التغيير مطلب ملح لجماهير الأمة العربية ورؤساء أنظمتها ومؤسساتها، وهو ضرورة في الوقت الراهن حيث تلوح في الأفق حملة الإصلاحات السياسية ومشروع الشرق الأوسط الكبير، وفي وقت تتغير بسرعة غير مسبوقة كل أنماط العلاقات السياسية والاجتماعية والاقتصادية محلياً وعربياً وعالمياً.. والتغيير أمل لملايين الشباب العربي ولا يرون دونه سبيلاً لإنقاذهم وحجم البطالة والفقر واستمرار عطائهم لأوطانهم.. وفي الأساس ومن كل عطاء فكري أو اقتصادي أو سياسي يكمن عنصر الحرية والديمقراطية والحياة الثابتة المستقره دائماً. والوطن العربي مبتلى بفريقين.. فريق يرى أنه ليس في الإمكان أبدع مما هو كائن فيدافع عن بقائه واستمراره والحفاظ على قيمه السائدة وجماعاته الحاكمة إلى أبد الآبدين، وفريق آخر لا يرى فيما هو كائن خيراً أبداً ويريد ضرورة إحداث تغيير جذري في مصفوفة العمل العربي ونزع كل ثابت فيه من أصله لمحاربة الفردية والمحسوبية والفساد الإداري والمالي والوظيفي بهدف خلق بديل يسهم في معركة الإصلاحات والتغيير ويتصدى لظاهرة البيوقراطية والرشوة والمناطقية.. بيد أن المواطن العربي المهموم بشئون وطنه الاقتصادية والسياسية والثقافية يشفق على الفريقين جميعاً وعلى الوطن العربي، فقد ضاعت في مسيرة الوطن العربي الكبير قرون طويلة خسر فيها رياديته للدنيا وقياديته لهذه الجماهير العربية ولركب التقدم البشري كله، وأصبح يعيش في ذيل القافلة الإنسانية ويقتات بفتات ما يقدمه له السابقون وأمضى من غياب من الحرية والديمقراطية وفقدانها أثر تأثيراً مباشراً ومستوى تطوره النوعي وتفشي الفساد والاسبتداد والقهر والتي ظلت سمات أصبحت وما زالت حاكمة متحكمة في وحدات الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية جميعاً في البيت والمدرسة والوزارة والبرلمان والقصر والكوخ والخيمة في المصنع والمتجر وفي السوق، بل في الطريق العام الذي لا يلتقي الناس فيه إلا لماماً، ونحن نرى الشعب العربي في كل بقعة من هذا الوطن يعيش علاقة توتر واستفزاز وصراع وخلافات واحتقان وتدخل خارجي بهدف امتصاص الثروات العربية والتحكم في مصير الأنظمة العربية والصفوة الحاكمة غير مكترثة لما يجرى في عدد من البلدان من تمزق طائفي عرقي وغزو أمريكي كما هو الحال في العراق الشقيق بلاد الرافدين والنعمان، وفي فلسطين حيث الإجرام الضميري والتصفية الجسدية للشعب الفلسطيني وتهميش دولته وحكومته الشرعية بقيادة منظمة حماس بعدد من الضغوط والشروط التي تتنافى والمواثيق الدولية وتخليها عن حقوقها الوطنية، والذين يملكون بعض أسباب الإصلاح والتغيير يحجمون عن الفعل العربي وحمل الآخرين على الأخذ بها ونرى الأسرة العربية مفككة لا رابط لها ولا نظام، غارقة في التخلف، وهذا التصوير والنموذج المشار إليه في هذا المقال واقع في جماعاتنا السياسية والمهنية والعلمية والفكرية وعدم إفساح المجال للانطلاق أو الانعتاق بالإبداع والتجديد والتغيير الجذري والابتكار والإصلاحات الداخلية، فهل يدرك الجميع أن الحرية والديمقراطية سلاح وأداة فاعلة للتغيير لمصفوفة عملنا العربي سيراً نحو إضاءات مشرقة جديدة نحو الحياة الديمقراطية التعددية لإفراز مناخات جديدة للإصلاحات السياسية والارتقاء بالاقتصاد العربي والحفاظ على الثروات النفطية والاقتصادية.. وهذا يقودنا بالضرورة إلى تبني الانتخابات طريقاً جديداً نحو التعميق والتطوير للنظام العربي وإرساء اللبنات للوحدة العربية الشاملة والتضامن العربي الموحد واستلهام القيم والمثل الحضارية العربية والإسلامية وتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف منهجاً للحفاظ على الهوية العربية والتصدي للحملة العدوانية الصهيونية الاستعمارية الهادفة إلى طمس الواقع العربي والذات العربية واستنزاف الثروات العربية، ولا نغالي هنا إذا قلنا أما الحرية والديمقراطية والانفتاح الفكري في ضمير العربي جزء من الفطرة التي فطره الله عليها دون الأخذ بقشور العولمة الثقافية والاقتصادية ومخاطرها العديدة.