شاهد / اللحظات الاخيرة للشهيد الاسير "العفيري" .. قبل تنفيذ جريمة اعدامه ! فيديو    برئاسة البشيري..اجتماع يناقش أوضاع قطاع المولات والمراكز التجارية    تشيلسي يتجاوز ليفربول ويوقف مسيرته نحو لقب الدوري الانجليزي    المدرب الإسباني غوارديولا يجدد دعمه للشعب الفلسطيني في قطاع غزة    بقاء الحوثي حاكما لليمن، مصلحة جنوبية يجهلها السياسي الجنوبي    نجاة قائد اللواء الأول عمالقة من استهداف بعبوة ناسفة في شبوة    لويس إنريكي: " ميسي " يمحو أي مدافع من الذاكرة وإيقاف "مينديز" له مستحيلة..!    فوز اليوم ليس مقياس .. ولكن !!    العلامة مفتاح يفتتح مهرجان خيرات اليمن بصنعاء    تقرير أممي: استدامة تحسن الريال اليمني مرهونة باستئناف صادرات النفط والغاز    تحقيق يكشف عن عمليات تهريب الأحجار الكريمة والمعادن النادرة من اليمن    القرية .. مدرستي الاولى    مأرب.. تكريم الفائزين بمسابقة شاعر المطارح    (الفاو) تعلن انخفاض أسعار السلع الغذائية العالمية في سبتمبر    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية إلى 67 ألفا و74    رئيس ميلان: الملعب الجديد سيكون جاهزاً عام 2030    المحرّمي يلتقي رئيس الوزراء ويؤكد دعم مجلس القيادة للإصلاحات الاقتصادية والخدمية    الرئيس الزُبيدي يلتقي رئيس الوزراء سالم بن بريك في أبوظبي    وزير النفط يناقش آلية سير عمل لجنة صياغة قانون النفط والغاز    مسيران ل 250 من خريجي دورات "طوفان الأقصى" في الزيدية والسخنة بالحديدة    نورمحمدوف وأندرسون يتوّجان بلقبيهما العالميين في بطولة "الطريق إلى دبي – المواجهة الثانية"    المحويت: ارتكاب 100 جريمة في شهر    أمن عمران يكشف ملابسات قتل «امرأة» داخل منزلها في ريدة    انتقالي شبام يدشّن توزيع مستلزمات مدرسية على طلاب الأسر المحتاجة بالمديرية    الكشف عن مصير العمليات اليمنية بعد رد حماس على خطة ترامب    ضبط 11 متهمًا بحيازة وترويج مواد مخدرة بالعاصمة عدن    محافظ حضرموت يناقش أوضاع الصيادين في الريدة وقصيعر    بدء توزيع الزكاة العينية للأسر الفقيرة في مديرية اللحية    مناشدة عاجلة لصرف الرواتب    إب.. مجهولون يحرقون سيارتي قاضٍ ومرافقه في وقت واحد وفي مكانين مختلفين    إحصائية رسمية: وفاة وإصابة 399 شخصا جراء حوادث السير خلال سبتمبر    أول يهودي يترشح لانتخابات البرلمان السوري منذ عقود    الترب:خطة ترامب بداية تصفية القضية الفلسطينية والمقاومة    يا حكام العرب.. احفظوا رؤوسكم!    ذمار.. شرطة عتمة تضبط متهماً بقتل طفل    (وفي هوازن قوم ....)    مسيرة الإتحاد في مواقف الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي    ليفربول وتشيلسي تحت الأضواء في لقاء ناري بالدوري الإنجليزي    إيران: إعدام 6 جواسيس لاسرائيل    حزام عدن يلقي القبض على 5 متهمين بالتقطع    قطع رواتب عناصر "المتشددين" في اليمن ضمن إصلاحات "الشرعية"    رئيس إصلاح المهرة يدعو إلى الاهتمام بالموروث الثقافي واللغوي المهري    تُكتب النهايات مبكراً لكننا نتأخر كثيراً في قراءتها    تعز تناقش مواجهة مخاطر الكوليرا وتحديات العمل الإنساني    مدرسة 22 يونيو بالمحفد تكرم طلابها المتفوقين في العام الدراسي المنصرم    كشف ملابسات جريمة قتل الشاب عماد حمدي بالمعلا    جريمة مروعة في عدن.. شاب ينهي حياة خاله بسكين    سياسيون يحتفون بيوم اللغة المهرية ويطلقون وسم #اللغه_المهريه_هويه_جنوبيه    وقفة لهيئة المحافظة على المدن التاريخية تنديدا باستهداف العدو الصهيوني لمدينة صنعاء القديمة    مفتاح يطلع على حجم الاضرار بالمتحف الوطني    أنا والحساسية: قصة حب لا تنتهي    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    تنفيذ حملة لمكافحة الكلاب الضالة في مدينتي البيضاء ورداع    وفاة امرأة بخطأ طبي في إب وسط غياب الرقابة    مراجعة جذرية لمفهومي الأمة والوطن    في 2007 كان الجنوب يعاني من صراع القيادات.. اليوم أنتقل العلة إلى اليمن    صنعاء... الحصن المنيع    في محراب النفس المترعة..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كم نحن بحاجة إلى ثقافة التعدد والتسامح والحوار
في ذكرى اغتيال جار الله عمر
نشر في الاشتراكي نت يوم 27 - 12 - 2010

كتب..محمد محمد المقالح ::تأتي ذكرى اغتيال القائد الوطني الكبير جار الله عمر، وبلاده تعيش أزمة سياسية ووطنية شاملة من الواضح أنها تسير باتجاه التصعيد مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية ابريل 2009م فهل تحمل الذكرى السادسة لرحيل "أبو قيس" بادرة من نوع ما،.. تهدئ من وتيرة الأزمة أو تحول دون انفجارها في وجه الجميع !؟
لا يوجد رابط في الذاكرة بين المشهدين سوى أن اغتيال مهندس اللقاء المشترك وقائد حركة النضال السلمي الديمقراطي عشية انتخابات 2003م البرلمانية كان تعبيرا فاجعا ودمويا للازمة اليمنية ولثقافة الكراهية والصراع بين فرقاء الحياة السياسية اليمنية .
مقتل جار الله عمر وبالصورة التي عشناها جميعا لحظة بلحظة كشف عن حهوزية نفسية وفكرية عالية ومتحفزة لدى حاملي ثقافة الكراهية واستعداد سياسي دائم لارتكاب أبشع الجرائم وانتهاك كل المحرمات الدينية والإنسانية من اجل إبقاء وتكريس ثقافة الصراع في الوعي والسلوك اليمني حتى ولو كان ثمن ذلك هي اليمن نفسها واغتيال عقلها وضميرها وتمزيق روابط السلام والعيش المشترك بين أهلها وذويها.
كل هذا كان يدركه جار الله عمر وكان لديه استعداد حقيقي لان يقدم حياته ثمنا لتغيير الواقع والخروج من هذه الثقافة المدمرة والإجرامية وفي سبيل يمن واحد وديمقراطي وحديث تتعايش فيه كل التيارات والأفكار والمذاهب والجهات، بدون تمييز ولا تهميش أو استبداد ولم تكن فكرة اللقاء المشترك الإبداعية سوى احد تعبيرات هذا المشروع الذي حمله الشهيد وبشر به واستشهد في سبيله
في كلمته الأخيرة وقبل أن يطلق المجرمون رصاصات الغدر والخيانة على قلبه الكبير قال في إحدى وصاياه العشر "نريد مجلس نواب يشبه اليمن ويمثل فيه كل اليمنيين بمختلف أحزابهم السياسية وتياراتهم الفكرية وعقائدهم الدينية ومناطقهم وفئاتهم الاجتماعية " غير أن تحالف الاستبداد السياسي والكراهية الدينية لم يكتف بقتل حامل المشروع الوطني، بل وحاول قتل المشروع نفسه عندما سعى إلى إنتاج مجلس نواب يمني يرأسه العميد فلان والشيخ علان ... مجلس نواب لا يمثل كل اليمنيين ولا نصفهم ولا حتى ربعهم .بل وتسعى ثقافة الاستبداد اليوم الى االتهام البقية الباقية من الربع الأخير
نظام النسبية الذي طالب به جار الله عمر وحزبه وعديد من الأحزاب اليمنية يمنح فرصة واسعة لتمثيل اليمنيين في مؤسسات الدولة المنتخبة وهو تعبير عن ثقافة التصالح والتسامح والعيش المشترك بين فرقاء الحياة السياسية والاجتماعية داخل الوطن الواحد وفي مؤسسات الدولة والمجتمع ومن يرفضه اليوم هو من يرفض كل هذه المعاني الكبيرة في وعي اليمنيين ، ويكرس على النقيض منه ثقافة الاستفراد ،والانفصال والتمزق ومشاعر الغبن والتهميش لدى غالبية اليمنيين .
النضال السلمي بتضحيات ... وصية أخرى تضمنتها كلمة الشهيد في مؤتمر الاصلاح وكان يقصد ،أن النضال السلمي صعب ويتطلب تضحيات جسيمة من طرف واحد، ولكن طريقه صحيح ويوصلنا إلى المراد ولو بعد حين ، والرهان اليوم هو أن تبقى حركة الاحتجاجات في الجنوب حركة سلمية وديمقراطية ووطنية ،وأي محاولة لعسكرتها أو التفرد برسالتها وزرع الكراهية بين حاملي مشروعها الوطني الكبير يعني نهاية تجربة كبيرة راهن عليها وعلى توسيع قاعدتها كل اليمنيين المطالبين بالعدالة والحرية والمواطنة الواحدة .
في كلمة له بالجامع الكبير بصنعاء أثناء تخرج عدد من حفظة القران الكريم بعد قيام الوحدة مباشرة عام 1990م أكد جار الله عمر على أهمية التعدد الفقهي والمذهبي ورفض ثقافة الاجتهاد الواحد والفتوى الواحدة التي تضيق الدين والسياسة معا ،...
...لم يكن جار الله عمر زيديا ولا شافعيا ،وعندما عبر عن بعض جوانب الاختلاف مع الفكر السلفي الوهابي ليس لأنه كان يرفض حق الناس في أن يكونوا وهابيين أو سلفيين وفي أن يتعبدوا الله بالطريقة التي يعتقدونها صحيحة ،ولكن لان البعض منهم يسعى إلى فرض عقائده على الناس، وتزوير هويتهم الاجتماعية والمذهبية بقوة الدين والسلطة ويحول الدين إلى طائفية مغلقة وحديدية لا تقبل سوى ذاتها بل وتضيق على ذاتها في أحيان كثيرة ،.. واذكر مما قاله بهذا الخصوص عبارة لا تزال تحفر في ذاكرتي حتى اليوم " التعدد في الفقه يتيح فرصة التعدد في السياسة ".
التسامح ، والتصالح، والعفو عند المقدرة، وحق التعدد والاختلاف في السياسة والعقيدة وأهمية الحوار الفكري والسياسي مع كل الأطراف السياسية والفكرية ، لم تكن مفردات لغوية طارئة أو تكتيكية في وعي وثقافة جار الله عمر بل كانت ثقافة وسلوك أصيلين لديه وصل أو توصل إليهما بقيمه الرفيعة وبمعارفه الإنسانية الواسعة وبتجاربه السياسية العميقة والمريرة في الحياة اليمنية ،وقد اثبت جار الله عمر جدارته في حمل هذه الرسالة النبيلة في أكثر من موقف وأكثر من حدث يمني،.
.. منذ أحداث 68 في الشمال مرورا بأحداث 86م في الجنوب ،وحتى المرحلة الانتقالية وحرب 94م الإجرامية بين شركاء الوحدة في الشمال والجنوب.بل وحتى لحظة اغتياله وهو متسامح مع نفسه ومع الغير ويسعى إلى تكريس هذه الثقافة والسلوك في حياة اليمنيين وأحزابهم رغم كل ما قد يعترضه من صعوبات واحن على هذا الطريق..
بعد تزايد جرائم الاغتيالات التي طالت العشرات من قيادات الحزب الاشتراكي في الشمال والجنوب ذهب احد الغيورين على الحزب إلى جار الله في منزله ،وكان مما قاله وهو يتفجر غضبا " لو أنكم قرحتم رأس واحد فقط من هذه الرؤوس الكبيرة لتوقفت جرائم اغتيال قاداتكم الواحد بعد الآخر فورا " كنت شاهدا في هذا الموقف وشاهدت حالة الغضب التي تملكت جار الله عمر- وقليلا ما كان يغضب- واذكر مما قاله حينها وهو يرد على هذا الصديق " اسمع يا أخي لا تسمع- بعض المجانين عندنا بهذا الكلام الخطير... إحنا طلقنا ممارسة العنف إلى غير رجعة ولن نستخدم العنف ضد خصومنا أبدا حتى ولو قتلنا جميعا .. أنت لا تعرف بان العنف يجر العنف ،ومن يستخدم العنف الداخلي ضد الخصوم السياسيين يتحول من ضحية إلى مجرم، ونحن نفضل أن نكون ضحايا لا مجرمين "... وأصدقكم القول أنني دخلت مع صاحبي وانا معه في المربع الأول وخرجنا معا ونحن مع جار الله عمر في المربع الثاني .
أثناء ذهابي معه في سيارة الصديق يحيى منصور أبو أصبع لحضور حفل افتتاح مؤتمر الإصلاح وجدته يدقق بعمق في بعض جمل وعبارات الكلمة التي سيلقيها في المؤتمر ،وكان بين الفترة والأخرى يصحح ويضيف ويستشيرني والموجودين في بعض العبارات فقلت له "جيد أن تكون الكلمة حميمية ،فالمناسبة احتفالية وأنت تخاطب الآلاف من الإصلاحيين قدموا من جميع المحافظات"، رفع رأسه باهتمام ووجه خطابه لجميع من كانوا إلى جانبه في السيارة ومن ضمن ما قاله على ما اذكر" يعتقد البعض أنني أمارس تكتيكا أو مناورة في علاقتي بالإصلاح .. أبدا .. أنا جاد في هذه العلاقة وأنا اراهن فعلا على دور الإصلاح وإذا تغير .. باتجاه الديمقراطية والتحديث ولو بدرجة اقل من حزب التنمية والعدالة في تركيا فهذا هو المطلوب وسيكون لذلك تأثير حقيقي في الحياة الفكرية والسياسية اليمنية " .
.قالوا بان فتح نافذة الحوار والتحالف بين الحزب الاشتراكي اليمني وحزب التجمع اليمني للاصلاح مثل تجاوزاً خطيرا "لمحرمات" السياسة اليمنية في اللعب على ورقة "الفتوى" وتكفير الخصوم أو تخوينهم وإحياء ذاكرة الحروب والخصومات السابقة فيما بينهم ،وإذا ما نجحت هذه السياسة "العمرية" فستفتح أبوابا واسعة للحوار والتسامح والعيش المشترك ظلت مغلقة على من هم اقل خصومة تاريخية من الاشتراكي والإصلاح،لكن القتلة لم يدركوا بأن فعلتهم الخسيسة لن تحل عقد الأزمة من حولهم بل هي اليوم أكثر تعقيدا واكبر خطرا منها حين صدر قرار اغتيال الرشد والضمير اليمني في العاصمة اليمنية صنعاء.
اغتيل جار الله عمر في مثل هذه الايام قبل ست سنوات في أشهر جريمة اغتيال في المنطقة العربية وها هي بلاده اليوم تشهد "شهرة" كبيرة في المنطقة ولكنها شهرة ذلك المجنون الذي خلع كل ملابسه وذهب عاريا يستجدي ما يستر عورته
----
* المقال نشر في الاشتراكي نت عشية الذكرى السادسة لاغتيال جار الله عمر وتحيديا بتاريخ
(الأربعاء 24 ديسمبر-كانون الأول 2008 الساعة 10 مساءً / الاشتراكي نت – صنعاء (
* كنت اود أن اتحدث عن المشترك وكيف تحول من اختراق كبير لخارطة التحالفات التلقليدية في اليمن الى جمود كبير للحياة السياسية اليمنية ولكن فضلت ان ابقي المقال كما هو عند نشره قبل سنتين


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.