ما بعد (قانا) بسويعات كان الشارع اليمني يفور، حتى ظننا أن اليمنيين سيزحفون إلى لبنان لنصرة دم الشهادة على قنابل العدو "الذكية".. وما بعد (قانا) بسويعات –أيضاً- فوجئ الجميع أن أحزاباً في المعارضة تمطر سماء صنعاء ببيانات النقابات التابعة لها لتدعو الشارع اليمني لحشد مسيرات (كبرى) ضد الحكومة اليمنية وليس ضد المسلخ الصهيو- أمريكي، والمناسبة ليس إلاّ المطالبة بتسوية المرتبات..!! لمصلحة مَنْ - يا ترى- يسعون لجرف الغضب اليمني الهادر بعزيمة الثأر لمن دفنتهم قنابل الصهاينة، أو سحقتهم دروعها ، بعيداً عن خنادق المعركة المصيرية الأولى التي يحقق فيها المسلمون نصراً على إسرائيل!؟ لمصلحة مَنْ .. يسعون لإخماد حماس الشارع اليمني، وكتم لعناته على من ذبح أطفالنا ونساءنا الأبرياء في قنا، ومنع تكبيراته من قذف الرعب في صدور من كتب الله عليهم الذلة والمسكنة إلى يوم الدين!؟ لمصلحة مَنْ .. يسعون لتثوير المدن اليمنية ضد النظام الذي ترجم أقوى وأشرف وأشجع المواقف العربية الداعمة للمقاومة الباسلة في لبنانوفلسطين، التي تخوض الحرب ضد اليهود بالنيابة عن الأمة!؟ لمصلحة مَنْ .. يسعون لتأليب الساحة الشعبية ضد الحكومة، وتكبيلها بالأزمات والفتن الداخلية، وتعطيل أدوارها القومية في مؤازرة شعبنا في فلسطينولبنان ولو بالموقف السياسي والإعلامي، وفي الزمن الذي تخاذلت فيه معظم قيادات الأمة، وخانت انتمائها!؟ لمصلحة مَنْ .. يسعون لتوقيت المسيرات والاعتصامات والتظاهرات التي وصفوها ب(الكبرى) مع أوج احتدام المعركة مع الصهاينة، ومع أول هزيمة يمنى بها العدو اللدود للأمة!؟ لمصلحة مَنْ .. يسعون إلى تشتيت الصف الوطني للجماهير، وتبديد الاستقرار اليمني بعد أن بات الأعداء يدرجون اليمن ضمن الحلف المناوئ للكيان الصهيوني، ويمارسون الضغوط عليها من أجل تركيعها للتطبيع، والمساومة على الدم العربي المسلم!؟ فيا ترى أي صفة وطنية تتبقى لأحزاب كهذه تحشد المعلمين والمهنيين والأطباء والصيادلة ومنظمات المجتمع المدني في مسيرات مناهضة لحكومتها في زمن تواجه فيه الأمة عدواناً عسكرياً صهيونيا وأمريكياً ، ومجازر إبادة وحشية همجية! وأي صفة وطنية تتبقى لها بعد أن تمنعت عن الإيعاز لكل هؤلاء بالخروج بمسيرة تنديدية بالعدوان، وتضامنية مع أبناء شعبنا المنكوبين بمجازر الإبادة المنظمة ، لتكون جزءً من الرأي العام الضاغط على المجتمع الدولي لوقف العدوان والتدمير!؟ إن كل المؤشرات تؤكد أن هذه المسيرات والتظاهرات والاعتصامات التي دعت إليها تلك الأحزاب ليس إلاّ مخطط لتأليب ساحة اليمن الداخلية، وإشغال قيادتها السياسية عن لعب أي دور داعم للمقاومة الفلسطينيةواللبنانية، أو أي تحركات خارجية من شأنها إحراج الدولة الصهيونية، أو أي مساعٍ لتوحيد صف العالم العربي سواء في قمة، أو موقف سياسي موحد.. وبالتالي عزل المقاومة وتمكين الصهاينة من تصفيتها بهدوء لتعلو بعد ذلك إسرائيل علواً كبيرا! ولا شك أن كل ما سيحاك ضد اليمن هو ثمن دعوة الرئيس علي عبد الله صالح لعقد قمة عربية طارئة، وتفعيل اتفاقية الدفاع العربي المشترك، وفتح الحدود أمام الشباب المتطوع لمناصرة المقاومة ومناهضة الاحتلال الصهيوني.. وهذا ليس جديد على اليمن أن تدفع ثمن مواقفها القومية الشجاعة، ولن يكون جديداً على قيادتها السياسية أيضاً أن تنتصر على كل المؤامرات والتحديات، وتزداد سمواً بأنها لم تكن يوماً سلعة رخيصة للبيع والشراء بالدولار الأمريكي!