ليس لدينا فنان كبير بوزن ووعي الزعيم عادل إمام الذي واجه الإرهاب الديني والتطرف في مصر منذ عقد تقريباً بالسفر إلى مناطق كانت تحت سيطرة الخطاب الديني الإرهابي ، وتحديداً في بعض مناطق الصعيد ليقوم هو ومجموعة من الفنانين والمثقفين والسياسيين بمواجهة ذلك الخطاب وعرض جانب من مسرحياته في سابقة تؤكد ضرورة حضور النخب الثقافية والسياسية في مجابهة خطاب التطرف ومحاججة الأوصياء على الدين ممن أخذوا يطلقون الفتاوى يمنة ويسرة في تحريف واضح لمعاني الدين الإسلامي الحنيف الذي يقوم على المحبة والحوار والتسامح ويدين العنف والإرهاب والغلو والتطرف!.. ومع الأسف فإنه في الوقت الذي تفتقر فيه القوى الحية في المجتمع اليمني إلى روح المبادرة في مواجهة كل أعمال العنف والإرهاب وجرائم الخطف والقتل التي يتعرض لها السياح، فإن ثمة ملاحظة يمكن أن يأخذها المراقب على دور أحزاب المعارضة في هذا المعترك الشرس الذي لا يستهدف شخص رئيس الجمهورية ولا الحزب الحاكم كما تصوّر لهم عقولهم بل هي ظاهرة تلحق أفدح الضرر بالتجربة الديمقراطية والاستقرار الداخلي الذي يعيشه اليمن فضلاً عن مترتبات هذه الأعمال الإرهابية على الاقتصاد الوطني. ولقد تابعت وأنا على سرير المرض الاسبوع المنصرم تداعيات تلك الأحداث باحثاً عن موقف يسجل لأحزاب المعارضة في إدانة هذه الجريمة ، ولكنني عدت بخيبة أمل كبيرة!!. وأعترف بمرارة مدى الحزن الذي انتابني إزاء هذا الموقف السلبي العدمي للمعارضة ، وأحسست أن التعاطي مع جريمة مأرب الإرهابية التي ألحقت أفدح الضرر بالوطن بدت بالنسبة لقادة المعارضة وكأنها حدثت في جزر الكناري أو في بلد غير الذي تعيش فيه أحزاب المعارضة أو في وطن لا يمت إليهم بأية صلة ، إذ لم ينبر تنظيم أو حزب سياسي أو قلم معارض للتعبير عن الكارثة التي تعرض لها الوطن بروح متحررة من عقدة «الاحتباس» الحزبي الذي يغرق في تفاصيل المكايدة الحزبية والسياسية ولا يكلف نفسه حتى بالإشارة إلى ما يتعرض له الوطن من تهديد حقيقي لأمنه واستقراره الداخلي وسمعته الخارجية مما يؤثر بشكل سلبي على التجربة برمتها، وبالتالي على الجميع في السلطة والمعارضة معاً!. وليس بجديد هذا «الاحتباس» الذي تعاني منه أحزاب المعارضة على الساحة الوطنية إثر الكارثة التي ارتكبتها أيدي التطرف والإرهاب ضد السياح الأسبان وبعض اليمنيين في مأرب ، فلقد كان هذا الاحتباس مصاحباً لكل عمل إرهابي أو جرائم ترتكب ضد الوطن واستقراره دون أن تنبس أحزاب المعارضة ببنت شفه!!. حدث ذلك الموقف «الاحتباس» في كل الأعمال الإرهابية التي تعرض لها السياح من «أبين» إلى «عدن»و«شبوة» وانتهاء بحادثة «مأرب» وقبلها بأسابيع حالة «الاحتباس» التي صاحبت مجمل مراحل التمرد «الحوثي» في صعدة.. حيث جاء بيان هذه الأحزاب بعد مرور أكثر من اسبوع ليبارك الاتفاق وإن كان على استحياء وغيرها من المواقف السلبية إزاء كل ما يتعرض له الوطن من محن وشدائد!. وللعلم فقط فإنني تذكرت كذلك أنه عندما أقدم الإرهابيون المتطرفون في مصر منذ أكثر من عقد على قتل عشرات السياح الأوروبيين في أسيوط بصعيد مصر انبرت جميع الأحزاب «موالاة ومعارضة» إلى إدانة تلك الأعمال باعتبارها جرائم تلحق أفدح الضرر بالاقتصاد المصري ، ولم يقولوا: «واحنا مالنا» كما يفعل قادة أحزاب المعارضة اليمنية الذين يضيفون قائلين: «اذهب وربك فقاتلا، إنا هاهنا لقاعدون»!!. ولنا في تجارب أحزاب المعارضة في كل بقاع الدنيا الأنموذج في التفريق بين أن تكون معارضاً مسئولاً وأن تكون معارضاً لمجرد المعارضة القائمة على المكايدة الحزبية الضيقة «!» حيث تظهر أحزاب المعارضة في الملمات التي تعصف بالأوطان وكأنها في السلطة، متناسية خلافاتها مع «الحاكم» طالما الأمر يتعلق بالوطن كثابت يتفق عليه الجميع «!» بل أقول إن تلك الأحزاب في بلاد الله الأخرى تفرق بين الاحتباس الحراري والاحتباس الذي تعيشه الأحزاب اليمنية للأسف الشديد!.