في مايو الماضي 2006 كان العنوان الأبرز "اليمن يحيي الذكرى الخامسة عشرة لإعادة تحقيق الوحدة ويستعد للانتخابات الرئاسية والمحلية في سبتمبر" ومنذ ذلك الحين شهد المسرح السياسي تغييرات عدة بداية بالانتخابات الرئاسية والمحلية وما رافقها من حملات انتخابية عكست الوعي الديمقراطي لدى أبناء السعيدة ورغبتهم الأكيدة في التغيير.. وعلى عكس ما كان يأمل البعض فقد اختار الشعب أن يكون التغيير المأمول بقيادة الرئيس القائد/علي عبدالله صالح؛ ذلك أن السواد الأعظم من الناس استشعروا رغبة الرئيس الصادقة في التغيير وقيادة الوطن نحو مرحلة جديدة تكون فيها مصلحة الوطن فوق كل اعتبار قبلي ومناطقي وحزبي وشخصي، ولا صوت يعلو فوق صوت الواجب الوطني، مرحلة نكون فيها جميعاً يداً واحدة قيادة وشعباً، حكومة ومعارضة، فالمسؤولية جماعية لا تقع على كاهل فرد ولا جماعة ولا حزب معين؛ لأن ثمار النجاح سيجنيها الجميع، والفشل سينعكس على الجميع. البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية مثّل ترجمة لطموحات الشعب بكل أطيافه، ووضع معالم المستقبل المنشود، ولا أعتقد أن أي عاقل في المعارضة يكره أن يترجم هذا البرنامج إلى واقع ملموس؛ لكننا نعلم جيداً أن المطالب لا تُنال بالتمنّي، وأن التغيير ليس بالأمر الهين؛ بل يتطلب الإخلاص والمثابرة، وفوق هذا وذاك التضحية بالجهد والوقت والمصالح الشخصية الضيقة وكذلك الصدق مع النفس، فمن لا يجد في نفسه الكفاءة بالقيام بكل ما تتطلبه المرحلة عليه أن يجد في نفسه الشجاعة والقناعة لإتاحة الفرصة لمن هو أقدر منه، فالتحولات العظيمة في تاريخ الشعوب تصبح ممكنة حينما تكون مصلحة الوطن أنبل وأسمى أهداف الجميع. هذا كان السر وراء تحول اليابان من بلاد دمرتها الحرب العالمية الثانية إلى ثاني أكبر اقتصاديات العالم، والصين من دولة مستعبدة إلى تنين عملاق يُحسب له حساب في الشرق والغرب، ودول جنوب شرق آسيا من بلاد مستهلكة إلى نمور آسيوية تغزو منتجاتها أسواق العالم. ونحن نحتفل بعيد الوحدة لابد أن يكون العنوان الأبرز لمايو 2007 «التحدي الأكبر.. نكون أو لا نكون» أمامنا اختيارات، إما أن نعمل ونخلص ونطبق البرنامج الانتخابي لرئيس الجمهورية فنكون أقرب لدول جنوب شرق آسيا أو نتقاعس ونلتهي بصراعات حزبية جانبية عقيمة ونتفانى في خدمة المصالح الذاتية الضيقة فنكون أقرب إلى دول أفريقية تزخر أراضيها بالثروات وتعيش عالة على المساعدات الأجنبية. حري بشعب أقام الحضارات وشيّد السدود أن يكون مثالاً يُحتذى به في التقدم والازدهار، ولا يمكن لأرباب الفساد أن يفسدوا أحلامه وطموحاته. يأتي مايو العظيم ولدى اليمن حكومة جديدة لا تنقص أعضاءها الخبرة والكفاءة؛ والهدف واضح وضوح الشمس، والطريق واضح، والإمكانات متوفرة بعد نجاح مؤتمر المانحين في لندن، ودعم الشعب والقائد لا حدود له، فلا عذر لمن لم ينجز ما هو مطلوب منه، فزمن الأعذار وشماعة الإمكانات والتسويف الأجوف قد ولّى ولن يعود، وعلى الفاسدين وضعيفي النفوس أن يدركوا أن معركتهم خاسرة إن هم حاولوا عرقلة المسيرة وإبقاء الأمور على ما كانت عليه. ومايو العظيم يرسل لهم رسالة أرسلها عمر بن عبدالعزيز لأحد ولاته: "إما اعتدلت أو اعتزلت" فمن قوّم منهم نفسه وتاب من زلاته وأخلص النية في التكفير عن ما ارتكبه ضد الشعب فقد يجد له مكاناً في مستقبل الوطن، وأما من أصر على ضلاله وفساده فلن يجد له مكاناً إلا في مزبلة التاريخ. وكلنا أمل أن يعي الجميع خطورة المرحلة وجدية القيادة السياسية في التغيير، وسيكون بإذن الله مايو 2008 فرصة لنسترجع بكل فخر واعتزاز ما أنجزناه جميعاً في العام الأول من مرحلة التحدي. - كلية الآداب جامعة تعز