي من جهة اخرى. في العام 2015 اجتاح مسلحو صالح والحوثي مديرية صرواح بعيد انقلابهم على شرعية الدولة وخوضهم حربا في العديد من مناطق البلاد في الشمال والجنوب. وعقب الاجتياح لصرواح تشكلت مقاومة شعبية للتصدي لمسلحي صالح والحوثي. كان زوج "ب، م" واسمه عبد الله احد المنخرطين في صفوف المقاومة فقاتل حتى فارق الحياة تاركا لزوجته ثلاثة اطفال. تقول "ب، م" ودمعتين تتكثف في محجري عينيها "أطفالي لا يريدون البقاء في الخيمة، "يشتوا" يرجعوا منزلهم في صرواح، ويسألوني دائما عن أبيهم متى يعود". فقدت "ب، م" زوجها عبد الله وهو عائلها الوحيد، وبعد ايام سقطت صرواح بيد مسلحي صالح والحوثي، لتبدأ بعدها مسيرة نزوح وتشرد ومعاناة لا تنتهي، كحال آلاف النازحين في هذا البلد الذي انهكته الحرب. مرت سنتان و "ب، م" نازحة حرب ترزح تحت وطأة قساوة الظروف المحيطة بها ولا افق امامها غير ما خلقته من فضاءات تناجي وتدعو فيها الله ان يخفف عنهم ما يمرون به من تعقيدات حياتهم اليومية "و يدمر من تسبب لهم في كل هذا العذاب". خيمة في حي الروضة بمدينة مارب هي ما تبقى لهذه المرأة واطفالها الثلاثة من وطن وحلم بالأمن والاستقرار قوضته الحرب، ولا معيل لها واطفالها. تقول: والحرقة والوجع في اعماقها ابلغ من كل قول "راتب زوجي هو مصدر الدخل الوحيد لي وأطفالي، ولا يصرف إلا كل ثلاثة أو أربعة أشهر.. ما عاد لقينا حتى من يعطينا دين". وشكت خلال حديثها من عدم الاهتمام بحالة النازحين من قبل الجهات المعنية والمنظمات العاملة بالإغاثة الانسانية في مخيم الروضة بمدينة مارب، مؤكدة ان السلال الغذائية لا توزع لهم الا كل ثلاثة اشهر وان المخيم لا تتوفر فيه المياه. تلخص قصة "ب، م" الواقع المرير الذي يعشه الالاف من نازحي الحرب في معظم مناطق البلاد وسط استمرار تصعيد العمليات القتالية بين طرفي الحرب ورفض تحالف علي صالح والحوثيين خيارات السلام التي ينشدها اليمنيون.