رحل الشيخ/عبدالعزيز بن عبدالمحسن التويجري ، نائب رئيس الحرس الوطني السعودي، حكيم الجزيرة كما يصفه معاصروه، وعن حق استحق صفته. منذ هبت رياح الصحارى حاملة مشروع مؤسس الدولة السعودية الملك/عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود. كان ابن عبدالمحسن رغم يفاعته أحد الذين اشتركوا في صفوف جنود الملك ليصير من بين رجال الدولة الأبرز والأهم. والأكثر إخلاصاً للملك المؤسس ولمن بعده من الملوك الأبناء. وظل في صمت إلى أن توفاه الله يخدم المملكة منذ عهد مؤسسها مروراً بمرسخيها. بدون ضجيج يرحل أبو عبدالمحسن، كما كانت أفكاره وأمثولاته وحِكمُه تنساب بسلاسة ويسر. لذا سيبقى حياً ما بقي أنصار الحكمة وعشاقها. آثاره الإنسانية المباشرة جد كثيرة إلى الحد الذي يصعب على من أراد سرد واحدة منها اغفال غيرها. عرف بالحنو والتواضع، والاستجابة الكريمة لما يرد إليه من طلب نصيحة أو استفسار عن حدث أو فكرة أو رأي. ولئن كان أبو خالد رحمه الله بتوجيهات من قيادة المملكة الواثقة في كفاءته يؤدي أي دور على أي مستوى إنساني أو سياسي، فلكونه أهلاً لذلك، كمبعوث أو رسول لأي من القيادات التي تتوق للقياه وللاستنارة برأيه وإن لم تأخذ به.. أو تراه راعياً لمن يستحقون الرعاية من أرباب القلم والرأي وأصحاب الخبرة والتجربة. وفي أثره الأدبي الرائع "رسائل خفت عليها الضياع" ما يوثق شهادات حية صادقة لا زلفى فيها ولا ملق. وعناية اختياره لمواضيع الكتاب أكد صدق الشهادات رغم احتفاظه بأكثر من ذلك النزر من الرسائل. أما ما تبقى من سلسلة أعماله الشاملة من مناجاته الأدبية لفلاسفة وحكماء الشعر العربي ك: أبي العلاء ضجر الركب من عناء الطريق، أثر المتنبي بين اليمامة والدهناء. فتشير إلى حرصه على حفظ مروءة الخيام بسلوكه وأفكاره تصديقاً لقول الشاعر: خذ الخلق الرفيع من الصحارى فإن النفس يفسدها الزحام فكم فقدت جلالتها قصور وكم حفظت مروءتها خيام وتعزيزاً لهويته أصدر: حاطب ليل ضجر، ذكريات وأحاسيس نامت على عضد الزمن، رسائل إلى ولدي. وما يزيد عن اثني عشر مؤلفاً. وبصدور آثاره الفكرية وهو في ستينه، يكون قد عرض خلاصة تجاربه طوال سنينه. ونضج فكرته وحكمته، وعمق خبرته وبعد رؤيته الذين زادوه رسوخاً في موقعه الإداري وفي قلب من عرفه. سيرته الإدارية منذ أول ثلاثينيات القرن، وثقافته العربية الأصيلة جعلاه منارة إدارية وثقافية أصيلة ومرجعاً تاريخياً لا يتجاوز عن شهادته خاصة عن مؤسس المملكة العربية السعودية عبدالعزيز آل سعود. فكانت الشهادتان الوثائقيتان في السفرين: - سراة الليل هتف الصباح. - وعند الصباح حمد القوم السرى. ما كتم شهادته ولم يدخر جهداً للإدلاء بأهم ما فيها. كما لم يدخر جهداً في أداء الأدوار المناطة به في كل الأعمال والمهام التي تولاها عن جدارة واستحقاق. رحم الله الشيخ التويجري الذي سيظل حضوره الطيب وسجله العطر ممتداً في أنجاله الكرام الذين يرثون عنه خلقه وأدبه وعلمه وفكره فيحفظون بذلك اسماً شاء له المولى عز وجل خلوداً يتصل بخلود المملكة العربية السعودية في ظل قيادته الحكيمة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الأسد بن الأسد عبدالله بن عبدالعزيز الذي ما فرط في جنديه المخلص ورجل الدولة الحكيم بل ظل يرعاه ويحتضن ذوي الكفاءة والموهبة من بنيه يقيناً ب"إن مضى الأصل سار في الأبناء". وتكريساً لخلق الوفاء الذي تتسم به القيادة السعودية من خادم الحرمين وولي عهده الأمين. عزاءً وصبراً.. لكل من افتقد في الشيخ عبدالعزيز التويجري الأب الرحيم، والراعي الكريم والناصح الوفي، والصديق الصدوق، والجندي المخلص، والحكمة المفتقدة والثقافة الأصيلة.. الحكمة والثقافة اللذين كانا حقاً ما يجذب معارفه وأصدقاءه ويشدهم إليه. من برقية فخامة الوالد الرئيس في عزاء الشيخ التويجري: شخصية وطنية وعربية واسلامية فذة ومنارة إدارية وثقافية وعلمية وفكرية بارزة مشعة بالعطاء والعلم والإبداع، وكان رحمه الله أحد رجالات الدولة السعودية الذي كرس كل جهده لخدمة وطنه المملكة وأمته العربية والاسلامية، كما كان مثالاً للمفكر والأديب والمثقف المستنير والذي تجلت عطاءاته في دوره الفاعل لخدمة حركة الأدب والثقافة والتراث العربي والإسلامي والتي تجسدت في مؤلفاته الكثيرة التي خلفها وراءه والمعبرة عن رؤيته العميقة الواعية وروحه المبدعة. [email protected]