كتب محمد محمد المقالح ...سبع رصاصات غادرة اخترقت جسد الطفل شافيز صباح الخميس الماضي وهو في حضن والده فاردته على الفور قتيلا يتخبط بدمائه الزكية دون أن يعرف لماذا قتل وبأي ذنب قتل والده.. لم يكن الشهيد الصغير قد تجاوز الثانية من عمره حين ألزم والده أخذه إلى دكان القرية لشراء قطعة الحلوى التي اعتاد عليها منذ أن بدأ يميز بين ملذات الحياة الصغيرة خارج البيت وخارج أحضان أبويه الدافئات، وعندما أطلقت الرصاصات الغادرة على جسده الغض لم يكن لديه الوقت الكافي للتعرف على شيء جديد في حياته الصغيرة ...صوت الرصاص القات ل في الجوار .. ..لا احد يعرف من سقط أولا.... قطعة الحلوى، أم شافيز، أم حضن والده الدافئ ،وكلما نعرفه أن القتلة لم يتيحوا لشافيز فسحة من الوقت للبكاء على أي من أشيائه الثلاثة الجميلة ... بالمناسبة نحن أيضا لم نبك ولم تتحرك عواطفنا فضلا عن مسئولياتنا تجاه ما حدث لشافيز ووالد شافيز وحلوى شافيز ربما لأنهم جميعا من خارج حدود عواطفنا القروية الجياشة ...من حرف سفيان مثلا أو من أمريكا اللاتينية ..... ولما لا الم يكن اسمه شافيز ؟!. **** لقد هالني فعلا طريقة تعاطي الدولة والأحزاب والصحافة الأهلية والحزبية أمام جريمة بشعة ارتكبت في وضح النهار ومع سبق الإصرار والترصد وذهب ضحيتها القيادي الاشتراكي محسن عسكر ونجله الصغير شافيز والى درجة أنني كدت اشك بقيم وأخلاق الطبقة السياسية والمثقفة بكاملها خصوصا عندما يميز الكثير منهم في الحقوق والحريات والجرائم والانتهاكات ،وبين مواطن وآخر ومجرم وآخر ..كل حسب مسقط رأسه ومنبته السياسي ... أما عندما يكون الحزب الاشتراكي أو احد قياداته أمثال الصديق العزيز محسن عسكر هو الهدف فان التمييز يبدو أكثر وضوحا وأكثر تفاهة **** كلكم يعرف أن الحزب الاشتراكي لم يتهم حتى الآن أي طرف سياسي أو غير سي اسي بالجريمة ، ومنذ أسبوع وهو يطالب الدولة القيام بواجبها وتحمل مسئوليتها القانونية في كشف خيوط الجريمة وملاحقة الجناة وتقديمهم إلى العدالة أيا كانت دوافعهم وسواء كانت جريمة الاغتيال ثأرية أم سياسية ... ومع هذا كله لم تتخذ الدولة أي موقف ولم تقم بأي إجراء ولو بسيط لملاحقة القتلة والمجرمين وبدلا من ذلك ردت بالصمت والتجاهل ووضعت إذن من طين وأخرى من عجين *** إن الصمت والتجاهل المريب لكل مناشدات الحزب الاشتراكي اليمني في كشف ملابسات مقتل الشهيد محسن عسكر ونجله الصغير شافيز لا يضع السلطة وأجهزتها الأمنية في موضع الشك والريبة والتغطية على الجناة وحسب، بل وضع الحزب الاشتراكي اليمن ي بكامله في موضع الاستهداف والجريمة المنظمة التي سبق له أن واجهها قبل حرب صيف 1994م وهو أمر خطير لا يجوز للاشتراكيين وحلفائهم – إن كان لهم حلفاء فعلا- السكوت على جريمة اغتيال رفيقهم محسن عسكر الذي قتل بدم بارد وبصمت مريب من قبل الجميع ، أما إذا سكتوا فلن يجدوا غدا من يكتب نعي الشهيد التالي *** عذرا أيها الصديق العزيز محسن عسكر لقد كنت ضحية خيارات ك المدنية في صفوف هذا الحزب العظيم الذي ظل وسيظل حقلا اخضرا رغم كل سنوات القحط والجفاف ...عذرا ياشافيز الصغير فقد اغتيلت طفولتك البريئة في قرية بعيدة من "الهضبة الشمالية" التي لم تسمع الطبقة السياسية اليمنية بها حتى اليوم . (الإهداء إلى الرفيقين العزيزين عيدروس نصر ناصر ومحمد غالب احمد والى روح شافيز الجميل)