أغرقنا حلف اللقاء المشترك بمنجزاته الوطنية العظيمة، وربما بات حقاً على شعب اليمن عمل تماثيل رخامية لقادة أحزاب المشترك على آخر منجز وطني قدموه لضمان مستقبل أجيال اليمن. قبل ثلاثة أيام أصدرت أحزاب اللقاء المشترك بياناً سياسياً هاماً موقعاً من جميع أحزابها الأربعة بعد انشقاق البعث والحق تعلن فيه تضامنها الوطني المطلق مع «موردي القات» من الضالع إلى عدن، وتدين فيه السياسات الحكومية «الظالمة» التي تقف بوجه تجارة القات، وتعيق حركته بين محافظات الجمهورية وتقطع أرزاق آلاف العوائل التي تعتاش على القات.. ابتداءً من موردي السموم الاسرائيلية «التوباز» ثم أصحاب مشاريع المياه والوايتات الذين يحرمون البيوت من الماء لسقاية مزارع القات، وصولاً إلى زارعيه، وأيضاً بائعيه في مختلف أسواق اليمن. إن هذا الموقف الوطني النبيل والمخلص من القات يترجم مدى إيمان قيادات أحزاب اللقاء المشترك بثورة السادس والعشرين من سبتمبر وأهدافها ووفائهم لدماء الشهداء الأبرار الذين استرخصوا أرواحهم في سبيل ديمقراطية تكرس زراعة القات، وربما تضمن للأجيال مزارع الحشيش وتناضل من أجل التوسع بإنشاء المقايل التي تستوعب الزيادة السكانية الهائلة.من هذا المنبر الثقافي الإعلامي أبارك لأحزاب اللقاء المشترك روحهم الوطنية العالية ووعيهم بحاجة الشعب اليمني، وباسم أطفالي أهنئهم وأشكرهم على مزارع الحشيش التي يعدون بها أطفالنا.. وأدعو جميع مدمني المخدرات والمحششين والمولعية إلى انتخاب واحد من بين هذه الرموز السياسية لقيادة اليمن إذا ما أرادوا أن يصنعوا جيل «مساطيل» يواكبون به حضارة العالم.عجبي.. كل العجب من أحزاب تختلف على مشروع إصلاح سياسي تنافس به الحكومة ولا يوقعه سوى أربعة منها، ثم تختلف على رؤاها حول الانتخابات المقدمة لرئيس الجمهورية، فلا توقعه سوى ثلاثة أحزاب منها لكنها تجمع على تأييد موردي القات وتوقع جميعها بيان إدانة للحكومة على اتخاذها إجراءات تحد من التوسع بزراعة القات وتضيق سبل انتشاره بين مدن اليمن.هذه الأحزاب لم تعد لديها قضية وطنية تناضل من أجلها غير مناصرة القات.. فنضالها السابق كفل لكل المشاكل الوطنية حلولاً، لذلك هي تكرس بيانتها لمعالجة الهم الجماهيري الأول والأخير وهو كيف يصلها القات بسعر رخيص، وكيف تستفيد من وجودها في البرلمان لرفع الضرائب المفروضة على القات.. فياترى هل من رجل رشيد في اللقاء المشترك يفسر بيان أحزاب المشترك التضامني مع موردي القات!؟ وهل من رجل رشيد يحدث الناس حول حقيقة القضية الوطنية التي تناضل لأجلها هذه الأحزاب!؟إن الإفلاس الذي بلغته هذه الأحزاب دفعها إلى الرهان على «المقوتية»، فقيادات اللقاء المشترك بلغت من الجهل حداً لا تعلم فيه بحجم الأضرار الاقتصادية التي يلحقها القات بالاقتصاد اليمني، ولا تعلم آثاره النفسية والصحية والاجتماعية، لذلك نراها اليوم تدق طبول الحرب والتخريب ضد الحكومة من أجل نصرة القات على كل الأقلام والمؤسسات والسياسات التي تقف ضده، مع أننا كنا نتمنى من حزب التجمع اليمني للإصلاح قبل توقيعه على البيان تحديد موقفه الديني أولاً من القات، لأننا كما نعلم أن هناك من مشائخه من يحرم تعاطي القات، ويفتي بجلد من يتعاطاه أو سجنه.. ولا ندري إن تغيرت الفتاوى الإسلامية في ظل تطور العلاقة مع الحزب الاشتراكي اليمني أم ما زالت على ما هي عليه باعتبار أن الأخير لم يعد سوى تابع يتلقى الأوامر والتوجيهات من الأمانة العامة لتجمع الإصلاح!؟أعتقد أن الشعب اليمني سيتأمل مرة ثانية وثالثة وحتى العاشرة ببيان أحزاب اللقاء المشترك حول موردي القات من الضالع إلى عدن، لكي يكتشف حقيقة القوى التي تتطلع إلى قيادته وليتعرف على مستواها الثقافي والاجتماعي.. وأنا واثق كل الثقة أن أبناء الشعب اليمني سيدركون أنهم أكبر بكثير من قيادات المشترك وأوسع ثقافة منهم، وأكثر إيماناً بقضايا الوطن من كل ما يدعون، فالحزب الذي يترك قضايا التعليم والفقر والصحة ويوجه نضاله وبياناته السياسية من أجل القات وترويج زراعته وتجارته لا يصلح إلا لأن يقلب مقره إلى «مقواتة» ويصارح الناس بلغة هذا السوق.