وقبل اليوم.. ومنذ نزلت التشريعات السماوية، وبدأت صياغة القوانين الوضعية، نجد أنها حرصت وشددت على تحريم وتجريم وتفسيق كل من يقلق الأمن، وينتهك السكينة العامة، ويقطع السبيل، ويبعث الخوف في قلوب الناس، على دمائهم، وأعراضهم، وأموالهم.. وأقرت شرائع السماء، وقوانين الأرض أشد العقوبات ضد من يمارس إقلاق الأمن والاستقرار، ويخيف السبيل، وينتهك السكينة العامة دون رحمة أو شفقة، أو التماس الأعذار والحجج له. وما حدث في صعدة في يوم 27/1 من هجوم مسلح على إحدى المواقع العسكرية أودى بحياة خمسة من الجنود وعدد من الجرحى.. وما تعرضت له النجدة العسكرية التي خرجت إلى الموقع إثر العدوان من قبل كمين مسلح أودى بحياة جندي، وجرح عدد آخر.. في وقت كان الجنود في موقعهم بأمان وسلام وطمأنينة، وكذا النجدة التي تعرضت لكمين في الطريق وهي تسلك طريقها آمنة مطمئنة.. كل هذا يعد عدواناً سافراً، وقطع طريق سبق تدبيره والتخطيط له وتنفيذه مع سبق الإصرار والترصد، ولا يخرج عن الحرابة، ويستحق مرتكبو ذلك عقاب الحرابة كما جاء في كتاب الله العزيز الحكيم.. وإنزال العقوبة المحددة قانوناً ضد أفراد العصابات التي تمارس نفس العمل، وترتكب نفس الجرم. لقد كان الأخ الرئيس/علي عبدالله صالح في كلمته في المؤتمر السنوي ال«11» للقوات المسلحة يتحدث عن الجريمة بحسرة وألم.. داعياً عبدالملك الحوثي ومن يتبعه إلى تسليم الأسلحة الثقيلة والمتوسطة إلى محافظ صعدة.. مذكراً إياهم بالعفو العام الذي أصدره في حقهم بعد تمرد ومصرع حسين بدر الدين الحوثي، بل مذكراً إياهم بإعادة إعمار وتعويض ما أسفرت عنه الحرب التي تسبب فيها المتمرد الصريع حسين الحوثي وأتباعه.. وبدلاً من أن يقدر هؤلاء للدولة تسامحها وكرمها، ويرعووا، ويعودوا إلى الصواب والرشد نجدهم تمادوا في غيهم، وأقدموا على الهجوم المسلح على الموقع العسكري وعلى مجموعة النجدة العسكرية الآتية لنجدة الموقع.. وأوقعوا فيهم القتلى والجرحى غدراً وغيلة ودون أي مقدمات ومع سبق الإصرار والترصد، تخطيطاً وتنفيذاً، وتبييتاً للجريمة. مع كل هذا كنا ننتظر أن تصد التوجيهات والأوامر بخروج الحملات العسكرية ضد مرتكبي الجريمة إلا أننا لم نسمع كما سبق وذكرت من الرئىس «الصالح» سوى الدعوة للحوثي وأتباعه لتسليم أسلحتهم الثقيلة والمتوسطة إلى محافظ صعدة.. وهو إجراء لا يرقى إلى مستوى الجريمة.. لكنه الصبر والتسامح الكبير عند الأخ الرئيس، الذي يجب أن يستغل ويستثمر من قبل الجناة قبل أن ينفد ويصبح لا مكان للصبر والتسامح. إن أمن واستقرار الوطن والمواطن مسؤولية كل الناس، وليس مسؤولية الدولة وحدها، وأي تهديد أو مساس أو نيل من أمن واستقرار الوطن، هو تهديد ومساس ونيل من أمن واستقرار الناس جميعاً، دولة وشعباً، ولا يجوز أن نسعد أو نفرح أو نسر لمثل ذلك تشفياً ومكايدة للدولة وللحزب الحاكم، لأننا معارضة، ولا يجوز للمعارضة أن تلتمس المبررات والأعذار والحجج لمتمرد أو مجرم أو حزبي، أو تستنكر الدولة والحكومة إذا قامت بإجراءاتها لإخماد الفتن والتمردات والقضاء على الجريمة.. لأنها تطبق الدستور والقانون، بل تطبق شريعة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.. فإذا كانت شرائع السماء، وقوانين الأرض قد كفلت الحقوق السياسية والحريات والديمقراطية للمواطن «للإنسان» ففي حدود ما ينفع الناس ويسعدهم ويحقق أمنهم واستقرارهم، وما عدا ذلك فلا حرية ولا ديمقراطية مسلّحة تنتهك أمن واستقرار وسلام الوطن.