من بين عشرات الأطفال الذين يخضعون سنويا لمشكلات مع القانون ثمة مشاهد طافحة تتحدث عن جرائم من نوع القتل العمد ،الخطأ ،السرقة ،البغاء ،الشرف وارتكاب الأفعال الفاضحة وتعاطي مخدرات يتورط فيها أطفال صغارا في السن في معادلة جرائم معقدة تجاوزت بكثير الخطوط الحمر في وقت مبكر للغاية . في محاولة لتقصي المشهد العام للجريمة في محاضر وتقارير الشرطة تظهر جرائم الأحداث والمراهقات وقد شكلت رقما مهما في معادلة الجريمة بدءا من جرائم القتل العمد والخطأ إلى السرقة والزنا وتعاطي المخدرات وغيرها من الجرائم الجسيمة وغير الجسيمة. وطبقا لإحصاء رسمي فقد تم خلال العام الماضي رصد حوالي 856 جريمة لأحداث ذكور توزعت بين 31 قضية قتل و17 قضية شروع في القتل و65 حالة إيذاء عمدي خفيف و 395 قضية سرقة فيما يقول الاختصاصيون أن القضايا المسجلة لا تعكس الواقع فعلا فالعديد من جرائم الأحداث غالبا ما يتم إنهائها بتدخل خارجي طوعي قبل وصولها إلى الشرطة . وتكشف بيانات وزارة الداخلية تزايد عدد جرائم المراهقات في السنوات الأخيرة وتفيد أن جرائم البغاء ،الشرف وارتكاب الأفعال الفاضحة ،السرقة وتعاطي المخدرات والمسكرات والمرتكبة من قبل المراهقات تستحوذ اليوم على نسبة كبيرة تراوح بين 4060بالمئة من إجمالي الجرائم المرتكبة خلال الأعوام الأخيرة . جرائم المراهقات في جرائم المراهقات توضح بيانات وزارة الداخلية تزايد عدد جرائم المراهقات في السنوات الأخيرة بما فيها جرائم البغاء ،الشرف ،ارتكاب الأفعال الفاضحة ،السرقة ، تعاطي المخدرات والمسكرات وهي الجرائم التي تعد الأكثر في الجرائم النسائية المسجلة حيث بلغت نسبتها بين 40 60% من إجمالي الجرائم المرتكبة . وتفيد دراسة ميدانية عن جرائم السجينات أعدها ملتقى المرأة للدراسات والتدريب أن المراهقات والشابات بين 15 إلى 18 عاما يحتلين الترتيب الأول في جرائم الزنا فيما تأتي الشابات إلى 25 عاما ممن سيق لهن ارتكاب نفس الجريمة تاليا وتشير إلى أن كثير من المراهقات انزلقهن في مستنقع الإجرام(جرائم الآداب) في وقت مبكر . ويفسر الاختصاصيون الاجتماعيون تنامي معدلات جرائم المراهقات إلى أن الفتاة اليمنية المراهقة أصبحت اليوم أكثر عرضة للضغوط الاجتماعية الاقتصادية والثقافية والنفسية والتعليمية والترفيهية التي تدفعها بقوة إلى عالم الإجرام في المنزل والمدرسة وفي المحيط الأصغر المتمثل بالحي والأصدقاء والمعارف. ويعزي الدكتور نجيب سيف الجٌميل أستاذ القانون الجنائي بجامعة عدن أسباب إجرام المرأة والفتاة المراهقة إلى عوامل داخلية مرتبطة بشخص المرأة وتكوينها العضوي أو النفسي وعوامل خارجية متعلقة بالبيئة الاجتماعية التي تعيش فيها. ويتحدث الدكتور الجُميل عن عامل آخر يتعلق بالتكوين البيولوجي للمرأة .."إذ إن النضوج البدني المبكر للفتاة وما يصاحبه من ظهور علامات الأنوثة وبروز مفاتنها يدفع أصحاب النوايا السيئة من المحيطين ،إلى التحرش بها جنسياً أو اغتصابها أو استخدامها في مرحلة مبكرة من عمرها في أفعال لا أخلاقية ما يؤدي إلى انغماسها في مستنقع جريمة الزنا والبغاء والدعارة. كذلك يؤدي قصور القدرات الذهنية لدى الفتاة في هذه المرحلة وعدم اكتمال نضوجها النفسي والعقلي وقلة الخبرة في أمور الحياة، إلى جعلها فريسة سهلة في جرائم الآداب، بحيث تصبح بعدها وفي فترات لاحقة من عمرها معتادة على ارتكاب الجرائم الأخلاقية خاصة إذا ما عاشت في ظروف بيئية اجتماعية سيئة. ويلفت الدكتور الجُميًل أن بعض الأمور الأسرية غالبا ما تترك أثرا سيئاً في حياة الفتاة على نحو يدفعها إلى طريق الجريمة ..ومن ذلك على سبيل المثال إجرام الوالدين أو فساد أخلاقهما والتفكك الأسري الذي تعاني منه بعض الأسر مثل عدم وجود الأبوين في نطاق الأسرة أو غياب احدهما لأسباب عديدة. ويشير أيضا إلى العوامل الوراثية التي باتت تلعب دورا مهما في القضية بانتقال خصائص وصفات معينة سواءً كانت عضوية أو نفسية من الأصل إلى الفرع.."وقد بنيت دراسة أن 8 سجينات من أصل 27 من سبق وأن ارتكب بعض أفراد أسرهن(الأب، الأخ، الأخت) جرائم مختلفة". جرائم الأحداث ينتشر معظم الأطفال الجانحين في أوساط التجمعات الكبيرة في المدن الرئيسية يمارسون أعمالاً هامشية كتنظيف السيارات ، بيع المياه على تقاطعات الشوارع أو بيع القات والسجائر والبعض الآخر يعتمد في حياته اليومية على النشل والسرقة أو الاحتيال على المارة والمرتادين للأسواق ، وغالباً ما يعيش الأحداث جماعات ثابتة ، باستئجار غرفة أو مخزن صغير يأويهم ليلاً ومعظم هؤلاء من الأحداث الذين تركوا أسرهم المقيمة في المدن ، أما الأحداث الذين جاءوا من مناطق ريفية فهم يتوزعون بين جماعات مستقلة وأحياناً منخرطة ضمن مجموعات الأحداث من أبناء المدن . ومعظم الأحداث لا يحبذون السكن في الأماكن المعروفة ويختارون السكن في أماكن تبعد كثيراً من مراكز تجمعهم وإقامتهم خلال ساعات النهار ، وهناك مجموعات أخرى لا تفضل الإقامة في سكن ، وتفضل البقاء حرة ، وهم لذلك لا يستقرون في مكان معين وبياتهم الليلي يتوزع بين أرصفة الشوارع والمساجد والحدائق العامة وغيرها من الأماكن المفتوحة . وتكشف دراسة أخرى لملتقى المرأة للدراسات والتدريب حول أوضاع " الأحداث المنحرفين في اليمن " أن معظم الأحداث هم من الفئات الفقيرة ومعظمهم ارتكبوا جرائمهم بدوافع اجتماعية واقتصادية دون وعي بأبعاد المشكلة وعواقبها عليهم . وتشير إلى أن غالبية اسر الأحداث المنحرفين تعاني من الأمية وهو ما أدى إلى عجز الأسر عن أداء دورها في عملية التنشئة الاجتماعية وسهل عملية وقوع الحدث في الانحراف . وتشير الدراسة إلى أن الأحداث يعانون من نقص في التربية القيمية الحميدة واهتزاز واضح في العلاقات الأسرية وكذا الحال بالنسبة للمدرسة . وتلاحظ الدراسة أن معظم الأحداث تتراوح أعمارهم بين 15 18 سنة إذ بلغت نسبتهم 72,4% بينما بلغت نسبة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 11 14 سنة إلى 27,6 % , أي أنهم أطفال وقعوا ضحية الكبار في الانحراف وضحية الظروف القاسية التي يمرون بها. وبحسب الدراسات المتاحة فإن أسباب انحراف الأحداث تتنوع من حدث لآخر حيث يكون السبب لدى البعض مرتبطاً بظروف الأسرة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، وقد يكون مرتبطاً لدى البعض الآخر بالميول الانحرافي لدى بعض أفراد الأسرة وقد يكون أيضاً لسوء التربية . ومن بين الأسباب الغريبة لإنحراف الأطفال التي توردها بعض التقارير تلك المتعلقة بالسلوك العدواني لبعض الآباء والجرائم التي يرتكبونها بحق أطفالهم كإجبارهم الطفل ممارسة التسول في الأماكن العامة واشتراط عدم عودتهم ليلاً إلى المنزل إلا وبحوزتهم مبالغ معينة ، وكذا المعلومات التي أفصح عنها بعض الأطفال والتي تحدثت عن أعمال عنف يمارسها آبائهم بحقهم ومن بينها تشويه الأطفال الرضع بالحرق والبتر لاستخدامهم في أغراض التسول !! ، والتعامل العنيف معهم في الظروف الطبيعية وغير الطبيعية . ورغم كل ذلك فإن ظروف الفقر والحرمان والإحساس بعدم إشباع الرغبات والحاجات لا يزال يقف في رأس قائمة الأسباب المؤدية إلى انحراف الأطفال . ولعبت التغيرات الاقتصادية التي طرأت على حياة السكان خلال السنوات الأخيرة بحسب الدراسات ، دوراً كبيراً في زيادة معدل الانحراف لدى الأطفال بخاصة في أوساط أفراد الأسر التي لم تستطيع مجابهة التدهور في مستواها الاقتصادي ولجأت بالدفع بأطفالها إلى الشارع وأسواق العمل لتتمكن من سد احتياجاتها الأساسية