في قاموس الممارسة الديمقراطية يجوز لأحزاب المعارضة التعامل مع كل فنون وأشكال وقواعد اللعبة السياسية، وحرية الرأي والتعبير، وصولاً إلى التداول السلمي للسلطة. غير أن معظم علماء السياسة والمفكرين يجمعون على أن جواز هذا التعامل، وأبعاد مساحة الملعب السياسي، وفضاءات حرية الرأي والتعبير، جميعها مرهونة بعدم تجاوز الخطوط الحمراء التي حددها الدستور وتشريعات القوانين المنظمة. واتفقوا على تسميتها ب »الثوابت الوطنية« كما اتفق معظمهم على تسمية محاولة المساس بها أو الخروج عليها ب »المحضورات« وفي تجربتنا محددة في قانون الأحزاب رقم 66 لعام 1991م، واللائحة التنفيذية الصادرة في أغسطس عام 1995م. في ساحة الملعب السياسي وفضاءات حرية الرأي والتعبير، كحق من حقوق الممارسة الديمقراطية، اندفعت المعارضة السياسية في بلادنا وتحديداً في العام 1997م، في استخدام كل أوراق اللعبة السياسية لمعارضة النظام السياسي القائم.. هذا الاندفاع غير الطبيعي، أدهش المراقبين والمحللين السياسيين والمختصين بالشأن السياسي اليمني لجرأته التي لم تخل من شراسة أحياناً، ومجازفة في حين آخر باستخدام كل أوراق اللعبة السياسية دفعة واحدة، يقابل ذلك تقبل السلطة، بصدر رحب، كل ما يترتب عليه من نتائج وانعكاسات اللعب بتلك الأوراق بما يصل أحياناً إلى مستويات التجريح والإساءة للنظام ولشخص فخامة الأخ الرئيس المعلم- حفظه الله. وقد أذهل بعض المراقبين والمحللين السياسيين، في الأوانة الأخيرة، تفكير بعض الأحزاب في لعب آخر الأوراق وأخطرها، وهي ورقة تمس صميم »الثوابت الوطنية« وتؤدي إلى تصدع وانهيار الوحدة الوطنية، وهي ورقة »الطائفية« أو »الخبث الطائفي« أو كما اسميتها »الجمرة الخبيثة« وقد صدق توقعهم- أي المراقبين- حينما بدأت تتكشف للرأي العام المحلي والعربي والدولي أطراف هذه الورقة في خبايا أحداث »صعدة« الأخيرة، وكادت أن تستشري، لولا حكمة وحنكة فخامة الأخ الرئيس المعلم في احتواء هذه »الجمرة« قبل انتشارها، ورفض بعض عقلاء قادة الأحزاب السياسية للانسياق وراء لعبة المغامرة بالورقة »الخبيثة« التي لا تبقي وطناً ولا تذر جيلاً معافياً من عواقبها وشرورها، ومع تفاؤلنا بالمستقبل، فإننا مطالبون بأن تجلس جميع الأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني وعلماء الدين والمفكرين، على طاولة حوار وطني جاد وهادف لوضع وثيقة عهد واتفاق على الامتناع عن التفكير في اللعب بهذه الجمرة الخبيثة. [email protected]