فجر الأربعاء أسلم الأديب الكبير والروائي العربي والعالمي نجيب محفوظ روحه إلى باريها بعد عمر طويل تجاوز التسعة العقود.. قضى معظمها في مجال الفكر والأدب، وكان من ألمع، بل وسيظل من ألمع الروائيين العرب، وواحداً من مشاهير الرواية العالمية، فهو الحائز على جائزة نوبل العالمية في الأدب. نجيب محفوظ عاش فترة من أهم الفترات العالمية والعربية.. إنها فترة التحولات والعملقة والاستعمار، والحروب العالمية، وحركات التحرير والثورات.. عاش كل هذه الحياة الحافلة بالصراعات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية في مصر، وتأثر بكل هذه التحولات التي شكلته فكراً وسلوكاً ليكون حظه أن يقع كفرد، أو مواطن مصري من أفراد الطبقة الوسطى التي قادت وصنعت، وأحدثت كل التحولات خلال فترة هي من أهم الفترات.. كما أنه ذلك المفكر الذي شهد انتكاسة المد القومي والثوري في الوطن العربي وفي العالم، وعودة الطبقة الوسطى إلى الانكفاء وإيثار السلامة. الروائي الكبير عكس الواقع المصري كنموذج للواقع العربي في رواياته، حيث عالجت رواياته الأحوال الاجتماعية والسياسية وتأثراتها بالأيدلوجيات العالمية يسارية ويمينية رأسمالية واشتراكية.. وكان في رواياته ناقداً لاذعاً للمجتمع وسلبياته.. ومن أهم خصائصه أنه مثل الواقعية العربية في الرواية الحديثة، ويعد رائد الرواية العربية الحديثة على الإطلاق.. هذه الرواية التي قفزت به إلى العالمية كمفكر عقلاني، اعتنق المنطقية الواقعية في معالجاته للمشكلات، ونقده للواقع، والمطالبة بتجاوزه بروح منفتحة وتواقة إلى التغيير ورافضة للجمود والرتابة والسلبية في مواجهة الأمور. لقد تميز الروائي الكبير بالوضوح والشفافية، ولم يكن مغرقاً في الغموض والرمز إلا نادراً جداً.. كان قريباً جداً في رواياته من حياة الطبقة المسحوقة من الشعب «المثقفين، والفلاحين، والعمال، والفئات المهمشه»، وكان منحازاً إلى الطبقة الوسطى التي أنتجتها حركة التحرر والثورة العربية.. وكانت التحولات التي شهدتها مصر في القرن العشرين نبعاً لا ينضب لمواضيع رواياته التي أغنت وأثرت المكتبة العربية وأثرت في الفكر العربي.. ويعد من أوسع الروائيين الذين انتشروا عربياً، وحاز على إعجاب المثقفين والمفكرين والسياسيين العرب الذين كانوا يعتبرون شخوص رواياته الإيجابية نماذج تختذى.. وشكلت رواياته مدداً ارتقى بالسينما العربية في مصر إلى مصاف السينما العالمية.. وبرحيله فقد الوطن العربي والعالم عملاق الرواية العربية.. حتى يتعملق غيره.