هل يعذر أحد أحداً إذا أعاد الأحد الآخر إلى ذاكرة الأحد المعني شيئاً قاله منذ عام أو أكثر.. إن كان معذوراً فاعذروني، وإن لم يكن فسامحوني، وسبب السماح أن بعض ما طرح بالأمس في نفس الموضع مازال يلامس هموم اليوم، ولابد من أن يوضع في نفس الموضع. ففي مقال “نتائج الانتخابات قبل المقدمات” في يونيو 2006م، اُقترح ترشيح: امرأة، معارض، جنوبي لرئاسة الجمهورية، وبُرر ترشيح الجنوبي بالتالي: “وعن المواطن من أي المحافظات الجنوبية؛ إذ تعلو وتشتد من حين لآخر نغمة الجنوبية، ونزعة الانفصال عن الوحدة، وهي أفكار مرفوضة تشذ عن قاعدة التوحد الطبيعي، ولكن في ظل واقعنا الديمقراطي لا مجال لإنكار حقهم في التعبير عن رأيهم وإن خالف الطبيعة، غير أن الطبيعة تفرض علينا متابعة ما يصدر عن هذا التوجه أو ذاك فئوياً كان أو مناطقياً، وتفنيده بعقلانية وموضوعية؛ ولإثبات زيف الادعاء وفقاً لمنطق الأشياء يتعين فيما بعد طلب فرز عدد الأصوات المشاركة في الانتخابات في المناطق الجنوبية لمعرفة كمية من صوتوا للرئيس من معارضيه وانتمائهم المناطقي.. ولا عجب إذا اتضح أن نسبة الأصوات في المحافظات الجنوبية لصالح الرئيس صالح أكبر مما هي في المحافظات الشمالية، وإن قلَّت النسبة أو تعادلت مع أية جهة أخرى فلا تبرير لذلك بالكراهية الشخصية أو الرفض لمجرد الرفض كما المعارضة لمجرد المعارضة، إنما التنبيه لخلل يستوجب إصلاحه في إطار النظام القائم والعهد الحالي.. ولا يعني إذا قلَّ عدد المصوتين للرئيس الصالح في أية جهة إضفاء شرعية لدعوة الانفصال بل تعطي دفعة لمواصلة مسيرة التنمية وتفرض إجراء المراجعة الدائمة والتقويم الموضوعي لهذه المسيرة”. وفي مقال “الفرصة الأخيرة في الانتخابات وما بعدها” في سبتمبر 2006م: “يَجمعُ مرشحي رئاسة الجمهورية والسلطة المحلية هدف واحد هو: اغتنام الفرصة الأخيرة أو الأولى في أن يكون أو لا يكون.. ويتم في شكل اختبار صعب، وحتى يتمكن مساعدو هذا الكائن أو منافسه من اجتياز هذا الاختبار الصعب لابد لهم من إدراك جملة آليات تعزز كينونتهم أو تخلقها أو تلغيها. من أهم هذه الآليات تجنيب أي بناء التعرض لمحاولات الهدم الداخلي بسبب طبائع بشرية أو خلافات وتصفية حسابات بين مكوناته البشرية، فالأهم هو استمرار تشييد البناء ومعالجة تناقضاته وأوجه قصوره واحتواء اختلافاته الداخلية مؤقتاً لحلها نهائياً بعد تجاوز الاختبار الذي يعد احتواء اختلافاته أهم أسئلة الاختبار، ولا يقصد، بالاحتواء، التعليق لإشعالها في توقيت آخر. “هذه الانتخابات وما بعدها، فرصة أخيرة، وإضاعة الفرصة غصة، والفرصة يجب اغتنامها فهي تمر مرور السحاب.. فلنغتنمها في الإقرار لا الإنكار. في الاستمرار بالإصلاح ومواصلة مسيرة معالجة ما تبقى من الاختلالات. في تجاوز خلافات ذاتية تحقيقاً للمصلحة العامة. في الحد من تفاقم تناقضات وتنافر كل مع أخيه ورفيقه في الله. في استيعاب الظروف والمتغيرات الخارجية، وإدراك أبعاد اختيار ممثلينا، فأمامنا حماس في فلسطين التي ستخرج غالبية أعضائها الحماسيين من الحكومة المشكلة بفرض نتائج الانتخابات الديمقراطية المُشرَف على إجراءاتها من المراقبين الدوليين ولم ترض القوى الدولية عنها فذهبوا إلى اقتراح تشكيل حكومة وحدة وطنية. إنها الفرصة الأخيرة في الإصلاح والتطوير والاستقرار المستمر وتجديد التواصل والاتصال بين القمم والقواعد. وفي الاتجاه نحو ترسيخ الوحدة الوطنية بدلاً من إبراز النزاعات غير الوحدوية التي لا يقبلها منطق محلي ذو خاصية وطنية يرتبط بفعل التشابك الحاصل (عولمياً) بمختلف القوى الدولية الحاكمة للعالم كله، ولا تشجع النزاعات في كل مكان بل في بعض الأماكن بالطبع. إنها الفرصة للاستفادة من الدرس والأخذ بتجارب النهوض والمعالجة التامة، وعندما نغتنمها يتيسر تحقيق المراد وهو النجاح في الاستمرار على دعامة قوية وركن شديد لا تميد به أعاصير أو رياح.. وحماية المكاسب لا نسف المنجزات. ولعلها الفرصة الوحيدة لكل متنافس في اعتماده على صواب المنطق وقوته؛ لا اتساع المنطقة وكبرها.. والله ولي توفيق أي مرشح من المرشحين”.. هل عذرتم أو سامحتم.. وهل راجعوا أو لم يراجعوا؟.. وشهر كريم. [email protected]