واصل المركز اليمني للدراسات التاريخية واستراتيجيات المستقبل (منارات) بالتعاون مع مجلس تنسيق منظمات المجتمع المدني تقديم القراءات الفكرية والسياسية والدستورية والثقافية للمبادرة اليمنية المتمثلة بإتحاد الدول العربية . ووقف المشاركون في الندوة مساء اليوم أمام ورقتي عمل الأولى للمستشار القاضي يحيى الماوري والتي لخص فيها تجارب الأمة العربية ببعديها الإسلامي والإنساني وما شهدته الساحة العربية من حالات التشظي بعد إنتهاء الخلافة العثمانية ، وما تعرض له الوطن العربي في إثر ذلك من هيمنة استعمارية وتمزيق سياسي وجغرافي وخلق كيانات قطرية كما استعرض في ورقته مراحل تطور العمل العربي المشترك من خلال التجارب التي خاضها خلال العقود الخمسة الماضية . وتناول الماوري في ورقته بالتحليل والنقد المراحل التي مر بها العمل العربي المشرك معتبراً أن المرحلة الأولى تعود بداياتها إلى إنشاء جامعة الدول العربية وما دار بشأنها من حوارات بين الأنظمة العربية في حينها مشخصاً الدور البريطاني في إنشائها بما يتوافق والهيمنة الاستعمارية آنذاك . وابرز التجارب الوحدوية التي شهدتها بعض الدول العربية بعد نيل استقلالها وما ألت أليه تلك التجارب من مصير . واعتبر ان بدايات هذه التجارب كانت في مطلع ثمانينيات القرن الماضي ممثلة بإنشاء مجلس التعاون لدول الخليجي العربي ومجلس التعاون العربي ومن ثم إتحاد دول المغرب العربي . فيما تناولت الورقة الثانية قراءة نقدية للدكتور عادل الشجاع وبحثت البعد الثقافي الذي تنطوي عليه المبادرة . وكانت الندوة قد افتتحت اعمالها الثلاثاء الماضي بورقتي عمل الأولى بعنوان "على طريق تطوير العمل العربي المشترك ، المبادرة اليمنية بين الواقع والطموح،" لرئيس اللجنة الدستورية بمجلس النواب على أبو حليقة والثانية بعنوان " مشروع اتحاد الدول العربية بين طموح الأمة وعوائق السياسة " لأستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الدكتور حمود العودي. واستعرض أبوحليقة جوانب القصور في ميثاق جامعة الدول العربية وما أضيف إليها من ملاحق في محاولة لإصلاح تلك الجوانب، مشيراً إلى ما تضمنته المبادرة اليمنية من نظام تكاملي يسعى إلى تأسيس اتحاد عربي مواكب للمستجدات الإقليمية والدولية والأوضاع السياسية والاقتصادية للمنطقة والعالم. وتطرق إلى متغيرات العصر في ظل اختلاف موازين القوى والمفاهيم الجديدة لقضايا التنمية وحقوق الإنسان وغيرها ما يحتم العمل الجاد لإيجاد كيان عربي موحد قادر على مواجهة تلك المتغيرات سيما في ظل قناعة الأمة العربية وقيادتها بعجز الجامعة العربية بوضعها الحالي عن تلبية طموحات الشعب العربي. فيما استعرضت الورقة الثانية لأستاذ علم الاجتماع بجامعة صنعاء الدكتور حمود العودي محاولات توحيد الشعوب العربية بين الماضي والحاضر، مشيراً إلى أن عملية وحدة أو توحيد الشعوب في الماضي خضعت لمعادلة القوة العسكرية فيما تقوم اليوم على معادلة متعلقة بالمصالح الاقتصادية والوطنية وهي المتغير الحاسم في عملية التوحيد. وارجع العودي تعثر وحدة العرب حديثاً بدءا من وحدة مصر وسوريا مروراً بالإتحاد العربي لدول المشرق والإتحاد المغاربي ومجلس التعاون الخليجي إلى استمرار تطلعات النفوذ الشخصي سياسيا وعسكريا للحاكم وتجاهل حقائق ومتغيرات العصر المتعلقة بأهمية وحدة المصالح الاقتصادية والوطنية كضرورة موضوعية. وأشار الدكتور العودي إلى أن ما كان ينبغي فهمه منذ منتصف القرن الماضي على الأقل ويجب إدراكه اليوم عن يقين هو أن التعدد والتنوع في الأنظمة السياسية العربية يمكن أن يصبح في ظل وحدة اقتصادية عربية شاملة ومصالح سياسية وطنية مشتركة ميزة وليس عيباً.