إذا كانت خنادق الفتنة في العراق تتوزع طائفياً ،وتدير لعبتها السياسية بدافع من تلك النزعات ،فلا ينبغي أن تتشكل ردود الافعال والعربية على نفس الخرائط التي رسمها صناع اللعبة«الطائفية»! ففي عام 1993م رفعت وثلاثة من العراقيين دعوى قضائية ضد احدى القوى السياسية اليمنية بعد أن قادت حملة واسعة ومعلنة لتكفير الرئىس صدام حسين وشعب العراق ،مدعية بأننا لو كنا مؤمنين لنصرنا الله على العدوان الثلاثيني على العراق.. ورغم أننا كسبنا الدعوى ،لكن المنطق ظل ذاته متداولاً طوال السنوات الماضية.. لكن نفس القوة والاشخاص ،والصحف التابعة لها تفاجئنا اليوم بثورة البكاء على الرئيس صدام ،والطريقة التي تم اعدامه بها.. أليس في ذلك مايستدعي الغرابة ،ويثير الريبة!! للأسف الشديد أن البعض يستغل مأساتنا العراقية لتسويق اغراضه الحزبية ،وليجعل منها السكين الذي يطعن به خاصرة السلطة.. وهذه هي المرة الثانية التي ألفت فيها الانتباه إلى أن كون بعض القوى السياسية تعزف على أوتار الفتنة الطائفية العراقية بقصد استفزاز الساحة الداخلية اليمنية وخلخلة توازنها واستقرارها ،وتعكير المناخ الاستثماري الذي تراهن عليه الحكومة. دعونا نعترف بجرأة بأن الكثير من المتحمسين للخوض بالشأن العراقي ،وماحدث للرئىس صدام حسين هم بالدرجة الأولى متحمسون للانتقام ،ويقرأون الاحداث بلغة طالبي الثأر.. سواء كان ذلك من أجل صدام أم من أجل عصبيتهم المذهبية ،على غرار المواقف التي أفرزتها الحرب بين الكيان الصهيوني وحزب الله في لبنان.. وهنا لابد من السؤال: هل من أحد فكر بمستقبل العراق ،أوالطريقة التي يخدم بها المقاومة العراقية التي تخوض معركتها منفردة بوجه قوات الغزو ،وبامكانيات ضئيلة للغاية!؟ إذا كان هناك ثمة اعتراف بأن العراق محتل ،وأن المجازر والدمار اليومي هو من بعض مؤامرات المحتل فلماذا اذن لم تعمل الدول العربية بميثاق الدفاع المشترك ولا نعني هنا دخولها الحرب لأنها عاجزة عن ذلك ،بل على أقل تقدير أن تحتضن المقاومة العراقية ،وتدعمها ،وتنظم فصائلها ،وتتبنى برامج التعبئة الاعلامية لأجلها في مواجهة اعلام المحتل وحلفائه! غريب هذا الموقف العربي الذي منذ بدء الغزو وحتى اليوم لم يجرؤ حتى على اطلاق كلمة«شهيد» على العراقي الذي يقتل برصاص الاحتلال!؟ لماذا يستكثرون على الانسان العراقي حتى أن يكون شهيداً ،وأن يتفاخر أبناؤه وذووه بهذا الاستحقاق!؟ بينما عندما اراد أعداء العراق تأجيج الفتنة المذهبية لم تبق صحيفة عربية على وجه الأرض دون أن تحرص على كتابة مفردتي «شيعي /سني» أمام اسم كل فئة أو فصيل ،أو شخص!؟ إن العالم كله متورط بمأساة العراق ،وقدم خدمات جليلة للاحتلال ولأعداء العراق وبالمجان.. وهاهو اليوم من شرقه إلى غربه يتحدث بلغة عنصرية وتكفيرية ،ويذكي الفتنة المذهبية ،ويستمتع بمشاهدة المجازر اليومية على شاشات الفضائيات ،فيما الشعب العراقي يدفع المزيد والمزيد من الاثمان الباهظة.. وأخيراً نصيحتي لكل من يبكي على العراق أوصدام حسين أن يكف عن البكاء ويدعم المقاومة العراقية أياَ كان اسمها ،أو مذهبها ،أو مدينتها مادامت هي الخيار المصيري للشعوب المحتلة!!.