« إن العصر الحالي الذي يوصف بأنه عصر التكنولوجيا الفائقة، وعصر تدفق المعلومات، وثورة الاتصالات، قد جعل الجامعات الحالية في الوطن العربي أشبه بالخيول، والجمال، والحمير، التي تستخدم في المواصلات في زمن السيارات الفارهة، والقطارات فائقة السرعة، والطائرات والأقمار الصناعية المتعددة». « علي أحمد مدكور» في هذا العصر نحن بحاجة إلى إعادة النظر في نظمنا التعليمية بصفة عامة وفي تعليمنا العالي وجامعاتنا بصفة خاصة، ابتداءً بالفلسفات والسياسات ومروراً بالخطط والاستراتيجيات وانتهاءً بالتنفيذ والتطوير والمتابعة. إن التعليم العالي اليمني الحالي لايحتاج إلى تعديل وتطوير فقط في فلسفته وسياساته، وهياكله، وتنظيماته، وإداراته، وتمويله، ووسائله، ومنهجياته بل لابد أن يتم تغيير كل ذلك، ولابد من إجراء جراحة عاجلة لهذا النوع من التعليم اليوم وليس غداً. فلم يعد مقبولاً في هذا العصر أن نستمر في تعليم نفس المقررات الدراسية وبنفس الوسائل وبنفس السياسات التي كانت منذ عشرات السنين. ولم يعد مقبولاً الاستمرار في فتح أقسام وكليات وجامعات «مكررة» حيث أشارت الإحصائيات أن لدينا «19» جامعة حكومية وأهلية منها 12جامعة أهلية عام 2004/2005م وبلغ عدد الطلاب الملتحقين في هذه الجامعات حتى العام الدراسي 2003 «421.193» طالباً وطالبة. وتشير الإحصائيات أنه توجد «84» كلية حكومية منها «30» كلية فقط ذات التخصصات العلمية التطبيقية بينما يبلغ عدد الكليات الإنسانية «54» كلية يبلغ نصيب كليات التربية منها «31» كلية تربية. وتشير الإحصائيات أيضاً إلى أن عدد الأقسام الدراسية في الجامعات اليمنية الحكومية والأهلية بلغت «434» قسماً نسبة 80% منها أقسام مكررة، ويتركز التكرار في التخصصات النمطية في كليات الآداب والعلوم والتربية. وتشير الإحصائيات أن عدد المتخرجين من الجامعات الحكومية والأهلية عام 2003 في التخصصات الإنسانية بلغ «484.12» والتخصصات التطبيقية «5022» وأن عدد المسجلين للحصول على وظائف حتى عام 2003 من حملة الشهادة الجامعية بلغ «637.25» ومن تحليل الإحصائيات السابقة يتضح مايلي: 1 يتوقع أن يصبح عدد المتخرجين من الجامعات الحكومية والأهلية حتى عام 2010م أكثر من «000.150» متخرجٍ 80% منهم من الكليات الإنسانية وهذا الرقم يعتبر كارثة بكل المقاييس. 2 يتوقع أن يتضاعف عدد المسجلين للحصول على وظائف حتى عام 2010م. 3 يتوقع أن يتضاعف أعداد البطالة في اليمن حتى نفس العام. مما سبق يتضح أهمية سرعة إصلاح وتغيير التعليم العالي ومؤسساته ونظمه وللمساعدة في ذلك التغيير لابد من إبداء الملاحظات الآتية: 1 لم يعد مقبولاً إصرار أعضاء هيئة التدريس في جامعاتنا على التمسك بالمقررات وأساليب التدريس القديمة حتى ولو كانت في صميم تخصصاتهم. 2 لابد من إقفال «الدكاكين» الجامعية التي لاتتناسب مع متطلبات العصر الحالي ومتطلبات التنمية وسوق العمل. 3 لابد من عمل استراتيجيات جديدة لجامعاتنا وكلياتنا ولابد أن تتميز كل جامعة وكل كلية عن غيرها فالبقاء مستقبلاً سيكون للتميز من الجامعات والكليات وحتى أعضاء هيئة التدريس. 4 لم يعد مقبولاً «الآن» الاستمرار في تخريج طلاب إلى الشارع وتخريج طلاب بكفاءات ضعيفة لايقل بها سوق العمل المحلي ولاحتى أسواق دول الجوار. 5 لم يعد مقبولاً أيضاً أن يستمر القطاع الخاص والرأسمال الوطني بعيداً عن سياسات إصلاح التعليم العالي ولابد أن يقوم بدوره الوطني ويتحمل مسئولياته تجاه هذا التطوير. 6 لم يعد مقبولاً إشاعة فكرة «ربط الشهادة بالوظيفة» فيجب العمل على فك هذا الارتباط وليعلم أبناؤنا المتخرجون أنه لايمكن توظيفهم جميعاً في وظائف حكومية تدر عليهم بالأموال الكبيرة مثل «وظائف الضرائب، الجمارك...» فلا تستطيع أية حكومة على وجه الأرض توظيف كل متخرجي الجامعات فيها وحتى تلك الدول الغنية والمتقدمة. 7 لابد أن تقوم الحكومة اليمنية برسم سياسات علمية وتقنية عالية وشاملة تعززها استثمارات مالية ضخمة في المكونات المختلفة للمنظومة من تعليم، وتدريب، وبحث، وتطوير وتوفير فرص عمل إلخ. ختاماً: أعجبني كثيراً قول أحد الباحثين: «فلم تعد لأساليبنا" الماكيا فيللية" أي سلطان على هذا العصر الذي استيقظ تيقظاً قوياً، ورفض أكاذيبنا واحدة بعد الأخرى» - أستاذ التخطيط التربوي المساعد جامعة تعز