الأربعاء , 13 سبتمبر 2006 م يَجمعُ مرشحي رئاسة الجمهورية والسلطة المحلية هدف واحد هو: اغتنام الفرصة الأخيرة أو الأولى في أن يكونوا أو لا يكونوا .. ويتم في شكل اختبار صعب، وحتى يتمكن مساعدو هذا الكائن أو منافسه من اجتياز هذا الاختبار الصعب لا بد لهم من إدراك جملة آليات تعزز كينونتهم أو تخلقها أو تلغيها. من أهم هذه الآليات هو تجنيب أي بناء التعرض لمحاولات الهدم الداخلي بسبب طبائع بشرية أو خلافات وتصفية حسابات بين مكوناته البشرية، فالأهم هو استمرار تشييد البناء ومعالجة تناقضاته وأوجه قصوره، واحتواء اختلافاته الداخلية موقتاً لحلها نهائياً بعد تجاوز الاختبار الذي يعد احتواء اختلافاته أهم أسئلة الاختبار، ولا يقصد، بالاحتواء، التعليق لإشعالها في توقيت آخر. والأمر الثاني محل الرهان هو وعي الجمهور المستهدف بحقوقه وواجباته أولاً من واقع إدراكه لأهمية هذه التجربة، وخوض غمار الانتخابات في اتجاه المستقبل، والاستيعاب لأبعاد ترشيح هذا أو ذاك السلبية والإيجابية من خلال مطالعة البرامج الانتخابية وعقد المقارنة بينها حتى تكون الرؤية أبعد من أرنبة الأنف كما يقال. ومطلوب أن يدرس الرائي ظروف كل طرف، في خضم الدعاية السارية، ظروف المتهم بالفساد والمدعي عليه.. فالظروف ليست ذاتية فقط أو موضوعية فقط إنما الإثنين معاً.. وكلاهما مرتبط بمؤثر اجتماعي وجغرافي وتاريخي، وبواقع محلي، محيط إقليمي، وضغط دولي.. لأن تشابك العلاقات المحلية والإقليمية والدولية سياسياً واقتصادياً وثقافياً في أي بلد يفرض اتباع سياسات معينة يراها من يراها خاطئة، ويعمل بها من يعتقد صوابها. ولن تختلف الظروف العامة، فأي حاكم قادم سيواجه أصعب مما واجه الحاكم السابق، فهل يصبح هذا الجديد أصلح من السابق، أم سيكون متهماً هو الآخر بالفساد؟!!. رضا الناس غاية لا تدرك، وابن الوردي يقول: إن نصف الناس أعداء لمن وُلي الأحكام هذا إن عدل فتقديراً لظروف الآخرين، ليتخيل كلٌ منا - في الفرص السانحة لذلك - في موضع المعرَّض للنقد لا لتماس العذر لغيره، فهذا كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجعل المرء عاقلاً. غير أن هذا لا يعفي مسؤولاً من المسؤولية، ولا يلغي فرض معاقبة المخطئ، لأن مصلحة أي مسؤول تكمن في تصحيح أي اختلال.. ليستمر مطمئناً في الإمساك بزمام الأمور. ومصلحة أي متطلع للمسؤولية تكمن في تقديم معالجة ممكنة لداء معروف غير مُنكَر، دونما جحود لسابق إنجاز أنجزه غيره. هذه الانتخابات وما بعدها، فرصة أخيرة، وإضاعة الفرصة غصة، والفرصة يجب اغتنامها فهي تمر مرور السحاب.. فلنغتنمها في الإقرار لا الإنكار. في الاستمرار بالإصلاح ومواصلة مسيرة معالجة ما تبقى من الاختلالات. في تجاوز خلافات ذاتية تحقيقاً للمصلحة العامة. في الحد من تفاقم تناقضات وتنافر كل مع أخيه ورفيقه في الله. في استيعاب الظروف والمتغيرات الخارجية، وإدراك أبعاد اختيار ممثلينا، فأمامنا حماس في فلسطين التي ستخرج غالبية أعضائها الحماسيين من الحكومة المشكلة بفرض نتائج الانتخابات الديمقراطية المُشرَف على إجراءاتها من المراقبين الدوليين ولم ترض القوى الدولية عنها فذهبوا إلى اقتراح تشكيل حكومة وحدة وطنية إنها الفرصة الأخيرة في الإصلاح والتطوير والاستقرار المستمر وتجديد التواصل والاتصال بين القمم والقواعد. وفي الاتجاه نحو ترسيخ الوحدة الوطنية بدلاً من إبراز النزاعات غير الوحدوية التي لا يقبلها منطق محلي ذو خاصية وطنية يرتبط بفعل التشابك الحاصل «عولمياً» بمختلف القوى الدولية الحاكمة للعالم كله، ولا تشجع النزاعات في كل مكان بل في بعض الأماكن بالطبع. إنها الفرصة الأخيرة للاستفادة من الدرس والأخذ بتجارب النهوض والمعالجة التامة، وعندما نغتنمها يتيسر تحقيق المراد وهو النجاح في الاستمرار على دعامة قوية وركن شديد لا تميد به أعاصير أو رياح.. وحماية المكاسب لا نسف المنجزات. ولعلها الفرصة الوحيدة لكل متنافس في اعتماده على صواب المنطق وقوته لا اتساع المنطقة وكبرها.. والله ولي توفيق أي مرشح من المرشحين.