المخدرات في المهرة تثير القلق.. ضحايا في اشتباك بين الشرطة وعصابة تهريب وترويج    وزير الشباب والرياضة يناقش برامج تأهيل وتدريب شباب الضالع واوضاع نادي عرفان ابين    تصاعد القلق في حضرموت.. تسليح الحلف وفتح سؤال "من يمول الفوضى؟"    قراءة تحليلية لنص "ولادة مترعة بالخيبة" ل"احمد سيف حاشد"    بحضور وزير الدفاع الفريق الركن محسن الداعري .. تدشين شركة "طيران عدن" بإطلاق أولى رحلاتها التجريبية من مطار عدن الدولي إلى القاهرة    المغرب يطالب السلطات التركية بالقبض على الإخوانية توكل كرمان    الرئيس الزبيدي يعزز التنسيق مع القيادات الحضرمية لتأمين حضرموت وإنهاء التواجد العسكري اليمني في الوادي    صنعاء.. مناقشة دراسة أولية لإنشاء سكة حديد في الحديدة    لسوء النتائج.. يوفنتوس الإيطالي يقيل مدربه الكرواتي إيغور تيودور    المنتخب الأولمبي يبدأ معسكره الإعدادي في صنعاء استعداداً لخليجي الدوحة    حجة .. عرضٌ لخريجي الدورات العسكرية المفتوحة في المفتاح    الأسهم الأوروبية تسجل ارتفاعا قياسيا    فريق التوجيه والرقابة الرئاسي يلتقي مسؤولي مكتب التخطيط والتعاون الدولي في لحج    مؤامرتا الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين واليمني للجنوب العربي    ضبط 185 قطعة أثرية عراقية في بريطانيا    تشييع جثمان الشهيد حسن نهاري في حجة    حالات تحكيمية مثيرة للجدل بكلاسيكو ريال مدريد وبرشلونة.. أهداف ملغاة وركلات جزاء    أبطال اليمن في المصارعة يشاركون دورة الألعاب الأسيوية    مزاد "بلاكاس" الفرنسي يعرض تمثال لرجل من آثار اليمن    أشاد بجهود البحرين التنظيمية.... البدر: الألعاب الآسيوية للشباب حدث رياضي مميز    ثاني حادثة خلال أقل من شهر.. وفاة امرأة نتيجة خطأ طبي في محافظة إب    اعتقال شيخ قبلي بمحافظة شبوة بعد ساعات من حملة استهدفت عدداً من الشباب    "بهاء سعيد" و"أرزاق بازرعة" يتوجان أبطالًا للبطولة التأسيسية المفتوحة للدارتس بعدن    أبو رأس ينتقد سلطات إب على خلفية حملة اعتقالات بسبب رفض دخول كسارة    وزارة الشباب والرياضة تمنح نادي التعاون بحضرموت الاعتراف النهائي    خامس حالة خلال أسبوع.. شاب ينهي حياته في إب وسط تردي الأوضاع المعيشية    وزير التربية يدلي بتوجيه هام!    التعليم العالي تعلن بدء تحويل مستحقات الرسوم الدراسية للطلاب المبتعثين    تنظيم دورة تدريبية لأطباء زوايا التثقيف الصحي حول الرسائل الأساسية لصحة الأم والطفل    تدشين مساعدات ل800 اسرة في جزيرة كمران    دراسة حديثة تكشف فظائع للسجائر الإلكترونية بالرئتين    اللواء بن بريك يفتح بوابة حضرموت نحو وحدة الصف الجنوبي    الشتاء يبدأ مبكرًا في اليمن.. تقلص الامطار والحرارة تلامس 3 درجات في بعض المناطق    الجميع يخافون من إسرائيل، والكل في خدمة إسرائيل    فشل وساطة العليمي بين قيادة الهضبة وسلطة حضرموت    مصر التي رفضت تهجير الفلسطينيين لا يجوز أن تهجّر أقباطها الذين سكنوها قبل الغزو السلفي    لصوص يسرقون ألفي قطعة نقدية من متحف فرنسي    من أبرز سمات القائد الغماري.. "الصبر والمبادرة"    مناقشة التحضيرات لإقامة معرض "صُنع في اليمن"    النظام السعودي وأوهام الأفاعي 2-2    بوتين يعلن نجاح تجربة لصاروخ "كروز" بالدفع النووي يصل مداه إلى 14 ألف كيلومتر    وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن "18"    وداعا أبا اهشم    الخبير والمحلل الاقتصادي سليم الجعدبي ل "26سبتمبر" : هناك حرب وجودية شاملة تستهدف اليمن تحت ستار "الإغاثة" و"التنمية"    المهندسة لجين الوزير ل 26 سبتمبر: نجاح الأوطان يبدأ من الحقل والمزرعة    مرض الفشل الكلوي (25)    عن ظاهرة الكذب الجماعي في وسائل التواصل الاجتماعي    بعد 3 أيام من إيقاف التعامل معها.. جمعية الصرافين تعمِّم بإعادة التعامل مع شركة صرافة    عندما تتحول الأغنية جريمة.. كيف قضى روفلات القومية على أحلام عدن؟    فوضى موانئ الحديدة تكشف صراع أجنحة الحوثي على تجارة القمح وابتزاز التجار    قراءة تحليلية لنص "أنتم العظماء لا هم" ل"أحمد سيف حاشد"    ايران تطور إسفنجة نانوية مبتكرة لجراحات الأسنان    الصحة العالمية تعلن عن ضحايا جدد لفيروس شلل الاطفال وتؤكد انه يشكل تهديدا حقيقيا في اليمن    قراءة تحليلية لنص "سيل حميد" ل"أحمد سيف حاشد"    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    عدن: بين سل الفساد ومناطقية الجرب    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    الآن حصحص الحق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد ناصر العنسي فدائي فك حصار السبعين
نشر في الاشتراكي نت يوم 05 - 03 - 2023

في أحد الأيام، وبمعية الرفيق علي الصبري وصلنا إلى مدينة عدن للقاء متعلق بالعمل الشبابي الحزبي، وبعد انتهاء اللقاء تلقيت اتصال من عمي عبدالكريم عمر يطلب مني الحضور للمقيل عنده في البيت، لأن هناك مناضل كبير يريد أن يراني، وكان هذا هو اللواء محمد ناصر العنسي.
بعد انتهاء المكالمة أخبرت الرفيق علي الصبري بأن المقيل سيكون مع مناضل كبير ذلك اليوم، ومن المهم التعرف عليه والجلوس معه، حينها استقلينا الباص باتجاه كريتر.. وأخذت أحكي للرفيق علي عن بعض المواقف الطريفة التي سمعتها عن المناضل العنسي، وبعض القيادات في المكتب السياسي، وعلى رأسهم الشهيد علي عنتر، وكان الرفيق علي الصبري يتفاعل مع بعضها لطرافة ما فيها إلى مستوى أن قهقهاته كانت عاليه حتى انفجر كل من في الباص بالضحك على قهقهة الصبري والذي رد مازحاً بتساؤل جوهر معناه (هل فيه مناضل من ذمار؟)
وبعد السلام على عمي عبدالكريم، وتعريفي له بالرفيق علي الصبري حتى قام لنا المناضل محمد ناصر للسلام، وما أن أمسك يدي حتى باشرني مازحاً بالقول "احنا في الحزب مولعين بالعدالة لدرجة أن معنا الكثير يحملون اسم عمر" وأضاف أنه كان معنا جارالله عمر، وسلطان أحمد عمر، وشعفل عمر، وعبدالكريم عمر، وذكر رفاق آخرين تنتهي أسمائهم بعمر، واليوم جاء لنا عبدالرحمن عمر، وأحمد عمر الهيال، وأسعد عمر، ويعلم الله من عاد جنبكم ( من ذي ما نعرفهم ) يضحك.... ثم انتقل للرفيق علي الصبري، وما أن مد الأخير يده حتى باشره بالقول "عاد بعضهم تقول له بانجلس مع مناضل من ذمار يقلك: شي مناضل من ذمار؟" ويضيف "والأسود العنسي من أول مناضلي التاريخ من ذمار" وأورد كلاماً كأنه كان معنا في الباص، حينها أحمر وجه الرفيق الصبري من الإحراج ثم التفت لي وقال: يبدو أنك تركت التلفون مفتوح والشيبات يسمعوا (الحش الذي كان بيننا) قال العنسي ضاحكاً: يعني توقعي كان في محله؟!
وخلال جلوسنا دار كثير من الحديث حول مراحل مختلفة من تاريخ اليمن الحديث سألناه في سياقه، عن مواقف وأحداث بدأناها بطلب من الرفيق علي الصبري من العنسي بشرح قصته مع الشهيد علي عنتر حينما قال له ( عروكم الزيود ) أي طردوكم فرد العنسي: أنه بعد مغادرته وزملاءه الضباط من صنعاء بعد أحداث أغسطس 1968م تقرر انتقالهم إلى عدن بعد اعتذار الجزائر عن استضافة من سبق إليها، وبينما كان العنسي ورفاقه في منطقة حدودية بين الشمال والجنوب، وصلهم خطاب من الشهيد علي عنتر، وكان مذيلاً بتوقيع ( علي عنتر امزربة ) وتابع بالقول: أنه تولى الرد بخطاب ووقعه باسم محمد ناصر ( امطلحة ) ففهم الرفيق علي عنتر أن ذكر الطلحة لا علاقة له باسم محمد ناصر، وأن له مغزى آخر و بعد موافقة الرفاق في دولة الجنوب لهم ، استقبلهم علي عنتر بنفسه وبادرهم مازحاً بقوله ( عروكم الزيود ) قال العنسي فرددت عليه بالقول: حياك يا رفيق، هيا أعرفك بهذا الضابط المناضل فلان ابن فلان من تعز شافعي، وهذا فلان من البيضاء شافعي، وذا فلان من صنعاء زيدي، وذا من كذا، إلى أن وصلت لنفسي وقلت: وأنا محمد ناصر العنسي من ذمار (كرسي الزيدية) ليختم حديثه حول هذة القصة بالقول ( رحمك الله يا علي عنتر، كانوا رجال لا يعوضوا لقد فهم الرفيق عنتر من كلامي امتعاضاً من توصيفه، وأن ردي يتضمن رسالة أن صراعنا ليس طائفياً، وأن الثوار من كامل البلد ومن كل الفئات الاجتماعية، وأضاف أن عنتر اعتذر رغم أننا نعرف أنه لا يقصد الطائفية، وأن المقصود بكلامه أن نظام الشمال هو من طردنا، وقد جرى التوصيف للشمال بالزيدي، في اعتياد الناس عن الحديث عنه في الجنوب، وهو توصيف مرتبط بصراعات حقب تاريخية طويلة في ظل تمددات حكم دويلات الائمة المتلاحقة.
ثم سألناه بعدها عن حكاية مقولة ( يادين محمد ديناه من دين محمد ناصر ) حيث ضحك، وقال يبدو أنكم مذاكرين، مضيفاً القول ( خلال حصار السبعين يوماً، وبعد تمكن القوات الملكية من فرض الحصار على صنعاء بعد سقوط جبهة نهم، كنت قائداً للحملة العسكرية المتوجهة لفك الحصار من الجهة الجنوبية لصنعاء، حينها كان هناك العديد من القبائل ممن بادر الإعلان بالإنضمام للثورة قد تراجعوا، متأثرين بنجاح الملكيين بتطويق صنعاء، وبوصول أحد من كانوا يوصفوا بالأمراء، حينها قررنا أن لا نتعامل بلين مع من تراجعوا عن الثورة ليلتحقوا بمحاصري صنعاء، واعترف بشحاعة بقوله (صحيح كان فيه قسوة وتصرفات يمكن لو قستموها بظروف اليوم لوصفتموها بالفاشية، لكن إذا أردتم أن تقيموها فقيموها بظروف تلك اللحظة، لأنه لو لم يكن هناك حزم في مواجهة المشائخ، وبعض القيادات المحلية الذين تراجعوا عن الثورة؛ لكان الوضع أسوأ، فليس لدينا خيار آخر، خصوصاً بعد اقتراح القبائل لفكرة عقد لقاء معه لأجل التفاهم، ليتضح أنهم كانوا معدين العدة لقتله وزملاءه بذلك اللقاء، وقال أنه أمر حينها الدبابات التابعة له بضرب المكان الذي تم اللقاء به رغم تواجده، وأنه تم فيه سحق كل عصابة الملكيين، وأصيب هو ومن معه من زملائه العسكريين.
وأضاف بالقول: نحن لم يكن أمامنا من خيار سوى فتح الحصار والإنتصار للجمهورية أو الموت أما هؤلاء (يقصد قيادة الملكيبن ومن معهم) فقد كانوا خارجين عن القانون ولابد من هزيمتهم والقضاء عليهم ليكونوا عبرة لضمان بقاء النظام الجمهوري.
كان حديثه ممتعاً للغاية إذ لا يمكن أن تمل من طريقة السرد البديعة التي يمتلكها، وقدرته على توظيف النكتة لتبديد أي ضجر عند المتلقي واستعادتة من شرد عقله، ليعيش جو الحديث مجدداً، وكان من أجمل ما ذكره لنا، قصته مع ضباط من ذمار تجمعوا في عزومة أعدت له في منزل اللواء مطهر رشاد المصري، بعد أن التقى المناضل العنسي بالرئيس علي عبدالله صالح، الذي استدعاه ومجموعة من مناضلي الثورة، ربما لتكريمهم أو هكذا فهمت.
يروي لنا العنسي أن بعض ممن حضروا العزومة قاموا باستعراض ما يملكون من سيارات وأموال وغيرها، ليتوجهوا بعدها لسؤاله عما جمعه وتملكه خلال حياته النضالية الطويلة، وكيف رد عليهم بقوله لم أجمع شي لكني أملك ما لا تملكوه، ولكم أن تتخيلوا ماهو... فقالوا له ما هو؟! فقال لهم الشرف، أنا أمتلك الشرف وهذا ما أفتقده بعضكم للأسف، مضيفاً أن ما دار في جلستهم تم رفعه لعلي عبدالله صالح، الذي حدثه عنه بنفسه، ويقصد هنا الرئيس حينها. وللأسف انقطع جلوسنا معه بسبب اعتذاره، إذ استأذننا لأنه سيعود للضالع، وأنه جاء لمتابعة راتبه، وغادرنا حاملاً حقيبة يد، كان قد دس بها أوراقًا كانت أمامه، وما تبقى من قاته،
ورغم المدة القصيرة؛ إلا أننا استلهمنا منه الكثير، وتأكد لنا كل ما قيل لنا عن شجاعة وجسارة هذا المناضل، والقدرات الفذة التي كان يمتلكها، والتمسنا عذوبة روحه، وأحسسنا بصدق الشرف والورع الذي ميزه وميز العديد من رفاق دربه، ووجدنا كيفية تفضيله للعيش بظروف صعبة ليحافظ على الكرامة، وتميزه بحق وهو يفاخر باعتزاز بعظمة ما قدمه ورفاق دربه في سبيل اليمن وجمهوريته.
رحم الله المناضل الكبير محمد ناصر العنسي، ورحم الله كل مناضلي الثورة اليمنية، وأسكنهم فسيح جناته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.