وإن أعلن عن وقف أطلاق النار وأصدر قرار 1701 إلا أن لبنان تدمر عن بكرة أبيها من جنوبها إلى شمالها براً وبحراً وجواً والعرب ما زالوا ينظرون بأن الحرب تدار بأصابع إقليمية غير عربية.. فأين سرعة المبادرة إذاً لتبني القضية كي تتحول إلى قضية عربية خالصة من خلال الوقوف مع المقاومة وكسر الحصار على لبنان.. لماذا ننتظر المبادرات كي تأتينا من أوروبا وأمريكا جاهزة ومفصلة على مقاسهم هم، وما الذي يجعل من فرنسا مدافعة عن الحقوق العربية أكثر من العرب أنفسهم، والذي يجعل من إيران تتبنى الدفاع عن القضايا العربية في كل من لبنان وفلسطين، أليس لأن دول الطوق قد أحكمت طوقها وحصارها على لبنان وفلسطين، أليس كل ما يحدث هو بسبب التخاذل العربي؟ إذا كان يظن هؤلاء بأنهم في مأمن مما يدور من حولهم فهم واهمون، فإسرائيل تحتقرهم أشد الاحتقار في قرارة نفسها، ولا أظن أنها تحترم أحداً عدا خصميها اللدودين: حزب الله وحركة حماس.. رغم كل ما تقوم به نحوهما، فهي تعلم تماماً بأنها تواجه خصمين عنيدين يقاومان بالنيابة عن العرب جميعاً وخصوصاً حزب الله، ففي النهاية الأراضي المحتلة هي أراضٍ عربية ولا ينتقص من قيمة المقاومة ودورها البطولي أنها ممولة من إيران، لأن إخوة التراب والدم والنسب خذلوا هذه المقاومة، لأنها تقاتل إسرائيل من أجل استرداد حقوقها وكرامتها. لقد حققت المقاومة المسلحة لحزب الله وحركة حماس مكاسب وانتصارات رائعة افتقدتها الشعوب العربية وتعطشت لها منذ زمن بعيد، بينما العدو يقتل ويدمر والجيوش العربية تتابع بعيون مفتحة المعركة التي تدور بين إسرائيل وحزب الله المعركة التي تدور بين إسرائيل وحزب الله لاكتشفوا وبكل سهولة حجم الثغرات والأخطاء التي وقعت فيها إسرائيل بسبب استخفافها وتقليلها من قوة حزب الله الذي يعرف عنها الكثير، بينما هي لا تعرف عنه شيئاً وكل معلوماتها عنه قديمة تعود إلى ما قبل عام ألفين، رغم كل ما تمتلكه من إمكانات وقدرات هائلة فنية وتقنية. فإسرائيل التي أرعبت العرب لم تتفوق بسلاحها على حزب الله إلا بامتلاكها لسلاح الطيران فقط، أما البارجات الحربية فقد عرف ما هو مصير إحداها والتي تعد من أهم وأحدث البارجات الحربية، وفي البر تكبدت إسرائيل خسائر فادحة في الأرواح والمعدات، وتبين أن حزب الله أكثر تخطيطاً واستراتيجية من إسرائيل التي لا تخيف إلا أذنابها فقط، لأن الدولة التي كانت توهم العالم بأنها لا تقهر قد قهرت بالفعل وأصبح «شعب الله المحتال» هو وحكومته في ملاجئ تحت الأرض وكل ما قامت به إسرائيل حتى الآن هو قتل للمدنيين وتدمير للمباني، فهي لم تستطع حتى اليوم رغم صغر حجم لبنان ومحدودية سلاح حزب الله أن تحقق ولو هدفاً واحداً من أهدافها. ولماذا لا يعتبر زعماؤنا العرب كما قال حسن نصر الله بأنها الفرصة الذهبية التي قد لا تتكرر للقضاء على إسرائيل، والتي هي اليوم أضعف من أي وقت مضى، لماذا هذا الانبطاح والتعري لكشف عجزنا وضعفنا الوهمي.. وأكرر: الوهمي، لأننا لو أردنا أن نفعل شيئاً لفعلنا، ولو شئنا الانتصار لانتصرنا، لكننا نحن الذين لا نريد ذلك رغم الأسلحة الكثيرة التي نمتلكها وأوراق اللعبة التي نستطيع أن نلعب بها جيداً..؟ فالمقاومة بالسلاح العسكري ليست معولة عليه، خصوصاً وأن الأسلحة المكدسة في المخازن تشكو من الاهتراء والصدأ الذي طال كل قطعة فيه، والذي لو تم بيعه في مزاد علني ليعود ثمنه على تنمية الأوطان لكان أفضل، ولكن ماذا نفعل للذين رفضوا الاثنين معاً: شرف المقاومة، وتنمية الأوطان..؟!