قال الزعيم البريطاني ونستون تشرشل إن الديمقراطية هي أسوأ نظام يمكن الأخذ به مالم يطبق على الجميع .. وهذه المقولة تبحث في الجذور الأساس والمعاني العظيمة التي يحققها التطبيق الحرفي للديمقراطية التي لاتأتي بصورة عبثية أوعشوائية وإنما عبر انتخابات ديمقراطية شفافة ونزيهة وحراك سياسي في أوساط الاحزاب والتنظيمات والكتل السياسية... لاتلك التي تأتي عبر الدبابة والبندقية أوفي شكل مشروع أوسيناريو كمشروع الشرق الأوسط الكبير أوبأساليب الهيمنة والاستبداد والفرض من الخارج والاملاءات الأمريكية والغزو الأجنبي والاصلاحات والتغيير المفروض في مصفوفة العمل العربي والاسلامي في المناهج التربوية والتعليمية والدينية ، وإننا نريد على مستوى وطننا العربي ديمقراطية بخيار سياسي ونمط تعددي وحرية في الرأي والتعبير والصحافة بعيداً عن الاستقواء والالغاء والفكر البيزنطي الغربي بل تداول للسلطة بصورة سلمية وديمقراطية وانتخابات نزيهة ونظيفة وتكافؤ للفرص وتعامل جدي لحقوق الانسان وعدالة ومساواة في توزيع الخيرات المادية والمشاركة في التنمية ومحاربة بؤر الفساد الاداري والمالي والوظيفي. لقد آن لوطننا العربي والاسلامي الاستلهام الواقعي من تجربة الكثير من البلدان العربية والأجنبية الآخذة بخيار الديمقراطية مثالاً رائعاً حتى تحتل التجربة الديمقراطية مكان الصدارة في سلم الأولويات في البلاد العربية ، على اعتبار أن الديمقراطية انجاز سياسي هام احياناً يساء استعمالها والتجني عليها وتجاوزها عند الممارسة والتطبيق ويلامسها الشطط السياسي والشطحات المضرة بخيار الديمقراطية وتوظيف بعض النصوص التي تسمح بتعطيل الديمقراطية مثل قوانين الطوارئ ودعوة الحفاظ على الأمن العام ،ومع ازدياد الوعي السياسي للجماهير العربية وانتشار العلم والثقافة لم تعد بعد اليوم تنطلي على الديمقراطية الحيل القديمة ، فقد ادركت هذه الجماهير أنه من المستحيل تغيير الظروف الراهنة والمتردية إلا بضمان تحقيق الديمقراطية والتعددية والحريات السياسية وحرية الصحافة والصحفيين وحقوق الانسان والعلنية والشفافية والنزاهة في العملية الديمقراطية. ويمكن القول بأن الجماهير العربية وأنظمتها الحاكمة أدركت الآن أكثر من أي وقت مضى حاجتها الماسة إلى الاصلاحات السياسية الداخلية وتحقيق الديمقراطية اساساً لتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي والمعيشي ، وتعميق الفهم الواسع للتجربة البرلمانية وأهمية المجالس المحلية المنتخبة واشراك الجماهير في الحكم والمساهمة في خطط التنمية وبدعوى الحفاظ على الحرية والقيم والمثل والتقاليد العربية الأصيلة والحضارة الاسلامية ومايسيء إلى الهوية العربية وديننا الاسلامي والنبي الكريم سيدنا محمد «صلى الله عليه وسلم» والرفض المطلق لأي تدخل خارجي أوتغيير جذري لمناهجنا العربية التعليمية والدينية والتصدي للغزو الأجنبي الثقافي والفكري. ونحن في اليمن الموحد.. نشعر أن الديمقراطية هي العمود الفقري لمنظومة العمل السياسي والبرلماني والسلطات التنفيذية والتشريعية والقضائىة ، وهو خيار ثابت لايمكن الرجوع عنه وهو الشكل الأرقى للاصلاح والوحدة والديمقراطية ومرحلة هامة ودقيقة باتجاه التجسيد الأكثر ضماناً للمنتدى الديمقراطي التعددي.. ولسنا في هذا السياق نتحدث عن الشوط الذي قطعته بلادنا عبر مسارها الديمقراطي في ابراز اشكال عدة من المؤسسات الديمقراطية والصحافة الحرة.. والانتخابات البرلمانية والرئاسية والمحلية وفي طريقنا لاجتثاث الفساد من جذوره.. وتطهير اقتصادنا الوطني من بؤر الفساد والاقتصاد الطفيلي والاجهاز على الفاسدين. ووقفة سريعة إلى ماآل إليه العراق الشقيق في اخفاق الديمقراطية والحرية والرخاء الاقتصادي الذي لم يكن في الأساس إلا شعارات للوصول لتحقيق المصالح الأجنبية الأمريكية وتحويل الديمقراطية بمفهوم أمريكي هش إلى مذابح وفرق للموت ونهب وفساد وطائفية عرقية تؤول لامحالة إلى حرب أهلية لاتبقي ولاتذر.