سقط القناع عن تلك الوجوه التي كانت تظهر له المودة والاحترام وتتودد إليه في مبتغياتها حالما تكون الحاجة ماسة وملحة في سياق العمل التعليمي والتربوي ،خاصة في مادة اللغة العربية وعلومها وفي نطاق التعليم في المنازل «الانتساب» ..سقط القناع، بل الأقنعة عن وجوه كثيرة ،وتعرت أخلاق ومواقف الكثيرين ممن تتلمذ على يديه ،ولم يعد أحد منهم يذكره أو يتذكره حتى في أحلك الظروف! مات الاستاذ والمربي القدير:محمد مجذوب علي السوداني المولد اليماني العطاء والحياة ..مات المجذوب كمداً بعد آلام وأمراض المهنة التي قضى فيها «42» عاماً في اليمن«عدن»..مات ولم يسأل عنه أحد إلا بعدد أصابع اليد وهم الأوفياء! مات محمد مجذوب صاحب الابتسامة والهدوء والحب الذي وزعه على طلابه في المدارس والمعاهد..وخاصة «معهد 14أكتوبر بالمعلا» مات بعد معاناة مع المرض الذي أخرجه من اليمن بنصف دماغ، وضاعف من ذلك أن مرضت أم العيال شريكة حياته وشلت حركتها جراء المعاناة وشظف العيش :مات المجذوب لكنه ظل نبراساً ونجماً يسطع في سماء بلادنا بعطائه الذي لم يصل إليه أحد غيره..مات المجذوب ورصيده في عدن مئات الكوادر التي تعلمت على يديه ومعظمهم مسئولون في مختلف مرافق الدولة..لكنهم للأسف لم يبادلوه الوفاء! ترى أهكذا يكون التعامل مع معلم أفنى حياته هنا وترك وطنه الأول ليعود إليه ليوارى الثرى..إن وطناً أنجبه قد احتضن رفاته،لكنه لم يذق عطاءه فعطاؤه هنا لنا ومعنا وكم يحز في النفس أن تتخلى عنه الجهات الرسمية واتحاد الأدباء فرع عدن الذي كان عضواً فاعلاً فيه،لم تذكره المؤسسات الإعلامية التي عمل معها ،كاتباً وشاعراً ومحرراً حتى أثرى حياتنا وجعلنا نستسيغ الحياة أدبا وشعراً وعلماً وقيما نبيلة ! ماذا نقول غير أن نتحسر على مواقف ضاع منها الوفاء حين كان الوفاء مطلوباً..ماذا نقول غير أن نردد عبارة أدبية تقول: «ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميتُ الأحياء» رحمك الله يامعلمنا الحبيب،ياأبا العيدروس،والهاشمي والدودحية..آخر العنقود الجميل ! فأنت قد يمننت أبناءك وفاءً منك لليمن وخلدت أسماءهم لدينا ليكونوا الأسوة والعزوة. لك الرحمة والغفران ياصاحب «الديوان الجميل:قمري والمد والجزر» والذي كرست معظم قصائده لعدن وابنائها ولليمن وناسها..لقد كنت محقاً عندما توقعت أن يكون جزاؤك كجزاء «سنمار» ولكن ثق أن لديك هنا عشرات يتذكرونك ولن تمحو ذلك الأيام أو السنون.. فلك الخلود ..والله المستعان...