"القسام" تعلن عن عمليات "نوعية" ضد قوات العدو جنوب قطاع غزة    شركة النفط: الوضع التمويني مستقر    الدكتور عبدالله العليمي يعزي العميد عبده فرحان في استشهاد نجله بجبهات تعز    الرئيس المشاط يعزّي في وفاة الدكتور عبدالله محمد المجاهد    نصيحة لبن بريك سالم: لا تقترب من ملف الكهرباء ولا نصوص الدستور    مفتي عُمان يبارك "الانجاز الكبير" لليمن بضرب مطار بن غوريون    تحالف (أوبك+) يوافق على زيادة الإنتاج في يونيو القادم    ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 52535 شهيدا و118491 مصابا    قيادي حوثي يفتتح صيدلية خاصة داخل حرم مستشفى العدين بإب    وزير الدفاع الإسرائيلي: من يضربنا سنضربه سبعة أضعاف    عدن: تحت وقع الظلام والظلم    ريال مدريد يتغلب على سيلتا فيغو في الدوري الاسباني    «كاك بنك» يدشن خدمة التحصيل والسداد الإلكتروني للإيرادات الضريبية عبر تطبيق "كاك بنكي"    هيئة رئاسة مجلس الشورى تشيد بوقفات قبائل اليمن واستعدادها مواجهة العدوان الأمريكي    بن بريك اعتمد رواتب لكل النازحين اليمنيين في عدن    أعضاء من مجلس الشورى يتفقدون أنشطة الدورات الصيفية في مديرية معين    وفاة طفلتين غرقا بعد أن جرفتهما سيول الأمطار في صنعاء    شركات طيران أوروبية تعلق رحلاتها إلى إسرائيل بعد استهداف مطار بن غوريون بصاروخ يمني    الدكتور أحمد المغربي .. من غزة إلى بلجيكا.. طبيب تشكّل وعيه في الانتفاضة، يروي قصة الحرب والمنفى    الخبجي : لا وحدة بالقوة.. ومشروعنا الوطني الجنوبي ماضٍ بثبات ولا تراجع عنه    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الأحد 4 مايو/آيار2025    الوزير البكري يهنئ سالم بن بريك بمناسبة تعيينه رئيسًا للحكومة    أبو عبيدة:التصعيد اليمني على الكيان يتجاوز المنظومات الأكثر تطوراً بالعالم    وجّه ضربة إنتقامية: بن مبارك وضع الرئاسي أمام "أزمة دستورية"    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    92 ألف طالب وطالبة يتقدمون لاختبارات الثانوية العامة في المحافظات المحررة    بن بريك والملفات العاجلة    يفتقد لكل المرافق الخدمية ..السعودية تتعمد اذلال اليمنيين في الوديعة    هدف قاتل من لايبزيغ يؤجل احتفالات البايرن بلقب "البوندسليغا"    ترحيل 1343 مهاجرا أفريقيا من صعدة    لاعب في الدوري الإنجليزي يوقف المباراة بسبب إصابة الحكم    السعودية تستضيف كأس آسيا تحت 17 عاماً للنسخ الثلاث المقبلة 2026، 2027 و2028.    الأهلي السعودي يتوج بطلاً لكأس النخبة الآسيوية الأولى    التركيبة الخاطئة للرئاسي    وادي حضرموت على نار هادئة.. قريبا انفجاره    أين أنت يا أردوغان..؟؟    مع المعبقي وبن بريك.. عظم الله اجرك يا وطن    المعهد الثقافي الفرنسي في القاهرة حاضنة للإبداع    العدوان الأمريكي يشن 18 غارة على محافظات مأرب وصعدة والحديدة    اعتبرني مرتزق    رسائل حملتها استقالة ابن مبارك من رئاسة الحكومة    نقابة الصحفيين اليمنيين تطلق تقرير حول وضع الحريات الصحفية وتكشف حجم انتهاكات السلطات خلال 10 سنوات    - حكومة صنعاء تحذير من شراء الأراضي بمناطق معينة وإجراءات صارمة بحق المخالفين! اقرا ماهي المناطق ؟    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    "ألغام غرفة الأخبار".. كتاب إعلامي "مثير" للصحفي آلجي حسين    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    الحقيقة لا غير    مصر.. اكتشافات أثرية في سيناء تظهر أسرار حصون الشرق العسكرية    اليمن حاضرة في معرض مسقط للكتاب والبروفيسور الترب يؤكد: هيبة السلاح الأمريكي أصبحت من الماضي    القاعدة الأساسية للأكل الصحي    أسوأ الأطعمة لوجبة الفطور    الفرعون الصهيوأمريكي والفيتو على القرآن    مانشستر سيتي يقترب من حسم التأهل لدوري أبطال أوروبا    الكوليرا تدق ناقوس الخطر في عدن ومحافظات مجاورة    من يصلح فساد الملح!    الإصلاحيين أستغلوه: بائع الأسكريم آذى سكان قرية اللصب وتم منعه ولم يمتثل (خريطة)    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



شيء من نكد الدنيا على الإصلاح!!
نشر في المصدر يوم 24 - 04 - 2012

[القلوب كالقدور في الصدور تغلي بما فيها، ومغارفها ألسنتها، فانتظر الرجل حتى يتكلم فإن لسانه يغترف لك ما في قلبه من بين حلو وحامض، وعذب وأجاج.. يخبرك عن طعم قلبه اغتراف لسانه!] يحيى بن معاذ.

(1)
مما يؤسف له في حالة الدكتور/ محمد المتوكل العصابية التي تعتريه ضد الإصلاح أنها تلقي بظلال سلبية على تحالف اللقاء المشترك؛ الذي يوصف بأنه الأول من نوعه في الوطن العربي الذي جمع أحزابا سياسية على اختلاف مشاريعها السياسية والفكرية، وقدّم تجربة فريدة في العمل المشترك، ونجح خلال أكثر من عشر سنوات في مواجهة اختراقات النظام ومحاولاته شقه أو تفتيته من الداخل بأي أسلوب، وصولا إلى إسهامه الكبير في الثورة الشعبية سواء في الجانب السياسي أو في الساحات التي تشكل كوادره نسبة كبيرة فيها.. لكن من حسن الحظ أن (اللقاء المشترك) تأسس منذ البداية على قواعد واضحة تحدد أهدافه ووسائله، وعلاقات أطرافه ببعضها بعضا فما هو متفق عليه يعمل الجميع على تعزيزه، وما هو مختلف فيه فيعملون على ألا يكون سببا في الخلاف والتنازع؛ مما أسهم في مواجهة العديد من المصائد والمؤامرات الخارجية، وتخطي حفر (قزمان) في الداخل.

(2)
تستحق حالة العصاب المتوكلية تجاه الإصلاح أن نحاول تقديم تفسير لها. وبداية فلسنا من الذين يميلون إلى التفسير السلالي وكون د. محمد المتوكل يختزن في جوفه تراثا من العنجهية السلالية والعصبية المذهبية بحكم انتمائه العائلي المعروف، وحتى حقيقة أنه كان ملكيا وتولى وزارة الإعلام في حكومة البدر بعد ثورة سبتمبر ليس لها أولوية في تفسير العصاب الذي يمارسه ضد الإصلاح؛ فهو وإن كان بالفعل وزيرا للإعلام لكن لمدة شهور كردة فعل لمقتل شقيقه نائب الإمام بعد الثورة، لكنه عاد وتركهم وانحاز لصف الثورة، وواصل دراسته في مصر، ثم وصل إلى منصب وزير التموين في زمن الرئيس الحمدي. الأمر في تقديرنا أكبر من ذلك؛ فكم من يمنيين لهم انتماء سلالي مشابه وعاشوا في مربعات التعصب المذهبي المقيت الذي لا يرى في أتباع غير مذهبهم إلا أنهم (كفار تأويل) لكنهم تطهروا من ذلك بتوفيق الله، وتساموا بعقولهم وأرواحهم وأخلاقهم بعيدا عن ذلك المستنقع، وتزخر الأحزاب اليمنية، وفي مقدمتها الإصلاح، بالآلاف من هؤلاء على اختلاف مشاربهم السياسية.
والحديث أو محاولة فهم وتفسير حالة العصاب المتوكلية ضد الإصلاح ليست أمرا مرتبطا باتهاماته الواضحة ضد الإصلاح بأنه وراء محاولة اغتياله [تراجع الآن وراح يؤكد بأنه لم يتهم أحدا مع إصراره على أن الحادث سياسي.. لكن وعلى طريقته في قول المعنى ونقيضه في خمسة سطور، راح يلمز الولد سائق الموتر بأنه كتب له رسالة مليئة بالأحاديث النبوية يستعطفه بها لكن الدكتور فهم منها بأنه متدين – أي أكيد عضو في حزب ديني أول حرف من اسمه: الإصلاح- ولو كانت المعاهد العلمية ما تزال قائمة لفهم أنه طالب فيها أو يسكن بجوار أحد معاهدها، المهم لا بد أن يكون في المتهم حاجة من بتوع ربنا. وصدقوني لو كانت الرسالة مليئة بمقتطفات من الميثاق الوطني أو الإنجيل أو التوراة وورد فيها مصطلح الدولة المدنية عشرين مرة؛ لفسرها بأنها محاولة من الذين غرروا بالولد لصرف الأنظار عن كونه متدينا، وإلقاء التهمة على إخواننا أهل الكتاب، وتشويه فكرة الدولة المدنية، والزج باسم المؤتمر لإفشال مشروع توازن القوى]. لا علاقة لهذه الحالة العصابية بآخر اتهاماته، فهي ملحوظة متوكليا منذ الوحدة على الأقل، وهو لا يضيع أي فرصة للمز الإصلاح وتجريحه، وكيل الاتهامات له، وتشويه تاريخه؛ طورا بانفعال أحمق، وتارة بأسلوبه الخطير الذي يمزج بين جرام واحد من العسل وقدح من السم.. لكن في كل الأحيان كان واضحا أنه يجد في الإصلاح عدوه الأكبر الذي يمتلئ قلبه غيظا وبغضا نحوه.
والدكتور المتوكل في حالته العصابية هذه خسارة – في تقديري- على المجتمع اليمني، فلا شك أنه رجل ذكي، ومثقف واسع الإطلاع، وناشط سياسي لا يفتر، وصاحب أفكار براقة(!) لا يمل من إعلانها، وباستثناء اتهاماته للإصلاح بمحاولة اغتياله فالحواران اللذان أعلن فيهما ذلك وردت فيهما إجابات متزنة ورؤى سياسية عاقلة لا تهرول وراء إيحاءات الأسئلة المخابراتية كما كان الحال مع أسئلة حادثة الموتر.. لكن ثمة عوامل نفسية وطموحات شخصية جعلت من هذه الثقافة الواسعة، والذكاء، والنشاط والهمة نقمة عليه، وغرزت فيه مرضا عصابيا ضد تيار إسلامي واسع الشعبية، متين الأركان، وصاحب مشروع سياسي وفكري مؤسس على قواعد منضبطة: تنظيميا ومنهجا وممارسة، ويقوده مجموعة من القيادات المجربة التي تجمع بين التأصيل الشرعي والنظر الواقعي للأمور، وذات رؤية رائدة في العمل العام.. بينما المتوكل رغم ذكائه وثقافته ونشاطه يفتقد هذه العوامل الضرورية التي تمكن الأفراد من أداء دور الزعامة القيادية في مؤسسات المجتمع والدولة، وربما هذا الذي يجعله غير قادر على أداء دور قيادي حقيقي اتكاء فقط على ثقافته وبراعته في الكتابة التنظيرية والتي تؤهله بامتياز؛ لو فهم؛ لممارسة دور المفكر والمنظر الأشبه بدور الفلاسفة الذين يهتمون بالتنظير للفكرة والترويج لها وتوجيه الناس إليها، لكنهم ينأون عن منصات القيادة وإقحام أنفسهم في أدوار قيادية لا تتناسب مع طبائعهم ولا إمكانياتهم. وأشباه المتوكل الذين لا يوفقهم الله لفهم ذلك، ويعاندون قدرهم وطبيعتهم يتسببون في إثارة الشغب والشقاق، وتظهر عيوبهم أمام الآخرين كحالة الذي يضع قدما في رداع وقدما في صنعاء! وهذه الحالة كثيرا ما تبتلى بها المجتمعات والأحزاب وتكون النتيجة مآسي وانكسارات وإخفاقات!

(3)
في إرشيفي البسيط مجموعة من مقالات المتوكل عن الإصلاح كتبها في مناسبات متعددة بالطريقة المعروفة عن مزج قليل من العسل بكمية كبيرة من السموم التي يقدمها على أنها انتقادات مشروعة، وهي كذلك في بعضها وإن افتقدت صفتي الموضوعية والإنصاف اللتين لا يمكن أن توجدا في قلب مليء بكل هذا القدر من البغضاء! ومناقشة آرائه تلك ليس هنا مجالها؛ لكن لا بأس من ذكر أنموذج واحد منها؛ فهو مثلا يقرر فكرتين متناقضتين عن الإصلاح في فقرتين من مقال نشره في 22/8/2005 في صحيفة (النداء)، يقول في الأولى: [إن الإصلاح انطلق عند تأسيسه من الإيديولوجية الدينية - يقصد العقيدة الإسلامية ولكنه يستكثر الوصف على الإصلاحيين لأنهم من العامة السوفاج!- التي تشكل الثقافة السائدة للمجتمع اليمني المسلم - كلمة المسلم هنا من عندي تصحيحا، وإلا فإنها مكتوبة في المقال: المسلح لكنها لا تتفق مع سياق الكلام، والغالب أنها خطأ مطبعي وليست دسا سياسيا ضد الإصلاح- مما جعل التجمع يحظى بترحيب جماهيري..] وبعد سطور ينسى كلامه هذا ليقرر مرة ثانية إن الإصلاح (انطلق من أيديولوجية مذهبية متشددة، وبدا كأنه مذهب لا حزبا سياسيا..). هل لاحظتم الإبداع في جمع المتناقضات وصحة القول: الغرض مرض؟ في العبارة الأولى يقرر أن الإصلاح انطلق من عقيدة إسلامية تشكل الثقافة السائدة للمجتمع اليمني المسلم فالتفت حوله الجماهير.. لكن في الانطلاقة الثانية تحولت الأيديولوجية الإسلامية التي نجحت في جمع الجماهير حول الإصلاح إلى مذهبية متشددة بكل ما تحمله الكلمتان من ظلال سلبية ومعيبة ومنفرة!
هناك سؤالان: الأول؛ كيف استساغ عقل الدكتور أن يقبل ذلك مع أن العادة البشرية تجعل الجماهير تنفر من أطروحات التشدد أو التطرف أو الغلو؟ والآخر: هل يؤمن الدكتور بالفعل أن أبرز ما تصدر الإصلاح له عند تأسيسه وهو المطالبة بضرورة النص في الدستور على تفرد الإسلام كمرجعية تشريعية أو انتقاداته للفكر الملكي الإمامي – وهو بيت القصيد في نغزة الدكتور- يندرج تحت وصف المذهبية المتشددة؟ كيف يتصور أن يقول ذلك رجل ترك وزارة الإعلام الإمامية الملكية رغم وشائج القربى وانحاز لصف الثورة السبتمبرية؟ وهاهو الآن يشغل منصبا قياديا متقدما في قيادة حزب إسلامي يروج البعض له بأنه هو الحركة الإسلامية الأصل في اليمن، ولمؤسسيه من آل الوزير من المؤلفات والتنظيرات لفكرة الإسلام هو الحل وخلاص البشرية على هداه ما لم يصنع مثله الملا عمر زعيم طالبان؟ وطبعا لم ينتبه الدكتور وهو يمارس هوايته في الدس أن اتهاماته قرنت الأيديولوجية الدينية (المذهبية المتشددة) بالجماهير التي رحبت بالإصلاح! إذاً: الجماهير اليمنية في ميزانه: مذهبية ومتشددة.. والإسلام دين متشدد مذهبي!
ولاحظوا كيف نسي فاقد الموضوعية والإنصاف الأدوار السياسية الكبيرة التي قام بها الإصلاح منذ نشأته في صفوف المعارضة حتى صار أبرز حزب بجوار الحزبين الحاكمين: المؤتمر والاشتراكي، ثم عندما شارك في السلطة في الائتلافين اللذين حكما اليمن خلال أربع سنوات، وبرزت منه في الحالتين قيادات سياسية لامعة ورجال دولة أكفاء ما يزال معظمهم حتى الآن يواصل نشاطه دون منٍّ أو أذى، وجعلت قائدا منصفا مثل جار الله عمر رحمه الله يقول في إحدى الندوات تقييما لأداء الإصلاح: (لو كان الإصلاح في السلطة لأسهم في ترشيد القرار نوعا ما، ولعارض قبول كل روشتات البنك الدولي مثلا، وهذا أمر مفيد.. ولو كان في المعارضة لكان للمعارضة وزن أكبر، ولكان للنظام الحزبي معنى واضح، ولكانت حقوق الإنسان محترمة أكثر لأنه سيكون مصدر قوة.)!

(4)
المشكلة في المتوكل ليس في أنه يعارض مواقف وسياسات إصلاحية ما؛ فهذا أمر جائز والسوق الرابحة في اليمن هي شتم الإصلاح وتجريده من كل محمدة وطعنه بكل سيئة.. لكن المشكلة في أنه حليف؛ أو هكذا يفترض؛ يصبح ويمسي في (الحمى) ثم يفتقد ما يمكن وصفه بأخلاق (الخصم الجنتلمان) الذي يفرق بين الخلاف الجائز والفجور المذموم، فيمارس الأول بنبل وموضوعية وحرص على وحدة الصف، ويتجنب الآخر ترفعا عن الصغائر واستشعارا لواجبات وظيفته القيادية التي يشغلها في الاتحاد واللقاء المشترك. وقد رأينا في الأسبوعين الماضيين كيف صنع المتوكل – أو بالأدق ابتلع طعما- من خلافاته المزعومة مع المشترك والإصلاح تحديدا سببا لاتهام حلفائه بأنهم سعوا لاغتياله في قارعة الطريق، وراح يروج لها بخفة في صحف معادية كرست أعدادها كلها للطعن في أعراض الشباب والمعارضة! أين إذاً طنطنته الدائمة عن احترام ثقافة الشراكة والرأي الآخر؟
يمكن القول أيضا إن (المتوكل) مغرم بتسجيل المواقف البطولية وإعلان آراء ولو كان فيها طعنا في ظهر حلفائه وأصدقائه، ودون أن يراعي أنه رسميا أحد قادة المشترك لو انزلق كل واحد منهم وراء إغراء تسجيل المواقف لفسد كل شيء ولقرت بلابل المتربصين؛ بل إنه حتى لا يراعي في بعض الحالات مقتضيات الكياسة والوقار وكونه ضيفا لدى أناس يتعاملون معه كإنسان ومثقف من باب: الحر من راعى وداد لحظة؛ وعلى سبيل المثال؛ أذكر في بداية يناير 2011، أن المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية أقام ندوة في فندق سبأ في ذكرى وفاة الشيخ عبدالله الأحمر، وكان المتوكل بين المتحدثين، وأثناء فترة التعقيبات والمداخلات من الحضور تعالت أصوات سيدتين احتجاجا على ما ظنتاه تجاهلا لاسميهما، ونزل د. محمد الأفندي إليهما موضحا بأن اسميهما موجودان ولكن الدور لمّا يأتِ عليهما بعد، وفي تلك اللحظة مرّ المتوكل من جانبهم ولما سمع شكوى السيدتين لم يتردد أن يقول؛ والأفندي الذي دعاه للمشاركة يسمعه: (هذا هو الإصلاح!).
أحتفظ بمفارقة تستحق التأمل بين تصرفات قيادات سياسية وحزبية تجاه ما يحدث من مشاكل في الأحزاب الأخرى وصحفها والعاملين فيها وبين مواقف المتوكل في مثل هذه الحالات؛ فلطالما يثير الدنيا ويكتب مقالات البغضاء ضد الإصلاح خصوصا وحصريا إن حدثت مشكلة ما بين صحفي إصلاحي وحزبه أو مع شخصية قيادية؛ ويجعل من ذلك مناسبة للطعن والافتراء والظهور بمظهر المدافع عن حرية الرأي والتعبير داخل الأحزاب ورفض مبدأ السمع والطاعة – ولو كانت المشكلة إدارية لا علاقة لها بالرأي- وفي المقابل لم يحدث أن قادة سياسيين يتصرفون مثل ذلك التصرف الصبياني تجاه ما يحدث في حزب المتوكل؛ مع أن شارع الصحافة في اليمن يعرف المشاكل التي حدثت في صحيفة الشورى منذ تولي المتوكل مسؤولية ما في الإشراف عليها بعد التحاقه بالحزب، وقد حدث ذلك مع صحفيين مثل عبدالله سعد ونعمان قائد سيف وصحفي آخر أظن اسمه (علي المنيعي)، ووصلت بعضها إلى القضاء ونقابة الصحفيين مطالبة بحقوقهم ومتهمين المتوكل بالذات بأنه وراء ما لحقهم من ظلم وتعسف.. وأقسم بالله أنني لا أستطيع أن أثبت هنا الكلام الذي كان يقوله لي الزميل (نعمان قائد سيف) رئيس تحرير الشورى السابق عن ممارسات المتوكل وتصرفاته، ورأيه فيه وفي إدارته أو إشرافه على الصحيفة كما فعل المتوكل مع ما هو أهون بكثير مما حدث في بعض مؤسسات الإصلاح أو المحسوبة إعلاميا عليه.
الملحوظ عليه أيضا أن المتوكل كثيرا ما يستخدم علاقة الإصلاح بالمؤتمر الشعبي العام؛ أو بالأدق علاقته مع الرئيس علي عبدالله صالح لأن كثيرين ممن حوله كانوا ضدها مثل المتوكل وربما بالتعاون معه؛ مركزا للنصع والرمي باعتباره خطيئة الخطايا بصرف النظر عن الحيثيات التي يفبركها؛ ففي الأخير كانت علاقة مشروعة بمقاييس ما قبل الوحدة أو بعدها. والذي لا يعرفه كثيرون أن المتوكل ظل عضوا في (المؤتمر) حتى عام 1992(!) وكان يتصدر مجموعة لإعادة إصلاح المؤتمر وجعله حزبا ديمقراطيا (الدكتور يتهم الإصلاح دائما بأنه يعمل على إفشال أي محاولة لإصلاح المؤتمر وجعله حزبا حقيقيا، وسمعتها بأذني منه في ندوة قبل سنوات وهو يوجه الكلام لإصلاحي أظنه سعيد ثابت). وظل دائما يجاهر بأنه يفضل إجراء الإصلاحات في البلاد على يد الرئيس علي صالح، ويراهن عليه مقتنعا بإمكانية أن يفعل ذلك حتى بعد شهور من الثورة وبالتحديد بعد حادثة دار الرئاسة؛ عندما أفتى في مقال له بأن الله أنقذ (صالح) من الموت (وكأن الذي يقرر ساعة الموت جهة أخرى غير المحيي المميت) وتوفرت فرصة له بذلك لإصلاح البلاد(!). وفي مرة كتب أنه أخذ معه ابنته المتخصصة في الحكم المحلي إلى مقيل الرئيس لتشرح له مزايا الفكرة(!) خوفا عليه من قعر المركزية! وأذكر أيضا أن السفير السابق (أحمد الكبسي) لام المتوكل على بعض تقييماته ضد الرئيس في إحدى الندوات، وذكر المتوكل بلهجة تقريعية وهو يدافع عن علي صالح (الرئيس صديقي.. وهو أيضا صديقك).. وإن كنت ناسي أفكرك؟
ليست المشكلة في صداقة المتوكل للرئيس.. المشكلة في النفسية التي تتعامل مع هذه الصداقة بانتهازية وتحللها لذاتها بأسانيد وتحرمها على الآخرين؛ فهي تستفيد منها في السر وتتظاهر بكراهيتها في العلن عند المريدين الشباب الممتلئين مثالية وافتتانا بالسراب الأكاديمي، في الوقت الذي لا يتردد أن يلمز الإصلاح في المقال نفسه (2005) أنه ما يزال مشدودا لذكريات حميمية مع المؤتمر أو رئيسه وعلاقات الود معه(!) ولعلي لا أكشف سرا إن قلت إن الرئيس علي عبدالله صالح صرف للمتوكل (سيارة) بعد هزيمته في انتخابات 1993 فقبلها دون تردد، وعندما أبدى صديق مشترك بيننا دهشته من قبوله السيارة باعتبار ذلك من الفساد الملعون متوكليا؛ طمأنه الدكتور بأن قبولها فعل لا غبار عليه لأنه من قبيل (إرهاق الفساد).. ولعله ردد في باطنه ما قاله فقيه مستنكرا لزوجته التي سمعته يخطب حاثا المصلين على التصدق فبادرت إلى التصدق ببعض ما في البيت: (الكلام ذا هو للناس.. مش لنا).
والمتوكل الذي يتفاخر في صحيفة مؤتمرية بأنه يرفض العنف بأي شكل كان؛ هو الذي كتب مقالا بعنوان (تصحيح مفهوم) في النداء - 29/9/2007م- على خلفية حرب صعدة واتهام الحوثيين بأنهم خارجون عن الدولة والشرعية، وأفتى فيه بأن السلطة المغتصبة لا ولاء لها ولا طاعة لأنها تعمل خارج الدستور فهي عصابة متسلطة ولا ينطبق عليها مفهوم الدولة التي لا يجوز الخروج عليها ورفع السلاح بوجهها، ويصير مواجهة أعمالها دفاعا وعملا مشروعا وواجبا وطنيا وأخلاقيا إذا أرادت أن تمنع مواطنا أو موظفا (!) من ممارسة حقٍ من حقوقه الدستورية والقانونية دون مبرر قانوني أو دستوري! والآن يستنكر ما يصفه احتفال في الساحات بحادث دار الرئاسة من الشباب الذين رأوا قوات دولة صالح تقتل زملاءهم كما يقتل رعاة البقر الجواميس(!) وتحرق خيامهم كما كان يحدث من المستوطنين البيض ضد الهنود الحمر(!) وترتكب كل الموبقات ضد شعبها المسالم الأعزل فلما سمعوا أن الذي قاد عمليات القتل والحرق ضدهم مات أو تم تسفيره للخارج فرحوا وهللوا.. يعني حتى في العنف هناك أبناء جارية وأبناء حرة!

# للتأمل:
- قال النسابة البكري لرؤبة بن العجاج:
* ما أعداء المروءة؟
- قال: تخبرني؟
* قال: بنو عم السوء؛ إن رأوا حسناً ستروه، وإن رأوا سيئاً أذاعوه.

# بيت من الشعر:
إذا كان الطباعُ طباعَ سوءٍ
فلا أدبٌ يفيدُ ولا أديبُ


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.