ثلاث تجارب انتخابية برلمانية، فيما تجربة محلية وأخرى رئاسية ثانية على الأبواب وأكثر من «142» صحيفة على عتبات الأكشاك، وما زلنا في العام السادس عشر من عمر التعددية الحزبية! الديمقراطية تدور بلا توقف، وخمسة مرشحين للرئاسة اليمنية يعلنون برامجهم، ويوزعون صورهم في شتى ربوع الوطن، وكل يفاضل نفسه على الآخر.. فيما الشوارع تغوص في الحديث والجدل، ففي المقاهي والباصات وعلى نواصي الأرصفة وفي كل مقايل القات، وحتى مكاتب العمل يدور حديث في السياسة، وجدل واختلاف رأي بين من يمدح ومن يذم.. ومن يتحدث بمنطق وعلم ومن يتشبه بأهل المنطق والعلم.. ولا شيء يدعوك للقلق مما يجرى ومما تفعل فعجلة الديمقراطية تدور في كل أرجاء اليمن ولن يوقفها اختلاف الرأي! أنا أكتب كل ما يخطر في رأسي من أفكار، وثمة زميل في صحيفة أخرى لن تعجبه أفكاري وسيرد على مقالي بما شاء من ألفاظ تترجم شخصيته.. وربما ثمة صحيفة ثالثة، ورابعة لن يروق لها جدلنا نحن الاثنين فترد علينا، فأكشاكنا تكاد تختنق بالآراء والأفكار ومسميات الصحف ويحتشد على عتباتها القراء ينهلون فيها ما يشاؤون فعجلة الديمقراطية تدور لن يوقفها تعصب أعمى أو قلم شريد أو كاتب أحمق!. الأحزاب تبشر بوعود، وتدعي مآثر، وهذا يصرح وذاك الحزب يرد عليه، وهذا ينتقد وآخر ينفي وثالث يؤكد، ورابع يتهم، وخامس يدافع والكل مؤمن بما لديه، وكل يحرص على القبول فيما الناس تتوزع أذواقاً وانتماءات واتجاهات فكر مع من شاءت، فهذه هي الديمقراطية وعجلتها تدور ولن يوقفها حزب زائف أو سياسي منافق. آلاف المنظمات غير الحكومية والجمعيات والاتحادات والنقابات تبسط يدها على كل قرية ومدينة يمنية، فهذه تكافح العنف ضد المرأة وأخرى ضد عمالة الأطفال وثالثة لتنمية الإعلام، ورابعة تتعقب انتهاكات حقوق الإنسان أو الحريات، وخامسة لمكافحة الفقر، وسادسة ترعى المعاقين والمعاقات وما زالت أمامنا الآلاف جميعها يخطط ويعمل ويتحرك بحرية، فمن ذا الذي يوقف عجلة الديمقراطية عن الدورات، فهذا البلد يهرول نحو غده المشرق ولن تعيقه جمعية متسولة على أبواب السفارات، أو أخرى تنهب باسم الفقراء، أو ثالثة تكتب التقارير لجهات خارجية، فمن شذ عن الصراط لا بد أن تسحقه الجماهير وهي في طريقها إلى بناء غد أجيالها. هذه هي الديمقراطية رغماً عن أنوف الجاحدين الذين يسبون ويشتمون ويكتبون ويصرحون بالأكاذيب دون أن يوقفهم أحد ويتخيلون أن شعب اليمن ما زال جاهلاً لا يفرق بين حريات رأي وعمل حزبي. ستبقى عملية الديمقراطية تدور، وتلاحق أعداءها في الباصات وعلى الأرصفة والأكشاك وعلى الجدران المغطاة بصور المرشحين لتقول للجميع هأنذا فأروني ما أنجزتم إن كنتم صادقين!