أعلن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بدء التعليق الجزئي لعمليات تقديم المساعدات الغذائية في مدينة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الانقلابيين. وقال البرنامج في بيان صادر عنه مساء أمس "انه تم اتخاذ هذا القرار بوصفه الحل الأخير بعد توقف مفاوضات مطولة بشأن الاتفاق على إدخال ضوابط لمنع تحويل مسار الأغذية بعيداً عن الفئات الأشد احتياجاً في اليمن". وجاءت هذه الخطوة بسبب خلاف بين جماعة الحوثيين الانقلابية وبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة بشأن تطبيق نظام بيانات القياسات الحيوية للتحقق من الهوية. وقال البيان: "يظل توفير الغذاء للأطفال والنساء والرجال الأشد معاناة من الجوع في اليمن على رأس أولويات برنامج الأغذية العالمي. ولكن كما هي الحال في أي منطقة نزاع، يسعى بعض الأفراد للتربح على حساب المحتاجين وتحويل مسار الأغذية بعيداً عن الأماكن التي تكون في أمس الحاجة إليه". وأوضح البيان ان برنامج الأغذية العالمي ناشد مراراً وتكراراً سلطات صنعاء أن تمنحه المساحة والحرية للعمل وفقاً لمبادئ الإنسانية والحيادية والنزاهة والاستقلال التشغيلي التي يعمل على أساسها في 83 بلداً حول العالم، ولسوء الحظ، لم يتوصل إلى اتفاق بعد. لافتا الى إن نزاهة عملياتة أصبحت مهددة، كما أن مسؤوليته تجاه من يساعدهم أصبحت مقيدة. وقال البيان: "لقد عانى العديد من اليمنيين لفترة طويلة أثناء النزاع الدائر. وسوف نواصل السعي للحصول على تعاون سلطات صنعاء وسنبقى متفائلين بإمكانية التوصل إلى حل للمضي قُدُماً. ونحن على أتم استعداد لاستئناف عمليات توزيع الأغذية على الفور بمجرد توصلنا لاتفاق بشأن وضع نظام مستقل لتحديد هوية المستفيدين وإطلاق نظام التسجيل البيومتري". وأضاف: "وفي هذه المرحلة، وبدعم من جميع هيئات الأممالمتحدة، قررنا تعليق أعمالنا في مدينة صنعاء فقط، مما سيؤثر على حوالي 850 ألف شخص. وسيواصل البرنامج تقديم مساعداته الغذائية للأطفال والحوامل والمرضعات الذين يعانون من سوء التغذية طوال فترة التعليق". وفي السياق ذاته قال إيرفيه فيروسيل، المتحدث باسم البرنامج في جنيف،في مؤتمر صحفي، إن الأولوية مازالت إطعام أكثر الأطفال والنساء والرجال جوعا في اليمن، "ولكن كما هو الحال في أي منطقة صراع، يسعى بعض الأفراد إلى الربح عن طريق الإضرار بطعام الضعيف وتحويله بعيدا عن المكان الذي تشتد الحاجة إليه". ويسعى برنامج الأغذية العالمي إلى الحصول على دعم من السلطات الموجودة في صنعاء (الحوثيين) لإدخال نظام تسجيل بيومتري من شأنه أن يمنع تحويل الغذاء وحماية الأسر اليمنية التي يساعدها البرنامج، مما يضمن وصول الأغذية إلى من هم في أمس الحاجة إليها. وقال فيروسيل، لسوء الحظ، لم يتوصل البرنامج بعد إلى اتفاق، مشيرا إلى أن سلامة العمليات تتعرض للتهديد وأن مسؤولية البرنامج تجاه من يساعدهم قد قوضت. وناشد البرنامج مرارا السلطات في صنعاء منحه المساحة والحرية للعمل وفق مبادئ الإنسانية والحياد والاستقلال التشغيلي، الذي يوجه عمل البرنامج في 83 دولة حول العالم. وصرح المتحدث باسم البرنامج في جنيف بأن الكثير من اليمنيين عانوا لفترة طويلة خلال هذا الصراع المستمر، مؤكدا أن البرنامج سيواصل السعي للحصول على تعاون سلطات صنعاء، معربا عن تفاؤله في إيجاد طريق للمضي قدما. وأضاف: "نحن على استعداد لاستئناف عمليات توزيع المواد الغذائية فور الوصول إلى اتفاق بشأن عملية تحديد هوية المستفيدين المستقلين وتطبيق نظام التسجيل الحيوي". ويتضمن نظام بيانات القياسات الحيوية عمل مسح لقزحية العين ورفع بصمات الأصابع والتعرف على الوجه لتحديد الهوية. ويقول الحوثيون إن إصرار البرنامج على التحكم في تلك البيانات يخالف القانون اليمني. وكان برنامج الأغذية العالمي قد اعلن في ديسمبر 2018 انه اكتشف حدوث تلاعب ممنهج في الأغذية التي يجري توزيعها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين من خلال شريك محلي على صلة بالسلطات. والإثنين الماضي قالت جماعة الحوثيين إن برنامج الأغذية العالمي علّق بالفعل مساعداته الإنسانية التي يقدمها للمحتاجين في العاصمة اليمنيةصنعاء. واعتبر الحوثيون "قرار برنامج الأغذية العالمي لا يرتقي إلى أي مستوى إنساني ومخالف للأعراف والمعايير الدولية الإنسانية"، وزعموا أن "هذا القرار اتخذ من ممر سياسي" وفقاً لوكالة الأنباء اليمنية "سبأ" بنسختها في صنعاء والتي تديرها الجماعة. وأدان مجلس الأمن الدولي يوم الإثنين استيلاء الحوثيين على المساعدات الإنسانية التي يقدمها برنامج الأغذية العالمي في المناطق الخاضعة لسيطرتهم، وهي تهمة كان المدير التنفيذي للبرنامج ديفيد بيزلي وجهها إليهم من على منبر المجلس. وقال البيان إنّ "أعضاء مجلس الأمن أدانوا اختلاس الحوثيين للمساعدات الإنسانية والإعانات، كما عبّر عن ذلك المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، وأكدوا مجدداً دعوتهم إلى التدفق السريع والآمن والخالي من العوائق للمؤن التجارية والمساعدات والطواقم الإنسانية" إلى اليمن وسائر مناطقه. وكان مدير برنامج الأغذية العالمي هدد خلال جلسة مجلس الأمن بتعليق إرسال المساعدات إلى المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين بحلول نهاية الأسبوع إذا لم يتوقّفوا عن "التلاعب" بهذه المساعدات. وقال بيزلي إنّ "مساعداتنا الغذائية يتم التلاعب بها ونمنع من ضبط الأمر"، مضيفاً "كلّ ما نطلبه هو السماح لنا بالقيام بما نفعله في ارجاء العالم. الأطفال يموتون الآن بسبب ذلك". واسفرت الحرب الدائرة في البلاد للسنة الخامسة عن مقتل أكثر من 11 ألف مدني، وجرح عشرات الآلاف، وتشريد الملايين داخل البلاد وخارجها. وحسب احصائيات الأممالمتحدة أجبرت الحرب نحو 4.3 مليون شخص على النزوح من ديارهم خلال السنوات الأربع الماضية، ولا يزال أكثر من 3.3 مليون شخص في عداد النازحين ويكافحون من أجل البقاء. وتصف الأممالمتحدة الأزمة الإنسانية في اليمن ب"الأسوأ في العالم"، وتؤكد أن أكثر من 24 مليون يمني، أي ما يزيد عن 80 بالمئة من السكان، بحاجة إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية والحماية العاجلة، بمن فيهم 8.4 مليون شخص لا يعرفون كيف سيحصلون على وجبتهم المقبلة، ويعاني نحو مليوني طفل من النقص الحاد في التغذية.