يوم بعد آخر تصعد الساحة اليمنية من مواقفها التضامنية مع المقاومة اللبنانيةوالفلسطينية حتى ظننا أن اليمنيين قد يحيون أمجاد عصر صدر الإسلام! المفاجأة التي لم نتوقعها، ولم نضع لها اعتباراً في حسابات المواقف المنددة بالعدوان الصهيوني هي أن تنقلب الساحة اليمنية مائة وثمانين درجة، وفي يوم واحد تصدر أكثر من ست نقابات بيانات تدعو فيه اليمنيين إلى مسيرات «كبرى» ضد الحكومة اليمنية تجوب العاصمة صنعاء، ليس لأن الحكومة خذلت المقاومة أو وصفت حزب الله بالمغامرين أو شككت بمشروعية ما يقوم به أبطال المقاومة أو رفضت عقد قمة عربية طارئة و...و... بل لنبش ملفات الماضي حول الأجور والمرتبات والزيادات والمخصصات. المفاجأة الأعظم في هذه الدعوات هو أنها جاءت في أعقاب مجزرة قانا الثانية، وفي الوقت الذي بلغ الغليان الشعبي اليمني أوجه، ولم يعد في اليمن بيت إلا وتمنى أفراده الاستشهاد على أرض فلسطينولبنان وهو ينتقم للأطفال والنساء الذين دفنتهم قنابل الاحتلال الصهيوني تحت ركام الملجأ الذي ظنوا أنه آمن. أسئلة كثيرة تجيش في صدري وتلهبه بالغضب رأيت أن أوجهها للرأي العام اليمني: أولها لماذا الآن وفي هذا التوقيت بالضبط ينقلب اتجاه المسيرات الشعبية من التنديد بالكيان الصهيوني والولايات المتحدة إلى التنديد بالحكومة اليمنية التي لم يعد في العالم العربي من هو أقوى من موقفها وموقف شعبها مع المقاومة!؟. السؤال الثاني: من يقف وراء هذه المظاهرات والمسيرات التي تقرر لها أن تخرج ابتداءً من السبت القادم بقيادة «نقابات المعلمين»، وكيف استوى الأمر بأن يتفق المعلمون والصيادلة والأطباء، والمعاهد الفنية ومنظمات مجتمع مدني أخرى على توقيت واحد لتأجيج المظاهرات والمسيرات، خاصة بعد الغليان الشعبي اليمني وبعد الهزيمة النكراء التي منيت بها اسرائىل؟! السؤال الثالث: لمصلحة من توجيه الغليان الشعبي إلى غير غايته في ظرف عصيب جداً تمر به الأمة العربية والإسلامية، ولماذا يسعى هؤلاء لتخفيف الضغط الجماهيري العام عن الكيان الصهيوني وامريكا مقابل إشغال الحكومة اليمنية عن مهامها التي تعهدتها في دعم المقاومة؟! إن الواجب الشرعي أن نلفت الانتباه إلى كل المحاولات التآمرية الرامية إلى تأليب الساحة الداخلية على الموقف الرسمي اليمني، وإحراج حكومة اليمن وإشغالها بأزمات سياسية داخلية بالقدر الذي يساعد على إطباق الحصار على المقاومة الإسلامية في لبنانوفلسطين وعزلها عن أية مساندة أو دعم يأتيها من بلد وإن كان شعبه فقيراً، وخيراته يلتهم جزءاً كبيراً منها الفساد إلا أن شعبه سخي ومقدام وقد عرف على مر التاريخ بالمواقف الشجاعة المترجمة لأصالته، وإنني لأشهد له بذلك بين يدي رب العالمين. ومن هنا أوجه النداء لكل المثقفين والأقلام الواعية، والضمائر الحية بإحباط كل محاولة مدفوعة الثمن بالدولار لعزل المقاومة وإرباك اليمن بمسيرات وضغوط ضد الحكومة.. وعلى من كانت لديه حسابات فليؤجلها ريثما يحقق الله نصره لشعبنا العربي المسلم في لبنانوفلسطين.