تعاني السوق المحلية من أزمة خانقة في السيولة النقدية في العملة الوطنية (الريال) منذ أواخر يونيو الماضي، وصلت خلال الايام السابقة إلى مستويات خطيرة، حيث عجزت بعض الشركات من الوفاء بالتزاماتها بالعملة الوطنية، إضافة إلى عدم قدرة البنوك المحلية على مواجهة طلب الزبائن بسحب وداعهم او جزء منها، وبقاء قطاع واسع من موظفي الدولة بدون رواتب. وترجع أزمة السيولة في اليمن نتيجة للحرب الدائرة منذ اعوام وإلى القيود التي فرضت دوليا واقليميا على الاقتصاد اليمني أما من حيث النتائج فهي تشبه إلى حد ما أزمة السيولة التي حدثت في آسيا وروسيا، حسب ما افاد الدكتور يوسف سعيد- أستاذ الاقتصاد بجامعة عدن- في تقرير سابق. وفي مقابلة مع الاستاذ محمد الموشكي ذكر عدة اسباب لتدهور السيولة الاقتصادية منها عدم ايلاء الوضع المالي والنقدي ولاقتصادي المتدهور ما يلزم من الاهتمام خلال الفترة التي تمر بها البلاد، وعدم تدارك الكثير من المشاكل البارزة والتي كان في مقدمتها تراجع ايرادات الموازنة العامة للدولة وارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة الي نسب ومعدلات كبيره جدا كان لها تداعياتها الخطيرة علي الاستقرار الاقتصادي دون ان يلتفت اليها والي نتائجها الكارثية من قبل الجهات المختصة تراخي اجهزه ومؤسسات الدولة عن القيام بواجباتها خلال سنوات الحرب ولا زالت الي الان وفي مقدمتها وزاره المالية واحتجاز ايرادات الموازنة العامة من الضرائب والجمارك في معظم المحافظات والامتناع عن توريدها للبنك المركزي واستمرار ظاهرتي التهريب الضريبي والتهريب الجمركي وغياب التنسيق الفاعل بين الجهات الايرادية والجهات الأمنية والهرولة في طباعه العملة الجديدة دون اي غطا وان كانت ضرورية. وانعكست الازمه الاقتصادية في البلاد علي الحياه المعيشية للسكان في ظل الوضع الحالي، بسبب انهيار العملة المحلية وتراجعها المستمر الذي يشكل كارثه تكاد تكون بحجم كارثه الحرب التي تشهدها البلاد في الوقت الراهن وبالتالي فان اي تراجع في سعر الصرف للعملة اليمنية ينعكس بشكل مباشر علي اسعار السلع والخدمات المقدمة للمواطنين ويدفع ضريبه ذلك جميع افراد الشعب سواء الفقراء او الاغنياء لكن وقعها اكثر علي الفقراء نظرا لمحدودية دخلهم ونظرا لكون الدخل بالريال اليمني فان الذي كان يستلم مرتب يعادل 200دولار فقط اصبح يستلم 120دولار وقد لا يستلمها في ضل الوضع الراهن براس السنه نص معاش وهو لا يكفي حتي قيمه كيس دقيق وهذا قد يودي الي كارثه قد تكون في زياده عدد البطالة والفقر وقد تودي الي مجاعة في اوساط الشعب اليمني. وحسب الموشكي فأن معالجه هذا التدهور في الاقتصاد في ظل التعقيدات التي يواجها الاقتصاد اليمني لم يعد الحل مرتبط باليمنيين وحدهم فالحرب اكلت الاخضر واليابس وبالتالي نحن نعيش حاله انهيار اقتصادي لا يمتلك البلد احتياطات من العملة الأجنبية وتوقفت عمليه صرف المرتبات لمعظم الموظفين او ربما كلهم في الدولة وتوقفت معظم الاستثمارات وخسرت كثير من الشركات والمؤسسات جراء هذه الحرب وبالتالي فان هذه الكارثة تحتاج الي جهود كبيره لانتشال اليمن منها واولها ما يتعلق بالعملة. وذكر ان التجار ورجال الاعمال كان لهم دور كبير في تدهور السيولة الاقتصادية منها احجام التجار ورجال الاعمال عن ايداع أموالهم في البنوك كما هو المعتاد، ولاحتفاظ بها في خزائنهم الخاصة، وكذلك اعتمادهم علي الصرافين بدلا عن البنوك مما جعل جزء كبير من السيولة المالية بالعملة المحلية تقع خارج البنوك حيث حل عدد من الصرافين محل البنوك في القيام بمهامها، وتهافت التجار ورجال الاعمال علي شراء الدولار والريال السعودي مما راكم موجوداتها من العملة الأجنبية وخلق لديها ازمه سيوله بالريال اليمني بالاضافة الى قيام بعض رجال الاعمال النافذين بسحب وتهريب الريال اليمني الي الخارج وضعف الرقابة من قبل الجهات الخاصة. الي ذلك اصبحت البنوك التجارية تحدد مبالغ السحب، بالاضافة الى عدم قبولهم الايداعات بالدولار والعملات الجنبية. في ظل خوف البنوك من الوضع الراهن وكذلك خوفهم من افلاس التاجر وبالتالي عدم الوفاء بالتزامه امام البنك. وبسبب الانفلات الامني الذي تشهده البلاد، تقوم البنوك التجارية بتحديد مبلغ معين للتجار حتي يكون قادر علي الايفاء به، بمعني اخر خوفا من صعوبة استردادها. ويرجع عدم قبول البنوك التجارية للإيداعات بالعملة الاجنبية بسبب التدهور المتسارع للعملة الوطنية وزياده سعر الصرف، ما يؤدي الى الحاق خسائر على البنوك اذا قبلت الايداع بالعملات الاجنبية نظرا للارتفاع المتسارع والجنوني في سعر الصرف. الدكتور عبدالله غالب المخلافي – أستاذ العلوم المصرفية في جامعة تعز ووكيل وزارة المالية السابق- في تقرير سابق ل"المشاهد" إن العرض في التداول النقدي للعملة الوطنية يتحكم فيه البنك المركزي اليمني من خلال بيع أذون الخزانة، ولكن للأسف الشديد هذه أداة من أفضل الأدوات لم تحقق اهدافها، وتم إدارة أذون الخزانة من سنة 1996م إلى اليوم إدارة خاطئة، كونها تهدف إلى إدارة العرض النقدي، بما يوازن القدرة النقدية للكتلة السلعة حتى لا يحصل التضخم، ولا نقص في السيولة، وأيضاً تمويل العجز للموازنة العامة للدولة، وقف الإصدارات النقدية الجديدة بدون غطاء. وقال الموشكي ان الحلول الموجهة لازمه تدهور السيولة الاقتصادية تحتاج الى توفر إرادة سياسية وإجماع وطني لدى القوى السياسية بأهمية وحتمية إنجاز برنامج إصلاحات اقتصادية ومالية وإدارية ونقدية غير قابل للتأجيل ينقذ الاقتصاد اليمني، ويتدارك ما تبقى من أوضاع، ويتجاوز الاختلالات والتحديات القائمة (اقتصادية ومالية ونقدية وإدارية) وبما يكفل وقف وتثبيت حالة التدهور المتسارعة والإسراع في تشكيل حكومة خبراء، توكل إليها مهمة إدارة الشأن الاقتصادي بدرجة أساسية، باعتبار ذلك أولوية لا تحتمل التأخير أو التأجيل لأي اعتبارات كانت، سواءً داخلية أو خارجية، لارتباط الشأن الاقتصادي بحياة المواطنين، وببقاء الدولة وقيامها بوظائفها الأساسية تتولى الحكومة المشار إليها وضع رؤية وبرنامج إصلاح اقتصادي ومالي ونقدي وإداري عاجل، يوقف حالة التدهور القائمة، وتتولى مهامها بدعم من الدولة لإنفاذ مهامها والإصلاحات التي تتبناها. ودعا الى معالجة حالة الفراغ القائم في قيادة البنك المركزي لتتمكن من العمل بفاعلية في إدارة وتنفيذ السياسات النقدية والإشراف على قطاع البنوك والمصارف، وإعادة الثقة في هذا القطاع المهم والحيوي للاقتصاد الوطني، والإسهام الفاعل في جهود عملية إصلاح قادمة، وتلافي التشوهات التي حدثت خلال الفترة الماضية في مهام قطاع الصرافة و تشكيل وعي وشراكة مجتمعية تدعم أي عملية إصلاح قادمة تتشارك فيها الدولة والمجتمع. ولفت الى ضرورة اتخاذ إجراءات حماية عاجلة توقف حالة الاستنزاف القائمة للنقد الأجنبي التي تنفق على استيراد السلع والبضائع غير الضرورية والتي أغرقت السوق المحلي. وإعداد موازنة نقد أجنبي وموازنة سلعية تتحدد على ضوئها الحاجات الضرورية التي ينبغي أن يقتصر عليها الاستيراد من الخارج، حتى لا تستنزف موارد البلاد من النقد الأجنبي وتصل الأوضاع إلى مرحلة عدم القدرة على استيراد المتطلبات الضرورية لا سمح الله. وطالب بعدم التردد في طلب الدعم المالي (قروض ومساعدات وتسهيلات ائتمانية) من الأشقاء والأصدقاء، وتقديم تسهيلات للقطاع التجاري بضمانة الدولة ليتمكن من استيراد متطلبات واحتياجات البلاد الأساسية. ومن مظاهر ازمه السيولة الاقتصادية قيام العديد من المؤسسات المالية بتجميد منح القروض للشركات والأفراد خوفًا من صعوبة استردادها وانخفاض السيولة المتداولة لدى الأفراد والشركات والمؤسسات المالية، وهذا أدى إلى انكماش حاد في النشاط الاقتصادي وفى جميع نواحي الحياة؛ مما أدى إلى توقف المقترضين عن سداد دينهم. كما ادت ازمة السيولة الى زيادة انتشار معدل البطالة بسبب التوقف والإفلاس والتصفية وأصبح كل موظف وعامل مهددا بالفصل كما يعمل انخفاض معدلات الاستهلاك والإنفاق والادخار والاستثمار، وهذا يودي إلى مزيد من: الكساد، والبطالة، والتعثر، والتوقف، والتصفية، والإفلاس وصابه اصحاب الاموال وغيرهم بالهلع والذعر والرعب وايضا عجز الدولة عن سداد مرتبات الموظفين واسباب ازمه السيولة الاقتصادية التي عصفت باليمن وتفاقم عجز الموازنة العامة للدول. ويهدد العجز الكبير في الموازنة العامة للدولة والذي بلغ مستويات قياسيه يهدد الاستقرار المالي والنقدي للبلد بدءا بالقطاع الحكومي. بالإضافة الى الاستنزاف في سحب الايداعات من البنوك - قيام العديد من المؤسسات المالية بتجميد منح القروض للشركات ولأفراد خوفا من صعوبة استردادها -استنزاف الاحتياطي النقدي من العملات الاجنبية وكذا لك توقف القروض والمنح ورحيل معظم المنظمات الدولية ا لداعمة للتنمية.